خطبة رقم [1]
[ سبعة أصول ]
يحتاجها العامي وطالب العلم في هذا الزمن ليعصمه الله من الزلل
ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid/
ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
الناس في هذا الزمن بل وفي كلّ زمن بحاجة إلى أصول علميّة تعصمهم بإذن الله من الفتن التي كُثرت وعمّت
وسأذكر أصولًا يستفيد منها العامّيّ وطالب العلم ، ويفهمها الجميع مقتصرًا على دليل واحد ؛ لأنّ الأدلّة كثيرة
الأصل الأول :
ــــــــــــــــــــ
اعلم – بارك الله فيك – أنّه ليس كلّ من قال أو اعتقد بأنّ الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبِّر المتصرِّف ، لا يكون بهذا الإقرار وبهذا الاعتقاد والقول – لا يكون مسلمًا إلّا إذا جعل العبادة من صلاة وزكاة ، ونحو ذلك إلّا أن يجعل هذه العبادة لله .
و لذا كفّار قريش ، يقرّون بذلك ( بتوحيد الربوبيّة)
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ }
{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
إِذًا لماذا لا تعبدون الله ؟
فهنا عُرِّف لك الفرق بين توحيد الربوبيّة وبين توحيد الألوهيّة ، فلا بدّ منهما كليهما ، فلا يُغني توحيد الربوبيّة عن توحيد الألوهيّة
: الأصل الثاني
ــــــــــــــــــــ
كلّ ما يحبّه الله ويرضاه ، هذا المحبوب وهذا المرضيّ عند الله إذا صرفه الإنسان لغير الله أو جعل غير الله مساويًا لله في هذا المحبوب و هذا المرضيّ عند الله فقد أشرك .
ولذلك أهل النار { قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) }
و هنا عُرِّف لك الفرق بين العبادة وبين الشرك .
المحبوب لله المرضي عند الله هو العبادة ، هذا المحبوب وهذا المرضي الذي هو عبادة إذا صُرِفَ لغير الله أو جُعِل غير الله عزّ وجلّ مساويًا لله ، فهذا شرك .
الأصل الثالث :
ــــــــــــــــــــ
أنّ كلّ اسم أو صفة ذكرها الله عزّ وجلّ في كتابه أو ذكرها النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم في سنَّته فأثبِتها ، معتقِدًا أنّ لها معاني .
أسماء الله وصفاته لها معاني من حيث اللغة ، أمّا الكيفيّة فهي مجهولة لدَينا الاستواء { الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ }
[ استوى ] معناه في اللغة : العلوّ والارتفاع
لكن كيف استوى ؟ الله أعلم
إِذًا : نُثبت هذه الأسماء وهذه الصفات ونعلم بأنّ لها معاني من حيث اللغة ، لكن لا نكيّفُها ، لا نقُل إنّ كيفيّتها كذا وكذا ، ولا نحرّفها ولا نؤوّلها ولا نشبّهها ولا نمثّلها بصفات المخلوق ، المخلوق له صفة السمع ، الله له صفة السمع ، لكن صفة السمع لله عزّ وجلّ تليق به ، لا تُشابه ولا تُماثل صفة السمع للمخلوق ، وهكذا في جميع الأسماء والصفات .
قال تعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
وتوحيد الأسماء والصفات ، لا يعني فقط الإثبات ، معرفتك لتوحيد الأسماء والصفات يزيد إيمانَك ، يجعلك تتفاءل ، تُحسن الظنّ بالله . نَعَم ، الله الرزّاق ؛ إذًا تتفاءل ، تُحسن الظنّ بالله ، من أنّ الله سيرزقك ، الشافي ، أنّ الله سيشفيك ، الغنيّ ، أنّ الله يغنيك . وهكذا
هنا يزداد إيمان العبد ، ليس مجرّد توحيد الأسماء كما يظنّه البعض من أنّه مجرّد إثبات فقط ، لا . وإنّما يزيدك إيمانًا ، يزيدك إيمانًا ، وتحسن الظنّ بالله عزّ وجلّ .
