تفسير البسملة ( 9 )
تفسير لفظ [ بسم ] ( 8 )
تسبيح اسم الله
مسائل متعلقة بـلفظ ( بسم )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر في الدرس الماضي :
أن الله أمرنا أن نسبح اسمه
ولماذا كان التسبيح للاسم ؟
أجاب عن ذلك ابن القيم وقبله شيخه شيخ الإسلام من أن المراد :
سبح ناطقا باسم الله
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأ من سنته الثابتة الصحيحة انه إذا قرأ :
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }الأعلى1
وقف وقال : سبحان ربي الأعلى
ولم يقل : سبحان اسم ربي الأعلى
فدل على أن المراد هو تسبيح الله بالنطق بأسمائه
وقوله عليه الصلاة والسلام إذا قرأ :
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }الأعلى1
قال : سبحان ربي الأعلى
في هذا فائدة وهي :
أن المسلم إذا قرأ هذه السورة يسن له أن يقف ويقول : سبحان ربي الأعلى
أما إذا كنت خلاف إمام وكنت في صلاة وقرئت هذه السورة وكان هذا الإمام لا يقف فلا تقلها
من السنة للإمام :
أن يقف وأن يقولها لكن نظرا إلى عجلة الناس وضعف النفوس فإن الإمام ولاسيما في صلاة التراويح وفي صلاة القيام يستعجل في قراءته ولا يتريث لكي يطبق سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام الثابتة في ذلك
ولذا :
جاء في صحيح مسلم أن معاذ قال :
دخلت مع النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة فاستفتح سورة البقرة فقلت يركع عند المئة فمضى فقلت يختم بها الركعة فمضى فقرأ سورة النساء فقلت يختم بها ثم قرأ سورة آل عمران
انظروا :
ثلاث سور قرأها النبي عليه الصلاة والسلام :
البقرة
وآل عمران
والنساء
هل اقتصر على ذلك ؟
لا
قال : ( لا يمر بآية فيها تسبيح إلا سبح ولا بآية بها استعاذة إلا استعاذ ولا آية فيها سؤال إلا سأل ثم ركع عليه الصلاة والسلام فكان ركوعه قريب من قيامه )
ولذا :
كان يقوم عليه الصلاة والسلام حتى تتفطر قدماه قالت عائشة رضي الله عنها :
(( يا رسول الله ألم يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أفلا أكون عبدا شكورا ؟))
أيضا من المواطن :
أن المسلم إذا قرأ سورة القيامة وبلغ آخر آية : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى }القيامة40
يقول : بلى سبحانك
هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام
وقد جاء حديث أنه إذا قرأ فقال : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }التين8
في سورة التين يقول : بلى وأنا على ذلكم من الشاهدين
لكن هذه ضعيفة لم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام
وكذلك عند قوله تعالى :
{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }المرسلات50
يقول : آمنا
لم تثبت هذه أيضا
وأما قول العوام عند قوله تعالى :
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }الملك30
بعضهم يقول : يأتي به الله
هذه فيما نعلم لم تر د عن النبي عليه الصلاة والسلام
ثم هي في سياق الكفر ليست في معرض ذكر المؤمنين حتى نقول هذه المقولة
ومن ثم :
فلا يشرع لنا أن نقول هذه الكلمة لأنها لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام
والآيات جاءت في سياق الكفار لا في سياق المؤمنين
ولذا:
لما قالها أحد الجبابرة قال كلمة ذكر ذلك بعض المفسرين لما سمع قول الله سبحانه وتعالى :
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } الملك30
قال : تأتي به المساحي والفئوس
فماذا صنع الله به ؟
لم يرقأ له دمع من عينه
طمس الله على عينه فأصبحت تتصبب ماء
إن الله على كل شيء قدير
فالنبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأ :
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }الأعلى1
قال : سبحان ربي الأعلى
ولذا :
أنت أيها المأموم إذا لم يقف الإمام ولم يقلها لا تقلها
لم ؟
لأنك مأمور بأن تنصت لقراءة إمامك
قال عليه الصلاة والسلام في الصحيح :
(( إذا قرأ الإمام فأنصتوا ))
وقال عز وجل :
