خطبة ( أربع عشرة مسألة بأسلوب سهل ومختصر عن سجود السهو )

خطبة ( أربع عشرة مسألة بأسلوب سهل ومختصر عن سجود السهو )

مشاهدات: 682

بسم الله الرحمن الرحيم

أربع عشرة مسألة بأسلوب سهل ومختصر عن سجود السهو

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين..

أما بعد فيا عباد الله..

 

نتحدث في هذا اليوم عن أشهر المسائل المتعلقة بسجود السهو

وسأعرضها بإذن الله تعالى بإسلوبٍ مختصر

لأن كثيرًا من الناس، يجهل أحكامَ سجود السهو

وسأمثلُ على صلاةِ الظهر، وتُقاسُ الصلواتُ الأخرى عليها

ولْيُعلَم أن هذه المسائل فيما يتعلق بالسهو أما من تعمد أن يُنقِصَ من صلاته، أو أنه يزيد فيها فإن صلاته تبطل!!

(( الحديثُ هنا عن السهو))

 

 

أولًا: إذا قمت من الرابعة من صلاة الظهر إلى خامسة سهوًا فتذكرتَ؟

 فيجب أن تجلسَ مباشرة من غيرِ تكبير، لأنك كبّرت لما نهَضتَ

-بدون تكبير -حتى لوكنت تقرأ الفاتحة

 حتى لوكنت في ركوع من هذه الركعة الخامسة؛ يجب أن تجلس

 فإن لم تجلس؟ فإن صلاتَك تكونُ باطلة.

ثم بعد ذلك تسجد للسهو.

 

ثانيًا: إذا كنت مع إمام- في صلاة الظهر مثلا- فقام إلى الخامسة، وأنت تعلم أنه قام إلى خامسة؟

من الواجب على المأمومين أن ينبهوه: سبحان الله، سبحان الله، فإن لم يرجع؟

 فيجب عليك أن تجلس، وأن تُفارِقَ إمامَك ولا تتابعه في هذه الركعة

تجلس وتتشهد وتنتظر هذا الإمام ثم تسلم معه.

 

فإن بقيت معه وتابعتَهُ وأنت تعلم من أنه زاد خامسة -وأنت تعلم بالحكم-

(لأن بعضًا من الناس ربما أنه يُتابع الإمام وهو يعلم أنه في خامسة، يقول: هو في خامسة لكن ماذا أصنع!؟ ما يدري!! فعلِمَ بهذا الحكم؟

نقول: صلاتُك صحيحة لجهلك.

لكن: إذا كنت تعلم بالحكم الشرعي، وأنت الآن قد علمتَ؟

 فيجب عليك أن تجلس تتشهد وتُسلم مع الإمام.

وهذا قد يحدث كثيرًا.

 

ثالثًا: الإمام إذا سها في صلاته فزاد كخامسة مثلًا في صلاة الظهر أو في نُقصان أو فيما شابه ذلك؟ فيجب أن يُنَبَّه بالتسبيح

فإذا نُبِّه فالواجب على الإمام أن يرجع إلا في حالة واحدة:

 أنا كإمام قد أجزم يقينًا من أني لم أخطئ، فهنا لا ألتفت إلى تنبيه من خلفي ولو كَثُرَ عددهم لأنني جازم بصوابِ نفسي.

 ومِن ثَمَّ فإنَّ هناك صورة قد تحدث؛ وهي: أنَّ الإمام يجزم بصواب نفسه، والمأموم يجزم بصواب نفسه، كلاهما متيقن فما هو الحل؟

مثال ذلك: يقوم الإمام إلى ركعة خامسة من صلاة الظهر وهو متيقن، لم؟

لأنه تذكر في صلاته أنه في إحدى الركعات لم يقرأ الفاتحة، مثلًا:

 تذكر في الركعة الأولى أنه لم يقرأ الفاتحة؟

 هنا تلزمه ركعة خامسة، هنا لمّا قام، جزم بصواب نفسه.

أنت لا تدري ما الذي أخطأ فيه الإمام؟

فأنت تجزم بصواب نفسك من أنه زاد، أنت تجلس.

والإمام يتابِع في صلاته، وإذا تابع في صلاته، فإنك تجلس وتتشهد وتُسَلِّم مع إمامك.

 

 

 

رابعًا: قد تقوم من الركعة الثانية إلى الثالثة مثلًا في صلاة الظهر، لم تتشهد التشهد الأول؟

 هنا/ إذا نهضتَ ولم تستقم قائما: فيجب أن تجلس، إن لم تجلس بطلت صلاتك.

لكن لو استتمت قائمًا: فلا تعد استمر، سواءً قرأت الفاتحة أولم تقرأ الفاتحة، بما أنك قمتَ فهنا لا تعد،

لكن يُجبَر بسجود السهو.

 

 لكن لو أنك حينما نهضتَ، قبل أن تقوم تذكرتَ، فيجب أن تجلس، والدليل؟

 حديث المغيرة في سنن أبي داود وفي غيره، وهو حديثٌ ثابت وأعلَّهُ بعضهم بجابر بن يزيد الجُعْفي لكنه قد تُوبعَ كما عند الطحاوي، فالحديث ثابت، فإذًا/ هذا هو الصنيع الذي يكونُ في الإنسان.

تنبيه/ وهذا قد يحدث، بعض الناس، قد يكون مع إمام، الإمام استتم قائمًا، وإذا ببعضهم يسبح، سبحان الله سبحان الله!

بما أن الإمام قام، فإنه لا يجوز له أن يعود مرة أخرى.

ولذلك يُتنبه لمثل هذا الأمر!

 

خامسًا: قد تترك قول “سبحان ربي العظيم” في الركوع، أو “سبحان ربي الأعلى” في السجود؟

 فهنا يلزمُك أن تسجدَ للسهو.

 

 لكن: قد تقول في الركوع “سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى” وقبل أن ترفع تذكرتَ وأنت في الركوع فتداركتَ فقلتَ “سبحان ربي العظيم”

أو في السجود مثلا تقول “سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيموقبل أن ترفع تذكرت أنك في سجود فقلتسبحان ربي الأعلى”؟

هنا/ إن سجدتَ فحسن وإلا فإنه لا يلزمُك السجود! لم؟ لأنك أتيتَ بالواجب وهو قول “سبحان ربي الأعلى” في السجود أو “سبحان ربي العظيم” في الركوع قبل أن ترفع، لكن لو رفعتَ وتذكرت؟

هنا لاتعود إلى السجود ولا إلى الركوع وإنما تجبره بسجود السهو.

 

 

 

 

سادسًا: لو أنك في صلاة الظهر مثلًا فلم تدرِ هل هذه هي الثالثة أم الرابعة؟

فهنا نقول لك: هل عندك شيء ترجح من أنها الثالثة أو الرابعة؟

فإن قال: لا أدري هل هي الثالثة أم الرابعة؟!

فنقول: لتكن الثالثة، ولتأتِ برابعة، وتسجد للسهو؛ لقول النبي كما عند مسلم:

” إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا ؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ”

 

لكن لو قال: أنا لا أدري هي الثالثة أو الرابعة، لكن عندي ترجُّح وقرائن غالبة من أنها هي الرابعة؟

نقول: إذًا هي الرابعة، وتسجد للسهو- مع هذا الشك تسجد للسهو

 لو قال: ما أدري هل هي الثالثة أو الرابعة لكن عندي قرائن من أنها الثالثة؟

نقول: اجعلها الثالثة، وتأتي بالرابعة وتسجد للسهو، هذا إذا غلب على ظنك،

لما في الصحيحين قوله :

” إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ وليُتم عليهِ”

 

سابعًا: بعض الناس يأتي والإمام في الركوع، فيقول: “الله أكبر”

كما قلنا سابقًا/ إذا قال الإمام “سمع الله لمن حمده” يعني إذا رفع من الركوع:

فاتتك الركعة؛ تأتي بركعة.

لكن: لو أنك كبرت وشككتَ، هل أدركت الإمام قبل أن يرفع من الركوع أو لا؟

فهنا على ما ذكرنا: ” إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ وليُتم عليهِ”

بمعنى لو قال: عندي غلبة ظن قوية أنني أدرَكْتُهُ؟ فهنا قد أدركتَ الركوع.

وإن قال: لا أدري هل أدركتُهُ أو لا؟

 فهنا فاتك الركوع ومن ثَمَّ تفوتُكَ الركعة؛ وإذا فاتتك الركعة على هذا الشك فستأتي بركعة بعد سلام الإمام، هنا تسجد للسهو.

 

ثامنًا: سجود السهو تقول فيه مثل ماتقول في الصلاة “سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى”

ثم تقوم، فتقول في الجلسة بين السجدتين “رب اغفر لي” ثم السجود؛ لحديث أبي هريرة عند البخاري: ” فسجدَ النبي مثلَ سجودِهِ في الصلاة أو أطولَ”.

 

تاسعًا: لو أن الإنسان سها في صلاته أكثر من مرة! نسِيَ تسبيحة الركوع، نسي تسبيحة السجود، نسي قول “سمع الله لمن حمده”، نسي قول “ربنا ولك الحمد”! تكرر منه السهو

كم تكفيه من سجدة؟ سجدتان.

أما حديث: ( لكل سهوٍ سجدتان ) كما في سنن أبي داوود وابن ماجه وعند أحمد فإنه حديثٌ مختلفٌ فيه بين أهل العلم، بعضُهم أعلَّه بإسماعيل بن عياش، لكن العلة منتفيه لأنه روى عن شامي، وروايته عن الشاميين مقبولة، لكن الإشكال في ماذا؟

في رجل اسمه زهير بن سالم العنسي؛ ففيه ضعف، وعلى كل حال حتى لو ثبت عند بعض أهل العلم فإنَّ المقصود:

 أيُّ إنسان سها في صلاته مهما كان ذلك السهو، فإن السجدتين تكفيانه.

الدليل على أنه على لو سها مرارًا تكفيه سجدتان؟ النبي في قصة ذي اليدين لما سها، انتقصَ من صلاته وتكلم ناسيًا ومشى ناسيًا ومع ذلك لم يسجُد إلا سجدتين.

 

عاشرًا: لو أن الإنسان سها في سجود السهو؟

هو سها من حيث الأصل ما الذي يلزمه؟ أن يسجد للسهو

فقال “الله أكبر” سجَدَ للسهو- فبدل أن يقول “سبحان ربي الأعلى” قال “سبحان ربي العظيم” فقام،

هو سها في نفس السجود:

لا يلزمُه سجودٌ آخَر خيفةَ التسلسل- يعني تكفيه-، فصلاتُه صحيحة،

 يستمر في سجدته الثانية وصلاته صحيحة.

 

الحادي عشر: لو أنَّ الإنسان أنقَصَ من صلاته؛ يعني أنه سَلَّمَ قبل أن يُتِمَّها؟

– وهذا قد يحدث عند الإنسان بمفرده أو من الإمام الذي تصلي معه –

 فصلاة الظهر مثلًا، سلَّمَ بعد التشهد الأول، كم بقي عليه؟ ركعتان!

سلم مثلًا في الثالثة! بقيت عليه ركعة!

هنا/ إن تذكر بعد زمنٍ طويل؟ فالواجب عليه أن يعيدَ الصلاة.

لكن لو تذكر في زمنٍ قصير؟ يعني مثل ما حصل للنبي من الدقيقة وما شابه ذلك، فإنه ماذا يصنع؟

يأتِ بما فاته من ركعات كما فعل النبي في قصة ذي اليدين ثم يسلم.

 

المسألة الثانية عشرة: تصور لو أنه في التشهد الأخير، فسلم قبل أن يأتي بالتشهد، فلما سلم تذكر أنه لم يذكر التشهد، هل يُلْزم بركعة؟

الجواب: الصحيح لا.

يُلزَم بماذا؟

بما أنَّ الفاصل قصير، نقول له: تشهد، ثم أعد السلام مرة ثانية، لأن السلام السابق لم يأتِ في محله، وصلاتُك صحيحة.

 

الثالث عشر: تنبيه على خطأ/ البعضُ من الناس إذا كَثُر السهو عنده، قال أُعيد صلاتي!

أو مثلًا بعض الأئمة، إذا حصل سهو يقول: لنُعِد الصلاةَ!؟ لا يجوز، لم؟

 لأنه لو كل من سها في صلاته فأعاد الصلاة، لم يكن لمشروعية سجود السهو أيُّ حكمة! وهذا مُخالف! بل متى ما سهوت، ولو كَثُر سهوُكَ فإنك تأتي بصلاتك ثم تسجد للسهو ولو كثُر سهوك!

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ثم توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخُطبة الثانية/ الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد فيا عباد الله

 

الرابع عشر: ما يكونُ فيما يتعلق في صلاة الفرض من سهو من أحكامٍ سابقة، يصدق على النافلة

يعني: لو حصل ذلك السهو، الذي ذكرتُهُ آنفًا، في النافلة؟ فنفسُ الحكم.

مثلا: لو قمتَ إلى ثالثة من سنة الفجر؟

فيجب أن تجلس، وبالتالي فإنه يلزمك سجود السهو.

بعض الناس قد يقول: إنها نافلة!

نقول: هي نافلة من حيثُ الأساس، من حيث الأصل هي نافلة، لكن لما تسهو يجب أن تأتي بهذه النافلة على مقتضى الشرع.

ومن ثَم فإنه لو حصل سهوٌ في النافلة فهذا هو الحكم كحكم الفريضة من حيث ماذا؟

من حيث يجب عليك أن تسجد للسهو.

 

هذه أشهر المسائل فيما يتعلق بسجود السهو.

أتمنى أنني قد طرحتها بأسلوب قد فُهِم.

أسألُ الله عز وجل لي ولكم العلمَ النافعَ والعملَ الصالح.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ثبت أدامهم وسدد رميهم، وانصرهم على الرافضة الحاقدين،

اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه يا كريم، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم سنة نبيك محمد ، اللهم من أراد بهذه البلاد في دينها وفي عقيدتها وفي أمنها وفي رخائها سوءًا وبلاءً وشرًا وفتنةً، اللهم فأشغله في نفسه، اللهم فأشغله في نفسه ، اللهم فأشغله في نفسه، ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه ياقوي ياعزيز ، اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن ، وسوء الفتن ، ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ربنا هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.