الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين .
قال الناظم رحمه الله :
الشرح :
لما ذكر رحمه الله صنفين مما ينوبان عن الحركات ، وذلك في الأسماء الستة والمثنى ، ثلَّث هنا بذكر شيء آخر ، وهو جمع المذكر السالم ، فأوضح رحمه الله أن جمع المذكر السالم يرفع بالواو ، وينصب ويجر بالياء ، ومثَّل على ذلك بمثالين [ عامر ومذنب ] فنجد أن كلمة [ عامر ] وكلمة [ مذنب ] لما أضفنا عليها علامة الجمع في الرفع لم يتغير المفرد ، ولذا سمي بسالم [ عامرون – مذنبون ]
تقول :
” جاء عامرون “
جاء فعل ماضي مبني على الفتح .
عامرون : فاعل مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد .
تقول : ” استغفر مذنبون “
استغفر : فعل ماضي مبني على الفتح .
مذنبون : فاعل مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد .
لو نظرنا إلى [ عامر ومذنب ] لما أضفنا الواو والنون ، ما تغير المفرد ، ولذلك سمي بجمع المذكر السالم .
كذلك لو أضفنا الياء والنون في حالتي النصب والجر .
تقول :
” رأيت عامرين “
” دعوت المذنبين “
رأيت : فعل وفاعل .
عامرين : مفعول به منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد .
دعوت : فعل وفاعل .
المذنبين : مفعول به منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد ، هذه هي حالة النصب .
وحالة الجر ، تقول :
” التقيت بالعامرين “
التقيت : فعل وفاعل .
الباء : حرف جر .
العامرين : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد .
” رفقت بالمذنبين “
نفس الإعراب السابق .
فنجد أن المفرد سلم ، ولذلك سمي بجمع المذكر السالم ، بينما جمع التكسير ، سمي بجمع التكسير لأن مفرده أثناء الجمع يكسر ، إما بزيادة وإما نقصان ، أما جمع المذكر السالم فهو باقي على حالته .
مثلا ” أعرابي ” لو جمعتها جمع تكسير ” أعراب ” إذاً حذفنا [ الياء ]
مثلا ” رجل ” جمع التكسير ” رجال ” إذاً أضفنا [ الألف ] فكسرنا المفرد حتى تحصلنا على جمع التكسير ، إما بزيادة وإما بنقصان .
لو قال قائل : لمَ لم يذكر رحمه الله مثالا واحدا ، لماذا ذكر [ عامر ومذنب ] ؟
العلماء السابقون في أي فن من الفنون متى ما أضافوا كلمة واحدة ، فإن هذه الكلمة لها مغزى وفائدة ، ولا يجوز لأحد أن يأتي ويبدل أو يحذف.
لما قال رحمه الله [ عامر ومذنب ] دل على أن هذين المثالين توفرت فيها الشروط ، تأتي إلى [ عامر ] نجد أنه جامد ، يعني ذات ، مثل [ فهد – زيد – خالد ]
نأتي إلى [ مذنب ] نجد أنه صفة .
فـ [ عامر ] ذات لها صفة ، ما صفتها ؟ [ مذنب ]
وكونه رحمه الله يأتي بـ [ عامر ] دون غيره من الأسماء ، مع أن [ زيد وعمرو ] مشهوران عند النحويين ، كأنه يرمز رحمه الله إلى أن الخراب في المذنب ، وأن ما يقابل المذنب من الطائعين هم العامرون ، ولذلك عمارة الأرض لا تصلح إلا بالطاعة { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا}الأعراف56 فدل على أن إصلاحها بالطاعة إعمار .
إذاً [ عامر ] ذات ، فهذه الذات ما صفاتها ؟
أولا : ( علم ) والعلم : يخرج النكرة ، فلا يصح أن تقول في ” رجل” : ” رجلون ” اللهم إلا في حالة واحدة – وهذا من باب الفائدة – إذا صغرت ” رجل : رُجيل ” فإذا صغرت النكرة جاز جمعها ” رجيلون ” وسيأتي إن شاء الله في التصغير .
ثانيا : ( ذكر ) إذاً لا يأتي إنسان ويجمع ما دل على أنثى ، فلا يقول ” زينب : زينبون ” .
ثالثا : ( خالي من التاء ) فلا نأتي مثلا إلى ” طلحة “ونقول ” طلحون “
رابعا : ( أنها ليست مركبة ) فلا يأتي إنسان إلى كلمة ” سيبويه ” فيقول ” سبويهون ” فلا يصح .
إذاً عندنا أربعة شروط :
أما ما يتعلق بالصفة ، قال هنا ( مذنب )
أولا : نجد أنها مذكرة ، إذاً الصفة التي للتأنيث ، لا يصح جمعها :
مثل : ” امرأة حائض ” فلا يصح أن تقول ” حائضون “
ثانيا : ( أن تكون خاليا من التاء ) إذاً لو قال ” يانعة ” فقول قال ” يانعون ” لا يصح .
ثالثا : ( ألا تكون هذه الصفة تصلح للأنثى وللذكر )
مثل ” جريح ” فلا يصح أن تقول ” جريحون ” لم ؟ لأنك في شأن الرجل تقول ” رجل جريح ” وفي شأن المرأة تقول ” امرأة جريح “
تقول في حق الرجل ” رجل صبور ” وفي حق المرأة ” امرأة صبور “
رابعا : ( ألا تكون الكلمة على وزن أفعل بمعنى فعلاء )
مثل : ” أحمر ” على وزن أفعل بمعنى حمراء ، فلا يصح أن تقول ” أحمرون ” ، فليس معنى أي كلمة على وزن أفعل لا تجمع جمع مذكر سالم – لا – وإنما أفعل التي بمعنى فعلاء .
خامسا : ( ألا تكون الكلمة على وزن فعلان بمعنى فعلى )
مثل : ” سكران ” المؤنث منها ” سكرى ، فلا يصح أن تقول ” سكرانون ” مع أن ” سكران ” رجل ، وكذلك ” أحمر ” فإذا كانت الأنثى بمعنى فعلى أو فعلاء ، فلا تجمع جمع مذكر سالم .