خطبة ( المحافظة على أمن السعودية خير لأهلها ولكل مسلم )

خطبة ( المحافظة على أمن السعودية خير لأهلها ولكل مسلم )

مشاهدات: 3884

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة (المحافظة على أمن السعودية خير لأهلها ولكل مسلم)

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

21/1/1441

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]،

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71]

أما بعد فيا عباد الله:

الأمنُ والاستقرار نعمةٌ مِن الله عز وجل على مَن حَظِيَ بهما

 فواجبٌ عليه أن يشكرَ اللهَ عز وجل على نعمةِ الأمن

 ونعمةُ الأمنِ والاستقرار لما فيهما مِن المصالح الدينيةِ والدنيوية، فقد امتنَّ اللهُ عز وجل على قريشٍ آنذاك بنعمةِ الأمن:

 {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:4] كانت القبائل حولَهم تُتَخَطَّف، فقال الله عز وجل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت:67]

 

فبالأمنِ بإذن الله عز وجل تَتِمُّ للناس المصالحُ الدينية والدنيوية؛ مِن حفظِ الأموال، ومن تنميتها، ومن حفظ الأعراض، ومن حفظ الأنفس، ومن حفظ ضروريات حياة العباد

ولذلك لما ذَكر الله عز وجل إهلاكَ أصحابِ الفيل:

 {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ – أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ – وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ – تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ – فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل:1-5] ذَكَر بعدها سورة قريش:

 {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ – إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 1-2]

وذلك على أحدِ وجوه التفسير: أهلكَ اللهُ عز وجل أصحابَ الفيل، ليبقى ما أَلِفته قريش مِن التجارة إلى الشام وإلى اليمن.

ولذا لأهمية الأمن حتى تقومَ مصالحُ الناس الدينية والدنيوية، دعا إبراهيمُ عليه السلام ربَّه مرتين، مرة قبل أن يبنيَ البيت، ومرة بعد اكتمالِ البيت {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126] وذلك قبل أن يبنيَ الكعبة، ولما انتهى من بناءِ الكعبة كما ذُكر في سورة إبراهيم قال الله عز وجل عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}  وقال بعدها: { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم:35] فلا توحيد ولا شعائر للدين تقوم إلا بالأمن بعد الله عز وجل

 

 {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم:35] فمن منَّ الله عز وجل عليه بنعمة الأمن في بلاده، فليحمد الله عز وجل على هذه النعمة؛ لمَ؟

لأن الرعبَ والخوفَ في الأوطان يجعل الناس يتشردون من الوطن، ولذلك قال شيخُ الإسلام رحمه الله مبينًا عِظَم الأوطان: والنفوسُ تَحِنُّ بطبيعتها إلى أوطانها. يقول: ولذلك الغريب الذي تغرَّبَ عن وطنه إذا كان خارج وطنِه فذُكِر وطنُهُ اشتاق إليه، بل قال رحمه الله وتبعه في ذلك ابنُ حجر رحمه الله، والنصوص تدل على ذلك:

 إن إخراجَ الإنسانَ مِن وَطَنِه يساوي قَتْلَه، والدليل قول الله عز وجل: 

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} ما الذي بعدها؟

{ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [البقرة:84]

فهي نعمةٌ من الله عز وجل على العباد، فواجب عليهم أن يحفظوها، ومن ثَم فإن هذه البلادَ في نِعَم عظيمة ولله الحمد، لكنها تُستهدف في أمْنِها وفي دينها وفي عقيدتها، ومن ثَم تعلمون ما جرى من أيام فيما جرى لهذه البلاد، والمقصودُ من ذلك أن يُزَعزَعُ الأمنُ في هذه البلاد؛ لأنها بلادُ التوحيد، وأكثر مَن يفرحُ بهذه الزعزعة إنما هم الروافض والصوفية ومَن تَبِعَهم مِن أذْنابِهم مِن الجماعاتِ المنحرفة، فهم لا يريدون للدين رِفعَة، وإنما يريدون أن يحققوا مُكتَسباتهم، فنسألُ اللهَ عز وجل أن يَكْبِتَهُم.

إذًا/ هذه البلاد تُستهدف لأنها بلادُ التوحيد، ومِن ثَم:

 فإن الواجبَ على كل مسلم في كل قَطرٍ مِن أقطارِ الدنيا أن يُحافظَ عليها، وأن يُدافعَ عنها ببدنه وبماله وبقلمه وبلسانه، فهذا هو الواجب؛ لمَ؟

 لأن هذه البلاد بها بقعتان حرَّمهما اللهُ عز وجل مكة والمدينة، قال النبي ﷺ كما في الصحيح:

” إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا الْبَلَدَ ” متى؟ ” يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ “

وجاء إبراهيمُ وأوضح وأشاع هذا الحكم؛ كما جاءت بذلك الأحاديثُ الصحيحة، ثم جاء النبيُّ محمد ﷺ في فتْحِ مكة وبَيَّن حُرمةَ هذه البلد، والمدينة قال عنها النبيُّ ﷺ كما في صحيح مسلم:

” إنّها حَرَمٌ آمِنٌ “

ولذلك فاللهُ عز وجل أمَرَ كلَّ مسلمٍ أن يُؤمِّنَ مَن دَخَلَ البلدَ الحرام على أحدِ وَجْهَي التفسير:

 ﴿وَمَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧] يعني: أمِّنوا مَن دخل فيه، حتى الصيد فإنه يُؤَمَّنُ فيه،

فدل هذا على ماذا؟

على عِظَمِ مكانةِ هذه البلاد، والتي يجبُ على كل مسلم أن يحافظ عليها

 ومن ثَم/ فإن مَن يفرحُ بزعزعة الأمن في هذه البلاد – كما أسلفنا- هم الرافضة والصوفية وأذنابُهم الذين هم أعداءٌ للتوحيد، ومن ثَم/

 فإن الواجب على كل إعلاميّ ولا سيما في مثل هذا الزمن؛ نرى بعضَ وسائل الإعلام تفرحُ بمثل هذه الأخبار التي بها يُزعزعُ الأمنُ في هذه البلاد، فلا يُسمع لهؤلاء، وهناك من قد يفرح بما يقع، فليَعلم من أنه ﷺ بيَّن أن مَن يفرح ولو لم يفعل، أن من فرح بما يقع في هذه البلاد من زعزعة، فليعلم أنه بغيضٌ عند الله، اللهُ يُبغضه، النبي ﷺ قال كما في صحيح البخاري:

 ” أَبْغَضُ النَّاسِ إلى اللَّهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ في الحَرَمِ” قال: ” ومُبْتَغٍ في الإسْلامِ” يعني: أنه يطلب ويرغب ولو لم يفعل فكيف إذا فعل! ” ومُبْتَغٍ في الإسْلامِ سُنَّةَ الجاهِلِيَّةِ ” ما هي سنة الجاهلية؟

 أن تُشاعَ الفوضى في البلاد

 “ومُبْتَغٍ في الإسْلامِ سُنَّةَ الجاهِلِيَّةِ، ومُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بغيرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ”.

 

ومن ثَم كما أسلفنا/ واجبٌ علينا أن نحافظ على هذه البلاد، وأن ندافع عنها بأبداننا وبأموالنا، وبألسنتنا، وبإعلامنا

 ومن ثم/ فإن الواجبَ على أهل هذه البلاد أن يلتفوا حولَ ولاةِ أمرهم، فإنه لِيُعلَم أنه لا يمكن بعد الله عز وجل أن يتحقق أمنٌ إلا بالولاة، ولذلك لو قرأتم كتبَ أهلِ السنة والجماعة، فما مِن كتابٍ فيها إلا بيَّن حقوقَ ولاةِ الأمر، لأن بهم بعد الله عز وجل تستقرُّ الأمور، والنصوصُ الشرعية في هذا كثيرة، ولينظر الإنسان في واقعه فيعتبر، ينظر إلى تلك البلدان التي تَزعزع بها الأمن لما خُرِجَ على ولاةِ أمرها، ما الذي جرى؟!

 انظروا كما قال ابنُ مسعود رضي الله عنه في صحيح مسلم: ” السَّعِيدُ مَن وُعِظَ بغَيْرِهِ “.

 

أسألُ اللهَ عز وجل أن يحفظ لهذه البلاد دينها وأمنها واستقرارها ورخاءها،

اللهم من أراد بهذه البلاد في دينها وفي عقيدتها وفي أمنها وفي رخائها بلاء وفتنة وشرا، اللهم فاشغله في نفسه؛ اللهم فاشغله في نفسه؛ اللهم فاشغله في نفسه ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز.

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله..

 اعلموا أن خيرَ الحديثِ كتابَ الله، وخيرَ الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، هذا وصلوا رحمكم الله على أعظم نبي وأشرف هاد كما أمركم الله بذلك إذ يقول: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه يا كريم، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم سنة نبيك محمد ﷺ، اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين

 ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إمامًا،

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.