محاضرات وكلمات
تأملات في آيات الصيام (5 )
قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
(5 )
ـــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــ
مازال الحديث متواصلا عند أول آية من آيات الصيام وهي قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
البقرة183
قلنا :
إن الصيام فيه من المشقة ما الله به عليم
وإذا كان الصيام بهذا الشأن فإن من لطف الله أن ذكر في هذه الآية بعض المسليات التي تسلي المؤمن ليأتي بهذه الشريعة العظيمة وبهذا الركن العظيم
ولذا :
فالصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة
كما صح بذلك الخبر في الصحيح عن ابن عمر إذ قال :
(( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ))
فهذا الصيام قال تعالى فيه :
((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ))
هذا هو التخفيف الأول
التخفيف الثاني :
قال تعالى : ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) :
والتقوى :
هي مطمع العقلاء
وهي هرم النزهاء
النفوس الكبيرة :
هي التي تتطلع إلى تحقيق تقوى الله
فإذا قيل:
إن هذا الصوم سبب من أسباب تحصيل تقوى الله هنا يخف أمر الصيام على النفس
ثم انظر إلى ختام الآية :
قال : ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))
إذاً :
هذا هو المغزى وهذا هو المرمى وهذا هو الهدف الذي من أجله فرض الصيام من أجل تقوى الله
وتقوى الله :
كما أسلفنا آنفا هي مطمع المتقين المؤمنين
فلما ختمت الآية بقوله : ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))
لعل:
الله من رحمته ومن فضله أنه لم يشرع لنا هذا الصيام ليعنفنا أو ليضرنا أو ليكلفنا عناء أو مشقة أو إصرا أو عنتا وإنما من أجل أن تزكو نفوسنا وأن تعلو أرواحنا فنحصل على هذا المبدأ العظيم الذي هو:
تقوى الله
والنبي :
عليه الصلاة والسلام لما سأله الصحابة رضي الله عنهم : ((من أكرم الناس؟ ))
فقال عليه الصلاة والسلام : (( أتقاهم ))
وهذا مصداق قوله تعالى :
((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))
وأوضح عليه الصلاة والسلام :
أن من أراد الرفعة في الدنيا وفي الآخرة فعليه بتقوى الله :
قال عليه الصلاة والسلام :
((الحسب المال، والكرم التقوى))
من أراد أن يكون رفيع الشأن عالي المكان بين الناس فحسبه ونسبه هو المال
لكن المال نفعه قاصر في زمن معين وهو زمن هذه الدنيا
فإذا فنيت هذه الدنيا فني هذا المال
بينما التقوى :
هي محل رفعة المسلم عند الله في دنياه وفي أخراه
وهكذا شأن العبادات كلها لم يفرضها الله علينا ليعذبنا :
حينما نأتي إلى هذه الصلاة :
ونصلى صلاة الفرض أو صلاة النفل من صلاة تراويح وسنن راتبة فإن المصلحة تعود إلينا
النبي:
عليه الصلاة والسلام :
ماذا كان يقول ؟
كان إذا حزبه أمر قال :
(( أرحنا بالصلاة يا بلال ))
فهي راحة
الصلاة نور
الصلاة طمأنينة
قوله عليه الصلاة والسلام :
(( جعلت قرة عيني في الصلاة ))
يقر قلبه ويطمئن روحه إذا صلى عليه الصلاة والسلام
وهكذا شأن العبادات كلها
ولتعلم :
أن الله شرع هذه العبادات كلها من أجل أن تزكو نفسك ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ))
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
في المقابل لما نهانا عن المحرمات:
مثلا عن الزنا لما حرم الزنا بل قال :
((وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى ))
لم يقل : ولا تزنوا ، لا : ((وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى )) نهي عن قرب الزنا ومن باب أولى نهي عن الوقوع في الزنا
فقوله : ((وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى )) نهي عن مقدمات الزنا كالنظر واللمس والمباشرة ونحو ذلك
الزنا لما حرمه الله في تحريمه منافع كثيرة جدا
وإلا من وقع في مستنقعات هذه الفاحشة الذميمة فإنه يصاب بالأمراض
أمراض خطيرة لم يجد الأطباء لها علاجا :
إذا :
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
قوله عليه الصلاة والسلام :
كما في سنن ابن ماجه قال :
(( ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ))
فحري بنا أن نحرص على هذا الصيام وأن نتبعه بهذا القيام حتى نتحصل على تقوى الله
وهي مطلب العقلاء
بينما غير العقلاء لا يحرصون على تقوى الله بل ربما يجعلون عبادة الله موتا كما ضرب الله مثلا للمنافقين
ماذا قال ؟
وصف المنافقين بوصفين :
وصف مائي ووصف ناري :
قال تعالى في مقدمة سورة البقرة :
((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ{17}
تصور :
لو أن إنسانا أوقد في هذه الصحراء المظلمة نارا ثم عقيب إيقادها أطفئت كم تكون حسرته ؟!
كم يكون عناؤه ؟
شيء عظيم
لو بقي من أول الأمر على هذه الظلمات لكان الأمر يسيرا
الآن لو تأتي إلى شخص عطشان تقدم أمامه كاس من الماء ثم إذا بك تسكب هذا الماء أمام عينيه يكون الألم أوقع
بينما لو تركته بدون ماء لكان العناء والمشقة أخف
هذا الرجل الذي استضاء بهذا النور في هذه الصحراء إذا بهذا النور ينطفئ
كذلك :
المنافقون يستترون بالإسلام في الدنيا بينما إذا قدموا على الله يوم القيامة ينطفئ نورهم
يقولون للمؤمنين كما في سورة الحديد :
(( انظرونا نقتبس من نوركم ))
لأن هناك ظلمة دون جسر جهنم كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم لما قالت عائشة :
(( يا رسول الله إذا بدل الله الأرض والسموات وطوى الأرض والسموات أين الناس ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
(( هم في الظلمة دون الجسر ))
ولذا :
إذا مر المسلمون وتبعهم المنافقون فيصلون إلى هذه الظلمة فيقولون (( انظرونا نقتبس من نوركم ))
هذا هو المثل الناري
بينما المثل المائي قال تعالى :
(( أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ )) الصيب هو المطر المتدفق ((أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ))
كذلك هؤلاء المنافقون:
إذا نزل هذا القرآن الذي به حياة القلوب وحياة الأرواح كما أن المطر حياة للأرض
وهذا القرآن إذا نزل نزل بذكر الكفريات التي هي الظلمات ونزل بذكر آيات الوعيد التي هي الصواعق وأتى بالحجج والبراهين التي هي البرق :
((يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ))
يقولون : لو آمنا لو أسلمنا لكان هذا الإسلام موتا
بينما العقلاء الفضلاء من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يحرصون على تحقيق تقوى الله
عمر :
لما مر ذات يوم بالطريق إذا بامرأة توقفه في الطرق وتقول :
(( يا عمر اتق الله لقد كنت في الجاهلية عُمَيرا فأصبحت في الإسلام عمرا ))
فانتهرها بعض الجالسين فقال : أتقولين هذا لعمر أمير المؤمنين ؟
فقال عمر : دعها ألا تعلم من هذه ؟ هذه خولة التي استمع الله لكلامها :
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } المجادلة1
قد سمع الله لكلامها أفلا يسمع عمر لكلامها ؟
الواحد منا لو قيل له : اتق الله لارتعد وانتفخ واحمرت وجنتاه ماذا فعلت ؟
فعلت جرما ؟
ارتكبت ذنبا عظيما ؟
كلا يا أخي
إذا قيل لك : اتق الله
فعليك أن تجعل لهذه الكلمة مكانا في قلبك
عمر رضي الله عنه :
يقول أنس رضي الله عنه تبعته رضي الله عنه حتى انتهى إلى بستان فأحال بيني وبينه الحائط فسمعته يحدث نفسه ويقول:
” أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بخ بخ لتتقين الله يا ابن الخطاب أو ليعذبنك “
يروى عن عمر بن عبد العزيز :
أنه جعل غلاما له مخصصا في هذا الشأن إذ أمره إذا خالف الطريق و حاد عن الصواب أن يمسكه بمجامع ثوبه ويقول :
” اتق الله يا عمر “
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير خصال المرء طاعة ربه
ولا خير فيمن كان لله عاصيا
ـــــــــــــــــــــ
فعليك بتقوى الله فالزمها تفز
إن التقي هوالبهيُ الأهيب
واعمل لطاعته تنل منه الرضا
إن المطيع لربه لمقربُ
إذاُ :
هذه هي التقوى
إذا لم نتحصل على هذه التقوى
على هذا الشرف
على هذا المقام الرفيع النبيل العالي السامي في هذا الشهر
إذا لم نجعل شهر رمضان مدرسة نربي فيها أنفسنا ونربي فيها أولادنا ونربي فيها نساءنا ونربي فيها بيوتنا وإلا أصبح هذا الشهر وبالا علينا
لم لا يكو ن هذا الشهر مدرسة ؟
وليس الأمر محصورا على الرجال بل إن الأمر موصولا أيضا إلى النساء فإن المرأة يجب أن تتقي الله في نفسها ، في أولادها ، في بناتها فيمن هم تحت يدها في بيتها
عليها أن تتقي الله جل وعلا
لا تكن معول هدم للمجتمع :
وذلك باتباع الموضات والملابس التي تفتن الشباب وأيضا تفتن كما هو شأن كثير من نساء المسلمين
ولذا :
ربكم عز وجل – لأن مقام التقوى رفيع –
ماذا قال لنبيه عليه الصلاة والسلام ؟
((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ))
أمر من الله
لمن ؟
لأعظم رجل وجد على هذه الأرض وهو النبي عليه الصلاة والسلام
كذلك أيضا أيتها المرأة
من أشرف النساء ؟
هن نساء النبي عليه الصلاة والسلام
وماذا قال الله :
((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء ـ بشرط ـ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ))
((لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ))
هذه هي سورة الأحزاب
ولذا قال :
((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ))
سبحان الله !
انظروا إلى هذا التوجيه الرباني يقول لمن ؟
لأطهر النساء وأشرف النساء
من هم ؟
زوجات النبي عليه الصلاة والسلام
يأمرهن ألا يخضعن بالقول فكيف باللباس ؟!
في عصر من ؟
في عصر أبي بكر
عمر
عثمان
علي
أولئك الفضلاء الأجلاء
فما ظنكم بزماننا ؟
الآن وللأسف :
تأتي النساء إلى الأسواق وهي تصحب أختها أو زميلتها وتتوسط الطريق في السوق
و الله أصبحنا نحن الرجال نستحي أكثر من النساء
إذا رأينا المرأة التصقنا بالجدار
سبحان الله !
يفترض أن يكون العكس
نبيكم عليه الصلاة والسلام قال للنساء :
وهن من ؟
الصحابيات الفضليات في عصره عليه الصلاة والسلام الذي تقل أو تكاد أن تنعدم فيه الفاحشة :
يأمرهن عليه الصلاة والسلام ويقول :
(( لا تحققن الطريق ))
يعني : لا تتوسطن الطريق :
(( عليكن بحافات الطريق ))
قال الراوي : فكنت أرى المرأة تلتصق عباءتها بالجدار من شدة لصوقها به
نبيكم عليه الصلاة والسلام خصص بابا من أبواب المسجد للنساء
نبيكم عليه الصلاة والسلام إذا صلى معه النساء يخالف عادته الراتبة :
كان هو عليه الصلاة والسلام إذا سلم من صلاة الفرض قال:
أستغفر الله “ثلاثا “
اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام
ثم ينصرف
بينما قالت أم سلمة كما في صحيح البخاري :
“كان النبي عليه الصلاة والسلام يظل بعد سلامه مستقبل القبلة كنا نرى والله أعلم من أجل أن ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال “
كل ذلك من أجل ماذا ؟
من أجل المحافظة على المرأة
لأن المرأة إذا صلحت صلح المجتمع كله
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
بينما إذا انحرفت المرأة :
كيف يكو ن حال بيتها ؟
كيف يكون شأن نسائها وأبنائها ؟
وما وعظ النبي عليه الصلاة والسلام تلك الموعظة للنساء إلا ليعلم خطورة انحراف المرأة
ولذلك:
يضرب صباح مساء ليل نهار في القنوات الفضائية على أمر المرأة وعلى حقوقها لأنهم يدركون أن المرأة المسلمة إذا ضلت وأضلت وانحرفت وحادت فقد وقع المجتمع في شراكهم
نعم :
لو سألتم عبر التاريخ :
الإمبراطوريات العظمى ما سقطت إلا بالجنس
فكيف بالدول ؟
الإمبراطورية الفارسية الرومية وممن جاء بعدها لو تأملنا سقوطها لوجدنا أنه:
الانحراف الجنسي
فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله في نفسك وفي أولادك وفي أهل بيتك
فالتقوى:
أُمِر بها نبيكم عليه الصلاة والسلام في مطلع سورة الأحزاب :
((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ))
ثم في أوساط هذه السورة أمر الله نساء النبي عليه الصلاة والسلام أن يتقين الله
في آخر السورة :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ))
ليس الأمر محصورا على النبي عليه الصلاة والسلام ولا على نسائه فهم في مقام رفيع من هذا الأمر العظيم
لكن أنتم أيضا مأمورون بهذا الأمر
ولذا كان في آخر سورة الأحزاب :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً }
إذاً:
ما الفائدة من الصيام ؟
التقوى
وكل منا يختبر في هذه الأيام التي مضت يختبر تقواه
قد تمل النفوس ، وقد تضعف حينما يطيل الإمام
وهذا من الأمر العظيم ومن البلاء الذي أصاب الأمة إذ إن كثيرا من المؤمنين يعجز :
مع أن هذه النافلة قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام :
(( من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ))
تصور :
لو أنك بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر وأنت ساجد راكع لا تفتر
كم يكون لك من الأجر؟
أجر عظيم
ممكن أن تحصل على هذا الأجر بمجرد أن تصلي مع الإمام حتى ينصرف من صلاة التراويح
أتدرون لماذا سميت بصلاة التراويح ؟
لأن الصحابة كانوا يرتاحون بين كل أربع ركعات يرتاحون من طول القيام من طول القراءة
ولذا قال السائل :
كانوا يقرءون بالمئين ويعتمدون على العصي من طول القيام
ونحن لو مكث الإمام ساعة في هذه الصلاة لتذمرت النفوس
ولكن والله في هذه الوقفة التي تتصبر فيها وتتحمل فيها لنيل ثواب الله عز وجل ستجد ثمرتها في يوم عظيم يوم تدنى فيه الشمس من العباد مقدار ميل
والجزاء من جنس العمل
إذاً :
قال تعالى : (( لعلكم تتقون ))
هذا هو المسلي الثاني وهو الحصول على تقوى الله
سبحان الله!
إذا حصلت على تقوى الله :
انظر إلى صدر الآية :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ))
أنت الآن مؤمن نوديت بهذا الأيمان لو حققت التقوى صرت من أولياء الله
الإيمان مع التقوى يتحقق بهما ولاية الله
((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} ))
إذا صرت وليا لله
ماذا قال الله كما في الحديث القدسي :
(( من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب ))
ينافح الله جل وعلا الجبار العظيم القدير ينافح عنك ويدافع عنك :
(( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ))
((لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} )
ما الذي لهم ؟
((لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))
نعم :
يوم القيامة إذا انعبثت القبور :
((وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ))
هذا في يوم القيامة عند سكرات الموت :
((تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ))
فتسدد في دنياك قبل أخراك
وقد قال شيخ الإسلام :
” إن ولاية الله للعبد تتفاوت بحسب تفاوت درجات الإيمان والتقوى ))
كلما كانت مقامات الإيمان والتقوى عالية كلما كانت ولاية الله لك كذلك
والجزاء من جنس العمل
وإذا تولاك الله أفلحت كل الفلاح وسعدت كل السعادة
بل إن الله يخرق العادة لك :
عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
لما أرسل سارية بن زنيم قائدا على جيش في العراق وكان عمر واليا في المدينة
انظروا إلى ولاية الله فإذا احتاج العبد إلى معونة في دنياه إذا بربك يعين
فلما كان على المنبر في المدينة وهو يخطب ، وكان العدو سيقضي على المسلمين
فماذا صنع عمر ؟
قال : (( يا ساريةُ يا ساريةُ الجبلَ الجبل))
يعني : الزم الجبل
فتعجب الصحابة وتعجب التابعون
فأخبرهم عمر
وإذا بهذا الصوت مع هذه المسافة الطويلة ينقل هذه الأصوات من المدينة إلى العراق فتصل إلى مسمع سارية فيتحصن بالجبل فينقذه الله من هزيمة كانت محققة
ولاية الله للعبد قال : (( لعلكم تتقون ))
أنت مؤمن فعليك أن تحرص على تقوى الله
فإذا حققت التقوى مع هذا الإيمان تحوز ولاية الله
ثم قال : (((( لعلكم تتقون ))
ما هي التقوى ؟
ما تعريفها ؟
تعددت أقوال العلماء في تعريف التقوى
وسنذكر شيئا من هذه الأقوال في الدرس القادم إن شاء الله