مختصر صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ــ الجزء الثالث

مختصر صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ــ الجزء الثالث

مشاهدات: 53

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الثالثة ـ مختصر صفة صلاة الرسول ﷺ ــ الجزء الثالث

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما بعد، فيا عباد الله:

نستكمل معكم ما تبقى من صفة صلاة النبي ﷺ

وتوقفنا في مسألة تقول: لو كان المصلي يصلي صلاةً ثنائية، فإنه يتشهد التشهدَ الأخير؛

ومِن ضِمن هذا التشهد: الصلاة على النبي ﷺ

ومن ضِمنه قول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ “

وهذا الدعاء، وهو الاستعاذةُ بالله عز وجلّ مِن هذه الأربع، جاء ذِكرُها في صحيح مسلم؛

وبعضُ العلماء يبطل صلاةَ مَن لم يأتِ بها

مع العلم أن جمهور العلماء: يرون أن قول هذه من السنن

لكن الأولى بالمسلم ألا يدع قبل أن يسلم بالأخص الاستعاذة بالله عز وجل من هذه الأربع:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،

وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ “

ولذا طاوس، وهو التابعي؛ وهو أحد رواة هذا الحديث؛ لما قال لابنه بعد ما فرغ من الصلاة: “قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم يدعو بما شاء:

ولذا النبي ﷺ كما في الصحيحين قال: ” ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ “

وفي رواية: ” ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَعْدُ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ، أَوْ مَا أَحَبَّ “

وهذا يدل دلالةً واضحة على أن المصليَ له أن يدعوَ اللهَ عز وجل بما يشاء مِن خيرَي الدنيا والآخرة؛

وليس هناك دليلٌ يمنع المصليَ من أن يطلب حاجتَه الدنيوية من الله عز وجل في صلاته

فله أن يسأل الله عز وجل ما شاء من خير الدنيا والآخرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا إذا كانت الصلاة ثنائية: كالفجر أو كانت كصلاة الجمعة أو كصلاة العيدين من الصلوات الثنائية.

أما إذا كانت الصلاة ثلاثية: فإنه بعد ما يفرغ من التشهد الأول يقوم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وبالمناسبة: في التشهد الأول يُسنّ له أن ” يفترش “

والافتراش: مرّ معنا في الجلسة بين السجدتين: وذلك أن يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجلَه اليمنى، وتكون يداه: اليسرى على فخذه الأيسر،

واليمنى: على فخذه الأيمن، لكن اليسرى: تكون مبسوطةَ أصابعِ اليدين

وأما بالنسبة إلى اليمنى في التشهد – سواء في التشهد الأول أو في التشهد الثاني –

فإن السنة في حقه أن يفعل هكذا، وقد وردت صفاتٌ متعددة لكن أكتفي بصورتين:

ـــ أن تكون اليسرى كما سبق على فخذه الأيسر مبسوطة،

وأما بالنسبة إلى اليمنى فتكون على فخذه الأيمن؛ لكن يجمعُ أصابعَ يديه كلها؛ ويشيرُ بالسبابة إذا دعا؛ لما جاء في صحيح مسلم:

” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ ….. وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَدَعَا بِهَا”

أو: يُحَلِّق بأصبعيه ” الوسطى والإبهام ” ويشير بالسبابة.

“كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ يَدْعُو وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى.”

فهو بين أمرين:

ــ إما أن يجمع الأصابعَ كلَّها، ويشير بالسبابة

ـــ وإما أن يحلق بالإبهام والوسطى كحلقة؛ ويشيرُ بالسبابة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وورد في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أن الإشارة بالسبابة أشد على الشيطان من الحديد، كأنها مَقمَعة يُقمع بها الشيطان؛ لم؟ ج/ لأنه يُشارُ بها إلى التوحيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم السنة في هذا المقام:

أن تكون الإشارة بالسبابة في اليد اليمنى، ولا يشير بالتي في اليسرى

ولا يشير بأصبعَيه: فإن النبي ﷺ لما رأى رجلا يشير بأصبعيه ” السبابتين كلتيهما ” قال ﷺ: ” أَحِّدْ أَحِّدْ “.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم يقوم من هذا التشهد إذا كانت الصلاة ثلاثية: كـ ” المغرب “

أو كانت رباعية: كـ ” العشاء، والظهر، والعصر ” يقوم،

ومن حين ما يقوم يكبّر قائلا: ” الله أكبر “؛ وإذا استتمّ قائما يرفع يديه.

