شرح حديث (إن الله يكره التثاؤب)

شرح حديث (إن الله يكره التثاؤب)

مشاهدات: 591

شرح حديث (إن الله يكره التثاؤب)

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ذكر البخاري رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (إن الله يكره التثاؤب) .

هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :

  • إن التثاؤب مما يكرهه الله عزوجل وسبب ذلك أن التثاؤب سببه امتلاء البطن من الطعام وإذا امتلأت المعدة من الطعام أورثت ثقلاً وكسلاً وخمولاً على بدن الإنسان ثم يتثاقل عن طاعة الله عزوجل وهذا مما يحبه الشيطان ولذا قال في الحديث (فإن التثاؤب من الشيطان) ولتعلم أنه ما من ذرة ولا من حركة إلا وهي من خلق الله عزوجل ليس له شريك في خلقه , فالله عزوجل خلق كل شيء لكن أضاف التثاؤب إلى الشيطان لأن الشيطان يحب التثاؤب ففي هذا تأدبٌ مع الله عزوجل , أيوب عليه الصلاة و السلام ماذا قال الله عنه (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصبٍ وعذاب) تنزيهاً لله عزوجل ولذا من دعاء النبي عليه الصلاة و السلام (والخير بيديك والشر ليس إليك) تنزهاً لله عزوجل من أن ينسب إليه الشر ولكن الله عزوجل إذا خلق التثاؤب أو إذا خلق المرض أو إذا أوجد الضر أو الفساد أو الفياضانات أو الزلازل أو البراكين لتعلم أنها خير لأن فعل الله عزوجل كله خير لكن قد يكون شراً بالنسبة إلينا لكن فيه خير [ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا(لمَ ؟) لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ] إلى الله عزوجل فينيبون إليه .
  • قال عليه الصلاة و السلام (فإن التثاؤب من الشيطان) ولذا النبي عليه الصلاة و السلام قال (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا نام ثلاث عقد يقول عليك ليل طويل فارقد فإن قام فذكر الله انحلت عقده فإن قام فتوضأ انحلت عقدة فإن قام فصلى انحلت عقده كلها وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) هذا من أثار الشيطان ولذا النبي عليه الصلاة و السلام  كما عند الترمذي لما تجشأ شخصٌ عنده (الجشاء هو عبارة عن صوت تفرزه المعدة نتيجة الامتلاء والناس يسمونه تسميات على حسب أعراف البلدان) فقال عليه الصلاة و السلام ( كف عنا جشاءك فإن أكثركم شبعاً في الدنيا أطولكم جوعاً يوم القيامة) على اعتبار صحة هذا الحديث عند من يصححه كالألباني رحمه الله لماذا مع أن بعض الصحابة امتلأت معدته عند النبي عليه الصلاة و السلام  كقصة اللبن في حديث أبي هريرة في الصحيحين قال رسول الله (اشرب قال والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً) فهذا الحديث والله أعلم  (فإن أكثركم شبعاً في الدنيا أطولكم جوعاً يوم القيامة) إما لأنه ملأ بطنه و إخوانه الآخرون ضعفاء جياع فلم يلتفت إليهم أو وهو مرادنا في هذا الحديث أنه إذا ملأ بطنه تكاسل عن العبادة فيعاقب على تكاسله عن هذه العبادة نتيجة امتلاء البطن لأنه أطول الناس جوعاً يوم القيامة ولذا المسلم إذا تثاءب فعليه أن يرده ما استطاع قال عليه الصلاة و السلام  (فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإنه إذا قال هاه ضحك منه الشيطان) يسر الشيطان ويسعد بهذا لماذا يضحك ؟ لأن ابن آدم في حالة غير ملائمة ولذا قال عليه الصلاة و السلام  (فليرده ما استطاع) , كيف يرده ما استطاع ؟ يعني ليكظم كما جاء في الرواية الأخرى (فليكظم ما استطاع) بمعنى أنه يغلق فمه . فإن زاد معه التثاؤب فلم يتمكن من كظم فمه قال عليه الصلاة و السلام  (فليضع يده على فمه) إذاً : إذا لم يستطع أن يكظمه بفمه بفكيه فليضع يده أو ثوبه على فمه فإن الشيطان يدخل كما في رواية مسلم يعني أن الشيطان إذا تثاءبت فلم تكظم ولم تضع يدك على فمك فإن الشيطان بين حالتين: الضحك لما قلت هاه وكذلك يدخل ودخوله أمر طبيعي لأن النبي عليه الصلاة و السلام  قال كما في الصحيحين (فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) ولذالك يقول العلماء إذا تثاءب الإنسان وهو يقرأ القرآن فليتوقف ولا يواصل القراءة حتى يفرغ من هذا التثاؤب ولذالك إذا جاء في الصلاة فهو أعظم و أعظم وهذا نتيجة الكسل وامتلاء المعدة ولذا كما جاء في حديث (من أنه ما تثاءب نبي قط ) يقول ابن حجر رحمه الله ويؤيده ويقويه أن النبي عليه الصلاة و السلام  قال (إن التثاؤب من الشيطان) ولذالك جاء عند ابن ماجة وفيه مقال عند بعض العلماء والبعض يحسنها قال (ولا يعوي) بعض الناس إذا تثاءب فتح فاه و أخرج صوتاً قال ( و لا يعوي) شبهه بعواء الكلب تقبيحاً له لأن الذي يعوي هو الكلب قال (ولا يعوي) وذلك لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد نفر منهم الشيطان وهم أهل العبادة ولذا قال عزوجل [وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ]  أولي قوة في الدين [إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ] يعني همهم وهدفهم الدار الآخرة ولذا جاء في خصائص النبي عليه الصلاة و السلام  وذكر ابن حجر رحمه الله أثراً من خصائص النبي عليه الصلاة و السلام  ولم يعلق عليه رحمة الله عليه قال (إن النبي عليه الصلاة و السلام  كان لا يتمطى) ما هو التمطي ؟ (التمغط) عندنا هذا نتيجة ماذا كسل أو نشاط ؟ كسل كان لا يتمطى يعني كان لا يتمغط أو يحرك يديه وظهره نتيجة كسله فإذاً خلاصة القول أن المسلم إذا تثاءب يكظم ما استطاع فإن غلبه فليضع يده على فمه ولا يخرج صوتاً يشابه صوت الكلب في العواء .
  • وأما ما يفعله البعض من أنه إذا تثاءب قال (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقد قال الشيخ ابن عثيمين هذه لا تشرع لمَ لأنها ليست من فعل الشيطان ولذا قال تعالى [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] قال هذه الآية لا تدل على هذا وذلك لأن الله عزوجل أمرنا بالاستعاذة من الشيطان إذا حصل لنا نزغ من الشيطان وهنا لم يحصل نزغ من الشيطان وإنما هذا خارج عن إرادة ابن آدم ومن ثم فإن قول الإنسان عند التثاؤب (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) يقول الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه لا دليل عليه ولا يقوله الإنسان وكذلك عند التجشأ لا تقل (الحمد لله) هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين