محاضرات وكلمات
تأملات في آيات الصيام ( 17 )
قوله تعالى :
((أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ ……)) الآية ( 4 )
ـــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــ
لما عاتب الله من وقع في الجماع ليلة الصيام وذلك في زمن النهي جاء التخفيف من الله فقال :
((فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ))
فكملة الآن تدل على التخفيف وتدل على نسخ الحكم
وقد جاءت هذه الكلمة في نسخ حكم كان المسلمون ملزمين به
كان في أول الإسلام لا يجوز للمسلمين في حال الحرب أن يفروا من العدو إذا كان مثلهم عشرة أضعاف
فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }الأنفال65
ثم جاء التخفيف :
{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال66
ولذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما :
(( من فر من اثنين فقد فر ))
يعني : فر من الزحف
والفرار من الزحف من كبائر الذنوب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام
قال ابن عباس: ((من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فما فر ))
ولذا :
إذا كان عدد العدو يزيد على عدد المسلمين بأكثر من الضعفين فهنا يجوز للمسلمين أن يفروا من الزحف
فقال تعالى : ((فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ))
وسبق معنا :
أن الله حيي يكني لا يذكر الجماع تصريحا
قال : (( الرفث ))
(( وقد أفضى بعضكم إلى بعض ))
هنا قال : ((فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ))
والتنصيص على المباشرة يخرج القبلة
ولذا يجوز للصائم لأن القبلة هنا لم تذكر في الآية فدل على أن الصائم يجوز له أن يقبل زوجته وأن يضمها إذا لم يخش على نفسه من الإنزال أو لم يخش على نفسه من الوقوع في الجماع
ولذا :
كان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم
لكن من أفضت به القبلة إلى أن يجامع زوجته أو يخشى على نفسه من أن ينزل إذا قبل زوجته فإن التقبيل في حقه يكون محرما
إذاً :
القبلة في الأصل مباحة للصائم
فقال جل وعلا : ((فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ))
ثم ماذا ؟
((وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ))
يعني : اطلبوا ما كتب الله لكم
ما الذي كتبه الله لنا وأمرنا به لما أجاز لنا الجماع ؟
قال بعض المفسرين : ((وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ))
أي الولد
وهنا : حينما تعاشر زوجتك تستحضر هذه النية
تستحضر أثناء الجماع أن ترزق ولد صالح
تستحضر أن تغض بصرك وأن تحفظ فرجك
وفي جماع الزوجة صدقة
وهذه منحة من الله :
إذ يمارس الإنسان شهوته ويثاب عليها
قال عليه الصلاة والسلام : ((وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : أرأيتم لو وضعها في حرام ألا يكون عليه وزر؟
قالوا : بلى يا رسول الله
قال: (( فكذلك إذا وضعها في حلال يكون له أجر ))
فيستحضر المسلم أثناء جماعه هذا الأمر
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام قال – كما في صحيح البخاري – قال:
(( من أراد أن يأتي زوجته فقال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قُدِّر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا )) بإذن الله تعالى لم يصبه أذى
قد يقول البعض :
إنني أقولها ومع ذلك لم يحصل هذا الموعود في هذا الحديث
فنقول :
الخلل ليس في الدعاء وليس في الذكر إنما الخلل في الذاكر
ربما إنه في تلك الحالة لم يستحضر معاني هذا الذكر
أو ربما أنه أتى بهذا الذكر ولم يثق بالله جل وعلا ولم يحسن الظن بربه أن يأتيه ولد صالح
فالذكر لا خلل فيه
والله إذا وعد لا يخلف الميعاد :
لأن الذكر كما قال ابن القيم :” مثل السلاح والسلاح بضاربه”
الآن : لو تعطي إنسانا سيفا مسلولا صلتا وضرب به فأحسن الضربة ثم أعطيت هذا السيف لشخص آخر ضعيف فضرب به فلم يحسن الضربة
