التفسير المختصر الشامل تفسير سورة التوبة من الآية ( 38) إلى (55) الدرس (121)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة التوبة من الآية ( 38) إلى (55) الدرس (121)

مشاهدات: 515

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة التوبة من آية 55:38

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

قال تعالى :

” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ”

هذَه السورة تحدثت عن ماذَا؟ تحدثت عن غزوة تبوك كما مر معنا في سورة الأنفال تحدثت عن غزوة بدر سورة آل عمران تحدثت عن غزوة أحد قال هنا مبينا ما حصل و ما جرى في غزوة تبوك ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا” انفروا أي : اخرجوا في سبيل الله : “انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ” أصلها تثاقلتم فأبدلت التاء تاء فأبدلت التاء تاء وأدغمت الثاء في الثاء فاحتيج إلى همزة الوصل فقيل   اثاقلتم اثاقلتم بمعنى أنكم ركنتم إلى الأرض كحال من هو ثقيل ومن هو ثقيلٌ على الأرض كيف يرفع أو كيف ينتهض مما يدل على ماذَا ؟مما يدل على ذَم ماذَا؟ على ذَم من تخلف في غزوة تبوك وكذَلك الشأن يسري في كل غزوة يكون حالها كحال غزوة تبوك ” اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ” اثاقلتم إلى الأرض بمعنى كما مر معنا في ذلكمُ الرجل ولكنه أخلد إلى الأرض يعني أخلد إلى الشهوات التي على الأرض هنا “اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ” يعني أنكم ملتم إلى شهوات ما يكون في هذه الأرض ” اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ” استفهام انكاري وبه التوبيخ ” أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ” التنبيه ” فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ” قليل ولذا ثبت قول النبي ﷺ “ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم يعني في البحر فلينظر” يعني: إذا أخرجه، “فلينظر بمَ يرجع” مما يدل على ماذا؟ مما يدل على أن الدنيا ليست بشيء عند الآخرة ” فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ” وفي هذا تنبيه لمن تخلف في غزوة تبوك من المؤمنين كما سيأتي بيان ذلك في هذه السورة “إِلَّا تَنْفِرُوا” إلا تنفروا هنا إن شرطية “إِلَّا تَنْفِرُوا” ولِذَلك جزم تنفروا فلم تأتِ النون إلا لأنه من الأفعال الخمسة ” إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ” هذا هو الجواب جواب إن الشرطية مجزوم بالسكون “يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا” عذَاباً مؤلما “وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ” ويستبدل قوماً غيركم فيكون هؤلاء خلاف ما أنتم عليه كما قال الله ﷻ ” وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ”” وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا” ولا تضروا الله وقيل ولا تضروا رسول الله ﷺ وكلا القولين كلاهما لأن نفي الضر عن رسول الله ﷺ بتلازم ما بينهما من الحقوق ” وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا” ولا تضروه شيئا بمعنى أن عدم (نفوركم وخروجكم)إلى الجهاد هذا لا يؤثر وإنما الضرر يعود عليكم ” وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا” وهنا ولا تضروه معطوفة ولذا لم يقل ولا تضرونه معطوفه على المجزوم “وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” فهو قدير على كل شيء وقدير على أن ينصر النبي ﷺ من غير حاجة أحد ومن غير أي سبب ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ” إلا تنصروه يعني النبي ﷺ” فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ” فقد نصره الله وهذَا يدل على ماذَا ؟ على أن النصر حليف النبي ﷺ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا” بمعنى أنكم إذا لم تنصروه في هذا الزمن في هدا الوقت في السنة التاسعة من الهجرة في غزوة تبوك فلتعلموا أنه نصره مع قلة العدد ومع قلة ما هو فيه عليه الصلاة والسلام متى؟ قال “فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ” أي واحد اثنين, إذا قيل ثالث ثلاثة أي : واحد ثلاثة, رابع أربعة أي واحد أربعة وإذا قيل رابع ثلاثة يعني أنه جعل الثلاثة أربعة وإذا قيل خامس أربعة جعل الأربعة خمسة قال هنا “إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ” قال “إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ” هم لم يخرجوه لكنه هو الذي خرج بنفسه لكن لما كانوا سبباً في إخراجه نسب الأمر والخروج إليهم “إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا “ووصفهم بالكفر لأن هذا صنيع من؟ الكفار كيف يخرجون رسول الله ﷺ ” إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ” أي وقت كونهما في الغار وهو غار جبل ثور في طريق الهجرة ” إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ” يعني أبا بكر النبي ﷺ يقول لأبي بكر ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ” ووصفه بالصحبة هنا مما يدل على ماذا؟ على أن الصحبة درجات فأعظم الصحابة صحبة هو أبوبكر رضي الله عنه ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ” “لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا” لأن أبابكر رضي الله عنه كان يخاف على النبي ﷺ فقال يا رسول الله لو أن أحدهم كما ثبت نظر إلى موضع قدمه لرآنا فقال ﷺ  يا أبا بكر  ما ظنك في اثنين الله ثالثهما ، قال هنا ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ” معية ماذا ؟معية التأييد والنصرة والحفظ فقال هنا ” إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا “إذاً “إِلَّا تَنْصُرُوه”. فتذكروا أنه نصره مع قلة ما كان فيه متى ؟ وقت ” إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ” وقت إذ كانوا ثاني اثنين وقت يوم أن قال النبي ﷺ لصاحبه “لَا تَحْزَنْ” فنصره فيما مضى ألا ينصره فيما يستقبل فدل هذا على أن نصر الله عز وجل لنبيه ﷺ مستمر ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ” عليه قال بعض العلماء عليه الضمير يعود إلى أبي بكر لأنه الأقرب مذكور لكن الأكثر يقولون هو راجعٌ إلى النبي ﷺ لكن من يقول أنه راجع إلى أبي بكر يقول النبي ﷺ غير محتاج إلى السكينة لكن يقال “فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ” يعني على النبي ﷺ بدليل ماذا؟ بدليل أن السكينة تكون ليس عن فزع وعن خوف قد تكون ماذا؟ عن ماذا عن زيادة رعاية وحفظ وطمأنة وزيادة سكينة على سكينة بدليل ماذا؟ أنه ذكر أن الله أيده بالجنود والذي يؤيد من ؟ النبي ﷺ ” فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ” وهم الملائكة ” وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ” إذ إنهم  حفظوه  بأمر الله ﷻ وأيضاً جعلوا الكفار يصدون عن رؤية النبي ﷺ ومن ثمً فإن ما ذكر من أن العنكبوت تسبح على الغار بخيوطه فقالوا كيف يكون هنا والعنكبوت جعل هذه الخيوط فهذا السند حسنه ابن كثير وحسنه ابن حجر رحمهما الله ولكن بعض العلماء يقول هي ضعيفة لأنه إنما أيًد فقط للجنود لقوله ” وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ” أما قول البعض من أن حمامتين كانتا تحت الغار وباضتا هناك فإنه لا يصح فإنه لا يصح وأعظمُ منه ضعفا من أن بعضهم يقول إن الحمام الموجود في الحرم هو من نسل تلك الحمامتين فكل هذا لا يصح عن النبي ﷺ فقال هنا ” وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى ” كلمة الذْين كفروا كلمة الشرك وما كانوا يخططون له من الاعتداء على النبي ﷺ   وعلى دينه” وَكَلِمَةُ اللَّهِ ” وهي كلمة التوحيد ” وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ” “وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى “هي جملة فعلية لكن لما أتى إلى كلمة الله العليا جعلها جملة اسمية ” وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ” لأن الجملة الاسمية أقوى من الجملة الفعلية فالجملة الاسمية، فالجملة الاسمية تدل على الثبوت وعلى الاستقرار ” وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” هو العزيز القوي الغالب الذي لا ينال بسوء فنصر من؟ رسوله ﷺ وهو حكيم إذ حكم بهذه الأحكام من أجل أن تعظيمُ الله عز وجل وأن تنصروا دينه ” انْفِرُوا ” أمر هنا ” انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ” خفاقا وثقالا هذا يشمل ماذا؟ انفروا في جميع الأحوال خفافا أي : في حالة السعة أو ثقالاً في حالة الضيق سواءً كنتم مرضى أو غير مرضى سواءً كنتم أصحاب أموال أم غير أصحاب أموال عندكم أسلحة أو ليس عندكم أسلحة هذا شامل ” انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ” وقال بعض العلماء هذه الآية منسوخة بقوله تعالى في نفس السورة “لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ” وقال بعض العلماء هي على الندب هذا من باب الاستحباب والصحيح أن الآية ليست منسوخه وإنًما هذه الآية تحمل على حال إذا كان بالمسلمين إذا كان بالمسلمين نازلة إذا أتى العدوُ إلى بلدتهم وأحاط بهم فإن الجميع ينفر الجميع ينفر على أي حالة كانت بحيث يقاتل هذا العدو لأن العدو إذا ترك في البلد استباح ماذا ؟ الدماء والمحارم ومن ثمً فإنً على أهل البلدان إذا لم تستطع هذه البلدة المسلمة أن تكف هذا العدو على القريبة أن تساعدهم وهكذا و هكذا ولذا ماذا قال تعالى في آخر السورة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ” قال هنا ” انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا “ولا تكون الآية منسوخة وإنما باعتبار الحال والزمن “انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ” سبحان الله قال هنا ” انْفِرُوا ” وقال” جَاهِدُوا ” لماذا جمع بينهما أليس النفور هو الجهاد والجهاد هو النفور فالجواب عن هذا من أن قوله تعالى ” انْفِرُوا ” انفروا حتى لو لم يقع جهاد فإن العدد إذا كثر من حيث النفير كان فيه ماذا؟ كان فيه بيان لقوة المسلمين ولو لم يحصل قتال ولو لم يحصل قتال ولذلك يكون فيه وجود هيبة للأمة الإسلامية ” وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ “قدم الأموال لأن الأموال هي الأصل في ماذا؟ في ماذا؟ في الجهاد في سبيل الله لأن الجهاد يقوم بإعداد القوة ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ” وهذا يحتاج إلى ماذا؟ يحتاج إلى مال ولأن الجهاد بالنفس قد يسقط لعذر لكن بالنسبة إلى المال قد يكون موجوداً عند شخصٍ ويكون ثريا وليس قادرا على الجهاد هنا يقدم المال ” وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ” أي لإعلاء كلمة الله ﷻ ” وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ ” النفير والجهاد خير لكم إن كنتم تعلمون إن كنتم تعلمون ذلك فافعلوا هذا النفير والجهاد ” لَوْ كَانَ عَرَضًا “هنا بين حال من ؟ حال المنافقين ” لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا “لو كان عرضاً من متع الدنيا يعرض ثم يزول “لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا” يعني قريب المتناول والوصول إليه ” لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا ” سفراً متوسطاً يعني من غير ما تكون هناك مشقة لهم وفيه ربح دنيوي لذهبوا ونفروا ” لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ “ولذلك كما ثبت عند قوله ﷺ عن تخلف عن صلاة العشاء قال “لو يجدُ عظماً سمينا لشهد العشاء” مما يدل على حبهم للدنيا قال هنا ” لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ” المسافة بعيده وبها مشقة وهي الذهاب إلى تبوك لأنها وقعت في ماذا؟ وقعت في شدة الحر وأيضاً حينما طابت الثمار والثمار بدأت في النضوج والناس محتاجون إليها وهناك حر والمسافة بعيدة بين المدينة وبين تبوك لأن النبي ﷺ علم أن الروم قد تجمعوا له فذهب ﷺ وأخبر الصحابة رضي الله عنهم كان يوري بالغزوة يعني يوري بالغزوة يعني كأنه يريد ذلك المكان وهو يريد هذا المكان لكن في هذ الغزوة أفصح لهم  حتى يعرفوا أن المسافة طويلة وأن  الجهد عظيم حتى يتهيأ الناس لكنه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى تبوك فما وجد شيئاً من الروم فمكث ما يقرب من عشرين يوما ثم رجع صلى الله عليه وسلم  فقال هنا “ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله ” يعني هذه بيان من الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في تبوك من أنه إذا رجع سيحلفون لك هذا السين للاستقبال “وسيحلفون بالله لو استطعنا” يعني إذا رجعتم لخرجنا معكم وكذبوا هم باستطاعتهم أن يخرجوا “وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم” “يهلكون أنفسهم” بهذه الأيمان الكاذبة وبهذا النفاق” يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون” كم  كذبة ” والله يعلم إنهم لكاذبون حتى لو حلفوا لكم ” “عفا الله عنكم” هذا عتاب من الله للنبي صلى الله عليه وسلم لكنه عتاب لطيف ولذا قدم العفو على العتاب ” عفا الله عنكم” وعفا الله عنك ومن ثم هذا قول يعني عفا الله عنك بمعنى أنه لم يؤاخذك على أنك أذنت لهؤلاء قبل أن تتبين أحوالهم وقال بعض العلماء “عفا الله عنك” هذه مستأنفة بمعنى كما يقول الشخص الآخر رحمك الله وليس بها عتاب لكن الذي يظهر أنها عتاب لكنه عتاب ماذا ؟ عتاب لطيف ولذا قدم  العفو “عفا الله عنك” وقد تكلم العلماء عن الزمخشري لأنه قال “عفا الله عنك” هذا يدل على جناية فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وفعل هذا الفعل لأن العفو بدل على الجناية وبئس ما فعلت فرد عليه العلماء وقالوا إن هذا الكلام لا يليق بحق النبي صلى الله عليه وسلم وآلة وسلم  إذا هنا عتاب لطيف ” عَفَا اللَّهُ عَنْكَ” كما عاتبه عز وجل في قوله تعالى “عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى”  “عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ”  استفهام ”  لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ” لما استأذنوك في عدم الخروج ” حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا” أي حتى يظهر لك الَّذِينَ صدقوا ” وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ”  “حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا” في الصدق ماذا قال؟ صدقوا بالفعل الماضي ” وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ” الكاذبين باسم الفاعل الذي يدل على الاستمرار مما يدل على أن صدقهم صدقٌ عارض لحاجة لكن الكذِب متوغلٌ ومتوغلون فيه ثم قال هنا ” حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا” في شأن الصدق ذكر التبين في حال الكذب ذكر العلم لأن المقصود من اختبار هؤلاء أي يخرج الصدق أم الكذِب؟ الصدق لأنه إذا خرج الصدقُ عُلم الكذِب فقال  “حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا” لأن هذا هو المقصود المقصود ماذا صدقهم فقال “يَتَبَيَّنَ” فإّذِا تبين عدم الصدق عُلم كّذِبُ هؤلاء فأتى بالعلم في الكذب والتبين في الصدق ” حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ” ” لَا يَسْتَأْذِنُكَ” أهلُ الإيمان لَا يَسْتَأْذِنُونكَ إنما الْذِي يسْتَأْذِنُكَ من الجهاد في سبيله هم أهل النفاق “لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ” ولذا ختم الآية من باب حثهم ومن باب أنهم على خير ” وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ” فهم أهل التقى قال ” وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ” وسيجازيهم على تقواهم ومن تقواهم أنهم يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ” إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ” أداة حصر تدل على أن من يستأذِن هم هؤلاء ” إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر ِ” مما يدل على أن الإيمان بالله وباليوم الآخر يعطي الإنسان ماذا ؟قبولاً للحق وانشراحاً للعمل الصالح ” إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ” أي شكت قلوبهم ووصف القلوب بالريب لأن الأصل هو القلب فالقلب إذا اطمأن فخير وإن ارتاب فشر كما قال النبي ﷺ في الصحيحين: “ألا وإن في الجسد مضغة إذْا صلحت صلح الجسد كله و إذْا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب ” ” وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ” ومع ذلك فهم في ريبهم أي في هذْا الريب وفي هذْا الشك يترددون كحال من يذْهب ويأتي يعني أنهم حيارى فصار هذْا الريب والتردد وبال عليهم مما يدل على أن الطمأنينة والاستقرار والثبات على دين الله هو راحة وخير واستقرار ” وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً” ولو أراد هؤلاء المنافقون الخروج لأعدوا له عدة وذكر العدة هنا مما يدل على ماذْا؟ على أن الاستعداد للعدو أُمر به كما مر معنا ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ” وقال ” وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ” أي خروجهم فثبطهم أي فثبطهم وعجزهم عن الخروج لم؟ لأن قلوبهم ليست راغبة في الخير لكنهم لو أعدوا العدة فتبين هنا رغبتهم الخير هنا أعانهم الله ﷻ كما أعان أهل الإيمان  “وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ” و هذا يدل على ماذا؟ يدل على أن المسلم يحرص على أن يأتي إلى طرق الخير فإنه إذا أتى إلى طرق الخير أعانه الله ﷻ ولذْا ثبت في الحديث القدسي “من يقترب إليً شبرا تقربتُ منه ذْراعا، ومن يقترب إليً ذْراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هروله” فقال هنا ” وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ” قال لهم النبي ﷺ “أقعدوا مع القاعدين”, أوقال بعضهم لبعض يتواصون على الباطل اقعدوا مع القاعدين أي مع المتخلفين أي الذين تخلفوا لعذر كالمرضى والعجزى والنساء وما شابها هؤلاء ” وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا” من لطف الله ﷻ بكم أنهم ما خرجوا ولذلك ثبطهم الله لم؟ لأن هناك خيراً للأمة ” لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا” إي إفسادا الإفساد ” مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا” وقوله” مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا” لا يدل

على أن الخبال والفساد موجودٌ في الصحابة رضي الله عنهم لا وإنما المقصود من أن بعض المنافقين ربما كان من بينهم فإذا انظم هؤلاء إلى هؤلاء ازداد الخبال أو أنهم زادوكم خبالاً بمعنى أنهم إذا أتوا في أول الأمر بالفساد أتو بفساد آخر وازداد و ازداد ثم بعد ذلك تكون العاقبة السيئة ” مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ” الخلال البين ” وَلَأَوْضَعُوا” أي لأسرعوا سبحان الله كما في اللغة العربية ولذلك النبي ﷺ قال “ليس البر بالإيضاع ” يعني بالإسراع لما خرج من عرفة قال “ليس البر بالإيضاع” يعني بالإسراع قال هنا ” وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ” يدل على أنهم سباقون يسرعون ويسارعون في إيجاد الفساد في المسلمين ” وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ” أي بينكم ” يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ” يطلبون الفتنة والفرقة والشقاق وما شابه ذلك بينكم ” يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ” وفيكم سمًاعون لهم أي من يستمع لهم ممن يرى في ظاهرهم من أنهم على الاسلام ” وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ” بمعنى أن فيكم من هو جاسوسٌ لهم يتجسسون لهم من أهل النفاق ” وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ” وهذا يدل على ماذا؟ يدل على أنهم إذا أتوا بالإفساد وبالكلام وبالتثبيط وبالإرجاف وبتخويف المسلمين وبتعظيم الكفار هنا ما لذي يحصل ؟ يحصل أن هذا الكلام ينتشر ومن ثمً يضعف أهل الإسلام فقال هنا ” وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” والله عليم بالظالمين وسيجازيهم على ظلمهم ومن هؤلاء الظلمة هؤلاء المنافقون “لَقَدِ ابْتَغَوُا ” أي طلبوا” لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ” أي من قبل غزوة تبوك ابتغوا فيكم الفتنة والفساد في غزوة بدر ماذا جرى منهم في غزوة أحد في شتى أحوالهم قبل غزوة تبوك ماذا صنعوا” لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ” أي قلبوا لك الأمور يا محمد بمعنى تقليب الأمر بمعنى النظر فيه بحيث يبحثون عن  أي أمر يوقع النبي ﷺ في الهزيمة وفي ما شابه ذلك ” لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ” نصر الله وظهر أمر الله وهو الدين وظهر أمر الله وهم كارهون ولذا مر معنا “يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ” قال
“وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ رسوله بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ” هنا” وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ” ” وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ” أي من هؤلاء المنافقين من هؤلاء المنافقين ” وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ  ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي” هنا لما أمر ﷺ بالخروج إلى قتال الروم في غزوة تبوك قال بعضهم يا رسول الله ائذن لي فأنا لا أصبر على النساء أنا معروف بأنني لا أصبر على النساء فكيف لي بصبرٌ على بنات بني الأصفر فإنهن جميلات فقال عز وجل” وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ  ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي” يعني في النساء “ألا في الفتنة سقطوا” الفتنة التي هي أعظم الشرك سقطوا فيها وانغمسوا فيها فما قال هذا القول خوفاً على دينه وإنما هو أصلاً مرتكب للشرك الأعظم فكيف يكون متورعاً وخائفاً على نفسه من الوقوع في فتنة النساء “ألا في الفتنة سقطوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ” تحيط بهم ومن ثم يكون العذاب العظيم الأليم ” وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ”  “إن تُصبك” يا محمد  “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ” مما هي حال حسنة من نصر من غنيمة من صحة من عافية” إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ” يستاؤون لها” وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا” وإن تصبك مصيبةُ في سورة النساء قال “إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ” لم يقل مصيبة لأن الخطاب هناك لمن؟ للمسلمين عموما هنا لمن؟ للنبي ﷺ فأتى بكلمة مصيبة مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام يعني من باب بيان فضله ﷺ مع بيان فضل المسلمين لكن هنا ذكر المصيبة باعتبار أنه ﷺ يأتيه ما هو أعظم  مما هو من الحالة السيئة وهي أعظمها المصيبة العظيمة فيصبر ويحتسب “وإن تصبك” كما أن المسلمين يحتسبون لكن هنا الخطاب موجه له في سورة النساء الخطاب موجه للمسلمين “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ” يعني نحن عرفنا وأخذنا الحيطة فلم نغامر بأنفسنا فنقتل أو أنه يصيبنا ما أصابهم “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ” أخذنا الحيطة من قبل فلم نقع في مثل ما وقع فيه محمد وأصحابه “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ” يعني أعرضوا وأيضاً حاله كونهم أنهم كما قال وهم فرحون مما يدل على شماتة الأعداء ولذِا النبي ﷺ في السنة استعاذ من شماتة الأعداء ” وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ” وهذا يدل على عظم الطغيان مع أنهم لم يكونوا مع النبي ﷺ ففرحوا بما يسوؤه ومع ذلك يفرحون ويتشمتون به ” وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ” قل يا محمد ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا” ما قدره الله عز وجل في اللوح المحفوظ فهو كائن ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا” مما هو حسنة ومما هو مصيبة ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ” الذي يتولى أمورنا وهي الولاية الخاصة التي تقتضي التأييد والنصرة والحفظ ومن ثم فإن المسلم متى ما نزل به مالا يلائمه من مرض من فاقة من فقر من عسر بما شابه ذلك فليعلم أن هذا من أمر الله وليلجأ إلى الله لأن الله هو وليه ولذا ماذا قال هنا ؟ ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا” تفويض الأمر لله ﷻ ” هُوَ مَوْلَانَا” وإذا كان مولانا ولاية النصرة والتأييد والحفظ فإنه سيفرج عنا فإنه سيشفينا فإنه سيعطينا فإنه سيُيسر علينا ” هُوَ مَوْلَانَا” ولذا في ختام الآية ” وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” على أهل الإيمان أن يتوكلوا على الله ﷻ ومن أعظم ما يتوكل العبد على ربه أن يتوكل عليه فيما يتعلق بدينه أن يحفظ له دينه  ويثبته  عليه وأن ينصره على أعداء هذا الدين ” وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” ” قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ” قل ” قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بنا” أي هل تنتظرون بنا ” إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ” إما النصر وإما الموت على الشهادة ” قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ” أي ننتظر بكم ” أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ” بأنه سماوية أو ما شابه ذلك صاخة أو قارعة أو ما شابه ذلك “أو بأيدينا” أو “بأيدينا” يعني أننا ننتصر عليكم ونقتلكم ونهزمكم ” أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا” أي فانتظروا “إنا معكم متربصون” منتظرون ما كتب الله وما قدره الله عز وجل لنا ولكم ” قُلْ أَنْفِقُوا” قل يا محمد لهؤلاء ” أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا” طواعية أوكرها مع أنهم إذا أنفقوا هم لم ينفقوا طواعية لأنهم بخلاء ولكن لو انفقوا طواعية من حيث الصورة باعتبار أن يكفوا عن نفسهم ما يقال فيهم ” أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ” السبب إنكم كنتم قوماً فاسقين والفسق هنا الكفر بالله عز وجل وهو الفسق الأكبر ” وَمَا مَنَعَهُمْ” هذا هو السبب ” وما منعهم ” أن تقبل منهم نفقاتهم ” إلا أنهم كفروا بالله و رسوله “مما يدل على أنه مع الكفر لا يقبل أي عمل ” إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وتأمل ما جاء في سورة النساء ” إذِا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى” فدل على أن حالتهم حالة الكسالى إذِا قاموا وإذِا أتوا إلى الصلاة إذا قاموا وإذا أتوا الى الصلاة حال القيام للصلاة وحال الذهاب إليها ” وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ” ختم الآية من أنهم ” وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ” مما يدل على أن الطواعية في الآية السابقة ” قل أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا” ليست طواعية عن حب لهذِا الدين وإنما طواعية من حيث الظاهر من أجل ماذا ؟ من أجل أن يردوا عن أنفسهم ما يقال فيهم ” وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ” ” فَلَا تُعْجِبْكَ” الفاء هنا مرتبة على ما مضى هم أُعجبوا بأموالهم لأن الحديث في ما مضى عن المال ” فَلَا تُعْجِبْكَ” أي فلا تستحسن هؤلاء مما لهم من متع الدنيا ” فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” أي هم يتعذبون بهذِه الاموال وبهذِه الأولاد في الحياة الدنيا التعذيب متعدد من بين ذِلك من أنهم ينفقون هذِا المال كرها هذِا تعذيبٌ لهم ينفقون هذِه الاموال مع كرهم لمحمد ﷺ فكيف تعطي المال لمن تكرهه هذِا أيضاً فيه تعذيب لهم حبهم للمال والحرص عليه فإنهم يستمرون في تحصيله وبهذا يكون الشقاء بخلاف المؤمن الذي به قناعة فإنه يقتنع ولا يشقى كذِلك يتعذبون بأولادهم حيث أن أولادهم يذهبون إلى الجهاد فيقتلون أيضاً بعض أولادهم أسلم كعبدالله بن أبي بن سلول ابنه عبدالله مسلم فإنه إذِا كان عدواً له إذِا كان عدواً له إذِا كان عبدالله عدوٌ لأبيه هنا تعذيب ولذا قال ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بالمال قال :إن الإنسان يتعذب بالمال إذِا كان حريصاً عليه إذِا كان حريصاً عليه كلٌ يحب المال لكن من  كان حريصاً على المال حرصاً عظيماً قال يتعذب به ثلاث مرات يتعذب به حتى يتحصل عليه الحالة الثانية يتعذب على هذا المال ويتعذب بهذا المال حتى يزداد الحالة الثالثة يتعذب بهذا المال من أجل أن يحفظه حتى لا يخسر هذا المال فهو بين هذه الأنواع من العذاب ” فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” هذا في الدنيا العذاب في الآخرة ” وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ” قال :” وَتَزْهَقَ” من القوة يعني تخرج أرواحهم من أبدانهم بقوة كما قال عز وجل ” وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ” يعني أن أرواحهم عند الموت تكون خارجة بمشقه ” وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ” وهم كافرون فهذا سبب ماذا ؟ سبب التعذيب لهم في هذه الدنيا بالأموال وبالأولاد وسبب التعذيب لهم عند موتهم وفي آخرتهم.