ذم السلف للقصاصين

ذم السلف للقصاصين

مشاهدات: 1692

بسم الله الرحمن الرحيم

ذم السلف للقصاصين

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن البلاء الذي يحدق بالأمّة ( القصّاصون ) كان ومازال أثرهم الذي أبعد الناس عن الحقّ

فماذا قال السلف عنهم؟ وكيف نعرفهم؟ وما هو خطرهم؟

 

مقاطع تم تفريغها في هذا الملف، وهي وافية نافعة لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحريّ -حفظه الله-

تكشف حقيقتهم، وتبيّن خطرهم على شرع الله عزّ وجلّ …

وفي ختام الملف خُطبة هامة بعنوان:

(كيف تعرف أهل الأهواء والبدع وأهل العلم من غيرهم؟)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا/ خُطبة: ” حديثان وأربعة وعشرون أثرا عن السلف في التحذير من القصاصين وطريقتهم “

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.. أما بعد

القُصَّاص وهم الذين يأتون بالقَصَص وبالأحداث وبالأخبار.

وقد تكلمتُ في هذا الموضوع لأني رأيت أنه لا يخلو يوم من الأيام إلا وهؤلاء يأتون بأشياء تُخالفُ العقيدة ولربما لمّا مُلِّحوا من قِبَلِ كثيرٍ من الناس إذا بهؤلاء ظنوا أنهم علماء! فدخلوا في العقيدة فأتوا بالطوام ودخلوا في التفسير! ودخلوا في الأحكام الفقهية! وما إلى ذلك.

ولننظر إلى ما قاله الشرع والسلف من هذه الأمة عن هؤلاء:

في مسند الإمام أحمد والطبراني من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه بإسنادٍ صحيح أن النبي ﷺ قال:

“لا يقصُّ إلَّا أميرٌ أو مأمورٌ أو مختالٌ “

معنى هذا الحديث: ” لا يقصُّ إلَّا أميرٌ” أنه لا يقصُّ للناس إلا من كان أميرا فإنه ليس له ما يدعوه إلى الزيادة أو النُقصان في قَصَصٍهِ؛ “أو مأمورٌ”: يعني أمَرَهُ الحاكمُ بذلك.

“أو مختالٌ”: وهو الذي يريد أن يكونَ له قدرٌ وشأن؛ ولذلك ضُبِطَت: “أو مُحتال” بالحاء.

مع أنَّ روايةَ الجمهور: “مختالٌ” بالخاء؛ وعند الدارِميّ: “أو مُراءٍ”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

في الآداب الشرعية قال – وصحح إسنادَهُ ابنُ مُفلِح – :

رأى عليٌّ ابنُ أبي طالب -رضي الله عنه- رجلا يَقُصُّ في المسجد، فقال له: يا هذا! ماذا تفعل؟ قال: أقُص، قال: أعرفتَ الناسخَ من المنسوخ؟!

“يعني: ألديكَ علومٌ شرعية تعرِفُ بها الجائز من غير الجائز، الناسخ من النصوص الشرعية من المنسوخ؟ “

قال: لا، قال: فاذهب فإنما قمتَ ليُقال “أنا فلان ابن فلان فاعرفوني”.

ومثلُهُ عن ابنِ عباسٍ-رضي اللهُ عنهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل ذكرَ أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتابه: “الحوادث والبدع”

وهذا كتاب أثنى عليه علماؤنا فيما يَخُصُّ البدع، ويستشهِدُ بكلامِهِ علماءُ نجد كما في الدرر السنيَّة

وكذلك/ استشهدَ بكلامه الشيخ: محمد بن إبراهيم، وشيخُنا ابنُ باز، وأثنى الشيخ/ صالح الفَوزَان على هذا الكتاب “الحوادث والبدع” للطرطوشي فيما يخُصُّ التحذيرَ من البدع.

الشاهد: أن تميمَ الداري -رضي الله عنه- قال لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ” دعني أدع الله وأقص وأذكر الناس. فقال عمر: لا. فأعاد عليه؛ فقال: أنت تريد أن تقول أنا تميم الداري؛ فاعرفوني! “

لمَ؟ لأن القَصَص هي أسرعُ ما يُظهِرُ ابنَ آدم كما سيأتي معنا من آثارٍ بإذنِ اللهِ عز وجل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء في “الحوادث والبدع” للطرطوشي: أن الإمام مالك رحمه الله كَرِهَ القَصَصَ في المساجد، قال:

“وإني لأكره القَصَص في المساجد ” وقال: ” ولا أرى أن يجلس إليهم، وإن القَصَص لبدعة “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم قال:

وكان ابن عمر يلفى خارجا من المسجد يعني: يُلقى فيُقالُ له: ألا تدخُل؟

فيقول: ” ما أخرجني إلا صوت قاصكم هذا “

لما ذكر الطرطوشي في كتابه: “الحوادث والبدع”

أن أبا إدريس الخَولاني قال: ” لأن أرى في ناحية المسجد نارا تأجج أحب من أن أرى قاصا يقص “

وجاء في “الحوادث والبدع” للطرطوشي:

قال معاوية بن قرة:” قلت للحسن البصري: أعود مريضا أحب إليك أو أجلس إلى قاص؟ قال: عد مريضك. قلت: أشيع جنازة أحب إليك أو أجلس إلى قاص؟ فقال: شيع جنازتك. قلت استعان بي رجل في حاجة؛ أعينه أو أجلس إلى قاص؟ قال: اذهب في حاجتك … حتى جعله خيرا من مجالس الفراغ “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وذكرَ أبو بكر الطرطوشي في كتابه: “البدع”:

قيل لمحمد بن سيرين التابعي: “لو قصصت على إخوانك؟ فقال: قد قيل: لا يتكلم على الناس إلا أمير أو مأمور أو أحمق، ولست بأمير، ولا مأمور، وأكره أن أكون الثالث “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قيل لسفيان الثوري: ” نستقبل القاص بوجوهنا؟ قال: ولوا البدع ظهوركم “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال أبو بكر في كتابه الحوادث والبدع، قال أبو معمر: ” رأيتُ أبا الحكم -وهو سيَّار يستاك على باب المسجد، وقاص يقص في المسجد، فقيل له: يا أبا الحكم! إن الناس ينظرون إليك!

-أي: ألا تخشى أن يراكَ الناس عند باب المسجد، وهؤلاء يذكرونَ الله عز وجل؟!-

فقال رحمه الله: إني في خيرٌ مما هم فيه، أنا في سُنَّة -وهي سنة الاستياك- وهم في بدعة “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وذكرَ أبو بكر الطرطوشي في كتابه: “البدع”:

” ولما دخل سليمان بن مِهران الأعمش البصرة؛ نظر إلى قاصٍّ يقُص في

المسجد، فقال: حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق، وحدثنا الأعمش عن أبي وائل…”

قال: ” فتوسط الأعمش الحلقة، ورفع يديه، وجعل ينتف شعر إبطيه! فقال له القاص: يا شيخ! ألا تستحي؟ نحن في علم وأنت تفعل هذا؟! فقال الأعمش: الذي أنا فيه خير من الذي أنت فيه. قال: كيف ذلك؟

قال: لأني في سُنَّة وهي نتفُ الإبِط – وأنت في كذب، أنا الأعمش، وما حدثتك مما تقول شيئا! “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال ابنُ مُفلِح في الآداب الشرعية ناقلا عن الإمام أحمد رحمه الله:

” ما أكذبَ السُّؤَّال والقُصَّاص، فقيل له: أتحضُرُ مجاِلِسَهم وهم يذكرونَ القبرَ وغيرَ ذلك؟ فقال:

“لا أحضُرُ مجالِسَهُم “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحسن البصري لما سُئل، قيل له: ” لماذا هذا قولُكَ في القُصَّاص؟ لماذا أغلظتَ القولَ فيهم؟

قال: لأنهم يزيدون وينقُصون ويخلِطون “

يأتونَ بالخلط، يأتونَ بالزيادة، يأتون بالنُّقصان؛ وهذا ما نُعانيه في مثلِ هذه السنوات! نجد أن طوام من العقيدة أُتِيَ بها واعتُديَ على التوحيد! واعتُديَ على الأحكام الشرعية بسبب ما يفعلُهُ بعضُ هؤلاء مما يخلِطون ويزيدون وينقُصون!

لأنه لا علمَ شرعي عندَهم كما سيأتي بيانُ ذلك إن شاء اللهُ فيما أذكُرُهُ عن علماء السلف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما عندَ الطبراني من حديثِ خبَّاب بإسنادٍ حسن، ورجالُهُ رجال مسلم ما عدا الأجلَح الكِندِيّ وهو صدوق، والعبرةُ بالرواية فيها الصدق

وقال الهيثمي في مَجمَعِ الزوائد: أكثرُ الناس على توثيقِهِ ولهُ طريقٌ آخَر من طريقِ البَزَّار

الشاهدُ من هذا: أن النبيَّ ﷺ قال: “إن بني إسرائيلَ لَمَّا هَلَكوا قصُّوا”

قال المُناوي رحمه الله في فَيضِ القدير: ” وأتت رواية بالتقديم والتأخير: “إن بني إسرائيلَ لَمَّا قصُّوا هَلَكوا”

يعني: لما كَثُرَت القَصَص عندَهم أتاهمُ الهلاك في دينِهِم.

قال الألبانيُّ رحمه الله في السلسلةِ الصحيحة مُعلِّقًا على هذا الحديث -وهو من المُعاصرين رحمه الله-:

” وهذا ما عليهِ غالبُ القُصَّاص في هذا الزمن يأتونَ بالمواعِظِ والرقائق والقَصَص والأحداث؛

ونسألُ اللهَ العافية ” هذا كلام إمام من المُعاصرين حولَ هؤلاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء في مُسنَدِ الإمامِ أحمد رحمه الله -وَجوَّدَ إسنادَهُ ابنُ مُفلِح في الآداب الشرعية- :

” أنَّ رجلا أتى إلى عمر-رضي اللهُ عنه- من قرية فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ: مَا أَقْدَمَكَ؟ قَالَ: لِأَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ. قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ -فذكر مسألتين وأجابه عمر رضي الله عنه-

قال: والثالثة وَعَنِ الْقَصَصِ، فَإِنَّهُمْ أَرَادُونِي عَلَى الْقَصَصِ.

-أي: إنهم يقولون لي قُصَّ لنا-

فقال عمرُ-رضي اللهُ عنه-: مَا شِئْتَ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهُ

قال: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَنْتَهِيَ إِلَى قَوْلِكَ، فقال-رضي اللهُ عنه-: أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَقُصَّ، فَتَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تَقُصَّ، فَتَرْتَفِعَ، حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْكَ أَنَّكَ فَوْقَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الثُّرَيَّا، فَيَضَعَكَ اللَّهُ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال ابنُ عقيل -كما في الآداب الشرعية لابن مُفلِح- : ” قيل له: إنَّ هناكَ أُناسًا يقُصُّونَ ويتحدثونَ ويذكرونَ أحاديثَ عن النبيِّ ﷺ ولا يفقهونَ معناها، فقال رحمه الله: هؤلاء وبالٌ على الشرع “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء عند ابن مُبارك في الزهد بإسنادٍ صحيح: ” قال ميمون بن مِهران: القاص ينتظِرُ المقتَ من الله “

قال العلماء: ” لأنهم يزيدون وينقُصونَ فيما يذكرونَهُ من أخبار “

ووردَ هذا مرفوعا عندَ الطبراني عن العبادِلَة الأربعة: “القاص ينتظِرُ المقتَ من الله “

العبادلة الأربعة هم: ابنُ عباس، وابنُ عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير

لكنَّه -وهو عند الطبراني- حكمَ عليه كثيرٌ من العلماء بأنه: حديثٌ موضوع.

إنما الصحيح أنه من قول: ميمون بن مِهران.

 

ولِيُعلَم/ أنَّ ما جاء من حديث في مُسندِ الإمامِ أحمد، أنَّ النبيَّ ﷺ قال:

“لأن أجلِسَ في مَجلِسٍ فيهِ قاص خيرٌ لي من أن أعتِقَ أربعَةَ أنفُس” هذا الحديث ضعيف، ولا يصح عنه ﷺ وليسَ بهِ مدحٌ لهؤلاء! بل إنه ذكرَهُ البيهقي في سُنَنِهِ: أنَّ المذكور ليس قاصا وإنما هو “قاضي”

وعلى كلِّ حال: فلا يصحُّ هذا، ولا يصح هذا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما وردَ عن الحسن لما جلَسَ مجلِسا بهِ قاص، أنه قيل له: ” ألا تتكلم؟! فقال: ما تكلمتُ إلا إجلالا لذِكرِ الله عز وجل “. معنى هذا القول: أنه مرَّ معنا شدةُ كلامه رحمه الله على هؤلاء

فقال: ” إنما سكتُّ في هذا المجلِس لأني لا أريد أن أزعزِعَ عظمةَ ذِكرِ اللهِ عز وجل “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمثلة على تحمل السلف للضرب من القصاصين ومن عوام وجُهَّال الناس الذين يُحبون القُصَّاص:

القُصَّاص من عهدِ السلف رحمهم الله ينبُزُون بالعلماء الذينَ يُحَذِّرونَ مما هم فيه.

ذكَرَ السيوطي رحمه الله في كتابهِ [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص]:

” صَلَّى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ. فَقَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَاصٌّ

فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله: ” مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خلق اللَّهُ – تَعَالَى – لَهُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا طائرا مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَرِيشُهُ مِنْ مَرْجَانٍ “. وَأَخَذَ فِي قَصِّهِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ وَرَقَةً!

فَجَعَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى بْنِ معِين، وَيحيى ينظر إِلَى أَحْمد ابْن حَنْبَلٍ

. فَقَالَ: أَنْتَ حَدَّثْتَهُ بِهَذَا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ

. قَالَ: فَسَكَتَا جَمِيعًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ قَصَصِهِ. وَأَخَذَ الْقُطَيْعَاتِ، ثُمَّ قَعَدَ يَنْتَظِرُ بَقِيَّتَهَا.

فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِيَدِهِ: تَعَالَ! فَجَاءَ مُتَوَهِّمًا لِنَوَالٍ يُجِيزُهُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟

فَقَالَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. فَقَالَ: أَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ فِي حَدِيث رَسُول الله. فَإِن كَانَ لَا بُد وَالْكَذِبُ فَعَلى غَيْرِنَا

. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ أَحْمَقٌ مَا تَحَقَّقْتُهُ إِلَّا السَّاعَة!

فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَيْفَ عَلِمْتَ أَنِّي أَحْمَقٌ؟

قَالَ: كَأَنْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ ابْن حَنْبَلٍ غَيْرُكُمَا! قَدْ كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ

. فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: دَعْهُ يَقُومُ. فَقَامَ كالمستهزىء بهما”.

 

وذكَرَ السيوطي رحمه الله -وهذا تبَعا لما سبَق- أنَّ الخطيب في تاريخِهِ قال:

” إنَّ محمد المَخرَمي قال: لا يطعَنُ أحدٌ في يحيى بن مَعين إلا كذّاب، لأنه يفضَحُ كَذِبَهُم “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

هؤلاء يستقطبون عوام الناس حتى في عهدِ السلف رحمهم الله،

فقد ذكر السيوطي رحمه الله في [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص]:

” أنَّ الذهبي في الميزان قال: عن يحيى بن مَعين أنه قال: ذهبتُ لرجُلٍ أعلمُ أنه يَقُص ويكذِب، فذهبتُ إليه وإذا عندَهُ الحذَّاؤون -يعني: أصحاب الأحذية- فجعلَ يُحدِّثُهم بأحاديث باطلة!

