بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر صفة صلاة الرسول ﷺ [في ثلاث خُطب للجمعة]
لفضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري- عام 1424هـ
الخُطبة الأولى في: مختصر صفة صلاة النبي ﷺ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما بعد، فيا عباد الله: كان من جملة ما تحدثنا عنه في الجمعة الماضية، أن الله عز وجل فرضَ على النبي ﷺ الصلاة في السماء حينما عُرِجَ به ﷺ.
تلك السيرة التي التزمنا أن نأتي عليها من أولِها إلى آخِرها بإذن الله عز وجل.
التزمنا التزاما ثانيا:
وهو أنه بين الفينة والأخرى نقف بوقفة فاصلة من باب التنويع:
من أجل أن نبين للناس كلهم عظمة هذا النبي ﷺ من خلال سيرته
وموضوعنا في هذا اليوم: من جملة سيرته ﷺ، لكنه مُقتطع من جزئية حصلت فيما عُرج به ﷺ؛ تلك الجزئية من المعلومة هي ” فرضية الصلاة “:
الصلاة: هي آخِر وصية النبي ﷺ، وإن شئت فقل:
من آخِر وصاياه عليه الصلاة والسلام عند موته
فضائلُها معروفة؛ حكمُها معروف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حكمُ مَن تَرَكَها تهاونا وكَسَلا:
قرر العلماءُ المحققون أنه كافر؛ يخرجه هذا الفعل عن ملة الإسلام.
ليس هذا هو الحديث؛ إنما الحديث عن صفةِ هذه الصلاة
وصفتُها تدل على مكانتها وفضلها؛ كيف؟
لأنه ﷺ دعته فضائلُ هذه الصلاة إلى أن يصلي بأصحابه على المنبر كما جاء في الصحيحين؛ إذ قال: ” إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي “
وقال ﷺ – كما في الحديث الآخر عند البخاري-: “صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي “.
فحديثنا في هذا اليوم ” عن صفة الصلاة “
وسآتي عليها بعرضٍ مختصرٍ يسير حسب ما يقتضيه الحال، وحسب ما أستطيع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الواجبُ على المصلي:
أن يتوضأ ويُحسِنَ الوُضوء؛ ثم يستقبلَ القبلة؛ ثم يكبر.
تنبيه/ لا يُشرَعُ له قبل التكبير أن يقول شيئا، ولا يُشرع له ان يتلفظ بالنية
ولذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في وصفِه لصلاة النبي ﷺ إذ قال: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ “
ولم يُذكَر أنه ﷺ قال شيئا
إذًا/ هذا يدل على أن التلفظ بالنية جهرا أو سرا مما ليس في شرعِه، فيكون من البدع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه آخَر/ ما يفعله البعض قبل أن يدخلَ في الصلاة يقول:
” اللهم اجعل لنا منها حظا ونصيبا “! هذا مما لا يُعرَفُ له أصل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه آخَر/ كذلك: ما يقوله البعض حينما يقول الإمام ” استووا ” يقول: ” استوينا “!
فهذا مما لا يُعرَفُ له أصلٌ في الشرع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه آخَر/ ما يقوله البعض: ” وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِين..”
هذا لا يُقال قبل الدخول في الصلاة إنما يقال بعد الدخول في الصلاة بعد التكبير؛
فهو من أدعيةِ الاستفتاح الواردة عن النبي ﷺ كما جاء في صحيح مسلم من حديث عليٍّ رضي الله عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إذاً لا يقولُ شيئا، وإنما يَشرَعُ في التكبير.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحث على تسوية الصفوف في صلاة الجماعة
والتسويةُ: هو أن يكونوا في صفٍّ متساو دون أن يتقدمَ أحدٌ على أحد.