 

إذًا/ إذا قام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة يقوم مكبرا

ثم بعد ذلك إذا استتم قائما -إذا انتصب ظهرُه- يرفعُ يدَيه؛ كما سبق عند تكبيرة الإحرام-

ولا يرفع مِن حين القيام (لا) وإنما يرفع إذا استتم قائما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذًا/ يكون الرفع لليدين في أربعة مواضع:

1/ عند تكبيرة الإحرام.   2/ وعند الركوع.

3/ وعند الرفع من الركوع.  4/ وعند القيام من التشهد الأول إذا استتم قائما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فإذا قام إلى الركعة الثالثة:

فإنه يسن له أن يستعيذ بالله عز وجل ويبسملَ ويقرأ الفاتحة فقط،

ولا يزِد على قراءة الفاتحة، لا في صلاةِ المغرب ولا في صلاة العشاء.

أما بالنسبة إلى صلاة الظهر والعصر:

فقد جاءت السنة في بعض الأحيان – كما في صحيح مسلم –

بينما غالب أحوال النبي ﷺ لا يقرأ بعد الفاتحة شيئا.

 

ففي بعض الأحيان: لو طبّق الإنسانُ هذه السنة؛ وقرأ سورة أو قرأ ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة؛ فشيء حسن اقتداءً بالنبي ﷺ

لكن الأكثر والأغلب من حاله ﷺ: أنه لا يضيف مع قراءة الفاتحة شيئا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وهنا تنبيه على خطأ:

بعض الناس إذا قام من الركعة الثانية إلى الثالثة يقرأ جزءا من الفاتحة أثناء نهوضه

وهذا خطأ ونبَّهنا على ذلك

قراءة الفاتحة محلها ” القيام ” ليس محلها: ” النهوض “

ولذا لو قرأ الإنسان آية في أثناء نهوضه، وأكمل الآيات الست وهو قائم لم تصح ركعته؛ لم؟

لأنه لم يأت بالفاتحة بأكملها في موضع قراءة الفاتحة؛ وموضع قراءة الفاتحة هو القيام.

 

أما ما يصنعه البعض من حين ما يقوم أو قبل أن يصل إلى القيام يشرع في قراءة الفاتحة فهذا خطأ

إذا استتمتَ قائما فاقرأ سورة الفاتحة

هذا إذا كانت الصلاةُ ثلاثية

 

إذا كانت رباعية: كالظهر، والعصر، والعشاء

فإنه بعد ما يفرغ من الركعة الثالثة يأتي بالركعة الرابعة، ويفعل فيها ما فَعلَ في الركعة الثالثة من الاقتصار على قراءة الفاتحة

ولو قرأ في الظهر والعصر في بعض الأحيان ما تيسر من القرآن في هذه الركعة الأخيرة فقد جاءت السنة بمثلِ ذلك في صحيح مسلم؛ لكن كما ذكرنا كان ذلك في أقل أحواله ﷺ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التورك:

إذا رفع من السجدة الثانية ليجلس للتشهد الأخير، فإن السنة في حقه أن يتورك

فرقٌ بين التشهد الأول والتشهد الثاني:

التشهد الأول: يفترش -كما مر صفة الافتراش-

هنا في التشهد الثاني: وهو التشهد الأخير ” يتورك “.

 

والتورك له صفات، أذكر من بين صفاته صفتين:

الصفة الأولى: إما أن يجلس على مقعدته، ويُخرِج كلتا رِجلَيه مع جهة اليمين.

وله أن يطبق الصفة الثانية: وهي المشهورة: أن يجلس على مقعدته، وينصب رجله اليمنى، ويُخرِج رجلَه اليسرى من تحت رجله اليمنى.