فأردتُ أن أُنكِرَ عليه لكنني رأيتُ حُبَّهُم له فخشيتُ من حِذائهم!، فذهبتُ مُوَلِّيًّا “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

علي بن يَنال يقول: ” أتيتُ مجلِسًا به قاص، وإذا به يذكُرُ قَصَصا، فحذَّرتُ الناسَ منه؛ فإذا به يأخُذُ نَعلَهُ فيضرِبُني بها! فتوالَى النِّعالُ عليّ! فما سَلِمْتُ حتى اختفيتُ منهم “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ذكَرَ السيوطي في كتابه [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص] قال:

عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا عَبْدُ الْمَلِكِ جَالِسٌ وَعِنْدَهُ وُجُوهُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ،

قَالَ لَهُمْ: مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، فَأَمَرَ بِالْكِتَابِ إِلَيَّ،

فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ حَتَّى نَزَلْتُ تَدْمُرَ؛ فَوَافَقْتُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَدَخَلْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدَ، فَإِذَا إِلَى جَانِبِي شَيْخٌ عَظِيمُ اللِّحْيَة قطّ أَطَافَ بِهِ قَوْمٌ -مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ – فَحَدثهُمْ قَالَ: حَدثنِي فلَان عَن فلَان يبلغ بِهِ النَّبِي ﷺ

” إن الله تَعَالَى خلق صورين لَهُ فِي كل صور نفختان نفخة الصَّعق ونفخة الْقِيَامَة “

 

قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَمْ أَضْبِطْ نَفْسِي أَنْ خَفَّفْتُ صَلَاتِي. ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقُلْتُ:

يَا شَيْخُ! اتَّقِ اللَّهِ وَلَا تُحَدِّثَنَّ بِالْخَطَأِ. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ إِلَّا صُورًا وَاحِدًا. وَإِنَّمَا هِيَ نفختان: نَفْخَةُ الصَّعْقِ وَنَفْخَةُ الْقِيَامَةِ.

فَقَالَ لِي: يَا فَاجِرُ! إِنَّمَا يُحَدِّثُنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. وَتَرُدُّ عَلَيَّ؟ ثُمَّ رَفَعَ نَعْلَهُ فَضَرَبَنِي بِهَا، وَتَتَابَعَ الْقَوْمُ عَلَيَّ ضَرْبًا مَعَهُ. فَوَاللَّهِ مَا أَقْلَعُوا عَنِّي حَتَّى حَلَفْتُ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ – تَعَالَى – خَلَقَ ثَلَاثِينَ صُورًا، لَهُ فِي كُلِّ صُورٍ نَفْخَةٌ. فَأَقْلَعُوا عَنِّي. فَرَحَلْتُ حَتَّى دَخَلْتُ دِمَشْقَ وَدخلت عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي:

يَا شَعْبِيُّ “بِاللَّهِ حَدَّثَنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ فِي سَفَرِكِ” فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَ التَّدْمُرِيِّينَ. فَضَحِكَ حَتَّى ضَرَبَ بِرِجْلَيْهِ”.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وذكَرَ السيوطي في كتابه [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص]

قال ابنُ الجوزي رحمه الله مُبينا أنَّ القَصَص تروجُ في الناس أكثر من الأحاديث الصحيحة:

قال رحمه الله: ” وأكثر ما أتى الحديث من ذِكر هذه الأحاديث الموضوعة إنما هو من القُصَّاص!

وقَصَصُهُم تُلَفَّق -يعني: أنها تُرَوَّج وتَرُوج- قال: فكان يُعرَضُ عليَّ الكثير منها فأُبين خللَها فيحقِدونَ عليّ”

يقول في نفس المصدر السابق في كتاب [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص] للسيوطي:

قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو الْخَيْرِ الْقَزْوِينِيُّ فَوَعَظَ بِبَغْدَادَ. -وهو قَصَّاص- فجعلَ يَقُص-

فَكَانَ يَرْوِي مَا يَجِدُ مِنَ الْأَحَادِيثِ؛ فكلما قص بينتُ له خطأه، فَعَاتَبَنِي عَلَى هَذَا

فَقُلْتُ: هَذِهِ أَمَانَةٌ لَا يَحِلُّ لِي كَتْمُهَا “.

وهذا إن دل، يدلُّ على أنَّ رَواج هؤلاء هو شيٌ طبيعي مِن القِدَم؛

وانظُر إلى تَحَمُّل العلماء في بيانِ خللِ وخطأِ هؤلاء.

ـــــــــــــــــــــــــ

 

ولذلك/ ما تركوا شيئا حتى في التفسير!

ذكر السيوطي رحمه الله، قال: ” أَن قَاصا جلس بِبَغْدَاد فروى فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى:

{عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:79] فأتى بقصةٍ وذكَرَ فيها ما ذكرَ فيها،

فَبلغ ذَلِك الامام مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ -وهو إمام المُفسرين في التفسير- فاحتد من ذَلِك وَبَالغ فِي انكاره، يقول: أتيتُ إليه فأنكرتُ عليهم، ثم دخلتُ بيتي -دخلَ بيتَهُ وكتبَ شيئا على بابِهِ تحذير مما يقوله هذا الرجل في كتابِ الله عز وجل- فيقول: فثار عَلَيْهِ عوام الناس وَرَجَمُوا بَيته بالحجارة حتى سدت بابَ بيتي ووقعت الحجارةُ عليّ “.

ـــــــــــــــــــــــــــ

خلاصةُ القول: إن أردتم النجاةَ والعِصمَةَ مِنَ الفتن فعليكم بكتاب الله وبسُنَّةِ رسولِ اللهِ ﷺ على ما فَهِمَهُ سَلَفُ هذهِ الأمة؛ وهذه أحاديث ذُكِرَت أمامَكم وهذهِ آثار من السلف تُبيِّنُ حقيقةَ ما كانوا عليه؛

وما ذكرتُ هذا في مثلِ هذا الزمن إلا لأنَّ الشرَّ قد استطار!

بل إنَّ بعضَهُم قد يذكُرُ بعضَ القَصَص التي تطعَنُ في بعضِ الصحابة رضي الله عنهم! كلما أتى إلى كتاب وقرأهُ ذَكَرَ ما فيه!

فهذهِ الخُطبة إبراءً للذمة من باب تبيين ما قالهُ السلف، لأن الأمر ليس كالأمر السابق، لأن هذه المقاطع وهذه القنوات الآن تستقطِب من هوَ مشهور ومعروفٌ لدى الناس، وهذا أسرعُ طريق لمعرفةِ الناس بالرجل.

تمت الخُطبة..

ـــــــــــــــــــــــــــ

فيما يلي: تفريع عدد من مقاطع الشيخ زيد البحري عن موضوع: “القصاصين”

 

مقطع بعنوان/ (يحرصون على سماع ( القصص والقصاصين) في أول الاستقامة وتأمل كيف انتشرت قصة ( ثعلبة ) فما صحة قصة ثعلبة؟)

سبحان الله! يقولون نحن نبحث عن هذه القَصَص في أولِ الاستقامة ليلَ نهار

وللأسف من حال كثيرٍ من الناس ولاسيما الشباب يبحثون فيما مضى من سنوات في أول استقامتهم عمن يقُصُّ هذه القَصَص!

وقد تكون هذه القَصَص ليست ضعيفة فحسب بل قد تكون منكرة مُختلَقة، بل وفيها ما يخالف العقيدة!

