الشيخ زيد البحري خطبة ( كيف تحفظ دين الله فيحفظك الله ) ؟

الشيخ زيد البحري خطبة ( كيف تحفظ دين الله فيحفظك الله ) ؟

مشاهدات: 672

بسم الله الرحمن الرحيم

خُطبة:

 كيف تحفظ دين الله فيحفظك الله؟

26- 4 – 1445 هـ

لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]

 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب: 70-71] أما بعدُ فيا عبادَ الله:

 السنةُ النبوية عظيمة، ولذا جملة واحدة من ضمن وصايا أوصى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابن عباس رضي الله عنهما وهي وصيةٌ لجميع أفراد الأمة من ضمن حديثٍ طويل فيه جُمَل قال له ﷺ: «احفظِ اللهَ يَحفظْك» جملة من ثلاث كلمات «احفظِ اللهَ يَحفظْك» كما ثبت في المسند وسنن الترمذي.

 كيف يُحفَظُ الله؟ الله هو الغني له الكمالُ المطلق،

المقصود: «احفظِ اللهَ» أي: احفظ أوامِرَ الله، فلا تُفَرِّط فيها، واحفظ نواهيَ الله فلا تقع فيها، فإذا حَفِظَ العبدُ دينَ الله حَفِظَهُ الله، واستحق أن يُكرَم، فالجزاءُ مِن جنسِ العمل، كقوله تعالى:

 {أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40]، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7]، فمَن نَصَرَ دِينَ الله، ومَن وَفَّى بعهدِ الله، ومَن حَفِظَ دينَ الله حَفِظَه الله، واستحق حينَها تلك البِشارةَ العظيمة التي أخبر بها جل وعلا: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} أي: قُرِّبَت {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} [ق:31-32] الحفيظ: هو الذي حَفِظَ دِينَ الله عز وجل، فلا أمْرَ يترُكُه ولا نهيَ يقتَرِفُه.

 

ولذا/ كيف يُحفَظُ العبد وقد ضَيَّعَ ما أمَرَ اللهُ بِحِفْظِه!؟

 مما أمَر اللهُ بِحِفْظِه الصلاة، فكيف يُحفَظ العبد؟! قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34]

وفي سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:9]

ولذلك مَن حافظ على هذه الصلوات الخمس استحق بفضلٍ مِن الله الجَنَّة.

قال عليه الصلاة والسلام كما في السنن: «خَمسُ صَلَواتٍ كَتَبهنَّ اللهُ على العبادِ، فمن جاء بهنَّ لم يُضَيِّعْ منهنَّ شَيئًا استِخفافًا بحَقِّهنَّ، كان له عند الله عَهدٌ أن يُدخِلَه الجنَّةَ»

 ما مفتاح هذه الصلاة؟ الوُضوء، كما في السنن: ” مِفْتاحُ الصلاةِ الطُّهورِ “

 

أثنى النبيُّ ﷺ على مَن حافظ على هذا المفتاح الذي هو مفتاحٌ للصلاة كما في المسند وسنن ابن ماجه:

 قال ﷺ: «ولا يحافظُ على الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ» هذا مما أمَر اللهُ بِحِفْظِه حتى تُحفَظ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

ومِمّا أمر اللهُ به أن يُحفَظ: الأيمان: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89]

فلا تحلِفوا إلا عند الحاجة، وإذا حلفتكم فحافظوا على عدمِ مخالفةِ اليمين،

وإن خالفتم أيمانَكم: فأخرِجوا الكفارة،

لذا تجد بعض الناس لا يهتم! يحلِف مِن غيرِ تَوَرُّع ولا اهتمام! وإن خالَفَ يمينَه لم يَقُم بالكفّارة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

ومِمّا أمر اللهُ بحفظِه حتى تُحفَظ: ” أن تحفَظَ الرَّأسَ وما وعى والبطنَ وما حوى “

وهذا أمْرٌ لِيسألِ العبدُ ربَّه في كلِّ حينٍ مِن أحايينِه: أن يحفَظَ له رأسَه وبطنَه وفرجَه، في زمنٍ كَثُرَت فيه الفتنُ المتنوعة، قال ﷺ للصحابة رضي الله عنهم كما في سنن الترمذي: «استحيوا من اللهِ حقَّ الحياءِ»

