أخطاء شائعة في الأدعية يجب الحذر منها حتى لا تنتشر البدع في هذه العبادة العظيمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن لا نضيق في باب الأدعية :
قال تعالى :
( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ )
والنبي عليه الصلاة والسلام :
كما ثبت عنه عند الترمذي قال : (( الدعاء العبادة ))
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام قوله : (( من لم يسأل الله يغضب عليه ))
أدلة كثيرة لكن أدعية مطلقة لا تحدد من تلقاء نفسك ، تقول : هذا الدعاء أنا أدعو به في ذلك المكان ، أو في ذلك الزمان ، أو بهذا العدد المعين ، أو يترتب على هذا الدعاء ما يترتب عليه من حماية لي في نفسي وفي أولادي ، وفيما يتعلق بحياتي أو أنه يفرج همي أو ما شابه ذلك
هذا ليس لك
نعم ، ولذلك في حديث البراء في الصحيح الذي مند النوم قال :
(( إذا أتيت مضجعك أمره النبي أن يقول : اللهم أسلمت نفسي إليك ….. إلى أنا قال : (( آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت ))
قال البراء : فأردت أن أعيدها لأستذكرها فقلت : (( وبرسولك الذي أرسلت )) والرسول هو مثل النبي من حيث الجملة
ماذا قال ؟
(( خطأه النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( وبنبيك الذي أرسلت )
فدل هذا على أن الأمر ليس موكولا إلينا ، ادع الله بما تشاء إذا كان هذا الدعاء سليما من الشركيات والمخالفات لا تحدده بزمن ، ولا بمكان ، ولا بعدد ، ولا ترتب عليه أمرًا من الأمور، بل أنت مأجور في هذا الدعاء ، لكن تكون مأزورا فيما لو أنك شرعت للناس دعاء من تلقاء نفسك ورتبت عليه ما رتبت عليه من نتائج أو حددته بزمن أو بمكان أو بعدد
ما أتى به الشرع من دعاء محدد بزمن أو بمكان أو بعدد فيجب علينا أن نأخذ به
وبعضهم يقول : جربت
جربت ؟ !
ولو جربت ، ففي هذا ابتلاء من الله لك ، فلربما صادف في ذلك الوقت الذي جربت فيه هذا الدعاء أنه صادف وقت إجابة فاستجاب الله لك ، لا لدعائك أنت ، ولا بألفاظ دعائك أنت ، أو لتحديد هذا الدعاء بهذا العدد ، أو بهذا المكان ، أو بهذا الزمان ، ولربما تكون هذه الاستجابة هي ابتلاء وامتحان لك ، ولغيرك ممن سيتبعك ولذلك كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى :
[ قد يمتحن الإنسان ــــ وقال غيره من العلماء ــــ من أن الإنسان ربما يأتي إلى صاحب قبر من الأولياء فيدعوه ، أو يستغييث به ، أو يستشفع به فيستجيب الله دعاءه ، لا لأن لهذا الدعاء مزية ، فهذا الدعاء مخالف للشرع ، لكن لماذا استجاب له ؟
ابتلاء وامتحان من الله له ولغيره ممن سيتبعوه ويقلده في هذا الأمر
وكل من أتى قال : ” جربت وجربت وجربت “
ائتي أنت بدعاء وجرب وهذا بدعاء ، وأنت بدعاء ، وذاك بدعاء فتأتي البدع حتى لو كان هذا الدعاء واردا عن بعض السلف أو ما شابه ذلك
لأنه قد يدعو به دعاء مع نفسه فيأتي بعضهم ويقول : ” هذا الدعاء دعى به فلان من السلف “
هل هذا العالم من السلف قال للناس : قولوا هذا الدعاء أو له نتائج أو ما شابه ذلك ؟
هل حدده بزمن أو بمكان أو بعدد ؟
هل حث الناس على ذلك ؟
ثم مع هذا كله الميزان ميزان الشرع ، ، الميزان هو ميزان الشرع لا قول فلان ولا قول فلان
يعني لو كان الإنسان يريد أن يحدد دعاء معينا لا يتركه أبدا ، لو كان الإنسان له الحرية بأن يأخذ أدعية ، ويؤلف هذه الأدعية ويرتبها ويضعها في زمان أو مكان أو في محل مثل الصلاة ما كان لأبي بكر رضي الله عنه لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح قال : (( يا رسول الله علمني دعاء أدع به في صلاتي ))
لأنه يريد أن يلتزم بهذا الدعاء
وأين ؟
في الصلاة
فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام
هل نحن أعظم من أبي بكر وأحرص من أبي بكر على الخير ؟
لا
فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول : (( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ))
ولذلك :
لما سأله بعض الصحابة أن يعلمه دعاء عند صباحه ومسائه
قال : (( قل هذا الدعاء في الصباح وفي المساء وإذا أتيت مضجعك ))
إذاً هذا التشريع من النبي عليه الصلاة والسلام زاده أيضا قال هذا الدعاء قله أيضا عند منامك
ومن تأمل الأحاديث الواردة في الأدعية يتبين له هذا
يعني : العلماء يقولون في السنن التي أتى الشرع بها يعني نوافل أتى الشرع بها مثل:
( قراءة السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة )
( قراءة سبح والغاشية في يوم الجمعة )
قالوا : من الإفضل ألا تداوم عليها ، دعها أحيانا من أجل ألا يظن عوام الناس أنها واجبة
انظر إلى بعد النظر
هذه مصالح تحفظ الدين ، ما يأتي إنسان من تلقاء نفسه ، هذا عجب ، خصوصا في مثل هذا الزمن كثر الحث على الأدعية المجربة
وصدق ابن القيم رحمه الله :
قال رحمه الله : ” إذا اشتغل الناس بالبدع أعرضوا عن السنن “
نعم
ولذلك لما يأتي بعضهم مثلا هذا دعاء في يوم الجمعة ، أو جمعة مباركة وما شابه ذلك وإذا ببعضهم يرسل للآخر يمضي عليه يوم الجمعة ولربما ما قرأ سورة الكهف ولربما أنه ما دعا الله
هل الشرع أمرنا بهذا ؟!
الشرع أمرنا أن نستغل هذا الوقت في ما شرعه الشرع من عبادات في هذا اليوم أو ما شرعه في الأيام الأخرى
ما تأتي بعبادة من تلقاء نفسك أو بدعاء أو بذكر
ولذلك يقول العلماء : ” العبادة مبناها على الحظر يعني على المنع يمنع في العبادة أن يقتحم الإنسان شرع الله ويؤلف ويأتي بعبادة من عنده هذا ممنوع
والسبب : حتى لا يضيع الدين ، كل يشرع من تلقاء نفسه
وهذه هي طريقة الصوفية
الصوفية ما وقعت فيما وقعت فيه من الدخول في التعلق بالأولياء والوقوع في الشركيات ما حصل هذا إلا عن طريق البدع من أذكار أو أدعية أو ما شابه ذلك
نعم
ولذلك ابن مسعود لما أنكر على أولئك الذين يذكرون الله بطريقة معينة قالوا : ما أردنا إلا الخير
قال : كم من مريد للخير لم يصبه
فيقول الرواي : ” رأينا هؤلاء يحاربوننا مع الخوارج “
انظر إلى البدع كيف جرّت هؤلاء إلى أن يعتنقوا هذا الفكر
سر حيث سار الشرع تنجو بإذن الله
والخير كل الخير في اتباع الشرع لا الابتداع
كما قال رحمه الله
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الأثر اثر ابن مسعود لما أنكر على هؤلاء الذين فيما بعد قاتلوا المسلمين ، وصاروا مع الخوارج ، قال : ” انظروا كيف تولد من هذه البدعة الصغيرة والبدع كلها شر صغيرها وكبيرها قال : ” كيف تولد من هذه البدعة الصغيرة البدعة الكبرى “
فصاروا خوارج مع أنهم معتكفون في المسجد ويذكرون الله
ولذلك بعض الناس لما يرى يقول هؤلاء يذكرون الله ، هم على خير وعلى صلاح
لا
العبرة ليست بالعبادة ، العبرة هذه العبادة هل هي على مقتضى شرع الله ، وشرع رسوله عليه الصلاة والسلام أم لا ؟
ولذلك ماذا قال عليه الصلاة والسلام عن الخوراج في حديث أبي سعيد وغيره في الصحيحين ( يحقر أحدكم )
انظروا ، ما يقول يقلل ، لا ، ( يحقر ) الاحتقار مرتبة ليست بشيء ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ) يعني الخوارج (( وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ))
وفي رواية (( لأقتلنهم قتل ثمود ))
وفي حديث آخر : (( طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ))
سبحان الله !! مع أنهم بهذه الصورة من العبادة ويحقر والخطاب لمن ؟ للصحابة رضي الله عنهم الذين عرفوا بالعبادة وبكثرتها ولكنها كانت كثرة على مقتضى الشرع فيقول : (( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ))
العبرة : ما هي بكثرة العبادة
العبرة : هذه العبادة هل هي على مقتضى الشرع أم لا ؟
بل كما قال ابن القيم قال : ” إن العبادة ولو وقعت من مسلمين على السنة ليس أحدهما من الخوارج ، لا ، ولو كانا من أهل السنة يقول : ” إن العبادة إذا وقعت من شخصين فإنها تتفاضل وتتعاظم بما في القلب
فيقول : ” ربما يصلي شخص ركعتين والآخر ألف ركعة ــ انظر من حيث العدد ــ قال : ” فصاحب الركعتين أفضل من هذا، فما بينهما كما بين السماء والأرض
لم ؟
لما قام في قلب هذا الرجل الذي صلى الركعتين من تعظيم الله
هذا يعظم الله لكن ليس كالآخر
ولذلك :
انظر كما ثبت عند النسائي :
قال عليه الصلاة والسلام : (( سبق درهم مائة ألف درهم ))
درهم يسبق مائة ألف درهم في الأجر ؟
كيف ؟
معلوم أن مائة ألف درهم من حيث نفعها في الواقع أفضل من درهم
قالوا كيف يا رسول الله ؟
قال : (( رجل عنده درهمان فتصدق بأحدهما وأبقى الآخر ، ورجل ذو مال أخذ مائة ألف درهم من عرض ماله فسبق درهم مائة ألف درهم ))
لم ؟
لأن هذا كم يملك ؟
ما يملك إلا درهمين في حلة فقر ومن كان عنده هذا القدر من المال سيحرص عليه ، ومع ذلك لما قام في قلبه من تعظيم الله ومحبة الله عز وجل كأنه تصدق بنصف ماله مع حاجته إلى ذلك الدرهم ، بينما ذلك الرجل وإن كان ما أخرجه صاحب مائة ألف رهم وإن كان نفعها في الواقع له ما له لكن ليس كهذا الشخص في الأجر
سبحان الله !!
انظر
وأسوأ من ذلك من يأتي إلى القرآن ويأخذ منه بعض الآيات ويقول : هذا دعاء جرب
انظر
الأدعية التي في القرآن التي دعا بها الأنبياء ودعاء بها الصالحون كما ذكر عز وجل يدعى بها لا إشكال
يدعى بها ويحرص عليها لكن من غير تقييد بزمان ولا بمكان ولا بعدد ولا بتجارب وما شابه ذلك
لكن من يأتي ويجرب عليها تجارب أو يبني عليها ما يبني عليها مما يقوله من تفريج هموم أو كروب أو غنى أو ما شابه ذلك أو يحدد بها زمان أو مكان أو عدد فهذا من البدع
الأسوأ من هذا :
أن يأتي بعضهم إلى آية لم يدع بها لا نبي ولا أحد من الصالحين ممن ذكرهم الله عز وجل في كتابه ويستقطع هذا الجزء ويقول : قولوا هذا فبه من المنافع ما به من المنافع
وقد يكون سياق الآية يخالف بل ربما يحذف بعض الكلمات مثل دعاء الذي انتشر : [ حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون ]
يعني مثل هذا تدعو الناس إليه تقول فيه مزايا وما شابه ذلك
سبحان الله !!
أولا : حذفت كلمة من الآية ( كلمة رسوله )
الأمر الثاني : هذه الآية في سياق المنافقين
وسبحان الله لما انفتح هؤلاء على هذه الأدعية تجد سبحان الله ما يمضي عليهم مدة يسيرة إلا ويأتون بأدعية أخرى يقولون جربناها وجربنا ها وجربناها
سبحان الله !!
والناس ما أسرعهم كما قال أبو زرعة : ” ما أسرع الناس إلى البدع “
يعني دعاء أتى به هذا الرجل فيقول جربته وينشر نشرا لا يتصور ـــ سبحان الله !! ـــ يعني ينشر نشرا عظيما فيروج بين الناس بينما الأدعية من السنة مثل حديث ابن مسعود في المسند :
(( اللهم إني عبدك ابن عبدك )) يفرج الله به الهم
أين هم من هذا الدعاء ؟
انظر كيف البدع إذا اشتغل بها أعرض الناس عن السنة القطعية التي ثوابها قطعي محقق
إذا توفر السبب وانتفى المانع وذكر هذا الدعاء فسيتحقق لك
نعم
ولذلك الصحابي كما في صحيح مسلم الذي كان يشتكي من وسوسة الشيطان خنزب في الصلاة فماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟
(( أمره أن يستعيذ بالله من هذا الشيطان وينفث عن يساره ثلاثا ))
ما النتيجة ؟
زال عنه
وهؤلاء يدغدغون عواطف الناس إما أن يكون الإنسان عقيما أو أنه يكون مريضا أو أنه يكون فقيرا أو ما شابه ذلك فيقول : جربنا هذه الأشياء
فهم يلامسون حوائج الناس لكنها عاطفة
وقل لي بربك يعني هذا القائل الذي يقول : جربته وقلوه واكتبوه واحفظوه وما شابه ذلك
قل لهؤلاء الذين أخذوا بقول هذا الذي روج هذا الدعاء وهو دعاء بدعي ولا شك بذلك أنه من البدع
قل لهؤلاء الذين استقبلوه قلتم هذا القول وهذا الذكر وهذا الدعاء هل تحقق لكم شيء ؟
لو تحقق لبعضهم كم نسبة من تحقق له ؟
إن تحقق فهذا من الابتلاء والامتحان من الله عز وجل