ولذلك لو رأى الشاب نفسَه الذي كان يسمع لتلك الأشرطة وكانت تنتشر انتشارا رهيبا، نعم

بعض القَصص بلغت الآفاق في شهرتها على أنها واقعية أو أنها غير صحيحة لكن ماذا أفادت تلك القصص؟

الشاب الذي كان يسمعها قبل عشرين سنة أو قبل عشر سنوات ماذا أفادته من علم؟ لا شيء

ولا يعني هذا حتى لا يقال هناك في القرآن قَصص وفي السنة قصص صحيحة وفي السير

نعم، هذه قَصص صحيحة، ويؤخذ منها العِبَر، ما ذكره عز وجل حق وما ذكره النبي ﷺ مما صح عنه حق، وما ذكره أهل التراجُم بالأسانيد إن ثبت فهذا حق فتؤخذ منها العِبَر

ثم لا يكن هم الإنسان فقط قَصص السلف التي في التراجُم الثابتة، لا يكن الهم فقط هذا الأمر فهناك من العلوم ما تحتاجُ إليه من العقيدة من الفقه من التفسير

والموفق هو الذي يتنبه لحاله قبل أن يفوتَ عليه الزمن، فمن فات عليه الزمن فيما مضى فلله الحمد يستقبل سنواته القادمة في طلب العلم الشرعي، ومن لم يفته الزمن فالسعيد من وُعِظَ بغيرِه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.

قصة غير صحيحة

قصة ثعلبة الذي أُعجِب بامرأة وجرى له ما جرى، وعادهُ النبي ﷺ وشهق شهقة لما أخبره النبي ﷺ بالملائكة

هذه قصة، وَذُكِرَ فيها من أنه لما مات كان ﷺ يمشي على أنامله من كثرةِ تشييع الملائكة!

هذه القصة غيرُ صحيحة كما أفاد ذلك ابنُ حجر في الإصابة، ثم أيضا فيها ما فيها من النكارة من أنه شَهِقَ، والصحابةُ رضي الله عنهم كانت لديهم القوة على تحمل المصائب، فالشهق والصعق أو الموت من الشهق أو الصعق هذا كما قال شيخ الإسلام: “لم يكن هذا هو حال الصحابة رضي الله عنهم عند قراءة القرآن”

قلتُ: فكيف بمثل هذا الخبر الذي أخبر به النبي ﷺ عن حال الملائكة!؟

فكانت لديهم القوة والتحمل رضي الله عنهم، فالقصة لا تصح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ (حكم الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق القصص الحياتية التي يمر بها الداعية أو غيره)

الفرق بين القَصَص الحق وبين القَصَص المنهي عنها:

القَصَص ذكرت في كتاب الله عز وجل، لكن المراد من ذلك القَصَص التي جاءت في القرآن وجاءت في السنة هذه أبلغ ما يكون لأنها وردت من الشرع.

لكن لو خرجتُ بعد الصلاة ووافيتُ شخصا والتقيتُ به وجرى ما جرى، أو رأيت حدَثًا وإذا بي من الغد آتي إليكم وأقول رأيتُ كذا ورأيتُ كذا! وخذوا العبرة من هذا الحدث!

ثم إذا بي أبحث عن أحداث وربما يُزادُ فيها؛ لم؟

لأن الناس ينتظرون ماذا سأُقَدِّمُ لهم من هذه القَصَص! وإذا بالإنسان يسعى يَمنَةً ويسرَة يمكن يبحث في أطراف البلاد من أجل أن يحصُل له مثلُ هذا!

ولذلك قال الألباني في السلسلة الصحيحة لما ذكر حديث: “إن بني إسرائيلَ لَمَّا هَلَكوا قصُّوا”

قال هذا هو شأنُ كثيرٍ من الوعاظ والقصاص في هذا الزمن نسألُ الله السلامة والعافية

ما قال الألباني هذا الكلام وفي عصره وعمره كبير في السن، يقول مثل ذلك العصر الذي لم تنتشر فيه وسائل التواصل إلا لأنه يدرك خطورةَ هذا الأمر، والواقع يشهد بهذا

وإذا أردتم الحكم الفاصل في مثل هؤلاء القصاصين:

ما هي الثمار التي أثمرتها تلك القَصَص في قلوبِ الناس؟

صحيح أن بعضَهم تبكي عينُه ويخشع قلبُه ثم يخرج، ربما يحافظ على الصلاة

بعدها إن بقي على الاستقامة فهو أجوف ينتظر فقط هذه القصص، وكم علمتم وعلمنا نحنُ أناس عرفناهم لهم في الاستقامة أكثر من عشر سنوات وإذا هو فلان فلان هو هو لم يتغير منه شيء

وبعضُهم قد ينحرف نسألُ الله السلامةَ والعافية

{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } لم يقل القصاصون أو القُصاص، لا!

{الْعُلَمَاءُ} ما هو العلم؟  العلم الشرعي.

ولذلك هؤلاء فتحت لهم الأبواب أكثر لأنهم تصدروا للناس واستقبلوا أسئلةَ الناس إذا بهم يُفتون فيما يُستفتون فيه والله عز وجل يقول: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ } ما قال فاسألوا أهل القَصص!

{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }.

ــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ (ما وقعت البلايا في الأمة إلا بأسباب منها القصاصون الذين صرفوا الناس عن العلم)

هذه بليَّة تَحِل بالمسلمين، ولذلك ما وقعت المصائب بالمسلمين إلا من طرق كثيرة ومن بينِها طرق هؤلاء القصاصين، لأنهم يصرِفون الناس عن تعلُّم ما جاء في الكتاب وفي السنة الصحيحة عن النبي ﷺ.

ــــــــــــــــــــــــــ

 

مقطع بعنوان/ (بيان أن القصاصين هم من أسباب الفتنة التي تقع بالمسلمين لحديث:

” إنما القصص زمن الفتن “)

قولُ ابنِ عمر رضي الله عنهما كما عند ابنِ ماجه:

 “لَمْ يَكُنِ الْقَصَصُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا زَمَنِ عُمَرَ”.

وقد أورَدَهُ ابنُ أبي شَيبَة في مُصَنَّفِهِ بطريقٍ آخَر، قال ابنُ عمر:

“لَمْ يُقَص زمان أَبِي بَكْر، وَلَا عُمَر، إنما كان القَصَص زمن الفتنة”.

وعند أحمد عن السائب بن يزيد: “لَمْ يَكُنِ يُقَصُّ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ ولا أبي بكر”.

وعند ابنِ حِبَّان: لَمْ يُقَص فِي زَمَنِ النبيِّ ﷺ ولا أَبِي بَكْر وَلَا عُمَر ولا عثمان، إنما كان القَصَص زمن الفتنة”

فنَخلُصُ من هذا إلى: أنَّ القَصَص ليست من العلم الشرعي ولا يُستفادُ منها.

ولا يدخُل داخل بذِكرِ القَصَص التي في القرآن وفي السنة، فهذه جاءت من الشرع وكل ما جاء عن الشرع فكلُّهُ خير، لكنَّ القَصَص والأخبار التي يذكُرُها بعضُ الناس فيزيدون وينقصون فيها! هذه ليست من العلم الشرعي؛ ولذلك:

لم يُرَبِّ النبيُّ ﷺ، ولا الصحابة رضي الله عنهم لم يربوا أنفسَهم على هذه القَصَص!

كيف والنبيُّ ﷺ قال كما عند الطبراني بإسنادٍ صحيح: “إن بني إسرائيلَ لَمَّا هَلَكوا قصُّوا”

وقال المُناوي رحمه الله في فَيضِ القدير: ” وفي رواية: ” لَمَّا قصُّوا هَلَكوا”

وقال هناك رواية أخرى بلفظ: ” لَمَّا قصُّوا ضلُّوا “

فدلَّ هذا على أنَّ القَصَص ليست علما شرعيا، ولم يكن النبيُّ ﷺ ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم بهذه الطريقة، ولذلك نفاها ابنُ عمر رضي الله عنه، بل بيَّنَ أن هذه القَصَص هي من أسباب الفتنة التي تقع بالمسلمين؛ ولا يُظَن أنَّ الفتن فقط محصورة في الدماء!

لا شك أنَّ الدماء فتنة، لكن لما يظهَر القصاصون وأهل القَصَص تظهر الفتن، فتن الشبهات، فتن الشهوات

فلا يمكن أن يُدافِع تلك الشبهات والشهوات إلا من عندَهُ علم شرعي

ولذلك قال: “إنما كان القَصَص زمن الفتنة”.

ولذلك لما اشتهرت القَصَص بين الناس واشتهر القصاصون هنا ظهرت الفتن، لأن بعضَ القصاصين موجودون في زمن بعض الصحابة لكن على وجهٍ خفيّ، لكن لما كثُروا وعَظُمَ أمرُهُم وكَثُرَت قَصَصُهُم فلما لم يتربَّ الناس على التوحيد وعلى شرعِ اللهِ عز وجل ظهرت الفتن، وهذا مُشاهَد في كلِّ زمان

سواءً في زمننا هذا أو في الأزمان السابقة، ومن يقرأ التاريخ يعرف ذلك، ومن يقرأ واقع الناس في مثلِ هذه الأزمان ينظُر إلى مِصداقِ ما ذُكِرَ هنا

ولذلك الحديث عند أحمد: “وكان أول من قَص تميم الداري، استأذن عمر فأذِنَ له عمر” هذا إسنادُهُ ضعيف

من أجل بقية بن الوليد فهو مُدَلِّس، تدليس التسوية وهو شر أنواع التدليس، ولذلك لم يُصَرِّح بالسماع ولذلك قال عنه الهيثمي فيه: ” بقية بن الوليد المُدَلِّس”

ولذلك ولو صح، أجابَهُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “فأشارَ عمر إليه” من أنه هو الذبح، يعني: أنه هو الهلاك للقاص ولغيره.

ومع ذلك فهذا الحديث ضعيف، ولو صح فإنَّ قَصَص تميم رضي الله عنه لم تكن مخالفة لشرع الله وإنما هي على ما جاء به شرعُ الله، فإنه لا يُظَن بتميم الداري رضي الله عنه أن يَقُص مثل هذه القَصَص التي يُزادُ فيها ويُنقَص، وكثيرٌ منها لا أصلَ لها

ولذلك لو صح فعمر رضي الله عنه بعدما ألحَّ عليه تميم، لمعرفةِ عمر بأن تميم لن يذكُرَ إلا ما كان موافقا لشرع الله وجاء على أصولِ الشرع.

ولذلك/ هذه القَصَص لم تُفِد الناس، وقد حذَّرَ منها السلفُ أشد التحذير، ولا منفعَةَ منها، ولن تُعطيَ الناس علما أصيلا متينا؛ إضافة إلى ما يمكن أن يُضافَ إليها من الزيادات والنقصان.

ولذا/ في مستدرك الحاكم: ” أن معاوية رضي اللهُ عنه لما قَدِمَ مكة، أُخبِرَ بقاص يَقُصُّ على أهلِ مكة فأرسلَ معاوية، فقال: أُمِرتَ بهذا القَصَص؟ قال: لا، قال: فما حمَلَكَ على أن تَقُصَّ بغيرِ إذن؟

قال: نُنشئُ علما علمناهُ اللهُ عز وجل! فقال معاوية: لو كنت تقدمتُ إليك لقطعتُ منكَ طائفة “

-يعني: قطعة مِن بَدَنِك –

ثم ماذا قال بعدها مُبينا أن مثل هذه القَصَص فيها شر على الأمة:

ثم قام حين صلى الظهر بمكة فقال: “قال النبيُّ ﷺ إنَّ أهلَ الكتاب افترقوا في دينِهم على اثنتينِ وسبعينَ مِلَّة”

انظُر! هذا يعودُ بنا إلى الحديث السابق: “إن بني إسرائيلَ لَمَّا هَلَكوا قصُّوا”

قَالَ: ” إِنَّ أَهْلَ الْكِتَاب افترقوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ هي فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ “.

“الْكَلَبُ: بفتح اللام وهو مرضٌ إذا أصاب الإنسان أهلَكَهُ”

ثم قال: “واللَّهِ يا مَعْشَرَ العَرَبِ لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِما جاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ لَغَيْرُكُمْ مِنَ النّاسِ أحْرى أنْ لا يَقُومُوا بِهِ”.

سبحان الله، يعني: إذا لم تقوموا بما جاء به النبي ﷺ فلن تقوموا بغيره، لأن ما أتى به ﷺ هو الخير كلُّهُ.

وهذا الحديث، حديث ابن عمر رضي الله عنهما:

“لَمْ يَكُنِ الْقَصَصُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا زَمَنِ عُمَرَ”

هذا حديثٌ صحيح وثابت وأما ضَعف العُمَري فإنهُ لا يؤثِّر باعتبار ماورَدَ مِن الأسانيد الأخرى التي عندَ ابن أبي شيبَة وعند ابنِ حِبَّان، ولذلك حسَّنَهُ العراقي رحمه الله

والألباني رحمه الله -وهذا من باب التنبيه- هو ضعَّفَهُ باعتبار ما رآه من السند الموجود في سنن ابن ماجه لكنه تراجع رحمه الله وأثبَتَ أنَّ هذا الأثر صحيح عن ابنِ عمر رضي الله عنهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنون/ ( بسبب القصاصين أصبح حال العلماء في هذا الزمن كحال أبي حنيفة مع أمه ومع هذا القصاص)

بعض الناس الآن ممكن فيما يتعلق بوضوئه وصلاته في أقل الأشياء ما يعرِفُها!

وهو من الأخيار يسمع، يسمع، لكن: ماذا يسمع؟!

يقرأ، لكن: ماذا يقرأ؟!

يعني: في أقل ما يكون في الوضوء وفي الصلاة وفي الصيام أشياء ما تُجهَل ويحرُم على الإنسان أن يجهَلَها لكن مع ذلك يجهلُها! ما السبب؟

لأن الناس صُرِفوا عن العلم الشرعي بهذه القَصَص.

ذكر ابنُ الجوزي رحمه الله أن الإمام أبو حنيفة وهو إمام من الأئمة الأربعة:

“كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ، فَأَرَادَتْ أُمُّ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ تَسْتَفْتِي فِي مسألة فَأَفْتَاهَا أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمْ تقبل! وَقَالَت: لَا أقبل إِلَّا مَا يَقُول زُرْعَةُ الْقَاصُّ! -مشهور بالقَصَص، تركت كلام إمام من الأئمة وقالت لا أرضى بكلامك إنما أرضى بكلام زُرعَة القَصَّاص!-

فَجَاءَ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى زُرْعَةَ فَقَالَ: هَذِهِ أُمِّي، تَسْتَفْتِيكَ فِي كَذَا وَكَذَا. فقال: أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي وَأَفْقَهُ، فَأَفْتِهَا أَنْتَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَدْ أَفْتَيْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ زُرْعَةُ: الْقَوْلُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَرَضِيَتْ وَانْصَرَفَتْ”

ــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( تأمل قلة الحضور عند ابن باز وابن عثيمين، وكثرته عند غيرهما، وتأمل من الذي بقي؟)

قال النبي ﷺ كما في الصحيحين: ” يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد “

أهوَ خللٌ في منهجِهِ؟

مستحيل -نسأل الله السلامة والعافية- لو قيل بهذا لكان كفر.

فقلةُ الحضور عند عالم لا تدل على أنه ليس بعالم أو أنه ليس بصاحب منهج.