قالوا: يا رسولَ الله إنا لنستحييِ منَ اللهِ تعالى ” فقال ﷺ مفسرًا الاستحياء من الله حق الحياء:

 «ولكنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ: أن تحفَظَ الرَّأسَ وما وعى والبطنَ وما حوى»

” أن تحفَظَ الرَّأسَ وما وعى ” ما الذي في الرأس؟ الذي في الرأس العين، أن يحفظَها العبدُ مِن النظرِ إلى ما حرَّمَ الله، وما الذي في الرأس؟ السمع، فيحفَظُ العبدُ سَمْعَه مما حَرَّمَ الله، وما الذي في الرأس؟ اللسان، فلا يتكلم إلا بما يُرضي الله {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].

 

وقلت: هذه مهمة جدا في مثل هذا الزمن، لأن الفتن تنوّعت في وسائل التواصل، سماع ما يُغضب الله، رؤية ما يُغضب الله، الحديث مِن تغريدات ومن مقالات لا يتورع العبدُ عن أن يكتُبَ ما تهواه نفسُه كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ الرَّجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخط الله لا يُلقي بها بالًا» يقول هي ليست بتلك! أو أنه يظن أنها ليست بتلك! يقولها هكذا من غير مبالاة! يهوي بها في النار سبعين خريفًا.

 

” والبطنَ وما حوى ” أن تحفظَ هذا البطن مما حرم الله، فلا رِبا ولا رِشوة ولا اختلاس ولا تزوير،

ومما في هذا البطن: القلب، فتحفظ هذا القلب من الشبهات ومن الشهوات،

 والمُوَفّق مَن وَفَّقَه الله، والمعصوم مَن عَصَمَه الله.

 

ومِمّا أمر اللهُ بحفظِه: حِفظ الفروج {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30] {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31]

 لما ذَكَرَ صفات أهل الإيمان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج:29]

 لهم المغفرة والجزاءُ العظيم: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]

ــــــــــــــــــــ

 وأن يحفظَ العبد حدودَ الله، هذه أمثلة لكن أن تحفظ دِينَ الله كُلَّه، فتخشى الله تعالى

ولذلك ماذا قال عز وجل؟ {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:112]

النتيجة: «احفظِ اللهَ يَحفظْك» والله سيَسعَد العبد إذا حَفِظَه الله «احفظِ اللهَ يَحفظْك»

 وحِفْظُ اللهِ لك إذا حَفِظتَ دِينَ الله نوعان:

 حِفْظٌ لما يتعلق بمصالحك الدنيوية، وحِفْظٌ لما يتعلقُ بمصالحك الدينية

 وأعطيكم أمثلة:

أن تُحفَظَ في نفسك، ولذلك ماذا قال عز وجل؟

{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:11]

{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} أي: الملائكة يتعاقبون عليه بالحفظ {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} مِن: هنا سببية، يعني: بسبب أمْرِ الله يحفظونه، فإذا جاء قِدَرُ الله خَلّوا عنه.

 مِن أعظمِ النعم أن يُحفَظَ الإنسان مما يتعلق بجسده، أن يُيسرَ اللهُ له مَن يحفَظُه، ولذلك كما ذَكَر الذهبي في سِيَرِ أعلامِ النبلاء، قد يكونُ هذا الشيء الذي يحفظُك [الأمور بيد الله ما أحد يستطيع، ولو كان ضارًا أن يضرك] قال: رؤى إبراهيمُ بنُ أدهَم وهو في حديقة كان نائمًا، وإذا بحيّة حولَه تحوطُ به وتحميه، مع أن الحيةَ ضررٌ على العبد! سبحان الله يُهيئُ لك مما خلق مما في أصلِه أذى أن يحفظك!

 

 أن يحفظ اللهُ عز وجل لك مالَك في غَيبتك، وهذا كلُّه بتوفيقٍ مِن الله عز وجل

ولذلك سبحان الله -واستحضرتُ هذه الآن مما يكونُ في سياقِ هذا الحديث «احفظِ اللهَ يَحفظْك»

 ماذا قال عز وجل عن النساء الصالحات؟

{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} [النساء: 34] لمَّا يغيب الزوج تحفظ هذا الزوج في ماله، وفي عِرضِه، وفي بيتِه، لمّا كانت صالحةً قانتة وفَّقَها اللهُ عز وجل لهذا الحِفظ {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] توفيق من الله عز وجل {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}

سبحان الله يعني إذا حفِظتَ دِينَ الله فهذه مِنَّة مِن الله، أنه مَنَّ عليكَ أنتَ فحَفِظتَ دِينَ الله، المُقابِل؟

 مِنَن أخرى، مَنَّ عليك بأن تحفَظَ دِينَ الله، فمَنَّ عليكَ بأن يحفَظَك! ما أعظَمَ الله

 كيف يصل الإنسان إلى هذه المرحلة؟ يلجأ إلى الله، يدعو الله، يرجو الله، فيُحفَظ مالُك في غَيبَتِك.

 

في المسند كما ثبت: أن رجلًا أتى فقال: أنظُر إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول، فأتى إلى النبي ﷺ قال: أنظر إليه لعلي أنظر في أمره وأخبِر قومي، فأتى إلى النبي ﷺ، والشاهد من هذه القصة قال:

 ألا ترى هذا البيت قال: بلى قال: «أنَّ امرأةً كانت فيه فخرجت في سريَّةٍ من المسلمين، وتركت ثنتَيْ عشرةَ عنزًا لها وصيصتَها، كانت تنسُجُ بها»

الصيصيّة: هي ما يُغزَل به مِن الخياطة، فلما رجعت فقدت عنزا وفقدت الصيصيّة فقالت:

«فقالت : يا ربِّ!» يا ربِّ، مُلِحّةً على الله، وذَكَر النبي ﷺ إلحاحَها، ألِح على الله تعالى بالدعاء، ألِح، الكريم الغني، فقالت: «إنَّك قد ضمِنتَ لمن خرج في سبيلِك أن تحفَظَ عليه، وإنِّي قد فقدتُ عنزًا من غنمي وصيصتي، وإنِّي أنشُدُك عنزي وصيصتي» فجعلت تلح في الدعاء، فعوّضها الله عز وجل بعنزها وبعَنْزٍ أخرى وبصيصتها وبصيصيةٍ أخرى!

” فجعل رسولُ اللهِ ﷺ يذكُرُ شدَّةَ مُناشدتِها لربِّها تبارك وتعالَى،

 قال رسولُ اللهِ ﷺ: فلأصبحت عنزُها ومثلُها، وصيصتُها ومثلُها “.

 

ـــــــــــــــــــــــــ

وحتى بعد موتك

 الفِطَر السليمة أن الإنسان يخشى بعد وفاته أن تضيعَ ذريتُه، ولا سيما إذا كانوا صغار، إذًا: ما الحل؟ {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} كيف أحفظ أولادي بعد موتي؟

{فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[ النساء:9]

 

«احفظِ اللهَ يَحفظْك»

ولذلك/ بصلاح ذلك الأب، هيّأ اللهُ عز وجل لهم الخضِر لكي يحفظَ مالَ اليتيمين، بسَير صلاحِ الأب {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا} ما الجملة التي بعدها؟

{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف:82] والموفّق مَن وفقه الله، لا ملجأ لنا إلا إلى الله، فَوِّضْ أمرَك إلى الله في جميع أحوالك تجد الخير، والمُوَفّق مَن وفقه الله.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

ـــــــــــ

الحمد لله رب العالمين، أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد.

فيا عباد الله «احفظِ اللهَ يَحفظْك» يحفظك فيما يتعلق بمصالحك الدنيوية وذكرتُ أمثلة.

الحفظُ الثاني وهو أعظمُها: لأن به سعادةَ الإنسان في الدنيا وفي الآخرة، ما مضى سعادة في الدنيا،

الحفظُ الثاني: أن يحفظَ اللهُ لك دِينَك

 نعم، سبحان الله، العبد ضعيف يمكن أن يقع فيما حرّم الله، لكن ربُّكَ يحفظُه حتى لا يقع، ولذلك ماذا قال تعالى؟ {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ حتى لا يقع في كفرٍ أو حتى لا يقعَ في بدعة أو حتى لا يقعَ في ذنب! كَرم من الله.

