أخطاء بعض مفسري الأحلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أتمنى أن نتحدث عن تعبير الأحلام بتفصيل لأن الحاجة إلى ذلك وأجعلها مفصلة مجزأة ، أنا أتمنى أن تفسح لي مجالا من الوقت وقد يطول من الوقت لتجزئة ما يتعلق بهذه الأحلام حسب ما يحتاج إليه الناس
أولا :
ـــــــــ
ماهي هذه الرؤى ؟
الرؤى عند أهل السنة كما قال ابن حجر هي اعتقادات يخلقها الله عند النائم إن وافقت حضور الملك صارت رؤيا مفرحة ، وإن وافقت حضور الشيطان صارت أحلاما مزعجة ، تلك الاعتقادات هي نظير السحب لما تأتي قد أحكم عليها وقد تحكم عليها ويحكم غيري ممكن أنه ربما تنزل المطر ، وربما لا ينزل المطر ، إذن هذه الاعتقادات قد تقع وقد لا تقع إذا فسرت
هذا هو الأمر الأول
الأمر الثاني :
ــــــــــــــــــــــــ
أن تعبير الرؤى أصبح بعض الناس يتصدر له بل أصبح هؤلاء يقصدون أكثر من علماء الشريعة فأصبح الناس يهتمون بما يجري في مناماتهم أكثر مما يجري في يقظتهم ، بينما قد يكون هذا السائل عن هذا الحلم أو عن هذه الرؤيا قد يكون غير محسن في الصلاة أو غير محسن في الوضوء لكنه يحرص على أن يفسر تلك الرؤيا وهذا لا شك أنه خلل
الأمر الثالث :
ـــــــــــــــــــ
لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ما هو في عصرنا ولا حتى في عصر السلف ولا في عصر حتى الأجداد أدركت ذلك ما كان في عصورهم من يعبر أحلام بهذه الكثرة ، أصبح هناك في كل مكان وفي كل حي من هو معبر للأحلام لم ؟ لأن الناس اشتغلوا بهذه الأحلام وتركوا اليقظة
الأمر الرابع :
ـــــــــــــــــــــ
أنه ليس كل ما يرى أنه يذكر ، وإنما يذكر الشيء الذي يفرح الإنسان إذا استيقظ من نومه ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن من رأى رؤيا طيبة وحسنة أنه يفرح قال ( ويبشر ) وفي رواية ( فليحمد الله )
وفي رواية ( لا يحدث بها إلا من يحب ) أو يخبر بها معبرا
إن رأى ما يكره وينزعج منه فإنه لا يحدث بها أحدا حتى المعبر بل ينفث عن يساره ثلاثا ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثا ويستعيذ بالله من شرها وإن قام فتوضأ وصلى كان حسنا وأفضل
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم لما أتاه رجل قال ( يا رسول الله إني رأيت في المنام أن رأسي قد قطع وأنه يتدحرج وأنا أتبعه ، قال عليه الصلاة والسلام لا تخبر بتلاعب الشيطان بك )
وقد يرى بعض الناس ما يسمى بأحلام أو بأضغاث أحلام يعني أشياء أهتم بها يعني أنا مهتم أني مثلا أشتري سيارة أو أني أتزوج فإذا بهذا الأمر يرد علي في منامي هذا لا حكم له لأنه أضغاث أحلام
الأمر الخامس :
ــــــــــــــــــــــــــ
على هؤلاء المعبرين أن يتقوا الله عز وجل في الناس وأنه ليس كل ما يذكر له يعبره بل أين أنا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم لما يتصل بشخص ويذكر رؤيا مزعجة لماذا لا أرشده إلى أن يتخذ المنهج النبوي فيما يراه الإنسان مما هو غير ملائم له بل كل ما تأتي من رؤيا إذا به يفسرها
الأمر السادس :
ــــــــــــــــــــــــــ
أن بعضا من الناس لما تفسر له تلك الرؤيا وقد حضر إلي شخص قال إن ابني أخي قد انحبس في البيت قلت لم ؟ قال لأنه رأى رؤيا وفسرها معبر وقال إنك ستموت بعد أيام فإذا بالرجل قد حبس في بيته خوفا من هذه الرؤيا ومن تحقيقها
ليس بصحيح أن كل ما يفسر من الرؤى أنه يصاب في تفسيرها ، ولذلك عند البخاري أبو بكر أعظم الناس إيمانا وفقها ودراية وأصفاهم قلبا ونقاء وتقى ومع ذلك لما أتت رؤيا قال ( يا رسول الله دعني أفسرها دعني أفسرها فسمح له النبي صلى الله عليه وسلم وفسرها أبو بكر قال يا رسول الله أقسمت عليك أصبت أم أخطأت ؟ قال أصبت شيئا وأخطأت شيئا )
هذا من هو ؟ أبو بكر أصفى الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم قلبا ويقينا فكيف بمن في هذا العصر ؟!
