الخطبة الأولى من المسائل والأحكام لمن يذهب إلى الصحراء

الخطبة الأولى من المسائل والأحكام لمن يذهب إلى الصحراء

مشاهدات: 570

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى من المسائل والأحكام لمن يذهب إلى الصحراء

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

٥ ۱۲٧ ۳ ٤ ۱ هـ

_____________________

هذه جملة من المسائل والأحكام والآداب التي تتعلق بالصحراء

وهذا يشمل مَن أراد الخروج إلى الصحراء والبر من أجل الأمطار؛ أو من أجل أيِّ غرضٍ آخَر.

_____________________

 

من المسائل: أن النبي ﷺ كما عند أبي داود من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:

كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَبْدو إلى هذه التِّلاعِ “.

إذًا/ مِن السنة بعد هطول الأمطار وتوقُّفِها أن تذهبَ فتنظرَ إلى تلك السيول التي تتصبب مِن علوٍّ إلى سفل؛ وهي المرادةُ هنا بالتِّلاع.

_____________________

 

من المسائل: أن مَن أراد أن يذهب إلى البر؛ فمن الآدابِ له أن يختارَ السيارةَ المناسبة حتى لا تُتعبه ولا تتعب أصحابَه معه، وهذا يشمل الذهاب لأيِّ مكان؛ لصحراء أو لغيرها، والصحراء تدخل هنا، وكلٌّ مركوب بحسَبِ زمنه وحاله

فإذا أردت أن تذهب إلى الصحراء، فاخترِ السيارة المناسبة التي لا تتعبك ولا تُتعب أصحابك في البر.

في الحديث الحسن في مستدرك الحاكم قال ﷺ: ثلاثةٌ مِن السَّعادةِ

ذكر منها: الدَّابَّةُ تكونُ وَطِيئةً يعني سهلة منقادة

تكونُ وَطِيئةً تُلحِقُك بأصحابِك، وثلاثةٌ مِن الشَّقاءِ منها:

والدَّابَّةُ تكونُ قَطُوفًا” يعني بطيئة السير

قال: فإن ضرَبْتَها أتعَبَتْك، وإن ترَكْتَها لم تُلحِقْك بأصحابِك“.

_____________________

ومن المسائل: أن ما يجري من مصائب وبلايا أثناءَ هطول الأمطار مما نسمعُ عنه حاليا، وسمِعنا عنه فيما مضى من موتِ أناس، ومِن ذهابِ سيارات وممتلكات في بطونِ الأودية أثناءَ هطولِ الأمطار، فليُعل :أن النبي ﷺ حذَّرَ من ذلك إشارةً، قال ﷺ كما عند ابن حبان من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: إنَّ البلايا البلايا يعني المصائب

إنَّ البلايا أسرَعُ إلى مَن يُحِبُّني مِن السَّيلِ إلى منتهاه.

س: يعني ما هي سرعةُ السيل؟

ج: سرعةُ السيل لما ينزل من علو إلى سفل إلى الباطن؛ فإنه سريع، هنا تحْدُثُ البلايا التي لا يتمكن الإنسان حينها من أن يفِرَّ منها، وبالتالي فإن على المسلمين أن يحفظوا أنفسَهم، وأن يحفظوا أهليهم، وأن يحفظوا سياراتهم وممتلكاتهم من بطون الأودية إذا جرى فيها السيل

_____________________

 

من المسائل: أن مَن ذهب إلى الصحراء إلى البر، وأراد أن يُخيمَ في مكان، فليجتنبْ طرق البهائم والدواب من حشرات ونحوها؛ فلا يُخيّم فيها، لأنها مظنة وجود البلاء لك.

النبي ﷺ قال كما عند مسلم: إذا عَرَّسْتُم باللَّيلِ هم يسافرون قديما في الصحراء، يذهبون عن طريق الصحراء، ليس هناك طرق مسفلتة قال:

إذا عَرَّسْتُم باللَّيلِ يعني إن أردتم أن ترتاحوا بالليل قال:

إذا عَرَّسْتُم باللَّيلِ، فاجْتَنِبُوا الطَّريقَ؛ فإنَّها مَأْوَى الهَوامِّ باللَّيلِ“.

الهوام: إما أن تكون كل دابة وحشرة، وهذا هو الأظهر، أو أن تكون التي تلدغ.

س: لماذا بالليل؛ هي مأواها بالليل وبالنهار؟

ج: قال الشراح: لأنها بالليل تحرص أن تخرج من أجل أن تلتقط ما يقع من الناس، فلربما تصيب هذا الإنسان بلدغة أو بلسعة، ولذلك عند البزَّار بإسناد صحيح قال: فإنَّها مَأْوَى كُلِّ دابَّةٍ

وعند الطبرانيفإنَّها مأوى الحيَّاتِ“.

_____________________

ومن المسائل: أن من أراد أن يخيم في البر -في الصحراء- فعليه أن يجتمع مع أصحابه وزملائه في مكان واحد -لا يكونوا متفرقين- حتى لو نصبوا خيمتَهم في مكان ثم إذا أتى النوم تفرقوا فإن هذا ليس من السنة.

النبي ﷺ قال كما عند أبي داود كما ثبت عنه قال للصحابة رضي الله عنهم:

إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ

أيضًا في المقابل: إذا أرادوا النوم لا يزدحم بعضهم ببعض ازدحامًا كبيرًا، بحيث لو وُضِعَ عليهم غطاء لغطاهم! بل يكون الإنسان وسطا بدليل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال كما عند أبي داود قال كما ثبت عنه:

 مَن ضَيَّقَ مَنزِلًا” بعض الشُّراح يقول: مَن ضَيَّقَ مَنزِلًا” يعني أنهم التصق بعضهم ببعض؛ فأصبح المنزل الذي هم فيه تضايقوا فيه أصبح ضيقا

من ضيَّقَ منزِلًا، أو قطعَ طريقًا، أو آذَى مؤمِنًا، فلا جِهادَ لَهُ

هذا إذا كان في الجهاد فما ظنكم في غير الجهاد؟!

