خطبة ( 3 ) أحد عشر أصلا يحتاجها العامي وطالب العلم في هذا الزمن ليعصمه الله من الزلل

خطبة ( 3 ) أحد عشر أصلا يحتاجها العامي وطالب العلم في هذا الزمن ليعصمه الله من الزلل

مشاهدات: 47

خطبة رقم [3]

 ــــــــــــــــــــ

( أحد عشر أصلا )

يحتاجها العامي وطالب العلم في هذا الزمن ليعصمه الله من الزلل

ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

 

 

تحدّثنا في الجمعتين السابقتين عن تسعة عشر أصلًا من الأصول المهمّة التي يحتاجها العامّيّ وطالب العلم في كلّ زمن مقتصِرًا فيها على ذكر دليل واحد .

 

الأصل العشرون

ـــــــــــــــــــــــــ

      من رحمة الله جلّ وعلا أن جعل العمل الصالح سببًا لدخول الجنّة ، وليس العمل عِوَضًا عن الجنّة فسِلعة الله غالية 

 

ولذلك قال عزّ وجلّ : { جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ، { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } هذا سبب ، لكن لا يكون عِوضًا

 

       النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحين – وله ألفاظ متعدّدة – : ( لن يُدخِل أحدًا عملُه الجنّةَ ) قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ( ولا أنا إلّا أن يتغمّدنيَ اللهُ برحمة منه وفضل )

 

الأصل الحادي والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

      

      القرآن شفاء لكلّ مرض ، سواء كان مرضًا قلبيًّا أو مرضًا بدنيًّا  

شفاء للأوهام للخواطر للوساوس للشبهات للشهوات ، شفاء لكلّ مرض عضويّ في البدن ولو كان داءً عُضالًا 

 

       قال عزّ وجلّ {  وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ } ( مِنْ ) هنا ليست للتبعيضيّة بل للجنس ، كلّ ما في القرآن ولو كانت آيةً تتعلّق بالأحكام الفقهيّة لو قُرئت على حسَب مقتضى الشرع نفع الله بها بإذن الله عزّ وجلّ  

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } لكن قد لا يُشفى الإنسان ، الخلل في القارئ ، الخلل في الراقي ، وليس الخلل في آيات الله عزّ وجلّ لأنّ هذا القارئ لم يقرأ وقلبه حاضر ، أو لم يقرأ على الطريقة الشرعيّة النبويّة .

 

 الأصل الثاني والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

      قَول ( لا إله إلّا الله ) مِن العبد أو من أيّ طائفة ، هذا لا يجعله بِمَنجى من عذاب الله إلّا إذا أتى بشروط وأركان لا إله إلّا الله ، وترك ما يُناقض هذه الكلمة من الشركيّات 

 

    ولذلك في نصوص قيّدت أنّ مَن قال لا إله إلّا الله دخل الجنّة قيّدته بالصدق ، قيّدته بالإخلاص، قيّدته بالابتغاء . ومن كان ابتغاؤه لله أتى بشروط وأركان لا إله إلّا الله وترك ما يخالف لا إله إلّا الله،

وكذلك الشأن في الصدق . 

 

   ولذلك النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحين :

( فإنّ الله حرّم على النار من قال لا إله إلّا الله ..) التتمّة ( يبتغي..) هذا يدعوه إلى العمل وإلى ترك ما يناقض التوحيد ،

 فـ ( إنّ الله حرّم على النار من قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله ) وأتت نصوص أخرى أن يقولها صادقًا خالصًا مستيقنًا بها قلبه

 

      ولذلك غُلاة الرافضة من الإسماعيليّة والباطنيّة وغلاة الصوفيّة يقولون لا إله إلّا الله ومحمّد رسول الله ، ومع ذلك فهُم من أكفر الطوائف

 

لِمَ ؟

لأنّهم يأتون بالشركيّات ، يدعون غير الله ، يستغيثون بغير الله ، يدّعون العصمة ويدّعون معرفة الغيب بأوليائهم  ، وإلّا فالمنافقون يقولون لا إله إلّا الله محمّد رسول الله . فتنبّه 

 

 

الأصل الثالث والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

      أفضل ذكر ودعاء تدعو به هو التوحيد ، ولذلك عند النسائيّ في السنن الكبرى وصحّحه ابن حجر : قال موسى يا ربِّي علّمني دعاءً أذكرك وأدعوك به ، فقال : (( يا موسى قل لا إله إلّا الله )) 

 

 (( أذكُركَ وأدعوكَ به )) ذكر ودعاء ، (( قال يا موسى قل لا إله إلّا الله))

فلذلك ثبت عند الترمذيّ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

( أفضل الدعاء دعاء  يوم عرفة ، وأفضل ما قلته أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير )

 

 

: الأصل الرابع والعشرون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

      أنّ دعاء غير الله عزّ وجلّ شرك { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } 

 

والدعاء نوعان : دعاء عبادة ، ودعاء مسألة

 

  • دعاء العبادة : أنت إذا صلّيت أو حججت أو زكّيت أو صمت ، لسان حالك تدعو الله لأنّك ما صلّيت ولا تصدّقت ولا صمت إلّا من أجل أن ينجّيك الله عزّ وجلّ من النار و أن يدخلك الجنّة ومحبّة في الله جلّ وعلا ، فهذا دعاء بلسان الحال ولو لم تتلفّظ بلسانك .

 

النوع الثاني من أنواع الدعاء : دعاء المسألة كأن تقول : يا ربّ ارزقني ، ارحمني ، اغفر لي . فلا يجوز أن يُقال لإنسان ، لمخلوق . يقول له اشفني أو ارفع عنّي الضرّ أو ما شابه ذلك .