العيب فيمن ؟
العيب في الشخص
إذاً : ليس في الذكر عيب، وإنما العيب في الذاكر
فقال جل وعلا :
((فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ))
وما قدره الله جل وعلا لابد أن يكون
ما قضاه جل وعلا من نفس فإنها كائنة
وهذه الآية أو الجزء من الآية تفيدنا بأن تحديد النسل من المحرمات
وفرق بين تحديد النسل وبين تنظيم النسل :
إذاً : الله جل وعلا أمرنا أثناء جماعنا أن نطلب ماذا ؟
أن نطلب الولد ولا يجوز لأحد أن يحدد نسله فيقول مثلا : أريد ذكرين أو أريد أنثى سأقتصر على ثلاثة أو أربعة لا أريد الزيادة على ذلك
فهذا من الأمور المحرمة
أما تنظيم النسل فجائز :
ومعنى تنظيم النسل :
أن تأخذ المرأة قسطا من الراحة بين الحملين ، ولا يجوز أن يحدد النسل ولا يجوز للمرأة أن تمنع الحمل مطلقا ، اللهم إلا إذا أثبت الأطباء أن في الحمل عليها ضررا فهناك حكم آخر
لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
((تزوجوا الولود الودود ))
لم ؟
(( فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ))
فتنظيم النسل جائز مع أن محددي النسل لما سمعوا بأن تحديد النسل حرام غيروا الاسم فعبروا عن تحديد النسل بأنه تنظيم النسل
قد يقولون :
تنظيم النسل ومرادهم في الحقيقة هو تحديد النسل وهذا لا يجوز
فلا عبرة بالأسماء إنما العبرة بالمسميات والعبرة بالحقائق
فقال جل وعلا : ((وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ )) :
إذاً : ماذا كتب الله لنا ؟
ماذا نطلب ؟
الولد
قال بعض العلماء :
(( وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ )) :
أي ليلة القدر:
لا ينسينكم جماع الزوجة ألا تطلبوا ليلة القدر
فقد أبيح لكم الجماع وأحل لكم لكن لا تغفل عن الأمر المهم وهو ليلة القدر
ولذا النبي عليه الصلاة والسلام:
كما جاء في صحيح البخاري اعتكف العشر الأول يطلب ماذا؟
ليلة القدر
ثم اعتكف العشر الأوسط يطلب ليلة القدر
ثم أخبر بأنها في العشر الأواخر من رمضان فتواترت سنته عليه الصلاة والسلام على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
لم ؟
لطلب ليلة القدر
وانظروا إلى حاله إذا دخلت هذه العشر :
تقول عائشة رضي الله عنها – كما في الصحيحين – تقول : ((كان إذا دخلت العشر شد مئزره ))
كناية عن ماذا ؟
عن ترك الجماع
فلم يلتفت إليه عليه الصلاة والسلام لأنه مشغول بطلب ليلة القدر
(( شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ ليله ))
(( وكان يجتهد عليه الصلاة والسلام في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها ))
إذاً :
لا ينسينا الجماع أن نطلب ليلة القدر
وليلة القدر هي في العشر الأواخر من شهر رمضان
ولعظم هذه الليلة أنزل الله فيها سورة كاملة وهي سورة القدر
وسميت بهذا الاسم :
قال بعض العلماء :
لشرفها وقدرها كما يقال : فلان له قدر يعني : مكانة و قيمة وشرف
ولذا :
فخمها جل وعلا بالاستفهام :
قال تعالى : ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} ))
إذاً : أعاد ليلة القدر في الذكر بأداة الاستفهام لتفخيمها ولتعظيم شأنها
وقال بعض العلماء: لأن قدر العبادة فيها له شرف
العبادة فيها لها شرف لا يكون في سائر الأيام الأخرى
ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين :
(( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
لما ذكر ما ذكر في رمضان : (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
لما ذكر قيام رمضان قال : (( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
لكن ليلة القدر مع أنها في رمضان خُصت بهذا الحديث وبهذا الفضل :
(( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))
ولا تعارض بين هذه المعاني وكلها تدخل في مسمى ليلة القدر
وقال بعض العلماء :
لأن الله جل وعلا يقدر فيها ما يكون إلى السنة القادمة :
لأن التقدير أنواع :
الله جل وعلا قدر المقادير كما قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم :
((قدَّر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ))
فخلق القلم كما جاء في سنن أبي داود :
( (قال : اكتب قال : وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ))
وفي رواية الترمذي :
( (فجر ى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ))
إذاً :
كل شيء مسطر في اللوح المحفوظ
وما في هذا اللوح لا يتغير و لا يتبدل :
{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39
قد يقول البعض :
((النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( لا يرد القدر إلا الدعاء ))
فكيف والقدر قد كتب ؟
نقول :
لا يرد القدر إلا الدعاء : لأنه جل وعلا كتب في اللوح المحفوظ بأن فلانا من الناس قدر عليه كذا ، وأيضا كتب في اللوح المحفوظ أن فلانا من الناس سيدعو بهذا الدعاء ، ومن ثم يكون هذا الدعاء دافعا لهذا القدر
وإذاً : التغيير والتبديل والمحو إنما يكون في علم الملائكة
فالملائكة لا تعلم إلا ما أطلعها الله جل وعلا عليه
فهذا التقدير موجود في الأزل وتؤخذ منه التقادير الأخرى
واللوح المحفوظ كما أخبر ابن عباس عند الطبراني بإسناد حسن كما قال بعض العلماء :
(( أنه من درة بيضاء دفتاه ))
لأن هذا الكتاب الآن له دفتان
((دفتاه من ياقوتة حمراء عرضه كما بين السماء والأرض ينظر الله فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة في كل نظرة يحيي ويميت ، يرزق ويعطي جل وعلا ))
وهناك تقدير عمري يتعلق بعمر الإنسان :
– كما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين :
(( أن الجنين يرسل الله جل وعلا إليه ملكا – فماذا يؤمر ؟
بكتابة رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ))
من أين تؤخذ ؟
من اللوح المحفوظ مما سطر في الأزل الذي لا يتغير ولا يتبدل
هناك تقدير سنوي كل سنة :
أين ؟
في ليلة القدر :
والله سيكتب أن فلانا من الناس في هذه السنة سيمنح مالا ، سيحج ، سيشفى سيمرض سيفرج همه
ولذا قال تعالى :
((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6} ))
وهناك تقدير يومي :
((يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ{29}))
جاء في أحاديث وفي آثار :
أنه جل وعلا في كل يوم :
يفرِّج همَّا
ينفِّس كربا يشفي مريضا
يعطي سائلا
فهذا معنى قوله تعالى : ((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ{29}))
وكل هذه المقادير ترجع إلى الأصل :
وهو اللوح المحفوظ
إذاً :
لماذا سميت بهذا الاسم ؟
لأنه يُقدَّر ما يكون فيها إلى السنة الآتية
وليلة القدر :
كان الصحابة حريصين عليها :
ولذا : قالت عائشة رضي الله عنها – كما في المسند والسنن
قالت : يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ماذا أقول ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : (( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))
إذاً :
نحرص في هذه الليالي العشر على هذا الدعاء في سجودنا في خلواتنا حتى في خارج الصلاة بين الأذان والإقامة نحرص على هذا الدعاء :
لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد عائشة إلى هذا الدعاء والإنسان إذا عوفي سعد سعادة ،
و لا تظنون أن العافية مقصورة على عافية البدن
لا
العافية من البلاء في الدنيا
العافية من الأمراض
العافية من الهموم
العافية منن أهوال القبر
العافية من سكرات وشدة ونزعات الموت
العافية من أهوال يوم القيامة
العافية من النار
(( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))
ولذا :
الدعاء الذي بين السجدتين :
(( رب اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني واجبرني ))
هذه أدعية نستحضر فيها ما يكون في الدنيا ، وما يكون في الآخرة ..
ارحمني :
ليست مقصورة على الرحمة في الآخرة
لا
الرحمة في القبر
الرحمة في الدنيا
عافني ارزقني:
مالا طيبا
ولدا صالحا
ارزقني نعيما في القبر
ارزقني الجنة
فهي شاملة فلنستحضر هذه الأدعية
فإذاً :
نحرص على هذا الدعاء
وليلة القدر أنزل فيها القرآن :
ـــــــــــــــــــــــــــ
وقد جاء في حديث عند الطبراني في :
(( الليلة الرابعة والعشرين من شهر رمضان ))
جملة واحدة ويكاد أن يكون إجماعا كما قال القرطبي رحمه الله:
أنزل من اللوح المحفوظ :
القرآن أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في بيت العزة
كما قال ابن عباس
ثم نزل بعد ذلك مفرقا على حسب الأحداث والوقائع :
((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} ))
بمعنى : أن هذه الليلة العبادة فيها أفضل من عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ليست فيها ليلة القدر
ومن مزاياها :
((تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا )) :
الروح : جبريل وخُصَّ بالذكر لفضله لأن له مكانة وقد ثبت في المسند وحسنه الألباني والهيثمي : (( إن عدد الملائكة في ليلة القدر أكثر من عدد الحصى ))
(( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} )) :
يعني : بكل أمر قضاه الله جل وعلا في هذه السنة
((سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5} )):
سلاما من الشرور
من الآفات
من الأهوال في القبور
من النار
إذاً : سلام هي من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر
ومن علاماتها :
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : – ولها علامتان :
علامة مصاحبة لها
وعلامة لاحقة يعني : آتية
فالعلامة المصاحبة لها :
أن الجو يكون هادئا لا حار ولا بارد والرياح ساكنة
وفيها إنارة وضوء ليست هذه الإنارة في الليالي الأخرى ولا يرمى فيها بنجم
وكل هذا وارد في المسند
وأما علاماتها اللاحقة :
أن الشمس تطلع صبيحتها كما قال عليه الصلاة والسلام عند مسلم : (( لا شعاع لها ))
يعني : لو كانت هذه الليلة مثلا ليلة القدر
لو اطلعت على الشمس غدا لوجدت أن الشمس طلعت ولا أشعة لها
تصوير أكثر وأبلغ :
قول النبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند :
(( أنها إذا طلعت تطلع مثل القمر ليلة البدر))
القمر الآن مكتمل هل يصدر أشعة ؟
لا يصدر أشعة
كذلك الشمس إذا طلعت تطلع هكذا
وقد يكون من علاماتها :
أن يراها البعض في منامه كما حصل للصحابة في الصحيحين :
جمع غفير من الصحابة رأوها ليلة سبع وعشرين فأخبروا النبي عليه الصلاة والسلام فقال : ( ( التمسوها في السبع الأواخر ))
وأرجاها في كل وتر
وقد تكو ن في الشفع
ربما تكون هذه الليلة ليلة اثنتين وعشرين ربما تكون ليلة القدر
فهي تنتقل ولا تحدد
بعض الناس يحرص على ليلة سبع وعشرين
هذا حسن
ولكن عليك أن تقوم ليالي العشر حتى تضمن الحصول على إدراك ليلة القدر
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( إني أُريتُ ليلة القدر أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين ))
يقول : سأسجد في صبيحتها في ماء وطين
يقول أبو سعيد كما في الصحيحين :
فأمطرت السماء ليلة إحدى وعشرين
وكان المسجد ليس مسقوفا وكانت الأمطار تهطل وتنزل إلى المسجد
يقول أبوسعيد رضي الله عنه : فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم رأيت أثر الطين في جبهته عليه الصلاة والسلام
إذاً :
هي لا تكون في وقت معين ، وإنما في كل سنة تنتقل
ربما تكون ليلة إحدى وعشرين
أو اثنتين وعشرين
أو أربع وعشرين
فعلى المسلم أن يحرص على أن يقوم في ليالي العشر كلها
وليجتنب المسلم الجدال والخصام لاسيما في هذه الأيام العشر
الجدال لا منفعة فيه ولا خير فيه إلا إذا كان للدعوة إلى الله جل وعلا لإظهار الحق
ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام – كما في المسند – :
(( ما ضلَّ قومٌ بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ))
وقال عليه الصلاة والسلام – كما في الصحيحين :
(( أبغض الناس إلى الله الألدّ الخصِم )) فلا خير فيه
((مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )) الزخرف58
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام لما خرج على الصحابة – كما في الصحيحين – وأراد أن يخبرهم بعلامة ليلة القدر ، فلما خرج إذا برجلين يتلاحا يتخاصمان : فيقول عليه الصلاة والسلام : (( خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاح فلان وفلان فرفعت ))
يعني : رفعت علامتها في تلك السنة وحرم الناس من معرفة ليلة القدر في تلك السنة بسبب الجدال والخصام الذي جرى بين هذين الرجلين
إذاً :
قوله تعالى : ((وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ))
الولد وليلة القدر
ثم قال :
((وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ ))
وهذه لها حديث في الدروس القادمة إن شاء الله ، والله أعلم.