الأمر جد خطير ، بعض الناس يعول والله ربما أنني أموت بعد أيام ، هذه جريمة
يعني ليس هذا من المنهج النبوي ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما أتت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها من أن زوجها كان مسافرا وأنه مات وأنها حامل وستلد غلاما أعور ففسرت عائشة ما رأته بتفسير محزن فقال عليه الصلاة والسلام ( إذا عبرتم للمؤمن فعبروا له على أحسن ما يكون )
يعني لما مثلا في نظري أن هذه الرؤيا ليست مناسبة لماذا لا أوجه هذا الشخص بتوجيه هذا التوجيه المزعج
هذا هو الواجب في حقي كمعبر
الأمر السابع :
ـــــــــــــــــــــــ
أن كل من أراد أن يتنصب من هذا التنصب لو أضرب لك مثالا ربما أني لا أحسن تعبير الرؤى وإذا بك تأتي إلي وتقول رأيت كذا فاقول لك تخرصا سيكون كذا ، ما الذي أدراه أنني محسن في التعبير ؟
إذن من شاء أن يتسلق مع هذا الباب تسلق ، فيجب على معبر الرؤى أن يذكر الأدلة لأن المنامات وتفسيرها فتيا { أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ } الإمام مالك يقول ( أبالنبوة يلعب ) لما سئل عن تفسير الرؤى ، ولذلك قد تفسر الرؤيا قد تفسر إما بدليل من الكتاب من القرآن أو من السنة أو من مقتضى الحال حال الشخص الرائي من مقتضى الأسماء ، ولذلك اعجب بعض الناس ربما يفسر بتفسير غريب عجيب يعني ربما بعضهم يقول أنت اسمك فلانة أو أنت جالسة بجوار فلانة أو ما شابه ذلك ، ولذلك أكثر من انغرق في هذا الباب هم النساء ، وهذا نتيجة الجهل وللأسف ولذلك يفترض أني لا أقبل وأنا أقول من هذا المقام يفترض أني لا أقبل أي تفسير للرؤيا إلا إذا ذكر لي دليلا إما من القرآن أو من السنة أو من اللغة المهم أنه يذكر لي هذا التفسير بقرينة الرؤيا
سبحان الله ! إذا كانت الأحكام الشرعية مبنية على الكتاب والسنة من القرآن والسنة الإخوان لما يسألوننا نجيب لهم الحكم الشرعي مثلا يجوز بدليل من القرآن أو من السنة
قد يخطئ وأمامه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة فما ظنك بمعبر ليس أمامه شيء وإنما هي اجتهادات معينة قد تقع وقد لا تقع فليتق الله هؤلاء المعبرون في الناس وألا يكون هذا الباب بابا واسعا بحيث يتعلق الناس بهذه الرؤى
ولذلك يمكن جوالات بل جزما جوالات بعض المعبرين ترن أكثر من جوالات المفتي وهذا وللأسف خطأ كبير ، ولذلك فليطمئن المسلم حتى لو رأيت رؤيا وفسرت بغير ما لا تريد اطمئن فإنه في مثل هذه الحال لا يتحقق وقوعها
لا يفسر ، القاعدة في هذا الباب لا يفسر إلا ما يراه حسنا إن رأيت رؤيا وهي مفرحة تفسرها ولا يلزم أن يفسرها ثم أيضا ليتنبه بعض الناس قد يعبر لشخص رؤيا قد يترتب على تعبير هذه الرؤيا أن تنقطع صلات بينه وبين أقربائه ربما يقول والله أنت مثلا مسحور أو مسحورة من قبل زوجتك أو من قبل قريبتك أو احذر من أحد أقربائك فإذا بهذه الرؤى مع أنها أصل شرعي بدل ما تكون مقربة للقلوب إذا بها تشتت الناس ، ولذلك مثل ما أقول :
خلاصة القول : أنه ليست كل رؤيا تفسر وإنما يفسر الشيء الطيب ويوقن المسلم تمام الإيقان أنه ليس كل رؤيا تعبر أنها تقع
الأمر الثالث أنك لا تقبل تعبير وتفسير أي مفسر إلا إذا ذكر لك القرينة أو الدليل حتى لا ينفتح الباب ربما ياتي شخص من الشارع ويقول أنا أفسر الرؤى ما الذي أدراكم يا أيتها المرأة ؟ وما الذي أدراك يا أيها الرجل أن هذا صادق ؟
يعني ما فيه أدلة يمكن لما أسال الآن مثلا عن حكم سأقول حرام أو جائز ما الدليل ؟ إذا لم يذكر الدليل هنا يتضح .
