تعليقات على سنن ابن ماجه ( 68 ) من حديث ( 569 ) الجزء الثاني

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 68 ) من حديث ( 569 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 565

تعليقات على سنن ابن ماجه

الحديث ( (  569 ))

الجزء الثاني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( 91 ) بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً

569 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا تُصَلِّ، فَقَالَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا، فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ» وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا، وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ

صحيح

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــ

 

أن هذا الحديث هو الحديث المتعين في صفة التيمم سواء كان للجنب أو لغيره  ، وذلك أن تضرب الأرض ضربة واحدة فيسمح الوجه والكفان ويكون ماعدا ذلك مما ورد على الأرض مرتين أو من مسح اليدين إلى المرفقين أو إلى المناكب أو إلى الآباط فهي محمولة على أنها شاذة مما يكون في إسناده من الصحة من الرواة الثقات وهذه علة لا شك أن الشذوذ علة ومطعن في الحديث

وإما أن تكون ضعيفة وسبب ضعفها الاضطراب ، اضطراب الرواة في ذلك في وصف اليدين إلى المرفقين أو الآباط أو إلى المناكب

أو محمولة على أن هذا كان في أول الإسلام ثم نسخ بحديث عمار

أو أن هذا من فعل بعض الصحابة اجتهادا منه

 

فخلاصة القول :

 

أن صفة التيم المشروعة أن تضرب الأرض بيدك ضربة واحدة فتمسح الوجه وتمسح الكفين

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان حال الدواب وأن الدواب إذا أرادت أن تتطهر بدنها تتمرغ في التراب وهذا مشاهد من بعض الدواب وهذا إن دل يدل على أن التراب كما أن النصوص الشرعية جاءت ببيان أنه طهور معنوي تعبدي أيضا هو في الحقيقة حسي ، ألم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام بغسل نجاسة الكلب أن تكون الأولى بالتراب وهن سبع ؟ بلى

ألم تفعل بعض البهائم هذا الأمر على وجه  تيسير وهداية الله لها هذا شيء مشاهد

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بيان حرصه عليه الصلاة والسلام على إيصال المعلومة إلى السائل أو إلى المتلقي حسب ما يحتاج إليه فإن عمارا لما صنع صنيعه هذا فتمرغ كما تمرغ الدابة لم يكتف عليه الصلاة والسلام ببيان الصفة نظريا وإنما تطبيقيا عمليا

 

وبالتالي :

 

فإن على المعلمين في المدارس إذا مرت بهم مثل هذه الدروس صفة التيمم أو الوضوء أو الغسل أو صفة صلاة الاستسقاء أو الكسوف أو الجنائز  أو ما شابه ذلك أن يقرنوا في التعليم بين النظري والتطبيقي ، كحاله عليه الصلاة والسلام

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

 

أن المقصود من التيمم هو التقرب إلى الله عز وجل برفع الحدث سواء كان حدثا أصغر أو أكبر

ولذلك في أواخر آية الوضوء في  المائدة : ((مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ))

ولذلك أتت مقولة عمر رضي الله عنه في العمائم قال  : ” من لم يظهره المسح على العمامة فلا طهره الله  “

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن في هذا دليلا من أنه لا يتشرط الغبار في التراب خلافا لما قاله بعض العلماء     لم ؟

لأنه عليه الصلاة والسلام لما ضرب بيديه الأرض نفخ والنفخ يزيل الغبار فدل على أن الغبار ليس في تلك الضرورة في التراب

إذاً لو تيمم على صخر أو أحجار فلا حرج في ذلك كما أسلفنا على الصحيح

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أن التيمم أحكامه كأحكام الوضوء ويفعل مثل ما يفعل الوضوء

فإذاً لم يقل عليه الصلاة والسلام له مع حاجته إلى البيان لم يقل له إذا خرج وقت الصلاة فيلزمك أن تتيمم مرة أخرى

 

خلافا لما قاله بعض العلماء من أن التيمم مبيح لا رافع  ، مبيح يعني تستبيح به العبادة وليس برافع للحدث وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد

 

والصواب  :

أن التيمم مثل الوضوء تماما فيرفع الحدث ولك أن تصلي به وإذا خرج الوقت وأنت لم تحدث فإن لك أن تصلي الصلوات القادمة بهذا التيمم  وأنه كما ينتقض الوضوء بالنواقض المعروفة كذلك ينتقض التيمم

اللهم إلا أن طهارة التراب تختلف عن طهارة الماء من حيث إن طهارة الماء للجنب تعميم البدن بالماء اما التراب فإن التيمم للجنب هو هو نفس التيمم للوضوء

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه عليه الصلاة والسلام هنا قدم مسح الوجه على مسح الكفين وهذا اأيضا ظاهر الآية : (( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ )) فقدم  الوجه على اليدين فدل هذا على أن التيمم يمسح أولا الوجه ثم تمسح الكفان  فلو أنه قدم

 

لو قال قائل  :

 

لو أنه قدم الكفين مسحا قبل الوجه فالأكثرية يرون أن تيممه لا يصح فلابد من الترتيب فيقدم الوجه على الكفين لأن الرواية التي أتت أتت بالواو وهي لمطلق الجمع وما قدم في النص الشرعي فهو أولى لأنه قدم في القرآن الوجه على اليدين وقدم في السنة الوجه على اليدين

وورد روايات ترتيب تقديم الوجه على الكفين

 

لكن يقول ابن حجر يقول : ” وردت رواية بتقديم الكفين على الوجه في التيمم “

 

وبالتالي :

فإن الأظهر في هذه المسألة أن يحرص المسلم على أن يرتب أن يمسح وجهه أولا ثم الكفين لكن لو أنه أخطأ فقدم على الكفين على الوجه  أو جاء  فسألنا وقال تيممت بهذه الكيفية مسحت كفي ثم وجهي وصليت صلوات

نقول لا  يلزم الإعادة لكن لو أن الصلاة حاضرة ولم يشرع في الصلاة فلنحيله إلى ما قاله الأكثرية من أنه يمسح وجهه أولا ثم يمسح كفيه لاسيما وأن النص الظاهر في الآية تقديم الوجه على الكفين

 

لكن يمكن أن يطعن في هذه الرواية من أن معظم الرواة قدموا الوجه على الكفين لذلك يحتاط الإنسان

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

أنه لا يشترط الترتيب ولا الموالاة بين طهارة التراب وبين طهارة الماء

 

تصور :

 

لو أن إنسانا بيده جرح ولا يستطيع أن يغسل هذا الجرح ولا يستطيع أن يمسحه فنقول : تيمم عن هذا

بمعنى أنك تشرع في الوضوء تتمضمض وتستنشق  وتغسل وجهك ويدك التي لا جرح فيها واليد الثانية تمسح ما لم يصبه الجرح ، والجرح تبقيه على حاله  ، ثم تمسح رأسك ثم تغسل قدميك

 

ماذا قلنا في هذا الجرح ؟

يتيمم عنه

متى يقع هذا التيمم ؟

هل في أول الوضوء لما يصل إلى الجرح يتيمم أم أنه بعد الوضوء ؟

هو مخير لا ترتيب بين طهارة التراب وبين طهارة الماء

 

كذلك الموالاة :

 

تصور لو أن الإنسان في هذا المثال الجرح بيده فتوضأ على أنه سيتيمم أتى إلى المسجد وبعد ربع ساعة من الوضوء تذكر أنه لم يتيمم هل نقول أعد وضوءك ؟

لا نقول اذهب فتيمم ولا تشترط  الموالاة والقرب في الزمن بين طهارة التراب وبين طهارة الماء

أما طهارة الماء فيما بين أعضائها في الوضوء فلابد أن يكون الزمن متقاربا

أما طهارة التراب فيما بينها من أعضاء وهو الوجه والكفان فلابد من الموالاة لكن الكلام هنا التريتب والموالاة إذا اجتمعت طهارة التراب وطهارة الماء