هذا هو التورك؛ إذًا: هو صفتان؛ وهو سنة ثابتة عن النبي ﷺ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويقرأ في هذا التشهد ما يقرؤوه في التشهد الذي في صلاة الفجر، وقد مرّ معنا

وليحرص على ما قلنا من الاستعاذة بالله عز وجل من الأربع:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ “

وله أن يدعو بما شاء وبما أحبّ من خير الدنيا والآخرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التسليم

ثم يسلم قائلا عن يمينه من حين ما يسلم: ” السلام عليكم ورحمة الله “

وعن يساره: ” السلام عليكم ورحمة الله “

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هنا تنبيه على أخطاء في التسليم:

الأمر الأول: أن البعض من الناس يظن أن السلام هو الالتفات؛ وهذا خطأ

لأن الالتفات سُنّة كما نقل ابن قدامة في ” المُغني ” بإجماع العلماء.

 

بمعنى: هب أن المصلي مستقبل للقبلة، لما فرغ من التشهد الأخير قال: ” السلام عليكم ورحمة الله؛ السلام عليكم ورحمة الله ” ووجهه مستقبل للقبلة؛ فصلاتُه صحيحة؛ وقد خرج من صلاته، لكنه ترك السنة وهو: الالتفات.

 

ولذا لو أنه لما فرغ من التشهد الأخير التفت -ملتفتا جهة اليمين ثم ملتفتا جهة اليسار-

 من غير أن يتلفظ بالسلام! لم يخرج من الصلاة، ولم يأت بركن التسليم

ولن تصح صلاته إلا إذا أتي بالسلام.

إذاً: المعول عليه: هو التلفظ بالسلام.

ولذا لو سلم ووجهُه تجاه القبلة فإن صلاته صحيحة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخطأ الثاني:

أن بعض الأئمة حتى لا ينحرف فمُه عن مصدرِ الصوت يترك السنة؛ وهي: سنة الالتفات، فإذا بقي جزءٌ مِن لفظ السلام التفت! خطأ

 

السلام من حين ما تلتفت، لتكن جملة السلام أثناء الالتفات:

” السلام عليكم ورحمة الله “؛ ” السلام عليكم ورحمة الله “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر الثالث: ولا أعرف له أصلا في السنة

أن البعض من الناس إذا التفت يلتفت وهو هازٌّ لرأسه ” السلام عليكم ورحمة الله “

” السلام عليكم ورحمة الله ” هكذا يهز رأسه!

وهذا لا أعرف له أصلا في سنة النبي ﷺ! وإنما يكون الالتفات هو الالتفات الطبيعي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمرُ الرابع: قد يُنكر الناس زيادة وبركاته وهي ثابتة

وحق لهم أن ينكروا لجهلهم ولتفريط الأئمة في التنبيه على هذه السنة:

أن بعض الناس قد ينكرون لو سلم الإمام فقال: ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فيه زيادة ” وبركاته ” ثابتة في السنة في سنن أبي داود،

بل إن النووي وابن حجر رحمهما الله نقلا في إحدى النسخ:

أن كلمة وبركاته تكونُ جهة اليمين وجهة اليسار:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لكن معظم النسخ الواردة ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” جهة اليمين

” السلام عليكم ورحمة الله ” جهة اليسار.

ــــــــــــــــــــــــ

وهنا تحصلُ أخطاء من جهة الإمام؛ ومن جهة المأموم:

أما من حيثُ المأموم: فإنه ينكرُ مِثلَ هذه الصفة؛ بل إن نَفْسَه لا تقبلُ مِثلَ هذه الصفة!

وعذرُه في ذلك: أن هذه الصفة لم يفعلها الأئمة السابقون ولاسيما العلماء السابقون من عهد الشيخ ” محمد بن إبراهيم ” إلى قريب عصرنا

ونقول: عدمُ العمل لا يدلُّ على نفي هذه السنة،

لكن في المقابل وهو الخطأ الذي حصل منه خطأ المأموم هو:

تفريط بعض الأئمة في التنبيه على هذه السنة

وهنا توجيه للأئمة في الحكمة بتطبيق السنة؛ والتعامل مع المأمومين:

البعضُ من الأئمة يطبق بعض السنن التي لم يعرفها الناس ابتداء، وهذا خطأ!

يقول عليٌّ رضي الله عنه كما في صحيح البخاري:

  حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟

 

وابن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة صحيح مسلم قال:

مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً.

 

فلا تطبق من حين ما تعلم أن هذه سنة؛ إنما قبل أن تطبق بيِّن بقولك للناس أن هذه سنة؛

ثم إذا رأيتَ الناسَ لهم استعدادٌ في قَبولِ هذه السنة: فَطَبِّقْها

أما إذا رأيتَ صدودا أو إحداثا لفتنة: فلا تطبقها؛ لكن وَجِّه الناس إلى أن يفعلوا بهذه السنة؛ وإذا صلى الإنسان منفردا فيفعل هذه السنة.

أنت كإمام تطبق هذه السنن؛ لكن لا بد أن يكون الإمامُ حكيما في تعامله مع المأمومين، ولاسيما إذا كان صغيرا في السن، فإنهم يقولون: أتيتنا بعلمٍ جديد

وهو لم يأت بعلم جديد، أتى بعلم نبوي ثابت عن النبي ﷺ، لكن النفوس اعتادت على أمْرٍ معين؛ فلذا أحببتُ التنبيه على هذه النقطة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر الخامس: أن هذا السلام يحصل معه أمر:

وهو وإن كان مفعولا في عصر النبي ﷺ من بعض الصحابة؛ فأنكر عليهم ﷺ إلا أني أراه في بعض الأحيان من بعض الناس! وهو:

تجد أنه إذا سلم عن جهة اليمين ويداه على فَخذيه؛ رفع يده اليمنى:

” السلام عليكم ورحمة الله “

إذا أراد أن يسلم إلى جهة اليسار قال: ” السلام عليكم ورحمة الله “

رافعا يده اليسرى أو كفه اليسرى!

وهذا منهيٌّ عنه كما جاء في صحيح مسلم: عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:

” كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مع رَسولِ اللهِ ﷺ قُلْنَا: السَّلَامُ علَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ ؛السَّلَامُ علَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ، وأَشَارَ بيَدِهِ إلى الجَانِبَيْنِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:

عَلَامَ تُومِئُونَ بأَيْدِيكُمْ كَأنَّهَا أذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ إنَّما يَكْفِي أحَدَكُمْ أنْ يَضَعَ يَدَهُ علَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ علَى أخِيهِ مَن علَى يَمِينِهِ، وشِمَالِهِ “

وفي رواية لمسلم: “مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ، اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإذا فرغ من السلام:

فإن كان إماما فالسنة في حقه أن يقول: ” أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ” ثلاثَ مرات

” اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام “

وهو مستقبلٌ للقبلة؛ ثم بعد ذلك ينصرف إلى جهةِ المأمومين

إلا إذا وُجِدَ عذر في بقائه مستقبلا للقبلة أكثرَ مِن هذا المقدار فلا بأس لورود السنة بذلك كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت كما جاء عند البخاري:

” كانَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، ويَمْكُثُ هو في مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أنْ يَقُومَ»، قالَ: نَرَى – واللَّهُ أعْلَمُ – أنَّ ذلكَ كانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ، قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ “

 

 

 

إذا وُجِدَت حاجة: فإنه يبقى مستقبلا للقبلة

لكن إذا لم توجد حاجة: فإنه من حين ما يقول: ” أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ” ثلاثا

” اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ “

ينصرفُ إلى جهة المأمومين.

 

عن عائشة رضي الله عنها كما جاء في صحيح مسلم:

” كانَ النبيُّ ﷺ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ ما يقولُاللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ . وفي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ يا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ “.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويقولُ المصلي إذا كان في صلاة فرض سواء إذا كان إماما أو منفردا أو مأموما:

يقول بعد الاستغفار ثلاثا، ” اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ “

تنبيه/ بعض الناس يزيد ويقول: ” تباركت وتعاليت ” يزيد وتعاليت!

 وهذه لا يعرف لها أصلٌ في السنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن كانت هذه الصلاة صلاةَ ” ظهر ” أو عصر أو عشاء فإنه يقول: ” لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” مرةً واحدة

وإن كان في صلاة مغرب أو فجر: فإنه يقولُها عشرَ مرات؛ بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب

ولو زاد ” يُحْيِي وَيُمِيتُ ” فهي زيادةٌ مقبولة صحّ بها السند؛ فيقول:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” فقد جاءت بها السنة

ويقول: ” لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ”.

ــــــــــــــــــــــــ

والسنة في حقه أن يقول: ” التسبيح والتكبير والتحميد وقد وردت له صفات:

-إما أن تسبح الله عز وجل ثلاثا وثلاثين، وتحمدَه ثلاثا وثلاثين، وتكبرَه ثلاثا وثلاثين

المجموع: تسعةٌ وتسعون؛ ويكونُ تمام المائة:

” لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”

مَن قالها “غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ  “.

 

-صيغة أخرى ينبغي للإنسان أن ينوع بينها وبين الأخرى:

بدل ما تختم بقول: ” لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” تختم بالتكبير، تقول: “اللَّهُ أَكْبَرُ”.

إذاً يكون مجموع التكبير: أربعا وثلاثين؛ والتسبيح: ثلاثا وثلاثين؛ التحميد: ثلاثا وثلاثين.

جاء في صحيح مسلم: أنه ” لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ “.

أو يقولها تسعةً وتسعين من غير أن يختمَ بالمائة

أو يقول خمسةً وعشرين مرة “: سبحان الله؛ والحمد لله؛ ولا إله إلا الله؛ والله أكبر

المجموع: مائة.

 

إن أعيت الإنسان وأعجزَت الإنسانَ نفسُه فلا أقل مِن أن يطبق ما جاء في السنن:

وهو: أن يسبح الله عشرا؛ وأن يحمد الله عشرا؛ وأن يكبره عشرا

المجموع: ” ثلاثون “: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر عشر مرات

قال ﷺ: “خَصْلَتَانِ – أَوْ خَلَّتَانِ – لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ”

قال: ” وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ “

ذَكَر ﷺ هذه الأذكار التي بعد الصلاة: سبحان الله عشرا؛ والحمد لله عشرا؛ والله أكبر عشرا

وذَكَرَ الذكرَ الوارد عند النوم:

سبحان الله ثلاثا وثلاثين؛ الحمد لله ثلاثا وثلاثين؛ الله أكبر أربعا وثلاثين

قال: ” وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ… ” الحديث

” قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ ؟ قَالَ : ” يَأْتِي أَحَدَكُمْ – يَعْنِي الشَّيْطَانَ – فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا “.

وهذا حالُ بعض الناس؛ من حين ما يسلم الإمام يقوم! وقد فوّت على نفْسِه خيرا كثيرا

 

إن كان ولا بد عندك شغل تدعو الحاجةُ والضرورة إليه: فلْتَقُل هذا الذكر وأنت تمشي؛

لا تضيع على نفسِكَ فَضلَ هذا الذكر.

 

وأما بالنسبة إلى ذِكْر النوم: يقول النبي ﷺ:

” يَأْتِي أَحَدَكُمْ – يَعْنِي الشَّيْطَانَ – فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والسنة له بعد دُبُرِ كلِّ صلاة: أن يقرأ آية الكرسي:

﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]

من قالها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والسنة له أن يقرأ (( قل هو الله أحد )) مرة

و (( قل أعوذ برب الفلق )) مرة

و(( قل أعوذ برب الناس )) مرة

هذا إذا كانت الصلاةُ غيرَ المغربِ والفجر.

 

أما إذا كانت الصلاة؛ صلاةَ مغرب أو فجر فإن السنة في حقه أن يقول:

(( قل هو الله أحد )) ثلاث مرات

وأن يقول: (( قل أعوذ برب الفلق )) ثلاث مرات

وأن يقول: (( قل أعوذ برب الناس )) ثلاث مرات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنبيه على أمرين:

لا أعرف في السنة ما يفعله البعض من قراءة الفاتحة دبر كل صلاة!

ولا أعرف في السنة ما يفعله البعض من قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة دبر كل صلاة: ﴿آمَنَ الرَّسولُ﴾ الآيتين [البقرة: ٢٨٥- ٢٨٦]

لا أعرفُ في سنة النبي ﷺ: أن هذه الآيات تُقرأ دبرَ كلِّ صلاة!

 

أسأل الله عز وجل أن يوفقني وإياكم لكل خير، وأن يجنبنا كل شر، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح؛ ونسأله عز وجل أن يبارك لنا في قرآننا وفي سنة نبينا ﷺ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