كثرة الحضور أو كثرة المتابعين لا تدل على سلامة المنهج، ولو سَلِمَ المنهج لا تدل على أنه عالم.

قال حنبل بنُ إسحاق في طبقات الحنابلة لابنِ أبي يَعلى: ” ما سَمِعَ من أحمد المُسند إلا”

يعني: ما اجتمع عنده، يقول: “ما اجتمع عندهُ لما قرأ المُسند إلا ثلاثة:

أنا وصالح وعبد الله، ولم يسمعْهُ مثلُنا أحد”

يقول: ما سمِعَهُ أحد، إلا ثلاثة، هذا مسند الإمام أحمد رحمه الله.

قال الشيخ زيد: أنا حضرت في عام (1409-1410) للشيخ ابن باز رحمةُ اللهِ عليه، لو كثَّرتَ من الحضور لقلتَ إن الحضور يصل إلى ثلاثين!

بينما المحاضرات التي يقال إنها محاضرات وعامة وما شابه ذلك في وقتها وأنا كنت في الجامعة:

كانت بالآلاف المؤلَّفَة!

الدائري الشرقي وكذا، يمكن تمشي في الطريق ثلاث أربع كيلو والسيارات على الطريق الدائري!

وكان الناسُ منبهرين! والحضور عند هؤلاء بكثرة!

بينما الشيخ ابن باز رحمةُ اللهِ عليه ما يحضُر عنده إلا عشرون أو ثلاثون!

فلما حدثني بعضُ الشباب في بعضِ المجالس قلت وأنا ما زلت في الكلية:

“واللهِ إنَّ هذا ليسَ بحق، وإنَّ هذه الطريقة ليست طريقةً حميدة، غير صحيح”

ومع مرور السنوات ما الذي بقي؟  ما يبقى إلا العلم.

الشيخ ابن عثيمين رحمةُ اللهِ عليه في عام (1400) و(1401) ما كان يحضُر عندهُ إلا ثلاثة فقط!

بينما غيرُهُ يحضُرون بالآلاف!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( هل أنت مأمور بأن تتبع أخبار وسفريات وطلعات القصاصين؟

أو مأمور بالتفقه في دينك؟)

عند الطبراني بإسنادٍ حسن كما قال ابنُ حجر رحمه الله في الفتح، قال ﷺ:

” أيُّها الناس تعلموا ” أمِرتُم بالتعلُّم.

هل أنت مأمور بأن تتعلم ماذا حدثَ لفلان الذي يَقُصُّ عليكَ بالليلِ وبالنهار؟!

هل أنت مأمورٌ بهذا؟! أم أنت مأمورٌ بأن تتعبدَ الله بما قالَهُ اللهُ عز وجل وبما قاله رسولُ اللهِ ﷺ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( لو قرأ هؤلاء القصاصون سيرة من يحكون عنهم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما لعرفوا كيف كان ورعهم في المال )

لو قرأ هؤلاء سيرة من يذكرونهم في مثل هذه المخيمات أو في هذه الأماكن الدعوية وما شابه ذلك،

لو قرؤا سيرة من يذكرونهم ويذكرون قَصَصهُم فيما يتعلق بالمال كسيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن لو قرؤا سيرَتَهم في المال وسيرة عمر بن عبد العزيز في المال لانتفعوا ولنفعَ اللهُ بهم

كيف كانوا يتورعون، بل يتورعون عن أشياء يستحقونها بمُقتضى الشرع، لكنهم كانوا يتورعون.

ما الذي دعا أبا بكر رضي اللهُ عنه أن يُنفِقَ مالَهُ كلَّهُ كما جاء عند الترمذي؟

وأيضا/ عمر رضي الله عنه يُنفق نصف مالِهِ؛ عثمان رضي الله عنه يُنفق الآلاف المؤلَّفة من الدنانير.

عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه؛ ما كانت الدنيا في قلوبِهِم

لكن/ خصوصا في هذه الأزمان المتأخرة -نسألُ الله السلامةَ والعافية- غريب!

الشيخ ابنُ عثيمين رحمةُ الله عليه لما أوصى شخصا وأعطاهُ كيسا من المال من أجل أن يوصِلَهُ لمُستحقيه

قال: ” انتبه في هذا الكيس ريال أو نصف ريال معدن، لا يسقُط منك ” إبراءً للذمة، لأنه يعرف أنَّ هذا النصف وهذا الريال سيتحملُهُ يومَ القيامة.

فكيف بمن يُقحِم نفسَهُ إقحاما في هذه الجهات الخيرية!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( لو لم ينشغل الناس بسماع القصاصين فيما مضى لأصبح عندهم ولم يجهلوا أبسط المسائل )

لا تعجبْ إذا حذَّرَ السلف، ونقلنا تحذير السلف من هؤلاء القُصَّاص، لا تعجبْ من ذلك

ولو أنَّ الناس في ذلكم الوقت الذي ضُيِّع بالقَصَص، لو أن الناس تعلموا ما جاء في الكتاب وفي السنة لكان عندهم علمٌ غزيرٌ كبير

ولذلك/ يُستفتى بعضُ العلماء عن بعضِ المسائل التي من الواجب أن يكون كل مسلم عالما بها

وإنما أُشغِلَ الناس بمثلِ هذهِ القَصَص، وتكون بها غرائب وعجائب، بل ما يُخالف الشرع!

بل بها ما يُخالفُ العقيدة!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( بسبب القصاصين تركوا صلاة التراويح في المسجد الحرام وصلوا مع صاحب الصلاة المسلوقة )

بعض الناس الآن ممكن فيما يتعلق بوضوئه وصلاته في أقل الأشياء ما يعرِفُها!

وهو من الأخيار يسمع، يسمع، لكن: ماذا يسمع؟!

يقرأ، لكن: ماذا يقرأ؟!

يعني: في أقل ما يكون في الوضوء وفي الصلاة وفي الصيام أشياء ما تُجهَل ويحرُم على الإنسان أن يجهَلَها لكن مع ذلك يجهلُها! ما السبب؟

لأن الناس صُرِفوا عن العلم الشرعي بهذه القَصَص!

والقَصَص تجذب الناس، نعم تجذب الناس.

ذكر السخاوي في كتابه [ الضوء اللامع لأهلِ القرن التاسع ] قال:

كان هناك أحمد – شخص اسمه أحمد بن عبد الله الدوري المكي- وكان يخدِم المسجد الحرام،

لكنه ما كان يُحمَدُ في انتمائه -كما قال رحمه الله –

كان الرجل عندهُ حكايات وقَصَص مُضحكة وإذا بالصبيان يجتمعون عنده ويأتون إليه

لمَ؟ لأن الناس تُحِب القَصَص، لكنها لا تُفيد ولا تُؤَصِّل، يعني: اجتماع الناس سهل بهذه القَصَص لكنَّ العلم الشرعي أين الناس منه؟!

 

 

حتى إن هذا الرجل –كما ذكر السخاوي – قال:

كان يصلي التراويح بجوار المسجد الحرام! وكان يُخَفِّفُ صلاتَهُ تخفيفا زائدا، حتى كانوا يُسَمُّونَ صلاتَه بالمسلوقة (بعض الناس يُعبِّر عن السريع يقول: سلق بيض)

ويجتمع الناسُ عندهُ بالأعداد الهائلة!

انظروا كيف يُصرَف الناس عن العلم وعن الخير! سبحان الله، يُترَك المسجد الحرام ويُصَلَّى مع هؤلاء!

إذن/ هذا هو عينُ الخسارة صراحةً.

أما إذا أردتَّ أن تُفيدَ الناس، وأن تَصُدَّ عنهم هذا الشر فعليك بالطريقة التي سار عليها السلف

كما قال الإمام مالك: ” لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها “

لكن الناس منصرفون! واللهِ إذا جاء درس تجد الحضور عشرين أو أربعين أو خمسين إن كثَّروا!