{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الأعراف204
الاستماع بالأذن
الإنصات بالفعل
بمعنى : إذا قرئ القرآن فلا تتحدث عليك أن تصغي بسمعك
وعليك إذا أصغيت بسمعك ألا تكثر الحركة
وهذا مما تدل عليه كلمة : (( أنصتوا ))
استمعوا بالإذن
أنصتوا : بالجوارح
{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
الأعراف204
ولم يستثنِ من ذلك إلا ماذا ؟
سورة الفاتحة
لقوله عليه الصلاة والسلالم كما في المسند :
(( لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟))
قالوا : نعم يا رسول الله
قال : لا تفعلوا لا بأم الكتاب
من المسائل المتعلقة بالبسملة :
لو قال قائل :
حينما نقرأ كتاب الله نجد في بعض المواضع سبح اسم ربك الأعلى
قال سبح باسم
بينما في مواضع أخرى قال : فسبح باسم ربك العظيم
أتى بالباء وهي حرف جر
ما الفرق ؟
أو ما الفائدة ؟
لتعلم :
أن كتاب الله قد حوى من المعاني ما لم نحط بها
ولذا :
نقول في كل ركعة من ركعاتنا :
{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
قد يقول قائل :
هذا المصلي مهتدي هداه الله وأقام الصلاة فكيف يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم ؟
الجواب عن هذا :
وهو أصح ما قيل :
أن العبد بحاجة إلى هداية الله جل وعلا أحوج من حاجته إلى المطعم والمشرب وما يجهله أكثر مما يعلمه
{ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا }
{ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
فكتاب الله عظيم يحتوي من المعاني والعظائم والفوائد ما لم يخطر بالبال
ولذا :
لو طالعت المكتبات الكبرى لوجدت أن هناك كتبا تتحدث عن هذا القرآن حتى اطلعت على كتاب الجغرافيا في القرآن
هذا يدل على عظم كتاب الله
والله لو تأملنا كتاب الله لسدنا الأمم
ولذا :
الصحابة كيف كانوا حالهم قبل أن يأتي القرآن ؟
عمر
أبو بكر
عثمان ؟
صحابة أجلاء
ماذا كانوا يفعلون في الجاهلية ؟
شرب الخمر
عبادة الأصنام
لا تسأل
لكن لما جاء الإسلام ماذا فعل بهم ؟
بل كانوا في جاهليتهم كانوا تحت إمرة الفرس والروم يسوسونهم
فماذا صنع بهم الإسلام ؟
غير أحوالهم
بماذا ؟
بالقرآن الكريم
ولذا :
إذا حاربوا لم تكن عندهم أسلحة فتاكة
لم تكن عندهم سفن ولا طائرات
ولذا :
أسقطوا الفرس والروم
بماذا ؟
بقواهم المادية ؟
بأموالهم ؟
بأسلحتهم ؟
لا والله
بهذا الإيمان الراسخ في القلب
لكن كيف الوصول إلى هذا الإيمان ؟
بالرجوع إلى كتاب الله
وإلى سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام
فلو قيل ما الفرق بين :
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }الأعلى1
وقول:
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } الواقعة96 ؟
قال ابن القيم كما في كتابه ” فوائد الفوائد ” :
قال : ” إذا لم تأت الباء فالمراد الذكر المجرد مثل : سبحان الله
{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } الواقعة96
يعني :قل : سبحان ربي الأعلى
لكن ليكن هذا القول موافقا لما في القلب
{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ }الواقعة96 ؟
قال : ” إذا أتت الباء فالمراد : التسبيح الذي يكون معه الفعل “
ما هو هذا الفعل ؟
الصلاة
يعني : صل لربك مسبحا باسمه
صل لربك ناطقا باسمه
ولذا جاء في حديث سكت عنه أبو داود :
وما يسكت عنه أبو داود كما هي قاعدة في سننه : حسن عنده أو صحيح
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لما نزلت هذه الآية : {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } الواقعة96
قال : اجعلوها في ركوعكم
فحصل فرق بين هاتين الآيتين
وأما قول القائل :
بسم الله
الاسم هنا أضيف إلى الله
الله : هذا هو الاسم لفظ الجلالة الذي يقول عنه ابن القيم
الله : هو الاسم الذي دل على جميع الأسماء والصفات
هذا الاسم ما دعا به مهموم إلا فرج همه
ولا مكروب إلا نفس كربه
ولا مريض إلا شفي مرضه
به ترفع الكربات
هذا الاسم العظيم :
الله
ما معنى [ الله ] ؟
غدا إن شاء الله تعالى إن أطال الله في أعمارنا وأعماركم .