التفسير الشامل ـ تفسير سورة غافر من الآية ( 28 ) إلى ( 52 ) الدرس (223 )

التفسير الشامل ـ تفسير سورة غافر من الآية ( 28 ) إلى ( 52 ) الدرس (223 )

مشاهدات: 444

بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الشامل

تفسير سورة غافر من الآية (28) إلى (52)

الدرس (223)

لفضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد.

 

﴿وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ (28) يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ (29) وَقَالَ ٱلَّذِيٓ ءَامَنَ يَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُم مِّثۡلَ يَوۡمِ ٱلۡأَحۡزَابِ (30) مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ (31) وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ (32) يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ (33) وَلَقَدۡ جَآءَكُمۡ يُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِي شَكّٖ مِّمَّا جَآءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ مُّرۡتَابٌ (34) ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ (35)﴾

 

فكنا قد توقفنا عند قول الله عز وجل عن ذلك الرجل المؤمن، ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ دل هذا على أنه من آل فرعون، لكنه كان يكتم إيمانه ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ﴾ أتقتلون رجلًا من أجل أنه يقول ربيَ الله! ولذا ثبت في الحديث الصحيح أن أبا بكر رضي الله عنه لما اجتمع مَن اجتمع من كفار قريش، وخنقوا النبي ﷺ قبل الهجرة، أتى إليهم ودفعهم وقال: أتقتلون رجلًا أن يقول ربيَ الله!

﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أي: بالبينات الواضحات مِن العصا واليد وما شابه ذلك من الآيات التسع،

﴿مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ فهذه البينات ليست من عنده، إنما هي من عند ربكم الذي يجب أن تعبدوه عز وجل وحدَه ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ﴾ ومِن ثَم فإنه ذكر ما يتعلقُ بالتكذيب حتى لا يُظن أنه في صفِّ موسى، ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ﴾ والصدق أخَّرَه ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ﴾ يعني: مما يعدكم به من عذاب الله إن خالفتم ذلك ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ {مُسْرِفٌ} أي متجاوز الحد في عصيان الله عز وجل،

{كَذَّابٌ ﴾ كذاب يعني من هو عظيم الكذب، وفي هذا بيان أن موسى ليس بمسرف وليس بكذاب، لأنه لو كان كذّابًا لانتقم اللهُ منه، ودل هذا على أن فرعون إنما هو المسرف والكذّاب، ولذلك أتى بهذه الصيغ مما يدل على أن موسى عليه السلام كان حكيمًا في دعوة قومه.

﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ﴾ يعني في أرض مصر لكم الاستيلاء، في مثل هذا اليوم على مصر، وهذه نعمة من الله، وهو وعظهم بذلك ﴿يَا قَوْمِ ﴾ وأتى بكلمة يا قوم من باب التلطف معهم.

﴿فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ﴾ من عذاب الله ﴿إِنْ جَاءَنَا﴾

ومع تلك النصائح ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾ يعني ما أريكم إلا نفس الرأي الذي أراه لنفسي ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ أي إلى طريق الصواب، ولذلك قال الله عز وجل:

 ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ﴾ [طه:79] ﴿وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍۢ﴾ [هود:97].

﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ ﴾ وأتى بكلمة يا قوم تلطفاً ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ﴾ وهم الأحزاب الذين تحزبوا كقوم نوح وعاد وثمود ﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ بيَّن هنا مَن هم هؤلاء: مثل عادة وحال قوم نوح ﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ ممن جاء من الأمم فكذبوا رسلَهم ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ﴾ فهو لا يريدُ الظلم، وهو لا يظلم لكمال عدله ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ﴾ أي: أنما وقع بهم إنما هو بعدل منه عز وجل بسبب ذنوبهم، لذا قال الله تعالى:

﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ﴾ [آل عمران: 108]، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46].

﴿وَ يَا قَوْمِ﴾ لما خوفهم من عذاب الله الذي نزل في تلك الأقوام في الدنيا، خوفهم بالعذاب الأخروي:

 ﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ﴾ وهو يوم القيامة ذلك لأن المناداة تكون بين أهل الجنة وبين أهل النار، ونادى أصحابُ الجنة، ونادى أصحابُ النار كما ذكر الله عز وجل ذلك في سورة الأعراف ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ في يوم القيامة إذا حكم عليكم بالدخول في النار تفرون وتهربون في عرصات القيامة ﴿مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ﴾ ليس هناك أحدٌ يعصمكم من الله، ولا يدفع عنكم عذابَ الله ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ فلن يستطيعَ أن يهديه، لأن الله عز وجل له الأمر والتدبيرُ كله.

ثم وعظهم بما كان من حال أسلافهم ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ﴾ يوسفُ عليه السلام؛ والأصح في ذلك أنه يوسف ابن يعقوب الذي ذكر الله عز وجل حالَه في سورة يوسف إذ مَلَكَ مِصرَ، فهنا قال الله عز وجل عن هذا الرجل: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ والدلائل الواضحات على صِدقِه ﴿فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ﴾ يعني إنكم مستمرون في شك ورَيب مما جاءكم به يوسف، لكن قوة السلطة والمُلْك جعلتكم تخضعون لما يقول.

 ﴿حَتَّى إِذَا هَلَكَ ﴾  استمر الريبُ والشك في قلوبكم إلى أن مات، هَلَكَ: مات.

 ﴿قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ أي مثل هذا الإضلال الذي أضل اللهُ عز وجل به آبائكم عدلًا منه عز وجل، كذلك يُضل الله عز وجل كل مَن أسرَفَ  وتجاوز الحدَّ في الطغيان، وهو {مُرْتَابٌ﴾  يعني شاك في دين الله عز وجل.

إذًا/ لا تشكوا في أمْرِ موسى عليه السلام حتى لا يَحِلَّ بكم مثلُ ما حَلَّ بآبائكم.

﴿الَّذِينَ﴾ هنا توضيحٌ لهذا المسرف المرتاب ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ يجادلون ويخاصمون في آيات الله عز وجل، فينكرونها أو يشككون فيها ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ﴾ يعني: بغير حجة معهم، لأنه من حيث الأصل لا حجة لهم لا من حيث الشرع، ولا من حيث العقل، لأن دين الله عز وجل هو الحق، فقال الله عز وجل ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ﴾ يعني: لم يأتِهِم سلطانٌ على تلك المجادلة الباطلة، لكن لو كانت هناك مجادلة بالحق بالدليل الشرعي من أجل الوصول إلى الحق فلا إشكال في ذلك، لكن هؤلاء جدالُهم إنما هو من باب الإنكار.

﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يعني: أن من يجادل آيات الله بعد وضوحها، وبعد بيانها، ويجادل من غير حجة، ماذا يكون حُكمُه؟ يمقته الله والمقت أشد البغض، فيمقته الله عز وجل ويمقته أهلُ الإيمان، وهذا يجري حتى فيما يتعلق بالمسائل الشرعية، فيما يكونُ بين الناس في مثل هذا الزمن، يجادلُ بعضهم بغير دليل، فإنه مُعَرّضٌ لِمَقْتِ الله، ولِمَقْتِ أهلِ الإيمان، ولذا تجدُ أن المقت هنا ذُكِر وذُكِر في أول السورة، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ﴾[غافر:10]

﴿كَبُرَ مَقْتًا}: ﴿كَبُرَ} يعني: عَظُمَ.

﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ يعني مثل ذلك الطبع السابق {يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ هذا حُكْمُه على كلِّ مَن وُصِفَ بهذا الوصف ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ وطَبْعُ القلب هو الختمُ عليه بمعنى الاستيثاق، فلا يدخل إليه شيء، ولا يخرج منه شيء، يطبع على قلب من؟ ﴿كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ أي عنيد ومبالغ في الطغيان، وهذا يدل على أن المخاصمة والمجادلة في آيات الله، وفي شرع الله من غير دليل هو تكبرٌ وجبروت.

ــــــــــــــــــــــــــــ

﴿وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ (36) أَسۡبَٰبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ كَٰذِبٗاۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِۚ وَمَا كَيۡدُ فِرۡعَوۡنَ إِلَّا فِي تَبَابٖ (37) وَقَالَ ٱلَّذِيٓ ءَامَنَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُونِ أَهۡدِكُمۡ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ (38) يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ (39) مَنۡ عَمِلَ سَيِّئَةٗ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ يُرۡزَقُونَ فِيهَا بِغَيۡرِ حِسَابٖ (40) ۞وَيَٰقَوۡمِ مَا لِيٓ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِيٓ إِلَى ٱلنَّارِ (41) تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّٰرِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ هُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ (43) فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ (44)﴾

﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ﴾ مع تلك الدلائل ومع ذلكم النصح من ذلك الرجل؛ ماذا قال فرعون مًوهِمًا قومَه من أنه هو الرب؛ وأنه هو الإله ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ﴾ وهو وزيرُه ﴿ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ يعني بُنيانًا مرتفعا ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾ لعلي أصل إلى الطرق، ما هي الطرق؟ بيّنها بعد ذلك: ﴿أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ﴾ يعني أصل إلى طرق السماوات ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ﴾، ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ وهنا فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية لأن قبلَها الرجاء ﴿لَعَلِّي﴾.

﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ﴾ والظن هنا يدل على أنه أراد أن يبينَ لهم أنه على يقين؛ من أنه لا إله إلا هو! وكذَبَ في ذلك، بل تكبر، ولذا قال تعالى عنه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾[النمل:14] وكما قال عز وجل: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ ﴾[الإسراء:102].

فقال الله عز وجل عنه ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ يعني موسى ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ يعني كما زيَّنا له ذلك الأمر السابق، كذلك زُيّنَ له سوءُ عمَلِه حتى رآه حسنًا، فقال الله عز وجل ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ صار العمل السيء عنده مزينًا من قبل الشيطان ﴿وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ﴾ يعني عن طريق الحق، وصدَّه الشيطان.

 ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾ كيدُه وإرادتُه المَكْر بموسى {فِي تَبَابٍ ﴾ أي نهايتُه إلى خُسران وهلاك، ولذلك قال اللهُ عز وجل عنه: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص:38]، وهل بنى هذا الصرح أم لم يبنِه؟ مر معنا بيانُه في تلك الآية التي مرت معنا في سورة القَصص.

فقال الله عز وجل هنا ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ فرعون يقول: ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، فالذي آمن يقول: ﴿اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ الطريق الذي به ترشدون، ولا رَشَدَ إلا عن طريق الحق، فقال الله عز وجل هنا عن هذا الرجل ﴿يَا قَوْمِ ﴾ يكرر كلمة القوم من باب أن يتلطفَ معهم ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ﴾ تتمتعون فيها لكن نهايتها الفناء، ثم تكونون إلى يوم القيامة ﴿وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ التي يستقرُّ الناسُ بها.

﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ﴾ وهذا بعدلٍ منه عز وجل ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ يرزقون فيها بغير تحديدٍ وبغير مقدار، فهذا يدل على عظيم منزلتهم عند الله عز وجل.

وكرر عليهم النصح ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي﴾ سبحان الله، في الآيات السابقات كان يُعَرِّضُ بإيمانه، لكن هنا صرح بإيمانه لما رأى صدودَهم ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ أدعوكم إلى طريق النجاة وهو طريقُ الحق وطريق التوحيد، {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ والذي يوصل إليه هو الشرك بالله عز وجل.

و فسر ذلك ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ﴾ لا حجة على ما تقولون، وهنا ذَكَر الكفرَ والإشراك من باب أنهم أرادوا منه أن يقعَ في الكفر أو في الشرك؛ فقال هنا مبينًا أن ما هم عليه إما كفرٌ وإما شرك، لأن الكفر قرين الشرك، ولذلك قال النبي ﷺ كما عند مسلم:

 «بينَ الرجلِ وبينَ الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ».

﴿وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ العزيز القوي والذي يغفر الذنوب إن رجعتم إلى الله، ولذا أتى بصيغة المبالغة (الغفّار) لكثرة مغفرته عز وجل لعباده ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [النجم: 32].

 ﴿لا جَرَمْ ﴾ كلمة لا جرم بمعنى أنها حق وثَبَت، يعني حقٌّ ﴿أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ لا جرم أنه ثبت وحقَّ أن الذي تدعونني إليه ﴿ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ﴾ أنتم تدعون ما لا يملك نفعًا ولا ضرًا، يعني لو دُعي في الدنيا فإنه لا يستجيب للإنسان لدفع ضر أو جلب نفع، وكذلك في الآخرة يتبرأ ممن عَبَدَه ﴿لا جَرَمْ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ ﴾ وأيضًا لا يستحق ذلك لأنه ليس به صفات الربوبية والألوهية.

 ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ﴾ وأن مرجَعَنا إلى الله ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ قال المسرفين لأنه قال في الآيات السابقات ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ ﴿كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ مُّرۡتَابٌ﴾ [غافر:34].

﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾ يقول لهم ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾ يعني: إذا حَلَّ بكم عذابُ الله

 ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ﴾ فوّضَ أمْرِه إلى الله، لأنه خَشِيَ بعد هذا التصريح أن يعتدوا عليه، فتوكّلَ على الله عز وجل ﴿إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ بصيرٌ بي وبكم وبجميع العباد.

 

﴿فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ (45) ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ (46) وَإِذۡ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِيبٗا مِّنَ ٱلنَّارِ (47) قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُلّٞ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ حَكَمَ بَيۡنَ ٱلۡعِبَادِ (48) وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ (49) قَالُوٓاْ أَوَ لَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ (50) إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ (51) يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ (52)﴾

﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ أرادوا به المكر لكن نجاه الله عز وجل ولذلك قال تعالى: ﴿بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص:35]، فقال الله عز وجل هنا ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ أي عاقبة ما مكروه مِن السوء ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ سبحان الله! العذاب وَجَب عليهم وأحاط بهم أرادوا به السوء، فأنزل اللهُ بهم سوء العذاب.

{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ إذًا هذا هو العذاب بعد أن أغرقهم الله عز وجل هم يتعذبون في القبور، وهذه آية تدل على أن الإنسان إذا مات إن كان مِن أهل النار فإنه يُعذب، ففي هذا دليلٌ على ثبوت عذاب القبر من القرآن، فقال الله عز وجل ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ يعني في قبورهم في أول النهار وفي آخِره.

هذا العذاب في قبورهم ﴿يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ فإذا قامت الساعة يُقال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ يعني أعظَمَ العذاب.

 ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ ﴾ يعني الزعماء والأتباع إذا دخلوها يتخاصمون فيما بينهم، ويلعنُ بعضُهم بعضاً ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ ﴾ الأتباع ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ الرؤساء والزعماء ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ﴾ يعني في الدنيا كنا نتبعكم ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴾ ولو جزءًا يسيرًا من النار، ولذلك قال تعالى عنهم في سورة إبراهيم ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾[إبراهيم: 21].

فقال الله عز وجل عن هؤلاء ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴾ يعني أنكم تتحملون عنا جُزءًا ولو يسيرًا من النار ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ لهؤلاء الضعفاء ﴿إِنَّا كُلٌّ فِيهَا﴾  في هذه النار ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾ حكم بحكمه الجزائي بين العباد، فأدخل أهل الجنة الجنة، وأدخل أهل النار النار، ونحن وإياكم في النار، فقد حكم الله علينا بهذا الأمر ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾.

ثم لما انتهى ما يتجادلون فيه يفزعون إلى الخَزَنة ﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ﴾ وهم الملائكة الذين هم خَزَنةُ جهنم ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴾ نريد أن يخفف عنا هذا العذاب لأنه عذابٌ مستمر، لا ينقطع، وعذاب متنوع ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ [ص:58] نريد أن نستريح ولو يومًا واحدًا ﴿قَالُوا﴾ الملائكة ﴿أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالدلائل الواضحة على صِدق هذا الدين، وعلى صدق الرسول ﷺ ﴿قَالُوا بَلَى﴾ اعتَرَفوا ﴿قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ﴾ يعني لو دعوتم فدعاؤكم في ضلال وفي ذهاب و في خسران، فلن يُسمع منكم، ولذلك يستغيثون بمالك ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾[الزخرف:77].

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ وبالفعل تحقق ذلك، فنصر الله عز وجل رُسَلَه وأولياءه في الحياة الدنيا، {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ نصرهم فأدخل أعداءهم النار، وأدخل هؤلاء الرسل والمتقون الجنة

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ يوم يقوم الأشهاد من الملائكة، ومن الرسل يشهدون على أممهم.

﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ﴾ في هذا اليوم يوم الأشهاد يوم القيامة ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾ لا ينفعهم ما يكون من اعتذار، ولذلك قال تعالى ﴿وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات:36] هنا إثبات، وهناك نفي من أن اعتذارهم لا ينفع، فكان بمثابة العدم، ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ اللعنة وهي الطرد والإبعاد من رحمة الله  ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ أسوأ الدور نار جهنم.