وعليك أن تنفيَ ما نفاه الله عزّ وجلّ عن نفسه ، ونفاه عنه رسوله صلّى الله عليه و آله وسلّم من الأسماء والصفات ، مع إثبات كمال الضدّ
{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ } نفى عنه الظلم . لمَ ؟ لِكمال عدله . { لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } لكمال حياته وقيّوميّته . وأن تسكت عمّا سكت عنه الله عزّ وجلّ وسكت عنه رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم
الأصل الرابع
ــــــــــــــــــــ
الجنّ مأمورون كالإنس بعبادة الله ، أعطاهم الله بعض القوى والقدرة نعم ، لكن تلك القوّة وتلك القدرة ما يستطيعون أن يفعلوا شيئًا إلّا بأمر الله وبما أقدرهم الله عزّ وجلّ فهُم ضعفاء ، فهذا الهول والهلع من الجنّ هذا ليس بشيء
مخلوقون مأمورون { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ، لا يعلمون غيبًا ولا يطّلعون إلّا على ما أراده الله عزّ وجلّ
ولذلك لمّا مات سليمان عليه السلام الجنّ لم تعلم وكانوا يعملون له المحاريب والأعمال الشاقّة ، فلمّا خرّ – يعني سليمان سقط ميّتًا – { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }
ما يعلم الغيب إلّا الله { قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } فعليك أن تتحصّن بما شرعه الله من الأذكار والأوراد من شرّ هؤلاء الجنّ
الأصل الخامس :
ــــــــــــــــــــ
أنّ أيّ شخص يدعو إلى الله وهو لا يدعو إلى التوحيد فدعوته لا ثمرة بها ولا بركة
لأنّ دعوة الرسل التوحيد ، أوّل ما بدؤوا به هو التوحيد
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }
إذًا:
من يعقد محاضرات خارج المملكة في أماكن بها شركيّات وبدعيّات ، ويتحدّث في محاضراته عن صدقٍ أو عن أُلفة وعن محبّة فدعوته لا بركة فيها ولا خير
بل حتّى لو كنت في بيئة سليمة من الشرك والبدعيّات لابدّ أن تدعوَ إلى التوحيد ، النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا دخل الناس في دين الله أفواجًا ماصرفه ذلك عن أن يدعو إلى التوحيد حتّى في آخر حياته صلّى الله عليه وآله وسلّم محذّرًا أمّته من الشرك
الأصل السادس :
ــــــــــــــــــــ
العلم النافع هو العلم الذي في القرآن والذي صحّ في سنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بشرط أن يُفهم هذا العلم على ما فهمه سلف هذه الأمّة من الصحابة ومن جاء بعدهم ممّن اتّبعهم بإحسان
هذا هو العلم النافع الذي يقيك بإذن الله عزّ وجلّ من الفتن ، لكن أن يُجعل ما يسمّى بالقَصص الحياتيّة في الدعوة إلى الله ( حدّثني كذا، وحدّثني مجموعة ، ورأيت كذا ، والتقيت بأولئك أو بهذا ) هذا ليس بعلم نافع ، بل ذمّ السلف القُصّاص . ولذلك لمّا لم تكن لهؤلاء بضاعة ، أيّ شيء يقع أمامهم وتراه أعينهم يذكرونه من الأحاديث حتّى لو كانت باطلة ، والواقع يشهد بهذا
الناس فيما مضى، آلاف المحاضرات لكنّ التوحيد لايُذكر إلّا نزرًا يسيرًا ، هذا إن ذُكر
لمّا أتت الفتن ما الذي حلّ بالناس ؟ ولذلك قال بعض السلف : من عرف السنّة عرف ما يخالفها من البدعة ، عرف ما يخالفها من البدعة
العلم النافع :
العلم بالقرآن وبالسنّة على فهم سلف هذه الأمّة
ماذا قال جلّ وعلا ؟
{ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ }
[ ما الذي بعدها ]
وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } }
يعني إذا عرفت الآيات التي فُصّلت في القرآن وفي السنّة إذًا اطمأننت ، لمَ ؟ لأنّك ستعرف ما يخالفها
لكن محاضرات بالآلاف المؤلّفة فيما مضى في عشرين سنة أو أكثر وقد خلت من العلم النافع ، ما الذي جرى للأمّة ؟
لكن مَن تحدّث فيما مضى عن علمٍ نافع كشيخنا ابن باز وابن عثيمين – رحمة الله عليهما وعلى علماء المسلمين – مازال علمهم باقيًا ، وهذه موعظة وذكرى لي ولك حتّى نتشبّث بالعلم النافع الذي يعصمك بإذن الله عزّ وجلّ من الفتن
الأصل السابع :
ــــــــــــــــــــ
أنّ أعظم أمْر أمَرَ به الله وأمر به رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو التوحيد
وإنّ أعظم ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الشرك
بل الأنبياء أعظم ما أمروا به هو التوحيد ، وأعظم ما نهوا عنه هو الشرك
قال تعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ } [ ما الذي بعده ؟ ]{ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}
{ قلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ }
[ أوَّل شيء ]
{ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }
ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
هذه أصول عليك أن تفهمها وأن تحفظها وأن تراجعها ، وهذه الأصول أصول مختصرة
وللحديث تتمّة إن شاء الله تعالى في أصولٍ مختصرة أخرى حتّى ينتفع المسلمون في هذا الزمن وفي أيّ زمن ، حتّى ينتفعوا بهذه الأصول فلا يَضِلّوا ولا يُضَلّوا
أسأل الله لي ولكم الثبات على التوحيد والسنّة حتّى نلقاه