تفسير سورة البقرة الدرس ( 69 ) [ وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ..] الآية ( 72 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 69 ) [ وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ..] الآية ( 72 ) الجزء الأول

مشاهدات: 491

            تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 69 )

        قوله تعالى :

{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73} }

 البقرة72 ، 73 ( 1 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ:  زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعندنا قوله تعالى :

{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73} } البقرة72 ، 73

من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :

أن قوله : ((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً )) هذا هو سبب أمرهم بذبح البقرة فلماذا تأخر هذا السبب إلى ما بعد ذبحها ؟

الجواب عن هذا :

أن تأخير بعض الآيات عن بعض مع أن لها علاقة هذا فيه فائدة :

فائدتها :

أن القصة يؤخذ منها فوائد لما تكون متفرقة غير الفائدة التي لو أجملت مع بعض فكأنه هنا لما ذكرت البقرة وما ورد عليها من أسئلة ثلاثة  (( فذبحوها وما كادوا يفعلون ))

بهذا ينتهي أمر البقرة لكن لما تأتي هذه الآية كأنها تعيد الأذهان مرة أخرى إلى ما مضى :

((  وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72}))

يعني : تلك القصة لا تنسى يعني : أعيدوا الأذهان مرة أخرى إليها

ولأن هناك فائدة أخرى وهي :

 أن في ذلك دفعا لقلوب وعقول الناس إلى أن يتدبروا ويتذكروا

يعني : لما يؤمر بذبح البقرة يأتي سؤال : ما سبب الذبح ؟

هذا يعطي الإنسان تفكيرا وتثويرا للقرآن فيكون بذلك حاضر الذهن يعني هناك آيات أخر ربما تمر عليك بهذا الحال وبهذا الشأن فتأمل : فالقرآن كله خير يعود بالخير على قلبك في كل حرف منه

ولذلك :

أيهما أفضل :

كثرة قراءة القرآن مع قلة أو انعدام التدبر أو قلة قراءة القرآن مع التدبر والتفكر ؟

أيهما أفضل ؟

هل الأفضل أن أقرأ القرآن في أسبوع بسرعة القراءة أم أقرأ القرآن شهرا كاملا بتمعن وتدبر  ؟

أو أقرأ القرآن في ثلاثة أشهر بتمعن وتدبر بينما أقرأ القرآن في ثلاث ليال ؟

فيه تفصيل :

ابن القيم رحمه الله كما في زاد المعاد يقول : اختلف العلماء أيهما أفضل : تدبر القرآن أم كثرة قراءة القرآن مع قلة التدبر

أيهما أفضل ؟

قال بعض العلماء وهو رأي ابن مسعود وابن عباس من أن التدبر أفضل من كثرة قراءة القرآن

لم ؟

لأمور :

أولا : لأن الأصل في قراءة القرآن أن يعمل به ولا يمكن أن تعمل بشيء تجهله

الأمر الثاني :

ما هو أفضل الأعمال ؟

إيمان بالله

الإيمان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام هذا الإيمان لا يمكن أن يزاد أو لا يمكن أن تكثر زيادته إلا عن طريق التدبر والتمعن

لما تمر بهذه الآية وتتأمل فيها تقول سبحان الله !

كم فائدة في هذا القرآن كم مرة قرأت هذه الآية آلاف المرات لكن لما تقف عندها يعطيك هذا حبا للقرآن

ثالثا :

أن الناس أربعة أصناف مع القرآن :

ــ إيمان مع قراءة القرآن وهذا في أعلى ما يكون

ــ لا إيمان و لا قراءة قرآن وهذا هو المنافق الذي لا يقرأ القرآن

هذا في أسفل ما يكون

ــ إيمان بلا قراءة القرآن مثل المؤمن لكن لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولكن لا ريح لها 

الطبقة الرابعة :

قراءة قرآن بلا إيمان وهذا هو المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب ولكن طعمها مر من الداخل

إذاً :

أيهما أفضل :

إيمان بلا قراءة قرآن أو قراءة قرآن بلا إيمان ؟

إيمان بلا قراءة قرآن

فدل هذا على أن قراءة القرآن تعطي المؤمن زيادة إيمان

بينما هذا المنافق يقرأ القرآن لكنه لم يؤمن

واضح ؟

ومن الأدلة : رابعا :

أن ابن مسعود لما قرأ عليه علقمة وكان حسن الصوت فقال : فداك أبي وأمي رتل فإنه زين القرآن

خامسا :

لما أتى أبو جمرة كما قال شعبة قال شعبة أتى أبو جمرة إلى ابن عباس رضي الله عنهما وقال : إني أقرأ القرآن في اليوم مرة أو مرتين

فقال : لا تفعل لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من فعلك فإن كنت لابد فاعلا فاقرأ قراءة تسمع بها أذنيك ويعيها قلبك

القول الثاني يقول :  كثرة القراءة أفضل :

لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند الترمذي من حديث ابن مسعود قال : (( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف  ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف )

ولذلك وردت بعض الآثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يقرءون القرآن في اليوم مرة أو مرتين

إذاً :

من هو الأفضل ؟

يقول ابن القيم  : ” إن قراءة القرآن مع التدبر والتأمل أرفع وأجل قدرا ، وقراءة القرآن مع الكثرة بدون تأمل وتدبر أكثر أجرا فمثلهما مثل الأول من يقرأ القرآن بتأمل وتدبر كمثل رجل عنده عبد نفيس بثمن باهظ فتصدق به ــــ عنده واحد أو عنده جوهرة نفيسة فتصدق بها

ومثل الثاني كمثل رجل عنده عبيد كثر رُخَصَاء أو جواهر ليست بتلك القيمة فتصدق بها

أيهما أفضل  ؟

لاشك أن التأمل أفضل لكن ما نقل عن بعض الصحابة وبعض السلف هذا اجتهاد منهم رضي الله عنهم وقد يكونون في أزمان فاضلة يستغلون فيها الوقت وهم ليسوا كحالنا أولئك يقرءون القرآن ويفهمون ما فيه حتى لو أسرعوا في القراءة

ولذلك دخلت امرأة على عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو يقرأ سورة هود فختمها فقالت له : يا عبد الرحمن أقرأت سورة هود في جلسة والله ما زلت فيها منذ ستة اشر لم أنته منها

لاشك أن التأمل والتدبر مطلوب

ولذلك في مثل هذا الزمن يجمع الإنسان بين الأمرين يعني : لا يمضي عليه يوم إلا وقد قرأ جزءا من القرآن بتأمل وبتدبر

والتأمل لاشك أنه خير عظيم

وأعطيكم دليلا على فضل التأمل والتدبر :

نحن نمكث في درسنا هذا أحيانا في آية أو في آيتين أسبوعا نتأمل ألا يمكن أن نفسر عشر أو عشرين آية في جلسة ؟

بلى

ما رأيكم ؟

أيهما أفضل ؟

ما هو الشيء الذي انتفعتم به ؟

والله لو قلنا سورة البقرة ذكر فيها ثلاثة أسئلة عن سنها وعن لونها وعن عملها وهي لا تعمل ثم بعد هذا التنطع ذبحوها وما كادوا يفعلون وقد قتلوا شخصا ثم بعد ذلك بعد ما أحياه الله قست قلوبهم فكانت قلوبهم أشد من الحجارة

لكن هل عادت على القلب بمزيد فائدة ؟

لكن أرى من إقبالكم  ومن مشاركتكم أرى أن الطريقة الأولى أفضل

إذاً :

هذا حق ولكم أن تأمروا إن شئتم أن نسرع أسرعنا يمكن أن نأخذ جزءا في  أسبوع أو أسبوعين

لكن لما يتأمل الإنسان ويخرج بعد الجلسة يشعر أن إيمانه زاد

وهذا شيء مشاهد أنا ألمس من نفسي في بعض الأحيان

أن الإيمان يختلف  عن الإيمان الذي أتينا به ولا أدري عن غيري لكن هذا من باب التنبيه على واقع التأمل والتدبر

 

من فوائد هاتين الآيتين الكريمتين :

((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ))

كم القاتل ؟

واحد أم مجموعة ؟

أين الدليل ؟

ظاهر الآية أنه جمع

(({ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} ))

ظاهر الآية أنهم جماعة تواطئوا على قتل شخص

ويمكن أن يقال القاتل واحدا لكن البقية أدرجوا في ضمن حكم القتل لأنهم يعلمون بالقاتل ولم يخبروا عنه فدل على أن سكوتهم على الباطل أنهم شاركوا فيه

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام :

كما في حديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو درجات :

قال : ((من رضي وتابع ))

من رضي

فيحتمل أن يكون شخصا ويحتمل أن يكونوا مجموعة

 

ومن الفوائد :

لو وقعت مثل هذه الواقعة في عصرنا إنسان قتل ولا يعرف قاتله فأتى أولياؤه إلى المحكمة ابننا أو أخونا قتل

فما الحكم ؟

لا يعرفون قاتله القاتل مجهول

هذا الآية بارك الله فيكم فيها دليل على القسامة

القسامة جاء بها الشرع

وكانت تعمل في الجاهلية كما جاء في صحيح مسلم كان أهل الجاهلية يعملون بها

وهذه الآية دليل على القسامة

ما هي القسامة ؟

القسامة :

ــــــــــــــــــــ

لو أن شخصا قتل ولا يعرف قاتله لكن أتى أولياؤه وقالوا : لا نعرف قاتله ولكن عندنا ما يسمى باللوث يعني : نشك في فلان لأن بينهما عداوة أو رئي فلان يمر بالطريق الذي مر به فلان المقتول في هذا المكان

فما هو الحل ؟

إذا ادَّعوا على شخص بأنه قتل فلانا من الناس وهم لم يتيقنوا أنه قتله لكن يقولون بما أن هناك أمارات وقرائن هو الذي قتله

فما الذي يلزمهم ؟

يلزمهم أن يحلفوا خمسين يمينا ولابد أن يكونوا رجالا وإن لم يبلغوا هذا العدد

فالرجال منهم هم الذين يحلفون وتقسم الأيمان عليهم بقدر إرثهم منه ويحلفون أن فلانا قد قتله ولا يجوز لهم أن يحلفوا مع الشك فإذا حلفوا خمسين يمينا فإن هذا القاتل  يؤخذ برمته ويدفع إليهم ويقتل

هذه هي القسامة

لو قالوا : لا يمكن أن ندخل في أنفسنا وفي ذممنا شيئا

يقال لهذا القاتل : لتحلف خمسين يمينا

إن حلف أطلق إن لم يحلف قضي عليه ودل على أنه قتل فهنا قرينة

لكن قال : سأحلف

قالوا : لا هو كذاب لا نثق بيمينه

هنا : تدفع لهم الدية من بيت مال المسلمين

وهذه هي القسامة موجودة في الشرع

وهذه الآية تدل على القسامة

لو أنهم ادعوا على شخص مثلا هذا الشخص المقتول في الدمام  وقتل مثلا في ليلة الخميس

وهذا القاتل لم يكن تلك الليلة في الدمام كان في الرياض مثلا تقبل دعواهم ؟

لا تقبل دعواهم

هذه تسمى بالقسامة

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً ))

ما اسم المقتول ؟

لم يذكر

ولذلك قال ابن عباس : أبهموا ما أبهمه القرآن

يعني : لا تتعمق في ذكر الأسماء لو كان في ذكر الأسماء أو في ذكر ألوان بعض الأشياء خير تفيدنا نحن في عبادتنا لذكرها الله عز وجل

لذلك :

قد ترون في بعض التفاسير صفة أهل الكهف ومعهم كلب

هذا الكلب ما لونه ؟

ما اسمه  ؟

ما أسماؤهم ؟

هذه لا فائدة من ورائها ولذلك لما تنازعوا في عدد أصحاب الكهف ماذا قال تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام : ((فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً ))

يعني لا تدقق فيهم هذا لا يفيدك

يعني  : عرفنا أن عددهم سبعة والكلب ثمانية, عرفنا أنهم أقل أو أكثر ما الفائدة التي تعود على قلوبنا

ولذا : لا تقف كثيرا على ما لم يذكره الله

إذاً : هي نفس الله أعلم بها هل هي ذكر هل هي أنثى ؟

ليس هناك دليل فالله أعلم

ربما رجل وربما أنثى