 

الأصل الخامس والعشرون :

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

       الله جلّ وعلا في العلوّ ، فوق السماوات .

 

      ليست السماوات محيطة به ، وليست السماوات تحمله ، تعالى الله عن ذلك ، هي محتاجة { وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ } يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا  } فهو جلّ وعلا قد استوى استواءً يليق بجلاله وبعظمته على العرش ، والعرش سقف المخلوقات وقد استوى استواء يليق بجلاله وبعظمته ، ومع ذلك {  لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ }

 

        أمّا الآيات التي فيها { وهو معكم } نعم ، هو معنا بعلمه و بإحاطته ، بنحو ذلك . فهو مع الخلق جميعًا ، بإحاطته بقدرته بعلمه . وأيضًا هو مع عباده المحسنين المُتَّقِين بالتأييد وبالنصر وبالتوفيق . فتنبّه . لا تظنّ أنّ الله قد حلّ في كلّ مكان . أمّا قوله تعالى { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ  } مُطلق العلوّ أو تكون ( في ) بمعنى على السماء ، وليست السموات محيطة به ، ولا أنّها تحمله ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .

 

الأصل السادس والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

       ربوبيّة الله عزّ وجلّ للعباد على نوعين

 

     ربوبيّة عامّة  :

لجميع الخلق ، الله ربّ الجميع . كيف ؟ يعطيهم ، يرزقهم ، يعافيهم . للمؤمن وللكافر . 

 

     النوع الثاني :

 ربوبيّة خاصّة ، تخصّ المؤمنين ، ربوبيّة خاصّة بالمؤمنين يُغذّي بها قلوب عباده المؤمنين بالهدى و بالخشية و بالتُّقى .و لذلك قال موسى {  رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } ودَعَوات عُبَّاد الله الصالحين تُصدَّر بكلمة ( رَبَّنَا ) فهي الربوبيّة الخاصّة ( خاصة بالمؤمنين )

 

الأصل السابع والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

         لُقيا العبد لله عزّ وجلّ على نوعين :

 

  • لُقيا عامّة :

 لجميع الخلق يوم القيامة ، للمؤمن وللكافر  قال تعالى {  يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } نحن نكدح في هذه الدنيا ، في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة . منهم مَن هو المهتدي ، ومنهم مَن هو الضالّ . ولكن بعد هذا الكدح ( فملاقيه ) و لذلك ذكر بعدها ( من يعط كتابه بيمينه ومن يعط كتابه بشماله )

 

  • النوع الثاني : لُقيا خاصّة بالمؤمنين :

 لُقيا التكريم والإكرام والثواب . ولذلك قال تعالى  : {  فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } 

 

:الأصل الثامن والعشرون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

      المسلم مهما فعل من الكبائر ولو عظُمت ، ولو كانت فظيعة ، فلا يُخلّد في النار ، ولا يكون كافرًا ، خلافًا للخوارج ، الذين يخرجون على ولاة المسلمين ، ويُكفّرون المسلمين ، ويستبيحون دماءهم بحجّة أنّهم كُفَّار ، هذا مذهب الخوارج . لكن معتقد أهل السنّة والجماعة أنّ العبد مهما عظُمت ذنوبه وكثرت بما أنّه موحِّد ، فهو تحت رحمة الله يوم القيامة ، إن شاء الله عزّ وجلّ رحمه تفضّلًا منه ، وإن شاء عذّبه بقدر ذنبه ، ثمّ المردّ إلى الجنّة . قال تعالى  : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } 

 

: الأصل التاسع والعشرون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

       العبد مهما أعطاه الله جلّ وعلا من العلم والدِّين ، ومهما كان في بيئةٍ نقيَّةٍ من الشرك ، فالواجب عليه أن يتعلّم التوحيد وأن يحذر من الشرك ، ولذلك إبراهيم عليه السلام إمام في التوحيد { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } يعني إمامًا يُقتدى به في الخير { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } مع ذلك من دعائه {  وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ } إذا كان هذا هو دعاء إبراهيم عليه السلام ، فما ظَنُّكُم بغيره ؟!

 

: الأصل الثلاثون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       كلّ آيات القرآن دون استثناء توحيد ، ما من آية في كتاب الله إلّا وهي تدعو إلى التوحيد ، كلّ القرءان ، دون استثناء . كيف ؟

 

    آيات القرءان إمّا أن تدعو صراحةً إلى التوحيد ، أو أنّها تدعو إلى الأعمال الصالحة التي تكمّل هذا التوحيد ، أو تبيّن ثواب وجزاء الموحّدين في الدنيا وفي الآخرة ، أو آيات صريحة تحذّر من الشرك ، أو آيات تحذّر من الفحشاء والمنكر والذنوب التي قد توقع العبد من حيث لا يشعر في الشرك بالله عزّ وجلّ ، أو آيات تبيّن عقوبة المشركين في الدنيا وفي الآخرة .

 

   إِذًا كلّ آيات القرءان توحيد . أعطيكم مثال : قوله تعالى :

 { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } يعني المطلقة إذا لم تكن حاملًا تعتدّ ثلاث حِيَض ، إذا فعلت فعلت عَمَلًا صالحًا ، هذا العمل يكمِّل التوحيد لديها

 

 

     أسأل الله عزّ وجلّ لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح . وهذه كما سلف أصول مختصرة بالدليل ، بدليل واحد . والأدلّة كثيرة

 ولكن  من باب الاختصار

 فيتعيّن على المسلم أن يعرف أمور دينه

 

      ولهذه الأصول – بإذن الله – تتمّة ؛ لأهميّتها ، ولا يستغني عنها طالب العلم فضلًا عن العامّيّ