بسم الله الرحمن الرحيم
خُطبة [ثلاثون فائدة مختصرة عن: نعيم الجنة وأهلها،
تفتح لك باب التدبر في آيات الجنة في القرآن]
فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري
14/7/1445 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، فيا عباد الله
الجنةُ وما أدراكم ما الجنة؟!
حديثنا في هذا اليوم لعله في دقائق عما ذكره عز وجل عن هذه الجنة، وما ذكره كثير،
وما ذكره النبي ﷺ في سنته كثير، لكن لعل ما أقوله يكونُ بابًا لنا إذا قرأنا هذا القرآن العظيم أن نتأمل ما ذكره عز وجل في هذه الجنة ولأهلها، ما أذكره قليل من باب التذكير بهذا الأمر.
أصحابُ الجنة لا مقارنةَ بينهم وبين أهل النار {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:20] وهذا الفوز إنما نيل بالصبر:
الصبر على طاعة الله، وعن معاصي الله، وعن أقدار الله المؤلمة
{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون:111]
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 12]
الملائكة يدخلون عليه يقولون: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24]
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]
{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} هذا فضل من الله {زُحْزِحَ} لم يقل (مَن زحزح نفسَه) لا قدرةَ للعباد ألا بما أقدرهم اللهُ عز وجل عليه، جعل لهم إرادة لكن إرادتهم لا تكونُ إلا بإرادة الله عز وجل {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}
وأعظم ما يصد الإنسان عن هذه الجنة: الدنيا وزخرفها والاغترار بها.
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: 20]
ولذلك ماذا قال بعدها؟
{وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد:20]
ولذلك لما ذكر زينة الدنيا {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ –
– قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ} [آل عمران:14-15]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في يوم القيامة هذه الجنة تُقَرب لأهلها، حتى لا يُكَلّف الذهاب إليها بمشقة:
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق:31] لأن الشيء قد يُقَرب ويكون فيه شيءٌ مِن البُعد، قال:
{غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق:31]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُساق أهلُها سَوقًا بِرِفق وبسعادة وبإكرام، كل جماعة مع الجماعة التي تُناسِبُها في أعمالها:
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر:73]، جماعات إذا أقبلوا عليها يدخلونها مِن أبوابها لكن بعد شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام حتى يُفتح لأهل الجنة الجنة:
{حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}
{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} [سورة ص: 50]
والملائكة يدخلون عليهم بالإنس وبالنعيم وبالبشر: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:23-24].
وإذا دخلوا الجنة كلُّ إنسان يَعرف منزِلَه وبيتَه، أعرَف منه بمنزله كان في الدنيا كما جاء في صحيح البخاري، ولذلك قال عز وجل {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد:6] هذا معناها:
أن كل إنسان يصل إلى منزله في الجنة بما كتبه الله عز وجل له.
إذا دخلوا الجنة التوفيق من الله ولذلك لا ملجأ إلى العبد إلا إلى الله يدعوه بالثبات والإعانة
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر:34]، ترى الدنيا أحزان، في عرصات القيامة فيها حزن عظيم من الأهوال {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأنبياء:103]
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر:34]
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43]
لا أحد يغتر بعبادة! نحن مساكين، فمن أكرمه الله بالتقى فهذا من فضله عز وجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الجنة لا حر ولا برد {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان:13] الزمهرير: شدة البرد
بل هم في ظل ممدود {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء:57]
{فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس:56]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يكدر الإنسان حسيًا أو معنويًا، ظاهرًا أو باطنًا ما يرونه، وأعظم ما يُكدر الإنسان الشيء النفسي الباطن، ولذلك ماذا قال؟
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف:43]
لا تباغض بينهم، {وَنَزَعْنَا} كلمة النزع تدل على الذهاب بسرعة مع عدم بقاء أي شيء
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]
إخوانا ما يتقابل ويعطي الإنسان أخاه ظهرَه
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:27] كم آية مرت في القرآن عن أهل الجنة {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:27]
ولذلك إذا اتكئوا اتكائهم على فرش على سرر {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}
[الرحمن:54] {بَطَائِنُهَا} ليست الظاهرة {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} من الحرير وهذه مصفوفة
{مَصْفُوفَةٍ} أنا لا آتي بشيء مِن عندي! القرآن واضح، المعنى واضح لكن هذه بوابة مثل ما قلت لعلها تفتح إلى الإنسان إذا قرأ القرآن ليتأمل.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطور:20] ليست متفرقة، تلك السرر من الذهب {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة:15] أي: منسوجة من ذهب، فما أعظم هذا النعيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهم في الجنة يسأل بعضُهم بعضا عن أحوالهم التي كانت في الدنيا، الجزاء مِن جنس العمل {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور: 25-26]
{إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} أي: في الدنيا {فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} خائفين من عذاب الله.
الجزاء من جنس العمل، فماذا يقولون؟
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [الطور: 27] مِنّة من الله {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ – إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:27-28]
ويسألون أهلَ النار {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:42] أرعِ لي سمعَك للأسباب التي ذكروها، أنتَ ما زِلتَ حيًّا {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:42]. ما السبب الذي أدخلكم في سقر؟
{قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:43] ليسمع مَن فرط في الصلاة
{وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ- وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر:44-45]
إلى آخر ما ذكره عز وجل، إلى حين أن قال:
{حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:47] حتى آتانا الموت، وإذا جاء الموت لا رجعة.