إذا كان في جماعة فالواجبُ على أئمة المساجد أن يَحضُّوا الناسَ على تسويةِ؛ الصفوف، وعلى المصلين أن يتواصوا فيما بينهم في تسوية الصفوف؛ لأن النبي ﷺ قال كما جاء في الصحيحين:” لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ “
وفي رواية: ” أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ “
ولذا قال ﷺ – كما عند أبي داود: ” لِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ “
يعني: ليكن الواحد منكم لينا إذا طلب منه أخوه المسلم أن يسويَ الصف؛ وأن يتراصوا فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تكبيرةُ الإحرام
فيقول المصلي: ” الله أكبر “
ومما ينبغي له في هذا المَقام: أن يستحضرَ معنى التكبير
ما معنى التكبير؟
أن الله عز وجل أكبرُ مِن كلِّ شيء، وإذا كان جل وعلا أكبرَ مِن كلِّ شيء؛ فإن المطلوب منه أن يكون في هذه الصلاة على أحسنِ حال:
في ركوعها؛ في سجودها؛ في خشوعها؛ في جميع أحوالها
لم؟ حتى يصدق عليه قولُ الحق عز وجل:
﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ ﴾ [العنكبوت: ٤٥]
﴿ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ ﴾
يقولُ شيخ الإسلام رحمه الله: التفسير الصحيح لقوله تعالى: ﴿ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ ﴾
أن ذِكْرَ اللهِ عز وجل في الصلاة أكبر مما تصنعه الصلاة في نهي المسلم عن الفحشاء والمنكر، والتكبير مِن ذِكْر الله عز وجل
ولذا النبي ﷺ قال كما في المسند: ” إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ “
يعني: إذا دخلتَ في الصلاة استحضر أنك لا تعيشُ بعد هذه الصلاة
تصور: لو أن أحدَنَا أُخْبِرَ أنه ستُقبض روحُه بعد صلاةٍ معينة!؟
فماذا يكونُ حاله في هذه الصلاة؟
سوفُ يكونُ في خشوعٍ كاملٍ تامّ، وفي خضوعٍ وانكسارٍ وافتقارٍ إلى الله عز وجل، وبكاءٍ وتَضَرُّع
فكذلك ينبغي للمسلم أن يكونَ حالُه في كلِّ صلاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولفظُ التكبير هو: ” الله أكبر “
ولا يجزئ ” الله الأكبر “؛ وكذلك لا يجزئ أيُّ لفظ
لا بد من كلمة ” الله أكبر “؛ وهي ركنٌ من أركانِ الصلاة
لا تنعقد الصلاة إلا بها: لقوله ﷺ كما في السنن:
” مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ “.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رفع اليدين
إذا كَبَّر ماذا يُشرَعُ له؟
يشرع له أن يرفع يديه كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه
إما إلى حذو منكبيه: هكذا وتكون اليدان مضمومتَي الأصابع؛ لما جاء عند الخمسة ما عدا ابنَ ماجه: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا”
كان يَمُدُّ يدَيه.
وأما ما جاء في رواية النشر والتفريق فإنها غيرُ ثابتة.
إذًا يمد أصابعه: إما إلى حذو منكبيه؛ وإما إلى فروع أذُنَيه
ويُنَوِّع: مرةً هكذا عند حَذْوِ منكبيه؛ ومرةً: عند فروعِ أذنيه.
تنبيه/ وأما ما يصنعُه البعض مِن جَعْلِ الإبهامَين عند شحمتَي الأذنين فهي واردة ولكنها ضعيفة؛ فهي في سنن أبي داود لكنها ضعيفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صفات رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام:
1/يقول: “الله أكبر” ويكونُ الرفع مُصاحِبًا إما للتكبير.
2/ أو وهي سنةٌ ثابتة كما عند مسلم:
يرفع ثم يكبر؛ إذا انتهى مِن الرفع قال: ” الله أكبر “.
3/أو يجعل التكبير قبل الرفع كما جاء في الصحيحين يقول: ” الله أكبر ” ثم يرفع يديه.
هو مُخَيَّرٌ بين هذه الصفات الثلاث.
والذي ينبغي للمسلم حتى يحفظَ سنةَ الحبيب المصطفى ﷺ؛ وحتى يكون مطبقا وممتثلا متأسيا به ﷺ؛ وحتى يحفظَها من الضياع، ويحفَظَها في قلبه؛ عليه أن يُطَبِّقَ هذه مرةً؛ وهذه مرةً؛ وتلك أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا رفع يديه:
السنة له بعد رَفْع يديه مع تكبيرة الإحرام أن يضع يديه على صدره مباشرة.