_____________________

ومن المسائل: أن من ذهب إلى الصحراء وهذا شامل للجميع، في صحراء وفي غيره لكن يُحرص على هذا الذكر؛ يقول ما جاء في صحيح مسلم من حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله ﷺ: مَن نزل مَنْزِلًا فقال:

أعوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ من شرِّ ما خَلقَ،

لَم يَضرَّهُ شَيءٌ حتى يَرْتَحِلَ مَن مَنْزِلِه ذلك”

بل أمرت كما في الرواية الأخرى عند مسلم قال ﷺ:

إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ أمر

فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنهُ لا يَضُرُّهُ شَيءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ

_____________________

 

ومن المسائل: أن مَن خيَّمَ في البر سواء كانت ليلة، أو جزء من ليلة، أو أيامًا يشمل ما قل وكثر، ليجتنب الخروج من مكان مُخيمه، إذا هدأت الأصوات؛ لأن السنة أتت بالحث على عدم الخروج إذا هدأت الرِّجْل.

قال ﷺ: كما ثبت عنه عند أبي داود وغيرِه أقِلُّوا الخروجَ

انظر: قال: أقِلُّوا لم يقل لا تخرجوا، لأنه ربما يخرج الإنسان لما لا بد له منه من حاجة، لكن قال: أقِلُّوا من غير الحاجة لا تخرج

أقِلُّوا الخروجَ بعد هدأةِ الرجلِ يعني: حين لا يُسمع صوت للأقدام

فإنَّ للهِ دوابَّ يبثُّهُنَّ في الأرضِ في تلك الساعةِ

ربما أنه يخرج، فتؤذيه دابة أو هامة؛ أو أنه يؤذي أيضًا دوابًا أو هوامًا.

_____________________

 

من المسائل: أنه ربما -والعلم عند الله – تصدق هذه الأحاديث على ما في هذا الزمن أو لا تصدق، أو لا ينطبق هذان الحديثان على هذا الوقت الحالي، لكن من باب بيان علم يتعلقُ بهذه الأمطار التي هطلت، وهطولُها هَطَل على الدول العربية بوجهٍ مستغرب ليس كالسابق، لأنه مطر عام على الدول العربية.

لتعلم :أن النبي ﷺ قال كما في حديث أبي هريرة عند مسلم قال:

” ليسَتِ السَّنَةُ بأَنْ لا تُمْطَرُوا، ولَكِنِ السَّنَةُ أنْ تُمْطَرُوا وتُمْطَرُوا، ولا تُنْبِتُ الأرْضُ شيئًا “

” ليسَتِ السَّنَةُ ” يعني القحط ” بأَنْ لا تُمْطَرُوا “

صحيح أن الإنسان إذا لم يأته المطر قحط سَنَة، لكن أعظم من ذلك أن تُرى الأمطار بغزارة، ويُتوقع أن تنبت الأرض، وتسعد النفوسُ بذلك هذا أعظم، لأن آثار ظهور الشيء ثم لم يظهر أشد على الإنسان فيما لو لم يظهر أصلا قال ﷺ:

” ليسَتِ السَّنَةُ بأَنْ لا تُمْطَرُوا، ولَكِنِ السَّنَةُ أنْ تُمْطَرُوا وتُمْطَرُوا، ولا تُنْبِتُ الأرْضُ شيئًا “

هذا حديث

 ربما ينفع الله بهذه الأمطار، فيصدق عليها حديثُ النبي ﷺ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم: “لا تَقومُ الساعةُ حتى تَعودَ أرضُ العربِ مُروجًا وأنهارًا”

مروجًا: يعني عشب كثير وكبير، أنهارًا: يعني أنها تجري أنهارا

قال: حتى تَعودَ أرضُ العربِ مُروجًا وأنهارًا

وهذا يدل على قوة المسلمين؛ وعودة المسلمين

خلافا لمن ذهب كالنووي رحمه الله، ولا أدري لماذا فسّر الحديث من أن الناس لا يشتغلون بزراعة، وإنما يشتغلون بالفتن وبالحروب ويقل الرجال، فتصبح أرضُ العرب مجرد أعشاب ونباتات ومياه

هكذا دون أن يستفاد منها!

لكن الحديث واضح وصريح:

لا تَقومُ الساعةُ حتى تَعودَ أرضُ العربِ مُروجًا وأنهارًا

هل يصدق هذا الحديث لو كثرت الأمطار في هذه السنة؛ أو في السنوات القادمة؟

 أو يصدق الحديث السابق على هذا الزمن؟

أو لا يصدق أحدهما على هذا الزمن؛ وإنما في أزمان قادمة؟

وهذه من علامات الساعة الصغرى؟ فالعلمُ عند الله.

_____________________

 

ومن المسائل وهذا شامل: أن على المسلم أن يحافظ على أذكار الصباح وأذكار المساء،

 لكن من ذهب إلى الصحراء فليحرص أكثر،

ويحرص الإنسان في كل مكان، وفي كل زمان، لكن في الصحراء يحرص.

عند مسلم: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ. قَالَ: ” أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ:

 أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ تَضُرَّكَ

وجاء عند الترمذي قال ﷺ كما ثبت عنه: مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ:

 أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ .