خطبة ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )

خطبة ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )

مشاهدات: 940

خطبة (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)

فضيلة الشيخ: زيد البحري   – حفظه الله –

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين.

 

 {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ}

{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا}

{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظِيمًا}

أما بعد: فيا عباد الله أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي ﷺ قال : “مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه قال حتى ظننت أنه سيورّثه” يعني في المستقبل وجاءت رواية مسلم “حتى ظننت أنه ليورّثنه” يعني في الحال وجاءت رواية الإمام أحمد “حتى ظننت أنه مورّثه” على وزن اسم الفاعل وجاء في رواية أبي داوود حتى قلت” إنه ليورّثه” وجاء في رواية الإمام أحمد حتى رأيت انه سيورّثه وجاء في رواية الإمام أحمد في روايةٍ أخرى حتى خشيت أنه سيورّثه فهذا يدل على عظم حق الجار وقد أوصى الله عزوجل بذلك الأمة في الآية التي هي آية الحقوق { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} قال ﷺ :” مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه” أكّد عليه جبريل أعظم التأكيدات بل أطال معه يعني أطال جبريل عليه السلام مع النبي ﷺ في هذا الأمر وهو عليه الصلاة والسلام كان قائماً جاء في مسند الإمام أحمد كما ثبت أن رجلاً من الأنصار قال :” أتيت النبي ﷺ مع أهلي وأنا أريده فإذا به قائمٌ عليه الصلاة والسلام وإذا برجل قد أقبل عليه فيقول هذا الصحابي فجلست فوالله لقد كنت أرثي يعني أشفق لقد كنت أرثي لرسول الله ﷺ من طول القيام فلما انصرف الرجل أتيت النبي ﷺ لأنه كان يقول فلم آتي خشيت أن يكون بينهما حاجة فيقول فلما انصرف أتيت النبي ﷺ فقلت يا رسول الله لقد كنت أرثي لك من طول القيام مع هذا الرجل فقال ﷺ أتدري من هذا؟ فقال لا يا رسول الله قال هذا جبريل أتاه في صورة آدمي قال هذا جبريل مازال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه” ولذلك هو عليه الصلاة والسلام لحرصه على الجار وعلى وصية جبريل لأنها بأمر الله عزوجل في حديث أبي أمامة كما ثبت في المسند قال أبو أمامة  سمعت النبي ﷺ” يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه” ومن ثم فإن الإحسان إلى الجار جاءت به الشريعة بشتى أنواع الإحسان حتى لو افترض أن هذا الجار لك أنه كافر فلتحسن إليه في سنن أبي داوود من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه” أنه ذبح شاةً فقال رضي الله عنه أعطيتم جاري اليهودي وفي رواية الترمذي ذُبِحَ له شاه في بيته فقال عبدالله أهديتم لجارنا اليهودي أهديتم لجارنا اليهودي كررها مرتين قال فإني سمعت النبي ﷺ يقول مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه” الإحسان كما جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره” الإحسان إليه بالقول وبالعمل من طلاقة وجه من عذوبة لسان من هدية من نصيحة في أمر دينه أو في أمر دنياه فهو شامل لشتى أنواع الإحسان ولذلك النبي ﷺ قال كما في صحيح مسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره فليكرم جاره “حتى لو بما قل ولذلك النبي ﷺ كما في صحيح مسلم قال يا أبا ذر” إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها” وتعاهد جيرانك بل عليك أن تحب لجارك ما تحبه لنفسك ولذلك قال ﷺ واللفظ لمسلم قال ﷺ “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال الشك من الراوي أو قال حتى يحب لجاره ما يحبه لنفسه” فهذه الأحاديث تدل على عظم حق الجار وأن المتعين على الإنسان أن يحسن إلى جيرانه أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

 

الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد: فيا عباد الله الواجب أن يُحسَن إلى الجار فإن لم يحسن المرء إلى جاره فأقل ما يكون أن يكف عنه شره و أذاه أن يكف عنه شره القولي و الفعلي عن جاره وعن جيرانه ولذلك النبي ﷺ قال كما في الصحيحين “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره” بل قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري قال ” والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل يا رسول الله ومن قال الذي لا يأمن جاره بوائقه” يعني  الجار لا يأمن شر جاره وفي رواية مسلم “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه” فإن لم يحسن وهذا هو المتعين على الإنسان إن لم يحسن إلى جاره فعليه أن يكف شره و أذاه عن جيرانه.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين

اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينا اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين.

اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا رخاء سخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه يا كريم، اللهم هيء لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم سنة نبيك محمد ﷺ

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين

اللهم من أراد بهذه البلاد في دينها وفي عقيدتها وفي أمنها وفي رخائها سوءا وشرا وبلاء وفتنة اللهم فأشغله في نفسه اللهم فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه ياقوي يا عزيز

 

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.