تنبيه/ لأن البعض يخطئ في هذا المقام: يرفع يديه ثم يُرسِلُهما؛ ثم يرفع ثم يضع اليمنى على اليسرى على الصدر! هذا خطأ.
فما يفعلُه البعض: يرفع يديه: ” الله أكبر ” ثم ينزلُها إلى جَنبَيه ثم يرفعهما مرةً أخرى فهذا غيرُ وارِد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضْع اليد اليُمنى على اليُسرى
يضعُ اليمنى على اليسرى: وهذه سنةُ الأنبياء كما صَح عن النبي ﷺ.
ولما رأى النبي ﷺ ابنَ مسعودٍ قد وَضَع اليسرى على اليمنى انتزَعَ النبيُّ ﷺ يدَه اليمنى ثم وضعها على يدِه اليسرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو في هذه الحال مخير بين أمرين:
1/ إما أن يقبِضَ بيمينِه على كُوعِ يُسرَاه
ما هو الكوع؟
الكوع: العظم الذي يلي إبهام اليد؛ هذا يسمى ” كوعا “.
أما العظم الذي يلي الخنصر يسمى ” كرسوعا “
أما العظم الذي يلي إبهام القدم يسمى ” بوعا “
فليس البوع هو المرفق كما يظنه البعض! لا؛ أو يظن البعض ان الكوع هو المرفق! لا.
إنما الكوع هو: العظمُ الذي يلي إبهام اليد؛ هذا هو ” الكوع “.
وما بين الكوع والكرسوع يسمّى: ” الرُّسغ ” بضم الراء.
إذًا/ فيقبض بيمناه على كوع يسراه كما جاء في بعض السنن
2/ وإما كما جاء عند البخاري: يضع يدَه اليمنى على ساعِدِ يُسرَاه.
إذًا/ إما الوضع؛ وإما ” القبض “؛ وكلُّ هذا واردٌ عن النبي ﷺ
والذي ينبغي على المسلم: أن يعملَ بهذه مرةً، وبتلك مرةً أخرى.
ومثل هذا ينبغي يا أخوان أن يُحرَصَ عليه؛ لم؟
لأن النبي ﷺ حضّ عليه “صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ” ولا شك أن الآتيَ بجميعِ سُننِ المصطفى ﷺ في الصلاة؛ لا شك أن صلاتَه أقربُ إلى القَبولِ مِن غيرِه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: البعض من الناس يبالغ مبالغةً كبيرةً في وًضْعِهِما على الصدر
والصدر هو مَحَلٌّ لِوَضْعِ اليمنى على اليسرى
-القفص الصدري لكن في الوسط هو محله-
ولذا بعضُ السلف كان يضع كَفّيه بين ” ثَنْدَوَتَيه ” يعني: بين ثدييه؛ بين الثندوتين أو بين ثديي الرجل.
التنبيه: وأما ما يصنعه البعض من المبالغة إلى أن يصل به الأمر أن يضع يديه عند رقبته! فهذا ليس واردا عن النبي ﷺ.
ــــــــــــــــــ
تنبيه: وما يصنعه البعض من وَضْع الكف اليمنى على المرفق!
فهذا ليس وارد ا عن النبي ﷺ؛ فلا أصل لقبض المرفق.
ــــــــــــــــــ
تنبيه: وما يصنعه البعض إذا وَضَع يدَه اليمنى على يده اليسرى جَعَلَ الوضع إلى جهة اليسار!
-وإن كانت حكمةً ذَكَرها بعضُ العلماء في سببِ وَضْعِ اليد اليمنى على اليسرى على الصدر لكنها غير ثابتة عن النبي ﷺ؛ فهي حكمةٌ قابلة للقَبول وقابلة للرد عند التمعن-
لم؟ قال: لأن القلبَ مِن جهةِ اليسار!
ونقول: الشرعُ ليس خاضعا للآراء؛ وليس منقادا للاجتهادات، وإنما هو الانقيادُ والسمع والطاعة.
فإذًا يكونُ الوضْعُ على الصدر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا وضعهما يستفتح
تنبيه على أهمية مسألة/ القيام مع القدرة
قبل الاستفتاح هنا أمر مهم جدا يتعلقُ بتكبيرة الإحرام، وهو:
أن تكبيرة الإحرام إذا كانت في صلاةِ فرضٍ فلا تنعقدُ الصلاةُ على أنها فرض؛
لا تصح على أنها فرض إلا إذا كان قائما مع القدرة
أما المريض فهذا أمرُه معروف: لو صلى جالسا لعدم قدرته على القيام فلا إشكال في ذلك.
التنبيه: لكن هنا البعضُ من الناس عنده في الفرض قدرةٌ على القيام؛ ومع ذلك لا يكبر تكبيرة الإحرام في الفرض وهو قائم!
وهذا ما يُرَى عند بعضِ كباِر السن؛ هو قادر على أن يأتيَ بتكبيرة الإحرام وهو قائم، لكن تجد أنه جالسٌ على كرسيه ثم يكبر تكبيرةَ الإحرام ثم يقوم!
هذا خطأ ولا تصح على أنها فرض، إنما هي نفل إن اتسع الوقت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: وكذلك البعض وخصوصا من كبار السن تجد أنه يكبرُ تكبيرة الإحرام أثناء النهوض:
مثلا: لو أقيمت الصلاة وشرَعَ الإمامُ في التكبير؛ يقوم ويكبر وهو في أثناء القيام، فلربما تنتهي جملة من جملة التكبير عند القيام! فهذا لا يصح؛ لا بد أن تكونَ كلمة:
” الله أكبر ” بجميع حروفها؛ لابد أن يأتي بها المصلي وهو قائم مع قدرته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: وبالتالي: فإن ما يصنعه البعض حينما يأتي وهو مسبوقٌ، وقد أدرَكَ إمامَه في الركوع يريدُ أن يغتنمَ الركوعَ مع الإمام حتى يُدرِكَ الركعة:
البعضُ يأتي ويكبر وهو منحني “الله أكبر”!
هذا لا يصح، ولا ينبغي! وكما قلنا لا تصح على أنها فرض
أما النفل: هذا أمره ميسور؛ فلو صلاها وهو قادر على القيام مع تكبيرة الإحرام في صلاةِ النفل؛ فإنه لا يُحسَبُ له أجْرُ الصلاةِ كاملة؛ إنما ” النصف “؛ إلا إذا كان عاجزا.
إذاً ليتنبه: لمثل هذا الأمر
البعض من الناس حينما يأتي والإمام راكع يكبر تكبيرة الإحرام وهو منحنٍ؛ وهذا خطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفتاح
إذًا/ يستفتح: والاستفتاحُ سُنّة؛ ليس بواجب.
تنبيه: وإني أعجب مما يفعلهُ البعض:
إذا أتى إلى إمامه وهو راكع يريد أن يُدرِكَ الركوعَ مع الإمام حتى يُدرِكَ الركعة
يأتي ويكبر قائما: ” الله أكبر “،
” سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالَى جَدُّكَ، ولَا إلَهَ غَيْرُكَ “
ثم يركع!
كأن الاستفتاح من الفرائض التي لا تسقط؛ هذا خطأ!
إذا كانت قراءةُ الفاتحة وهي ركن أعظم من الاستفتاح؛ تسقط إذا أدركتَ إمامَك في حال الركوع فمن باب أولى الاستفتاح.
فإذا أتيتَ والإمامُ راكع فكبِّر تكبيرةَ الإحرام وأنتَ قائم؛ ثم كبّر للركوع؛
ولا تقل قبل ذلك شيء
أدرِكْ الإمامَ في الركوع حتى تدرك الركعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنوع صيغ الاستفتاح
والاستفتاحُ -كما قلت- سَنّة؛ وقد وردت فيه صيغٌ كثيرةٌ جدا،
لو أتى الإنسانُ بأي نوع أجزأه؛ ولو نوّع بين المرة والأخرى؛ فهذا شيءٌ طيِّب وحَسَن:
” سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ” هذا هو المعروف عندنا، وهذا هو المشهور مِن فَعلِ كثير مِن الناس.
وفيه صفاتٌ أخرى لا يتّسع المَقام لِذِكْرِها؛ فمن شاء أن يطَّلِعَ عليها وأن يأتيَ بها بين الفَينة والأخرى فهذا شيءٌ حسن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعاذة
وإذا استفتح يستعيذُ بالله من الشيطان الرجيم.
والواردُ عن النبي ﷺ في الصلاة:
ما جاء عند أبي داود: ” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم مِن هَمْزِه ونَفخِه ونَفثِه “
أو يزيد كلمتين: ” أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ “
من همزه: ” يعني الجنون “
من نفخه: ” يعني الكبر “
من نفثه: ” يعني الشعر المذموم “.
والصيغة المعروفة التي جاء بها القرآن: {أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} لكن المنقول حسب عِلمنا عن النبي ﷺ في الصلاة المنقول: ” هاتان الصيغتان “
وقد أفاد الألبانيُّ رحمه الله في هذا المقام:
” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ “
أو: ” أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ “
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البسملة
ثم بعد ذلك ” يبسمل ” يقول { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يقرأ ” الفاتحة “
وقراءةُ الفاتحة ركنٌ مِن أركانِ الصلاة لا تصح الصلاةُ إلا بها:
لقوله ﷺ: ” لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ”
وقال ﷺ كما عند مسلم: ” كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ ، فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ “-فهي ناقصة-
ومن ثَم اختلف العلماء: أيقرأ المأموم خلف إمامه؟ أو لا يقرأ إذا كانت الصلاة جهرية؟
ج/ الذي يظهر من الأقوال: أنه يقرأ الفاتحةَ فقط، لما جاء في المسند -وحسنه جمع من العلماء- قال النبي ﷺ: ” لَعلَّكم تَقرؤونَ خلفَ إمَامِكم؟» قلنا: نعم، هذّا يا رسول الله. قال: لا تَفعَلُوا إلا بفاتحةِ الكتاب ” .
وهنا تنبيه:
البعضُ من الناس يقرأ الفاتحة، وإذا قرأ الفاتحة مع إمامه في الصلاة الجهريةً يظنُّ أنه لا بد أن يقرأ سورة أخرى! فتجدُ أن الإمامَ يقرأ وهو يقرأ! وهذا خطأ! لتُنْصِت
ليس عليك في القراءة الجهرية إلا أن تقرأ بعد إمامِكَ سورةَ الفاتحة فقط
ولا يُشرع لك أن تقرأ سورةً أخرى، عليك الاستماع والإنصات:
﴿وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾ [الأعراف: 204]
في صحيح مسلم: ” إذا قَرَأَ الإمامُ فأَنصِتوا “
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأمين بعد الفاتحة
فإذا فرغ من قراءة الفاتحة يقول: ” آمين “
و ” آمين ” سنة معناها: اللهم استجب ” لم؟ لأن هناك دعاءً في الفاتحة:
(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ{7}) انتهت الفاتحة
لا يُفهم ولا يُظن أن التأمين من الفاتحة
{آمين} منفصلة عن الفاتحة؛ لو لم يأت بها الإنسان لا جناحَ عليه ولا حرج.
وللتأمين مزية وفضل: ولذا النبي ﷺ كان يرفع صوته ويمدُّه بالتأمين:
وقال: “مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ “
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السورة بعد الفاتحة
فإذا كان إماما: فيقرأ في الركعة الأولى سورةً بعد الفاتحة؛ وعلى المأموم أن يُنصِتَ.
وإذا كان مأموما في صلاة سرية أو كان منفردا: فليقرأ سورة.