وإذا بالمحاضرات التي تُملأ بالقَصَص بالآلاف المؤلفة! ماذا أفادت؟!

لا بد أن يتنبه الناس وأن يعودوا مرةً أخرى إلى العلم الشرعي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( ما رأيكم لو اشتغل الألباني وابن عثيمين بالقَصَص )

الألباني رحمه الله: لو أنَّ الألباني رحمه الله اشتغلَ بالقَصَص وبالوعظ ما أحد قال: “صححهُ الألباني”

بل من العجب أنه ما يمر حديث إلا ويقولون: “صححهُ الألباني”، وماذا قال الألباني

توفيق من الله عز وجل، سبحان الله، الموفق من وفقه الله

بل إنَّ بعضَهم لا يعزو الحديث إلى أصولِهِ، يعني: الحديث قد يكون في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم أو في السنن أو في المسانيد؛ ويكتبون: “صحيح الجامع”

طبعا هذه طريقة خاطئة يجب أن يُعزَى الحديث إلى أصله، ويُستأنس بتصحيح الألباني وبحكم الألباني عليه

لكن/ انظروا كيف تولَّعَ الناس إلى هذه الدرجة! مع أنه في عصرِهِ ما أحد يعرفُهُ من هؤلاء

من لديه هذه الوسائل وهذه الأجهزة ما يعرفونَه ولم يقرؤوا له، ما عرفوه إلا الآن!

كيف أظهرَ اللهُ له هذا الصيت.

الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الفقه: مسائل في الفقه، كثير من الدكاترة الذين في الجامعات يرجِعون إلى ترجيحاتِهِ وإلى كلامِهِ في الشرح الممتع.

مقطع بعنوان/ ( لماذا حذَّرَ السلف من القصاصين؟ وما معنى حديث: ” لا يقص إلا ثلاثة ” ؟

ما الحل؟ الحل: عودوا إلى طلب العلم الشرعي من العلماء الكِبار الذين يبنون العلم بالأدلةِ الشرعية على ما فهمه السلف.

دَعُونا من القَصَص ودَعُونا من هذه الأشياء

ولذلك/ حذر النبيُّ ﷺ كما في المسند وعند الطبراني من حديث عوف بن مالك وقال:

“لا يقصُّ إلَّا أميرٌ أو مأمورٌ أو مختالٌ “؛ وضُبِطَت: ” مُحتال” بالحاء.

الجمهور على أنها: “مختالٌ” بالخاء؛ وعند الدارِميّ: “أو مُراءٍ”.

يعني: لا يتصدر للناس في الدعوة إلا من هو أمير “الوالي”، أو مأمور “يعني أذِنَ له الوالي،

مَن لم يكن كذلك فإنه إنما أراد الاحتيال والاختيال على الناس.

ولذلك/ ذكر القرطبي رحمه الله في تفسيره -سواء صحَّ الأثر أو لم يَصِح – لكن فيه ما يؤيدُهُ:

لما خَطَبَ شخصٌ، قال: ما هذا؟ قالوا: هذا يَعِظُ الناس، فناداه

قال: أتعرِفُ الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكتَ وأهلكت، إنما قمتَ من أجل أن يقولَ الناس هذا فلان ابنُ فلان فاعرِفوني! اذهب.

وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

العلم الشرعي: المبني على الدليل في الكتاب وفي السنة

ولذلك/ قال المُناوي في فَيض القدير:

” إنما ذُمَّ مَن يَقُص من أجل أنه يأتي بأخبار وقَصَص يُدَلَّسُ بها على العوام “

وقال أيضا الخطَّابي رحمه الله: الناسُ في تعليمِ الناس إما مُذَكِّر أو واعِظ أو قاص

فالمُذَكِّر: من يُذَكِّرُهُم بنعمة الله

والواعظ: من يُخَوِّفُهُم من عذابِ الله

والقاص: هو الذي يأتي بالقَصَص وبالأخبارِ الماضية،

ويسرُد عليهم القَصَص فلا يَأمَن أن يزيدَ فيها أو ينقُص.

نعم/ لما أذكر لك الآن قصة واقعية قد لا أسلَم من أزيدَ فيها؛ فكيف بمن هو حياتُه في قَصَص مستمر في أحداث تِباع!

ثم قال الخطَّابي: “والمذكر والواعظ مأمون عليهما ذلك”.

علِّموا أبناءكم التوحيد وحثوهم على طلب العلم الشرعي بالكتاب وبالسنة، فهذا هو أبقى للخير لهذه الأمة بإذن الله عز وجل، هذا هو الذي يبقى.

شيخُ الإسلام كم مرة وأنا أتحدثُ عنه: كلامُهُ كأنه بينَنا يعيش!

ما أتى به من فراغ، بل أتى به على أصلِ الكتابِ والسنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقطع بعنوان/ ( أكبر سبب لانتشار مهنة القصاصين في هذا الزمن هو ما قاله ابن الجوزي رحمه الله )

قال ابنُ الجوزي -نقلا من [ تحذيرُ الخواص من أكاذيب القُصَّاص] للسيوطي، قال:

“وأكبر أسبابِهِ قد يُعاني هذه الصناعة -يعني من يأخذ بمِهنة القَصَص-

وقال: جُهَّالٌ بِالنَّقْلِ، يَقُولُونَ مَا وَجَدُوهُ مَكْتُوبًا وَلَا يَعْلَمُونَ الصِّدْقَ مِنَ الْكَذِبِ.

فَهُمْ يَبِيعُونَ عَلَى سُوقِ الْوَقْتِ. -يعني: يُضيعون الوقت-

قال: وَاتُّفِقَ أَنَّهُمْ يُخَاطِبُونَ الْجُهَّالَ مِنَ الْعَوَامِّ. فَلَا يُنْكِرُونَ مَا يَقُولُونَ!

ولذلك/ عوام الناس -كما قال ابنُ الجوزي- انظُر إلى السنوات الماضية كيف ذكر هذا رحمه الله

قال: فيخرُج العوام فيقولون: قال العالم الفلاني! قَالَ الْعَالِمُ؛ فَالْعَالِمُ عِنْدَ الْعَوَامِّ مَنْ صَعَدَ الْمِنْبَرَ”

وهذا غلط! ليس كل من صَعَدَ المِنبر وتصدر للناس أنه يكونُ عالم!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خُطبة بعنوان: (كيف تعرف أهل الأهواء والبدع وأهل العلم من غيرهم؟)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

كثيرا ما تحدثنا عن البدع وعن أصحابها، وهنا ملخص إبراءً للذمة لكي تعرفَ من هم أصحابُ الأهواء.

أهل الأهواء هم: أهلُ البدع، كما قال شيخُ الإسلام رحمه الله في الفتاوى.

قواعد ذكرها السلف رحمهم الله:

أذكر لك هذه القواعد التي ذكرها السلف ولا تقل إنَّ هذه القواعد لا تصدُق على فلان بحكم أنه معروف أو مشهور أو له أتباع أو لديه علم!

 

قواعد سِر عليها حتى تنجو إن أردت النجاة:

ــ ” إذا رأيتَ الرجل يقدح في صحابةِ النبيِّ ﷺ أو في أي أحد منهم فاعلم بأنه صاحبُ هوى” كما قال ابنُ عونٍ رحمه الله.

ــ ” إذا رأيت الرجل يطعنُ في الآثار الصحيحة عن النبي ﷺ وعما ورد عن سلفِ هذه الأمة فاعلم بأنه صاحبُ هوى ” كما قال الإمام البربهاري رحمه الله.

ــ ” إذا رأيت الرجل يُدخِلُ عقلَه في النصوص الشرعية، ويُحَرِّفُ هذه النصوص حسبما يهواه عقلُه فإنه صاحبُ هوى، بل إنه فتحٌ لبابِ الزندقة ” كما قال الإمام البربهاري في كتابه شرح السنة.

ــ ” إذا رأيت الرجل كثيرَ العلم، كثيرَ الحفظ، كثيرَ الكتابة، كثيرَ الكتب لكنه يُخالفُ القرآن والسنةَ الصحيحة فاعلم بأنه صاحبُ هوى ” كما قال الإمام البربهاري في شرح السنة.

ــ ” إذا رأيت الرجل يقدح في أئمةِ السلف كالإمام أحمد أو من أتى بعده كشيخ الإسلام فاعلم بأنه صاحب هوى؛ بل قال الإمام البربهاري في شرح السنة:

ـ” إذا رأيت الرجل يذكر أئمة السلف كالإمام أحمد يذكرهم ويثني عليهم بخير فهو صاحبُ سُنَّة إن شاء الله

 

ــ ” إذا رأيت الرجل يذكرُ أئمةَ البدع والفلسفة ويُثني عليهم ويُمَجِّدُهُم فاعلم بأنه صاحب هوى “

كما قال الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة

ــ ” إذا رأيت الرجل يدعو على الإمام ــ يعني على الحاكم ــ فاعلم بأنه صاحب هوى “

قال الإمام البربهاري: لأن الشرع لم يأمرنا بالدعاء عليهم وإن ظلموا وإن جاروا.

-وكما قلت لا يُنظَر إلى الشخص وإنما تُنَزَّلُ عليه هذه القواعد-

ــ ” إذا رأيت الرجل عنده تلون ليس له منهجٌ واضح يسير حيث سارت أطماعُه، وله أتباع ينعقون خلفَه فإنه وهم أصحابُ هوى “

قال الإمام البربهاري في شرح السنة: ” وكلُّ بدعة إنما ظهرت من الهمج الرِّعاع الذين يتبعون كلَّ ناعق ويتحركون مع كلِّ ريح، والله جل وعلا قال: {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} قال:

 وهؤلاء هم علماء ودعاة السوء، أصحابُ من؟

أصحابُ الطمع في الدنيا، أصحاب الطمع وأصحاب البدع.

ــ ” إذا رأيت الرجل يجلِسُ مع أهلِ الأهواء-على حسب القواعد التي ذكرتُها لك سابقا-

 فحَذِّره؛ فإن عاد فجلس معه أو معهم؟ فاعلم بأنه صاحبُ هوى فاتقه واحذَره” كما قال الإمام البربهاري في شرح السنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا عرفتَ هذه القواعد، عرفت أصحابَ الهوى وأصحاب البدع

هنا/ يجبُ عليك أن تَفِرَّ منهم، ويجب ألا تُجالسَهم

الإمام محمد بن سيرين التابعي -مع فضله- ما جادل صاحبَ هوى، قيل له: لم؟

قال: “أخشى أن يقرأ آية فيُشَبِّهُ عليّ فيقع شيءٌ في نفسي”.

الحسن البصري رحمه الله كما في البدع لابن وضاح قال: “لا تجلس مع صاحبِ هوى وبدعة فلربما تستحلي بدعتَه فتهلَك، أو أنك تعارضه فيُمرِضُ قلبَك “.

ولما جاء رجل إلى الحسن كما ذكر البربهاري:

قال: “أريد ان أجادلَك في الدين! فقال الحسن البصري: أنا عرفتُ ديني فإن ضلَلْتَ دينَك فاذهبْ فابحثْ عنه”

وقال الفُضَيلُ بنُ عِياض رحمه الله: ” إذا رأيتَ صاحبَ هوى وبدعة مع طريق فاذهب مع طريقٍ آخر”.

 

ذكر الإمام البربهاري عن يونس بن عُبيد أنه رأى ابنَه خرج من بيتِ رجلِ صاحبِ هوى فقال:

 ” يا بني واللهِ لو رأيتُكَ تخرُج من بيتِ خُنثى أهون من أن تخرجَ من بيت فلان؛ وددتُ لئن قابلتَ الله سارقا زانيا فاسقا خائنا أحبُّ إلي من أن تلقى الله بقول أو بعمل فلان “.

لماذا قال هذا الكلام؟ قال الإمام البربهاري معلقا عليه:

” لأن الخُنثى لا يضل ابنَه عن دينه، لكنَّ صاحبَ البدعة يضله عن دينه بالبدعة ثم يقع في الكفر”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو قال قائل: من هم الذين لا يؤخذ عنهم العلم؟

السلف ما تركوا شيئا، قال الإمام مالك: لا يؤخذُ العلمُ عن أربعة

-انتبه في وسائل التواصل، في قناة، في مقطع صوتي، في شيءٍ مكتوب-

ذكر ابن عبد البر في كتابه العلم وفضله قال: “وروينا هذا عن الإمام مالك من طرق في كتابنا [التمهيد]

 قال الإمام مالك: أربعةٌ لا يؤخذ عنهم العلم:

الأول: صاحبُ هوى يدعو إلى بدعته. -ومر معنا كيف تعرف صاحب الهوى والبدعة من غيره-

الثاني: سفيهٌ مُعلِنٌ سفَهَهُ.

 يعني: يأتي ويكتب أو يتكلم بأشياء تخرِق المروءة، وتخرِق عادات الناس، وتُمَج، هذا سفيه أعلنَ سفهه، سواء في قناة أو في وسائل التواصل فهذا لا يؤخَذُ منه العلم.

الثالث: الذي هو معروفٌ بالكذب ويكذب أمام الملأ ولو لم يكن يكذبُ على رسول اللهِ ﷺ، فما ظنكم إذا عُرِفَ بالكذب أمامَ الناس وزاد على ذلك أنه يأتي بأحاديث مكذوبة على النبي ﷺ!

الرابع: من به صلاحٌ وخير لكنه لا يعرف ما يُحَدِّثُ به، في مقاطع في قنوات، فربما يتحدث ويُسَجِّل مقطعا مرئيا أو صوتيا، تراه وعليه سيما الخير

 قال: به فضلٌ وصلاح لكنه لا يُحسِنُ ولا يَعرِفُ ما يُحَدِّثُ! يعني: حاطِبُ ليل، الذي يحطِب بالليل يأخذ الشيء الرديء والشيء الطيب! حاطِبُ ليل لا يفقه ولا يدري.

إذن/ هؤلاء الأربعة -ولم أقل شيئا من عندي-

كل ما ذكرته من قواعد من أئمة السلف، لمعرفة صاحب الضلالة والهوى والبدعة من غيره،

 ومن لا يؤخذ عنه العلم أربعة كما  قال الإمام مالك:

” صاحبُ هوى يدعو إلى بدعته “

” سفيهٌ معلِنٌ سفَهَهُ “

” شخصٌ عُرِفَ بالكذب أمام الناس ولو لم يكن يكذب على رسول الله ﷺ “

قلتُ: فإن كذب وأتى بأحاديث مكذوبة على النبي ﷺ فهو أعظمُ جُرما.

الرابع: ” من به خيرٌ وصلاح لكنه لا يُحسِنُ ولا يَعرِفُ ما يُحَدِّثُ به “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه خلاصة قدمتها إليكم إبراءً للذمة، لأنه كثيرا ما تحدثنا عن البدع والتحذير منها

هذه قوعد لو سَمِعَها أو قرأها أيُّ طفل فضلا عن كبير سَيَعرِفُ يُمَيِّز

 حتى يسلمَ دينُك، وحتى تسلمَ عقيدتُك، لأننا الآن في ثورة معلوماتية لا يُعرَفُ منها الحق من الباطل

وتستطيع أن تميز بأن تأخذَ من العلماء الأجلاء،

وأن تحذرَ من أهلِ الأهواء الذين ذكرَ السلفُ رحمهم الله هذه الصفات لهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