واحذر من رفقاء السوء {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ- قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِين} أي: في الدنيا {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ- أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ- قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} [الصافات:50-54] يعني: معي في النار حتى نراه {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ- قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي} [الصافات:55-57] الفضل من الله هو الذي ثبّته ولم يغتر بصاحبه، {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الصافات: 57] أي: معك.
ـــــــــــــــــــــــ
{وَحُورٌ عِينٌ}
الزوجات له {حُورٌ عِينٌ} شدة بياض العين، وشدة سواد العين، وواسعة
{وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة:22-23] المسطور {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات:49] البيض المكنون المسطور الذي به بياض مع صفرة وهذا من أجمل الألوان.
الأبكار، السن واحد، متحببات لأزواجهن مع التغنج الذي يسعد قلبَ الزوج {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:35-37]
{عُرُبًا} أي: متحببات لأزواجهن مع الكلام المعسول.
{أَتْرَابًا} مستويات في السن، لمن؟ {لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: 38]
{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] من الأقذار الحسية والمعنوية
{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن:70] {خَيْرَاتٌ} من حيث الأخلاق والتعامل
{حِسَانٌ} من حيث الصورة والشكل ولا ينظرن إلى غير أزواجهن {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن:56] وأيضًا لا يخرجن من المنازل {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} ض[الرحمن:72] والحديث عن هذا طويل لكن انتقل لما بعده: إلى الشراب {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان:21] لبن، عسل، خمر، ماء
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} لم يتغير
{وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد:15] {مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} ممنوعون عنه في الدنيا فصبروا فأذاقهم الله هذا الشراب الطيب {لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} ولونُه أبيض {بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [الصافات:46] لا وجع في البطن، ولا ذهاب للعقل، {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات:47]
وأيضا لا ينتهي لقراءة: {وَلَا يُنزِفُونَ} [الواقعة:19] من النزيف وهو ذهابُ الشيء.
{خِتَامُهُ مِسْكٌ} إما الطبقة التي يُختم بها أو آخِره المسك، ويصح هذا وهذا
{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ- وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:25-26]
ـــــــــــــــــــــــــ
الأكل {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة:21]
الفاكهة {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدخان:55]، {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن:52] سبحان الله {آمِنِينَ} لا خروجَ مِن هذه الجنة،
وآمنين مما تعقبه هذه الفاكهة {بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} مما يكون في البطن كحال فاكهة الدنيا، مهما كانت فاكهة في الدنيا فقد يبقى لها من الآثار، لكن من الجنة لا.
ـــــــــــــــــــــــــ
حتى اختصر نذكر أعظم نعيم في الجنة:
أعظم نعيم في الجنة رؤية الله عز وجل {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]
{زِيَادَةٌ} هي رؤية الله عز وجل {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق:35] رؤية الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــ
نعيم الجنة عظيم.
س: أتدرون ما هو الشيء الذي أعظم من نعيم الجنة؟
ج/ {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} رضا الله أعظم من نعيم الجنة {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة:72] أكبر من هذا النعيم
فنسأل الله يرزقنا هذه الجنة وما يقرب إليها في هذه الدنيا من قول وعمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروا وتوبوا إليه إنه التواب الرحيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد.
فيا عباد الله الجنة هي دارُ الله دعا إليها: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25]
لأنه هو السلام، ولأنها هي دار السلام لسلامتها من الآفات.
{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221] لا حجةَ للعباد، أنزل الله الكتب؛ وأرسل الرسل عليهم السلام لدعوة الناس إلى هذا الأمر، ولذلك في سورة إبراهيم:
{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم:10] {يَدْعُوكُمْ} وذلك بأنه أنزل الكتب وأرسل الرسل.
إذًا الموفق هو من وفق للاتباع، إتباع هذا القرآن وإتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بأن يتسابق الإنسان إلى هذه الجنة؛ وأن يتسارع إليها لأن هناك فرقًا بين المسابقة والمسارعة:
تتسابق مع شخص هذه مسابقة، لكن كونك تكون أسرع منه: هذا أفضل، ولذلك وردت في سورة الحديد {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [الحديد:21]، في سورة آل عمران {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران:133]
والحذر كل الحذر من العدو العظيم الشيطان: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف:27] نسأل الله أن يعيذنا منه ومن شره ومن أعوانه ومن جنوده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دقائق تحدثنا فقط عن بعض وليس عن كل، عن بعض ما جاء في القرآن عن هذه الجنة العظيمة تأمل تدبروا كتاب الله عز وجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم أمن خائفهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز.
اللهم اجعل هذا البلد آمِنّا مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، ووفق ولاة أمرنا اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك، اللهم مَن أراد بهذه البلاد شرا وفتنة وزعزعة فاشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم بارك لنا في هذا القرآن، وبارك لنا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وافتح لنا فيهما أبواب الفهم والتأمل والتدبر، ونسألك الإعانة على تطبيق ما جاء فيه.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.