وقراءة السورة سُنّة ليست واجبة؛ لو تركها الإنسان لا حرجَ عليه
ولذا جاء في روايةِ أحمد وأصل الحديث في الصحيحين في قصة ذلك الرجل الذي صلى مع معاذ رضي الله عنه وأطال الصلاة؛ في مسند الإمام أحمد:
قال النبي ﷺ لهذا الرجل لما صلى وحده قال: ” ما شأنك؟ ” فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا ” -أي: إننا أصحابُ زَرْع؛ وكانوا يأتون وهم مُتعَبون- فأطال بهم معاذ ذاتَ يوم صلاةَ العشاء؛ فانفصل هذا الرجل عن معاذ؛ يقول:
” وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ. ” لأنه أتم صلاته وحده؛
فاجتهد معاذ رضي الله عنه اجتهادا في إطلاق هذه الكلمة، فأتى هذا الرجل إلى النبي ﷺ
” فَقَالَ أفتان أَنْت يَا معَاذ؟ كَيفَ تصنع يَابْنَ أخي إِذا صليت؟ قَالَ: أَقرَأ الْفَاتِحَة وأسأل الله الْجنَّة وَأَعُوذ بِهِ من النَّار، أَي: لَا أَدْرِي مَا دندنتك ودندنة معَاذ. فَقَالَ النَّبِي ﷺ: أَنا ومعاذ حولهَا ندندن”
يعني: ما نقولُه ونُكثِر مِن القراءة ونُكثر مِن أذكار الركوع والسجود
“حولهَا ندندن” من أجل الجنة؛ ومن أجل النجاة من النار
فأقرَّه النبي ﷺ على أنه كان يكتفي بقراءة الفاتحة؛ ولا يقرا معها سورةً أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الركوع
فإذا فرغ المصلي من قراءةِ السورة يُكَبِّر للركوع
والتكبيرُ للركوع واجبٌ مِن واجباتِ الصلاة
وإذا كبّر للركوع يُسنُّ له أن يرفعَ يدَيه -كما ذُكِرَ في الحديث عند تكبيرةِ الإحرام-
فيُسن له أن يرفع يديه فيقول: ” الله أكبر” ذاهبا إلى الركوع.
والتكبيرُ -أيها الأخوة- يكونُ بين الانتقال من القيام إلى الركوع
بمعنى: أنه لا يُقَدِّم التكبير ولا يؤخره؛ بمعنى: أن جملة التكبير تكون بين الانتقالين؛
من حين ما ينحني للركوع يقول: ” الله أكبر”.
تنبيه على خطا مَحض: ما يفعله البعض، وهو مُخالِفٌ لسنة النبي ﷺ الثابتة في الصحيحين من حديث أبي هريرة إذ قال: “كَانَ رَسُولُ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ“
أما ما يفعله البعض: تجد أنه يقول: ” الله أكبر” وهو لم يزَل في القيام!
أو أن البعض يؤخر: يركع لكنه يؤخر التكبير، ينحني؛ إذا وصل إلى الركوع أو إلى قريبٍ مِن الركوع قال: ” الله أكبر “؛ هذا خطأ!
إنما يكونُ التكبيرُ بين الركنين.
وللأسف هذا الخطأ لا يقع فيه أفرادُ الناس، بل يقع فيه كثيرٌ من الأئمة! وهذا مخالفٌ للنبي ﷺ
البعضُ من الأئمة يحتج ويقول: إني لو طبقتُ السنة لسابَقَني الناس!
لأن بعضَ العلماء أفتى بأن مَن قدّم او أخّر تبطل صلاته
وإن كان هذا القول فيه ما فيه من التنظير.
إنما/ إذا كان هناك مأمومون خلفَك وقد علمتَ بخبر الثقة أنهم يسابقونك؛ أين التوجيه؟!
إذا انصرفتَ مِن الصلاة وَجِّه الناس، وبيِّن لهم خطورةَ مسابقة الإمام،
بين لهم خطورةَ هذا الأمر؛ أما أن تترك السنة مِن أجل أن الناسَ هذا فِعلُهم! هذا خطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيكبِّر حين يركع
ما صفة الركوع؟
الركوع الواردُ عن النبي ﷺ أنه يستوي؛ يُسَوِّي ظهرَه مع رأسِه؛
لا يرفع رأسَه ولا يَخفِض رأسَه؛ تجد أن الرأسَ قريب مِن الظهر، مستوي
ولذا لو صُبَّ الماءُ على ظهره ﷺ يقول الراوي:” لَاسْتَقَرَّ” لاستوائه عليه الصلاة والسلام؛ وهذا هو السنة
تنبيه: لكن بعض الناس لا يطبق هذه السنة، وبالتالي قد لا يكونُ راكعا!
إذًا ما هو ضابط ُالركوعِ؟
ج/ ضابطُ الركوع المستحب هو: أن يسويَ ظهره؛ بحيث لو وُضِعَ على ظهرِه إناء لاستَقَرّ.
لكن ما هو ضابط الركوع المجزئ، الذي يجزئ الإنسان ويُبرئ ذِمَّتَه؟
ج/ أن يكونَ إلى الركوع التام أقرب مَن القيام التام.
تنبيه: البعض من الناس تجد أنه إذا ركع لا يتضح أنه راكع!
إذاً كيف نميز بين القائم والراكع؟
ج/ إذا رأينا هذا الرجل وحَكَمَ الناسُ عليه بأنه راكع فهو راكع
لكن لو نظر الناسُ إليه وقالوا: يا أخي مثلُ هذا الرجل في حالته ليس براكع! كأنه قريب من القيام! هذا لا يكونُ راكعا.
إذاً السنةُ كما ذكرنا؛ لكن المُجزئ: أن يكون إلى الركوع التام أقرب من القيام التام؛ بحيث مَن رآه يقول: إنه راكع
لكن ركوعه ليس بذلك الركوع الكبير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا يقال في الركوع؟
في الركوع: يسبح اللهَ عز وجل؛ يقول: ” سبحان ربيَ العظيم “
وهذا أقلُّ الواجب؛ أن يقول: ” سبحان ربي العظيم “
أدنى الكمال أن يقولَ ثلاث تسبيحات:
” سبحان ربي العظيم؛ سبحان ربي العظيم؛ سبحان ربي العظيم “
ولا حدَّ لأكثرِه.
والسنةُ في هذا المَقام لا تُحَدُّ بعشرِ تسبيحات:
وما ورد عن عمر بن عبد العزيز في مِثلِ هذا ففيه ضَعف
والمُعَوَّل عليه هو فِعلُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام:
كان ركوعه -صلوات ربي وسلامُه عليه- كان قريبا من قيامه
فإذا كان ركوعه قريبا من قيامه فسوفُ يزيدُ على عشرِ تسبيحات.
والسنةُ له أن يزيد كلمة ” وبحمده “؛ فيقول: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ” وهذ ثابتة كما جاء في سنن أبي داود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي هذا المَقام: نُذكر بعدم القول في الشرع بغير علم:
فقد سألني أحدُ كبار السن في سنواتٍ ماضية، قال: ” إن البعض من الشباب قد أنكر عليّ كلمة ” وبحمده “! قال إنها غيرُ واردة! لا تقل ” سبحان ربي العظيم وبحمده”!
وبالتالي: فإنه لا يجوزُ لأي إنسان ان يتقوَّلَ في شَرْعِ الله بما لا يعلمُه
فمثل هذا الرجل أراد الخير لكنه أساء التصرف؛ لم؟ لجهله
فهو يريد الخير؛ بحيث يكون هذا الرجل الذي هو كبير في السن لا يخالف الشرع لكن هذا الشاب بنصيحته غير المعتمد عليها من علم شرعي هو الذي أخطأ، هو الذي خالف
وهي ثابتة كما جاء في سن أبي داود: ” سبحان ربي العظيم وبحمده “.
ــــــــــــــــــــــــــ
وإن زاد: ” سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ ” إلى غير ذلك من الأذكار؛ فَحَسَن.
ــــــــــــــــــــــــــ
وفي هذا المقام يقولُ النبي ﷺ: ” فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ “
إذا قلتَ تسبيحة الركوع: ” سبحان ربي العظيم ” فعظِّم اللهَ عز وجل.
قد يقوم الإنسان قيامَ الليل ويُطيل، وهو لا يحفظ، نقول كرر: ” سبحان ربي العظيم “
اثنِ على الله عز وجل بما يفتحُ اللُه عز وجل عليك؛ فهذا المَقام مقامٌ مفتوح بتعظيم الله عز وجل
ــــــــــــــ
ومِن ثَم: قوله: “فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ “
يدل على أن الركوع لا يكون لأي شخص
فهنا تنبيه على أمر لا يجوز: بعض الناس إذا جاء للبعض يركع له عند السلام!