ولذلك الإنسان يلجأ إلى الله، لأن أعظم الحفظ أن يُحفَظَ لك دينك،

كان النبي عليه الصلاة والسلام كما في السنن:

كان إذا ودَّعَ شخصًا أراد السفر قال: «أستودعُ اللهَ دينَكَ، وأمانتَكَ، وخواتيمَ عملكَ»، وكان يقول كما عند ابنِ حِبَّان: «إِنَّ اللهَ إذا اسْتُوْدِعَ شيئًا حفظَهُ»

يعقوب ماذا قال؟ {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 64].

ولذلك بنو حارِثَة وبنو سَلِمَة لما هَمُّوا أن يَترُكُوا غزوةَ أحُد، أكرَمَهم الله بأن وَفّقَهم بأن يَثبتوا وأن يَعودوا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران:122]

{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} إذا تولى اللهُ العبد أتاه الخير، ولذلك مِن ضمن أدعية القنوت، قنوت الوِتر، أوصى به النبي عليه الصلاة والسلام الحسن «وتوَلَّنِي فيمنْ تَوَلَّيْتَ»

 ولذلك مِن ضمن أدعيته عليه الصلاة والسلام: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا» جَمَع بينهما ” أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا»

” أَنْتَ وَلِيُّهَا “: بحيث تُوصِل إليها الخير، “وَمَوْلَاهَا» تمنع عنها الشر،

 كلمتان وإن كانتا مترادفة لكن لهذه معنى ولهذه معنى.

ولذلك نستحضر الأذكار والأدعية التي نقولُها، ولذلك من ضمن أدعية النوم: «إن أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أرْسَلْتَها» بمعنى: أنك تستيقظ من النوم: «فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ به عِبادَكَ الصَّالِحِينَ».

 

مِن أدعية أذكار الصباح والمساء: «اللَّهمَّ احفظني من بينِ يدىَّ ومن خَلفي وعن يَميني وعَن شِمالي ومن فَوقي وأعوذُ بعظَمتِك أن أُغتالَ من تحتي»

عند الحاكم، من الأدعية النبوية: «اللَّهُمَّ احفَظْني بالإسلامِ قائمًا، واحفَظْني بالإسلامِ قاعدًا، واحفَظْني بالإسلامِ راقِدًا، ولا تُشمِتْ بي عَدُوًّا حاسدًا».

إذًا تريد أن تحفَظَ دِينَ الله حتى يحفَظَك: ألجأ إلى الله، استَعن بالله، استغث بالله، ارجو الله، ادعو الله، انكسر بين يدي الله.

نعم، لا أحد لا يغتَر لا بعلمِه، ولا بحفظه، ولا بعبادته، ولا بأي أمْرٍ مِن الأمور، ولا يَغْتَرّ بعبادةِ أو بِعلم إنسان، الموفِّق هو الله، المُعطي هو الله، المُكرِم المُتفضل هو الله، فنسالُ الله أن يرحمنا، وأن يختِمَ لنا بخاتمة طيبة حسنة.

 سبحان الله، ألا خطَرَ في بالِ أحدِكم هذا الكلام، وهناك كلامٌ آخَر، لكن خشية الإطالة تركتُه:

 ألا يخطُر في بال أحدكم هذه الجملة فقط، فيها هذه المعاني «احفظِ اللهَ يَحفظْك» فقط جملة من ثلاث كلمات! هذا يدل على ماذا؟ على كمال الشريعة، على عِظَمِ الشريعة، فكيف يلجأ الإنسان إلى مُفَكّرين! أو إلى فلاسفة؟! أو إلى خواطر! سبحان الله.

ــــــــــــــــــــ

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، ووفق ولاة أمرنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك، اللهم من أراد بهذه البلاد فتنة وشر وزعزعة، فأشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز، اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين

{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،

وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.