ما حكم قول :
( اللهم لا تحوجني إلى أحد أو إلى أحد من خلقك ) ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمة :
(( اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك أو إلى أحد ))
هذا الدعاء :
جاء عن علي رضي الله عنه أن قال هذا الدعاء : (( اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك ))
فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تقل هذا فإنه ما من أحد إلا وهو محتاج إلى خلق الله ، ولكن قل : اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك الذين إذا أعطوا منُّوا ، وإذا منعوا ذموا ))
لكن هذا كما قال ابن حجر رحمه الله وغيره قالوا : [ هذا حديث لا أصل له ]
وإن كان السيوطي يقول : ” إنه ورد عند الديلمي من طريق أبي نعيم “
لكن قال ابن عِرَاق في تنزيه الشريعة :
ــ الناس ينطقون ابن عرَّاق هذا المشتهر شهرة عالية وكثيرة ، وإنما الصحيح ابن عِرَاق
على كل حال قال : ” لم أجد من ترجم لبعض من رواه “
فدل هذا على أن هذا الحديث لا يصح
ولكن :
كما ذكر في كشف الخفاء يقول : ” إن السيوطي قال : إن الإمام أحمد منع من ذلك “
قال السيوطي : ” ويمنع من هذا الدعاء “
لم ؟
قال الإمام أحمد لما سئل عنه قال : ” هذا رجل تمنى الموت “
بمعنى :
أنه لا يمكن أن يستغني أحد عن أحد من الخلق
قلتُ : ولعل ما يؤيد ما ذكر هنا :
أن الله عز وجل قال : { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا }
جمهور المفسرين : على أن بعضهم مسخر لبعض
قد قيل بأن الغني يسخر من الفقير
هذا قول ليس مشهورا لكن المشهور { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } ممن نص على الحاجة ابن كثير في التفسير قال :
” أن يحتاج كل مخلوق إلى ما عند الآخر “
فدل على أن الناس بحاجة إلى بعضهم البعض
لكن يمكن أن يستغنى عن هذا الدعاء بما ثبت عند الترمذي :
(( أن مكاتبا أتى إلى علي ليستعين به على الدين
فقال : هل أدلك على دعاء ؟ قال له هذا الدعاء ، قال : لو كان عليك دين مثل جبل صبير ـــ جبل صبير يقال في اليمن ـــ أداه الله عنك قل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك ))
فجملة : ( وأغنني بفضلك عمن سواك ) تغني عن هذا الدعاء
وجملة ( وأغنني بفضلك عمن سواك ) لا تنفي أن المخلوق يحتاج إلى الآخر
وهنا فائدة لطيفة :
بما أنني ذكرت هذا الحديث [ حديث المكاتب ]
هذا المكاتب المباركفوري في تحفة الأحوذي قال :
وقد صحح هذا الحديث الحاكم والذهبي وفي تصحيحهم نظر
قال : لأن فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي
فيقول الألباني : ظن المباركفوري أن عبد الررحمن بن إسحاق هو الواسطي ، وإنما هو عبد الرحمن بن إسحاق القرشي ، لكن الذي أوقعه في الخطأ هنا أن سند الترمذي ما ذكر فيه القرشي فقال : عبد الرحمن بن إسحاق القرشي وهو حسن الحديث ، وليس الواسطي الذي هو ضعيف في الحديث
لكنه سيحتاج ـ حاجة الناس ـ
اقتضت سنة الله أن يحتاج { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا }
ولذلك :
الرجل محتاج إلى زوجته ، أيمكن أحد أن يستغني عن زوجته ؟
المرأة كذلك
فالحاجة متعينة
بدليل ماجاء في الصحيحين :
أنه عليه الصلاة والسلام إذا أتاه شخص لحاجة وقف على أصحابه فقال: (( اشفعوا تؤجروا ))
فدل على أن المخلوق بحاجة إلى المخلوق الآخر
لكن من الأدعية التي ينبغي أن تقال : إذا أراد أن يكف نفسه عن الآخرين : (( اللهم أغنني بفضلك عمن سواك ))