-وهذا قد لا يحصل إلا عند نُدرَة من الناس –
وبعضُهم كذلك: يُحَرِّكُ عُنُقَه! هذا نَصُّ العلماء على أنه في الحكم كحكم الركوع،
وأن هذا لا يجوز؛ بل هناك فتوى للجنة الدائمة تُحَرِّمُ مِثلَ هذا وهو ما يصنعُه البعض إذا سلَّم انحنى برقبَتِه! هذا خطأ
بل نصّ شيخُ الإسلام رحمه الله كما في ” الفتاوى على أنه:
(( لا يجوز حين السلام أن تُرفَع ” القُبَع” )) وهذا خطأ، فمثل هذا من التعظيم
” فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ “.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويكونُ في ركوعه قابضا لركبتيه براحَتَي كَفّيه:
هذه راحة وهذه راحة
فيكونُ قابضا لهما
ليس واضعا فقط (لا) إنما قابض؛ مع فَتْح الأصابع؛ هذا هو السنة
السنةُ: أن يقبضَ براحتي كفيه على ركبتيه مفتوحَتَي الأصابع، كأنه قابضٌ لهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرفع من الركع
فإذا فرغ من الركوع يرفع رأسَه قائلا:” سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” ما معناها؟
يعني: استجاب الله لمن حمده؛ مَن حَمِدَ الله؛ استجابَ اللهُ له
ولذا إذا رفع ماذا يقول؟ ج/ “رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ” يحمدُ اللهَ عز وجل.
فمعنى:” سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” يعني: استجاب الله لمن حمده.
ولذا قال النبي ﷺ كما عند مسلم: ” وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ “
رواية الترمذي تبين: “ومن دعوةٍ لا يُستجابُ لها “
فدل على أن ” التسميعَ ” هنا، هو ” الاستجابة “؛ ومن باب أولى ومن مقتضى اللزوم إذا استجابَ اللهُ عز وجل أنه جل وعلا يسمع، وأن له سمْع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه على خطأ يقع عند الكثير من الناس:
يخطئُ كثيرٌ مِن الناس، يقول:” سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” إذا استتمّ قائما؛ وهذا خطأ!
ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: ” كان النبي ﷺ يقول: ” سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” حِينَ يَرْفَعُ ” قال: “حِينَ يَرْفَعُ “.
وهنا تنبيه على خطأ كبير يقع فيه بعضُ الأئمة:
خطأ شنيع في الحقيقة، وإن كان لا يؤثرُ على صلاتِهم لكنه يؤثرُ على صلاةِ غيرِهم، ويكونُ مُرتَكِبًا للإثم:
لأن النبي ﷺ قال عن الأئمة، كما عند البخاري: ” يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا ” أي: إن أصاب الأئمة في صلاتهم “فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ ولهم؛ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ “
يعني: لا يتحمل المأموم وزرَ خطأ إمامِه؛ ولذا قال ﷺ: ” الْإِمَامُ ضَامِنٌ “
فبعضُهم يقول: ” سمع الله لمن حمده ” إذا وصل إلى القيام:
يعني: هو الآن سيرفع من الركوع، فإذا قام قال: ” سمع الله لمن حمده”
هذا خطأ من بعض الأئمة؛ لم؟
ج/ لأنه قد يكونُ خَلْفَكَ صفَّان أو ثلاثة صفوف أو أربعة أو أكثر، فيأتي هذا المأموم المسبوق وهو لم يَسمع أن الإمام قال: ” سمع الله لمن حمده ” يَظُنُّ أنه راكع، وبالتالي سوف يكبر ويركع هذا المسكين بناءً على ظَنِّه أن الإمام في حالةِ الركوع، والإمام ليس في حالةِ ركوع، وإنما هو في حالةِ قيام!
وهذا المأموم في أصل الحال لم يُدرك الركعة، فهو في هذه الحال قد يَعتَدُّ بهذه الركعة، ويكونُ هذا الإمام قد جنى على هذا المأموم، وهذا الإمام يتحملُ وِزرَ هذا الخطأ الذي وَقَع فيه هذا المأموم؛ فليُتنبَّه لمثل هذا، وليُنبَّه إليه الأئمة،
ولاسيما في التسميع، في قول ” سمع الله لمن حمده “
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نتابع إن شاء الله تعالى سلسلة هذه المعلومات عن صفة الصلاة في الخُطبة التالية.