ولذلك يجب أن يربي الناس في هذا الباب على الاعتماد على الدليل أو على القرينة حتى لا تتبعثر أفكار الناس أو حتى لا يتعب الناس
ومن خلال سؤال هذين الأخوين يدل على أن الأمر تفشى
لا يجوز أن يشجع هؤلاء لأن مثل هذا أخذ للمال بغيرو جه شرعي
إذا أردت أن تحسن إلى الناس أحسن إلى الناس من غير مقابل ثم أيضا هذا باب لا يمكن أن تحيط به يعني ابن سيرين مع أنه مشهور عند السلف من كبار التابعين وهو من أحسن المعبرين تعبيرا للرؤى هذا الرجل ما أوثر عنه ما يؤثر الآن حتى بعض الناس يظن أن الكتاب الموجود الذي يباع في المكتبات والمنسوب إليه أنه لابن سيرين ، ابن سييرين لم يكتب هذا الكتاب وإنما نسب إليه ، وبعض الناس يعتمد عليه ، وبإمكان أي شخص بإمكانه إذا أراد أن يعبر أو يكون معبرا تأخذ هذا الكتاب وتقرأ فيه ثم إذا لو مر عليها لو رأت مثلا سفينة والله سكيون هذا الأمر ، لو رأت مثلا فأرا في منامها أو منامه قال هذا دليل على كذا ، وهذا ليس بصحيح
ولذلك مما يؤثر يعني مما يقال أن ابن سيرين أتاه رجل في مجلسه إن صح ما ذكر عنه فقال يا إمام إني رأيت أني في المنام أؤذن فقال له ستحج بإذن الله تعالى ، برهة من الزمن إذا برجل آخر يأتي ويقول رأيت في المنام أني أؤذن قال اتق الله فأنت سارق لتتب إلى الله قبل أن أبلغ عنك الشرطة
استراب الحاضرون كلاهما أذن في المنام فقال رحمه الله رأيت علامات الصلاح في وجه الرجل فتذكرت قوله تعالى { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }
ورأيت في وجه هذا الرجل الفساد فتذكرت قوله عز وجل { ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } انظر كيف رتبت هذه الرؤيا بتفسيرها على دليل من الكتاب ، وكذلك ما ورد مما يكون أدلة من السنة الصحيحة
هل كل رؤيا تفسر تقع ؟
وأدل ما يكون من الأدلة ما ذكر عن أبي بكر ومع ذلك فسر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وقال ( أخطأت بعضا )
أما حديث ( الرؤيا على رجل طائر متى ما عبرت وقعت ) هذا الحديث حكم عليه جملة كثيرة من العلماء أنه لا يصح ، ورأى بعض العلماء أنه صحيح لكن كيف يوجه مع حديث أبي بكر رضي الله عنه ؟
توجيهه أنه عليه إذا فسرت له رؤيا بغير ما يريد كما قال ابن حجر في الفتح إذا فسرت له رؤيا على غير ما يريد لا يركن إلى تفسير مفسر بل يبحث عن معبر آخر ليعبر له هذه الرؤيا مما يؤكد ويقرر أن تعبير الأول ليس بصواب وليس بمتيقن وقوعه في جميع الأحيان
وإن كان بعض المعبرين يسخط علينا لكن الحق يقال ولا يعني أن الجميع أنه يكون في دائرة هذا الحكم ، لا ، بعض الناس أعرفهم ممن يعبرون لكن لا يخرجون في القنوات وأعرفهم معرفة تامة ولا يعبر إلا بعد ما يلح عليه لكن تعبيرهم إذا سمعت التعبير وجدت الدلائل والبراهين القطعية على ما يقول .