خطبة عشرون فائدة من حديث ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار )

خطبة عشرون فائدة من حديث ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار )

مشاهدات: 1860

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة

عشرون فائدة من حديث:

 “إذا دخل رمضان فُتّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار”

لفضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري – حفظه الله –

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب:70-71]

أما بعد:

فيا عباد الله من مجموع ما جاء في حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه قال : «إذا دَخَلَ رَمَضانُ»، وفي رواية: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِحَتْ أبْوَابُ السَّمَاءِ»، وفي رواية: «فُتِحَتْ أبْوابُ الرَّحْمَةِ»، وفي رواية: «فُتِحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ فلَم يُغلَق منها بَاب”، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ»، وفي رواية: «أبْوَابُ جَهَنَّمَ»، وفي رواية: «أبوابُ الجحيمِ فلم يفتح منها باب»، «وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ»، وفي رواية: «وسُلسِلتْ الشَّياطينُ»، وفي رواية: «تغلُّ مردةُ الشياطينِ»، وفي رواية: «صُفِّدتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجِنِّ»، «ونادى منادٍ في كل ليلة يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر، وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ» فيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم.

 

نأتي على بعض ما جاء من فوائد على هذا الحديث:

  • “إذا دخل رمضان”، وفي رواية: “إذا دخل شهر رمضان” فدل هذا على أنه يجوز أن تقول: رمضان دون إضافة الشهر، ويجوز أن تقول: شهر رمضان.
  • وما ورد من حديث استدل به بعض العلماء على منع ذلك كما عند ابن عدي في الكامل: “لا تقولوا رمضان وإنما قولوا شهر رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ولكن قولوا شهر رمضان” هذا الحديث ضعيف، وليس رمضان اسم من أسمائه عز وجل.
  • هذه الجمل في بعض الروايات سبقها شيء، وهي التهنئة منه عليه الصلاة والسلام للصحابة بدخوله: “قد جاءكم رمضان شهر مبارك”، ولذلك التهنئة جائزة بدخول رمضان لدلالة هذا الحديث.
  • وقالها عليه الصلاة والسلام؛ لأن رمضان أشهر ما يكون فيه الصيام والقيام، في رواية: (كان عليه الصلاة والسلام يرغّب في قيام رمضان من غير عزيمة) يعني: من غير ما يوجبه فيذكر هذا الحديث، وهذا يدل على فضيلة قيام رمضان.
  • وأيضًا في رمضان الصيام ولذلك قال قبلها: “إن الله قد فرض عليكم صيام رمضان” فذكر هذا الحديث، وفي رواية الإمام أحمد: “إذا استهل رمضان” من الاستهلال والوضوح والظهور، وفي رواية ابن ماجه: “إذا كانت أول ليلة من رمضان” ثم ذكر عليه الصلاة والسلام هذا الحديث.
  • إذا دخل رمضان فُتِحَت، ويصح فُتِّحَت بالتشديد، لكن فُتِحَت هي الأكثر الذي جاء في القرآن لمن تأمل القرآن وجد: أن عدم التشديد هو الأكثر في القرآن، فُتِحَت وتنطق فُتِّحَت من باب المبالغة، فتحت أبواب السماء، أبواب الرحمة، سبحان الله لِمَ؟ لإشعار الناس من أن الخير عظيم في هذا الشهر فليقبل عليه الإنسان، ماذا تنتظر! فتحت أبواب السماء، أبواب الرحمة دل هذا على أن للرحمة أبوابا، وأن للسماء أبوابا.
  • وليس معنى الرحمة كما ذهب بعض أهل العلم من أنها الجنة، فيه دلالة لكن هذه رواية وهذه رواية وهذه رواية، ولذلك قال: “فتِحت أبواب الجنة”، فالضعيف من ضعف عن العمل في رمضان.
  • ثم قال عليه الصلاة والسلام: “فلم يغلق منها باب” دل هذا من ظاهر الحديث أن هناك بعض الأبواب في غير رمضان تكون مغلقة، هذا من الحديث الظاهر؛ لأنه في رمضان فلم يغلق منها باب.
  • “وغُلِّقت” بالتشديد، “غلقت أبواب النار” و”أبواب الجحيم” و”أبواب جهنم” وهذه أسماء للنار، الجحيم من الغلظة، وكذلك جهنم وهذا يدل على الشدة.
  • “وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب” وهذا لا يدل على أن الكافر إذا مات في رمضان من أنه لا يعذب، الله عز وجل قادر على أن يفتح عليه شيئا يصل إليه من هذه النار، ليس فيه دلالة فالله على كل شيء قدير وهذه أمور غيبية لكن لا يعني ذلك أن الكافر إذا مات في رمضان أنه لا يعذب.
  • وكذلك كما ذهب بعض أهل العلم من أنه مَن مات في رمضان فله مزية لأن أبواب الجنة فتحت، ليس هناك دلالة، ليس هناك حديث صحيح يدل على أن من مات في رمضان له مزية.
  • “وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب” فأين المشمّرون؟ و”صُفِّدَت الشياطين”: التصفيد يكون بالأغلال تكون في الأعناق، و”سُلْسِلَت”: السلاسل في الأيدي وفي الأرجل، سلسلت وصفدت ولذلك في الرواية الأخرى قال: “وتُغَلّ”، والتصفيد يكون للشياطين وللمردة، للشياطين بعمومهم وللمردة.
  • ولو قال قائل: الذنوب تكون في رمضان موجودة. فيقال: صفدت الشياطين جميعها، وصفدت المردة: وهم العتاة منها، ولا يعني عدم وقوع ذنوب، لكن ليعلم أنه في رمضان يقبل الناس ما لا يقبلون في غير رمضان هذا شيء مشاهد، لكن لا يعني أن عدم وقوع الذنب من أن هذا يقدح في الحديث لا، الذنوب تقع من عدة أمور.
  • لكن لماذا تغل وتسلسل الشياطين والمردة؟ من باب إتاحة أمور العبادة للناس حتى يقبلوا عليها بيسر وسهولة؛ لأن الشياطين قد سلسلت وغلت. أولًا: تغليلها وتصفديها لا يدل على أنه لا يقع منهم شيء، قد يقع منهم بالكلام، لو أن إنسان سُلسِل لا يعني أنه لا يمكن أن يتصرف بأي تصرف يمكن هذا جانب.
  • جانب آخر: رأسهم إبليس ماذا قال لما سأل الله أن ينذره ويمهله؟ {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ۝ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم} هذا أمر، زيادة على ذلكم من باب التأكيد لو قلنا من أن الشياطين لا حركة لهم لا إبليس الرئيس ولا الأعوان لو قيل بهذا، النفوس الشريرة التي اعتادت على الشر قبل رمضان، الأفعال القبيحة، شياطين الإنس! كل هذه مؤثرة، ولذلك إبليس عصى الله، هل عصى الله بشيطان سابق؟ لا عصى الله لأن نفسه كانت شريرة خبيثة دنيئة فما يقع من ذنوب من البعض في رمضان هذا ناتج إلى ما ذكرته ومن ذلك أن النفوس القبيحة والأعمال الدنيئة وشياطين الإنس لهم اشتراك في ذلك.

