تشميت العاطس
وشرح حديث :
( يشمت العاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم)
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
جاء في سنن ابن ماجة وفي الأدب المفرد للبخاري ويقويه أثار عن الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يشمت العاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم).
هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :
يقول شيخ الإسلام رحمه الله (إن المنصوص عن الإمام أحمد أن العاطس لا يشمت بعد الثلاث) لمَ ؟ لأنه عليه الصلاة و السلام علل بعلة وهي أن هذا العطاس إذا زاد عن هذا العدد خرج عن كونه عطاساً وأبخرة إلى كونه مرضا فيتشافى صاحبه ويطلب العلاج ولذا يقول العلماء يقولون إذا زاد على الثلاث فإنه يدعو له بالشفاء .
لو قال قائل لو أن الإنسان عطس والإمام يخطب هل يشمت أو لا ؟ الصحيح أنه لا يشمت لأنه كلام فإذا عطس الإنسان حال الخطبة فإنه لا يشمت إنما يشمت بعدها أو إذا سكت الإمام أو إذا كان بين الخطبتين فإنه يشمت أما في ثنايا الخطبة فإنه لا يشمت .
لو قال قائل لو أن الكافر عطس عند المسلم ماذا يقول له ؟ (يهديكم الله ويصلح بالكم) فقط لا يقول مثل ما يقوله للمسلم (يرحمك الله) يقول (يهديكم الله ويصلح بالكم) , (يصلح بالكم): يعني شأنكم فإن المسلم كما هو معلوم إذا عطس فحمد الله يشمت فيقال له (يرحمك الله) ماذا يقول العاطس ؟ (يهديكم الله ويصلح بالكم) بعض الناس يقول (يهدينا الله وإياكم) هذه لا يعرف له أصل في السنة أنا لا أعلم لها أصلاً لكن الثابت المعروف مما ذكره العلماء (يهديكم الله ويصلح بالكم) .
لماذا الكافر لا نقول له (يرحمك الله) ؟ لأن الكافر لا يجوز أن يدعى له بالرحمة ولذا جاء عند أبي داود (أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي عليه الصلاة و السلام رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله فكان جوابه عليه الصلاة و السلام أن (يهديكم الله ويصلح بالكم) ) لأن الدعاء للكافر بالهداية أو الدعوة له بالهداية لا شك أن في ذلك فضلا وخيراً على الداعي .
لو عطس الصغير يقال له إن كان مميزاً يعني مدركاً يقال له قل (الحمد لله) يعلمه ثم يقال له (يرحمك الله) ثم يعلم بأن يقول (يهديكم الله ويصلح بالكم) لكن لو كان غير مميز عمره مثلاً سنة , سنتان , ثلاث لا يدرك عطس فماذا تفعل يقول ابن مفلح في الآداب الشرعية (إن بعضاً من السلف ونقل آثاراً عنهم أن الصبي الذي لا يميز إذا عطس يدعى له بالبركة ) فإذا عطس الصغير يقال له (بارك الله فيك) أو يقال (أصلحك الله) أو ما شابه ذلك فإن في هذا أثراً عن بعض السلف رحمهم الله .
إذاً هذا هو ما يتعلق بأحكام العطاس والعطاس كما قال النبي عليه الصلاة و السلام (العطاس من الله) لكن ليس العطاس الناتج عن زكام أو عن حساسية في الأنف (لا) العطاس إذا كان طبيعياً يعني شيئاً عرضياً لماذا كان العطاس من الله في تتمة الحديث (العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان) ؟ لا شك أن العطاس والتثاؤب إنما خلقهما مَنْ ؟ الله عزوجل لكن أضيف التثاؤب إلى الشيطان وأضيف العطاس إلى الله عزوجل لأن العطاس فيه خفة وحياة فهو عبارة عن نشاط وخفة وإقبال على العبادة بينما التثاؤب ينبئ عن امتلاء البطن وعن الكسل وعن الدعة وهذا مما يحبه الشيطان فلذا نسب إليه.
وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين