البلاغة
الاستفهام (5 )
فضيلة الشيخ :
زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام كما سبق من أحوال الطلب :
وهو :
طلب حصول العلم بشيء لم يكن معلوما لدى السائل من ذي قبل بإحدى أدواته
هذا هو معنى الاستفهام وهذه هي صيغة الاستفهام ،
وقد يأتي الاستفهام بأي أداة من أدواته خارجا عن هذا المعنى فيكون السائل ليس جاهلا بالحكم وإنما لديه علم
وذلك لأغراض شتى تفهم حسب دلالة السياق
1- قوله تعالى لما ذكر تحريم الخمر:
قال :
{ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } هنا استفهام ، والله جل وعلا عالم فيكون المراد من هذا الاستفهام [ الأمر] يعني انتهوا .
2ــ قد يخرج عن حقيقته وعن أصله ويراد منه :
[ النهي ]:
كما في قوله جل وعلا { أَتَخْشَوْنَهُمْ } يعني لا تخشونهم .
3- قوله تعالى:
{وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } هنا استفهام يراد منه [ التسوية ] .
4- غرض آخر يأتي ويراد منه [ النفي ]:
قال تعالى {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } .
معنى ذلك / ما جزاء الإحسان إلا الإحسان ،
5- وتأتي صيغة الاستفهام ويراد منها التشويق:
قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } .
6- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ التأنيس ]:
قال تعالى : {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى } .
7- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ التهويل ] :
كما في قوله تعالى: (( الْحَاقَّةُ{1} مَا الْحَاقَّةُ{2} } وقوله تعالى { الْقَارِعَةُ{1} مَا الْقَارِعَةُ{2} } .
8- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ الاستبعاد ] :
{أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } .
9- قد تأتي لغرض [ التعظيم المفعم بالتحدي ]
كما في قوله تعالى :{ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } ، وقد سبق وأن تكلمنا عن الاستفهام المشرب بالنفي والذي يراد منه التحدي هنا / أي لا أحد يشفع ،
وقوله تعالى :{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ؟ أي لا أحد.
10- وقد يأتي ويراد منه :[ التحقير ]:
مثال / :
أهذا الذي مدحته كثيرا ؟
وهناك بيت جميل بلغ في التحقير مبلغه :
فدعِ الوعيد فما وعيدك ضائري
أطنينُ أجنحة الذباب يضير
11- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ التعجب ] ،:
{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ } .
12– وقد يأتي الاستفهام لغرض [ التهكم ] :
مثال /:
أعقلك يأمرك بهذا ؟
13- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ الوعيد ] :
كما في قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } .
14- وقد يأتي الاستفهام لغرض [ الاستبطاء ] :
كقوله تعالى: { مَتَى نَصْرُ اللّهِ } .
15ـــ وقد يأتي الاستفهام لغرض
[ التنبيه على الخطأ ]:
كقوله تعالى :{ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } .
[ التنبيه على الباطل ] :
كقوله تعالى : {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ } .
[ التنبيه على ضلال الطريق والمنهج ]:
كقوله تعالى : {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } .
18ــ قد يراد منه [ التكثير ] :
كقول الشاعر :
صاحِ هذه قبورنا تملأ الرحب
فأين القبور من عهد عاد ؟
19ــ قد يأتي الاستفهام لغرض [ الإنكار ]:
كقوله تعالى { أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فهذا الإنكار إن وقع في سياق الإثبات فهو نفي ، وإن وقع في سياق النفي فهو إثبات ،
قال تعالى { أَفِي اللّهِ شَكٌّ } انظر إلى الهمزة [ همزة إنكار] جاءت في سياق الإثبات دخلت على جملة { أفِي اللّهِ شَكٌّ } وجملة { فِي اللّهِ شَكٌّ } إثبات عند التأمل فيها فلما دخلت حولت هذا الإثبات إلى نفي ، فيكون جواب { أَفِي اللّهِ شَكٌّ } ؟ لا ، وإذا دخلت على النفي حولته إلى الإثبات
كقوله تعالى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى }
الهمزة هنا: [ همزة إنكار ] دخلت على جملة منفية [ لم يجدك ] فـ [لم] كما سبق معنا أنها أداة نفي وجزم وقلب ، {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى } قد وجدك ،
والإنكار قد يراد منه إنكار تكذيبي :
كقوله تعالى {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } إنكار لهذا الظن ولهذا الحسبان مع تكذيبه ،
وقد يكون الإنكار للتوبيخ واللوم ،:
كقوله تعالى {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } .
20ــ الأخير من هذه الأغراض [ التقرير ] :
وغالبا ما يكون بالهمزة:
كقوله تعالى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } ،
وأحيانا يأتي بغير أداة الهمزة، :
كقولك :
لمن هذا الكتاب ؟ أو لمن هذا القلم ؟
فإذاً /:
هذه الأغراض تعرف عند تأمل السياق فيأتي الاستفهام منصرفا عن حقيقته وعن أصله لهذه الأغراض حسبما يقتضيه سياق النص .