فالأمور ميسرة، ولذلك ماذا كان الخطاب؟

  • “ونادى منادٍ” إما ملك أو غير ذلك -الله أعلم- “ونادى مناد في كل ليلة” سبحان الله! حتى يحرص العبد أنه في كل ليلة هناك من يناديه! “وينادي مناد في كل ليلة يا باغي الخير أقبل”، وفي حديث عتبة بن فرقد -رضي الله عنه-: “ويا باغي الخير هلمّ”، “يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصِر” وفي رواية: “أمسِك” يُسِّرت لك السبل! الشياطين والمردة سلسلت وصفدت، أبواب السماء وأبواب الرحمة أبواب الجنة فتّحت، أبواب النيران الجحيم جهنم غلقت، وينادي مناد في كل ليلة يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، يا باغي: يعني: يا طالب.
  • ما قاله بعض أهل العلم من أن البغي يأتي كثيرًا في الشر ويأتي قليلًا في الخير واستدل بهذا الحديث، هذا استدلال في غير محله؛ لأن الرواية الأخرى قالت: “يا طالب الخير أقبِل”.
  • “ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”، كل ليلة من ليالي رمضان فيه عتقاء من النار فأين المشمر؟ بل لتعلم:
  • عند الإمام أحمد: “ولله عتقاء من النار في كل يوم وليلة” كما أن العتق من النيران يحصل للعباد في ليالي رمضان كذلك يحصل في نهار رمضان، فما أعظم هذا الخير!

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد:

 

فيا عباد الله، ثم ختم النبي ﷺ هذا الحديث بقوله عن رمضان:

  • “فيه ليلة خير من ألف شهر” {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر: 1-3]، لأن بها مزايا: أول ما أنزل فيها القرآن، ثم قال بعدها: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}[القدر:4]، ما يقدر للعباد في تلك السنة، وتتنزل الملائكة وينزل جبريل وهي سلام من المغرب إلى طلوع الفجر: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر:5].

 

 قال عليه الصلاة والسلام: “فيه ليلة خير من ألف شهر” يعني: من عجز وأعجزته نفسه في ليالي رمضان وحرم هذه الليلة ما الذي بقي من الحرمان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: “من حرم خيرها فقد حُرِم” نعوذ بالله من الحرمان.

هذه جملة من الفوائد اليسيرة والمختصرة عن هذا الحديث العظيم.

 

فنسأل الله عز وجل ألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ونسأله عز وجل أن يعيننا على ذكره وعلى شكره وحسن عبادته ويجعلنا وإياكم ممن يدرك هذا الشهر المبارك وأن يعينه الله عز وجل فيه على الصيام والقيام.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك، اللهم من أراد بهذه البلاد فتنة وشرًا فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.