فوائد تحت قصة ( أبي داود في تشميت العاطس )

فوائد تحت قصة ( أبي داود في تشميت العاطس )

مشاهدات: 2698

(قصة أبي داود في العطاس)

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 ابن حجر رحمه الله ذكر في كتابة فتح الباري قصة عن أبي داود , أبو داود هو العالم الذي صنف كتاباً في الحديث ضمن كتاباً فيه من الأحاديث ما يزيد على خمسة الآف حديث وهو الذي يقال أخرجه أبو داود أو رواه أبو داود , ابن حجر رحمه الله قال صحت عنه فيذكر رحمه الله فيقول كان أبو داود في سفينة من السفن فلما تحركت هذه السفينة إذا برجل على الشاطئ يعطس فحمد الله ورفع صوته بالحمد فماذا صنع أبو داود استأجر قارباً من قوارب هذه السفينة بدرهم من أجل أن يأتي إلى هذا الرجل الذي عطس ليشمته فانتقل بهذا القارب وشمته ثم رجع فقيل له لماذا صنعت كل هذا فقال رحمه الله لعله مجاب الدعوة إذا قلت (يرحمك الله) قال (يهديكم الله ويصلح بالكم) ربما يكون مجاب الدعوة فيقول نام مَنْ في السفينة فلما رقدوا إذا بمنادٍ ينادي يقول (إن أبا داود اشترى الجنة من الله بدرهم ) .

هذا القصة يستفاد منها فوائد :

  • بيان ربط السلف رحمة الله عليهم ربط قولهم بالعمل فإذا علم الإنسان شيئاً فعليه أن يمتثله وأن يطبقه لأنه يعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال كما في الصحيحين (فإذا حمد الله فحقٌ على كل من سمعه أن يشمته).
  • لا يَسْتَقِلّ الإنسانُ العملَ اليَسِيرَ ، فَلَرُبَّما تعمل عمَلا صغيرًا في نَظَرِك فَيَرفَعك اللهُ عزّ وجلّ بِهذا العملِ دَرجاتٍ مِن حيثُ لا تَشْعُر

وهذا مصداق حديث النبي عليه الصلاة و السلام  كما في الصحيحين قال (اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة) أي وسيلة من فعل أو قول تعلم بأنها تجنبك من النار  فافعل ولا تستقلها فإن ربك جل وعلا كريم.

  • أن التشميت كما يراه ابن القيم رحمه الله والمسألة خلافية يرى أن التشميت واجب فإذا سمعت عاطساً يحمد الله عزوجل فيجب عليك أن تشمته لقول النبي عليه الصلاة و السلام (فحق على كل من سمعه أن يشمته) .
  • ما معنى تشميت العاطس وهذه لفته ينبغي أن نتنبه إليها تشميت العاطس أنك إذا حمدت الله فقال (يرحمك الله) ففيه دعاء من هذا الرجل أو من هذا الشخص أن يجنبك الله جل وعلا كل حالة يشمت فيها أعداؤك بل , ويسمى (تسميت العاطس) سمتك العاطس يعني يدعو لك بأن الله عز وجل يعيد كل عضوٍ إلى سمته وإلى وضعه الطبيعي لأنك إذا عطست فالجسم يرتج وفيه دعاء أيضا بأن يلزمك الله عزوجل السمت والهداية والطريق الصحيح ومن ثم فإنها لفته ودعوة إلى من عطس أن يحمد الله عزوجل ويرفع حمده إذا حمد الله لأن البعض قد يعطس ولا يحمد الله عزوجل أو بعضهم يحمد ولكنه لا يسمع الآخرين فيفوت حقيقةً يفوت على نفسه خيراً كبيرا لأن أخاك المسلم يدعو لك بأن يجنبك جل وعلا كل شيء يشمت فيه أو به فيه عدوك .
  • لماذا يقال (يرحمك الله) كلمة (يرحمك الله) فيها فوائد من بينها أن هذا الإنسان إذا عطس ما الذي يحصل لبدنه ؟ الارتجاج فيدل على قوة في هذا الإنسان أو ضعف ؟ يدل على ضعف فإذا قال (يرحمك الله) يعني أنت يا من ترى نفسك شيئاً فنحن ندعو لك الله عزوجل أن يرحمك لأنك في مقام ضعف في مقام ذل فلا تتكبر , والتشميت كما قلت مبني على التحميد أن تحمد الله عزوجل ولذا قال بعض العلماء لو أن الإنسان عطس عنده شخص فسمع أناساً يشمتون هو لم يسمع التحميد سمع أناساً يشمتون هل يشمته مع أنه لم يسمع تحميده مختلف في هذا ولكن الصواب لا يشمته لمَ ؟ لأن النبي صلى الله عليه و سلم ربط هذا الأمر بسماع الحمد (إذا سمعت فحقٌ على كل من سمعه أن يشمته) وأنت لم تسمعه ولذا يقول النووي رحمه الله وهو رأي له وهناك من يخالفه ولعله الأقرب يقول لو أن شخصاً عطس ولم يحمد الله هل تسكت أو أنك تذكره ؟ تذكره تقول احمد الله جل وعلا لمَ ؟ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب تذكيره بهذا الأمر لأن التحميد قال عنه بعض العلماء واجب يعني يجب أن يحمد الله عزوجل لأنه نجاه من هذه الكربة ومن هذا الجهد ومن هذا العناء حتى لو عطست في الصلاة لتحمد الله فقد جاء ما يدل على ذلك عند الترمذي من حديث رفاعة أنه لما عطس حمد الله ولم ينكر عليه عليه الصلاة و السلام ولكن لا تشمته في الصلاة لأنك لو شمته و أنت في الصلاة فقلت يرحمك الله تكلمت في الصلاة , إذاً لو عطست في الصلاة تحمد الله عزوجل لمَ ؟ لوجود سبب .
  • من آداب العاطس أنه يخفض صوته داخل الصلاة أو خارج الصلاة يخفض من صوته ولذا صح عن ابن عمر رضي الله عنهما كما في الأدب المفرد عند البخاري وابن أبي شيبة أنه لما سمع رجلاً يقول لما عطس عطسة قوية (أش) يقول هذه كلمة أدخلها الشيطان بين العطسة وبين التحميد يعني يقول هذه من الشيطان لأن النبي عليه الصلاة و السلام كما في السنن (كان يخفض بها صوته) وكان عليه الصلاة و السلام  (يضع يده أو ثوبه إذا عطس) حتى لا تخرج هذه الأبخرة فتصيب غيره فيتأذى .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين