شرح سنن ( ابن ماجه )
الحديث رقم ( 582 ــ 583)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( 98 ) بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً
582 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى أَهْلِهِ حَاجَةٌ قَضَاهَا، ثُمَّ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ، لَا يَمَسُّ مَاءً»
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث من ضمن أحاديث الغسل وأحاديث الغسل مرت معنا في بلوغ المرام وفصلنا فيها تفصيلا واسعا
ـــــــــــ
إذاً : من الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث مرت فوائده في الحديث الذي سبق فعلقنا على قوله : (( ولم يمس ماء )) هل هو للعموم لم يمس ماء لا للوضوء ولا للغسل أو أنه يمس ماء للوضو ء دون الغسل وقلنا إن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم
والصواب :
أن من أراد أن ينام وهو على جنب والسنة في حقه أن يتوضأ و ليس بواجب
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان أن الحديث بعد صلاة العشاء إذا كانت هناك مصلحة إما دينية أو دنيوية ، ولا يترتب على تلك المصلحة أن يضيع واجب أن الحديث بعد صلاة العشاء لا حرج فيه
والأدلة على ذلك كثيرة لكن من بينها ما ذكر هنا
فإذاً ما مر معنا :
أن النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها فإن هذا ليس على عمومه، هذا هو الأصل فإن الأصل ألا يكون هناك حديث بعد صلاة العشاء حتى لا تضيع صلاة الليل ومن باب أولى حتى لا تضيع صلاة الفجر
لكن إن وجدت مصلحة فلا حرج والدليل هنا
ما هو موضع الشاهد :
(إِنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى أَهْلِهِ حَاجَةٌ قَضَاهَا)
فدل هذا على أنه ربما تكون هناك حاجة وتلك الحاجة لابد فيها من حديث ومن قول
ومن الفوائد:
ـــــــــــــــــــــــــ
أن القضاء في النصوص الشرعية معناه الفعل بخلاف ما عليه الفقهاء في مصلحهم فإنه فعل الشيء بعد خروج وقته
هنا فقضاها يعني فعلها الأدلة على هذا كثيرة أما قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين في شأن من أتى إلى المسجد قال :
” عليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا “
في رواية ” فاقضوا ” هذه توضحها تلك الرواية الآخري ” فأتموا ” فالقضاء هنا هو الفعل وليس خروج الشيء عن وقته
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــــــــــــــ
جواز المسامرة بين الزوجين في الليل كما هو واضح وظاهر من هذا الحديث
ثم إن كانت له حاجة هذه مطلقة عامة لا تحصر بشيء
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الحروف الناسخة إذا أهملت كـ ( إن ) فإن الفعل الناسخ يأتي بعدها ” إن كانت له حاجة ” الأصل إنّ فلما أهملت أتى بعدها الفعل الناسخ كما قال تعالى : ( ( وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ))
ــــــــــــــــــــــــ
583 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُجْنِبُ، ثُمَّ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ، لَا يَمَسُّ مَاءً» قَالَ: سُفْيَانُ، فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ يَوْمًا، فَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ يَا فَتَى يُشَدُّ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَيْءٍ
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث يعني أتى لفظه في الحديثين السابقين ويزاد على ذلك
أنه من الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أن وصف الجنابة يوصف به الإنسان الذي بعد ماؤه عن صلبه الذي هو المني
فتطلق الجنابة ويراد منها من حيث اللغة إما لأن الماء جانب محله أي باعد محله لأنه كان في الصلب ثم خرج منه
وإما وهي للبعد أيضا : أن الجنب يبتعد عن بعض العبادات التي نهى الشرع عنها
ومن الفوائد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعظيم الإنسان حينما يوصف بوصف يدل على القوة والنشاط
ولذلك قال ” يا فتى “ والفتى من الفتوة ولو كان الإنسان كبيرا قد تجاوز مرحلة الفتوة لأن الإنسان من حيث الوصف اللغوي من حيث عمره تطلق عليه أوصاف :
فإنه قبل سبع سنين يسمى في اللغة طفلا
وإذا بلغ سبع سنين يسمى مميزا ويسمى غلاما ويسمى فتى
فإذا قارب البلوغ يسمى بمراهق
خلاف ما نطلقه نحن فإننا نطلق على المراهق من بلغ إلى أن يصل إلى عمر أو سن ثمانية عشر عاما أو إلى عشرين لكن المراهقة في اللغة من أوشك على البلوغ
ويمكن أن يكون إلإطلاق الناس على من بلغ إلى سن الثامنة عشرة يطلق عليه مراهقة باعتبار أنه يأتي بأفعال لا تليق وأظن أن هذه الأفعال وهي أفعال المراهقة وهي في الواقع موجودة فيه لكن لماذا هذا الاختلاف في عرفنا وعرف أهل اللغة ؟
الاختلاف لأن بيئة الإنسان تؤثر عليه فإن المراهقة تمتد معه إلى أن يصل إلى هذا العمر إلى ثمانية عشر عاما
بينما فيما مضى البيئة نظيفة :
فإنه لما قرب من البلوغ خصائص النمو لدى من بلغ وقارب على البلوغ ليست كمن كان أقل فإنه في هذه المرحلة مرحلة انتقالية فتتغير منه الأحوال والصفات ولكن بالنسبة إلينا نحن تستمر باعتبار أن البيئة مؤثرة ولذلك فيما أدركنا قديما ونحن صغار أدركنا أناسا أعمارهم في سبعة عشر عاما وثمانية عشر عاما ولكن ليسوا بمراهقين
بدليل أيضا أن السلف تزخر كتب التاريخ بالمواقف النبيلة العظيمة لمن بلغ
فإذاً البيئة لها تأثيرها
ولذلك المراهقة قبل عشرين سنة ليست كالمراهقة الآن ، زادت وتعقدت ما قبل عشرين سنة المراهقة ليست كالمراهقة التي في ما قبل أربعين أو خمسين سنة
إذاً ما قبل البلوغ تسمى مراهقة
إذا بلغ يسمى شابا إلى ثلاثين أو ثلاث وثلاثين على اختلاف
فإذا بلغ ثلاثين أو ثلاثا وثلاثين سنة فهو الكهل
بعض الناس يظن أن الكهل هو من بلغ في السن عتيا ، لا ،
فإذاً :
الكهل يطلق على من بلغ ثلاثين أو ثلاثا وثلاثين سنة إلى سن الخميسن
فإذا تجاوز الخمسين يسمى شيخا
زعمتني شيخا ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا
ما بين الخمسين إلى السبعين هذا شيخ
ما بعد السبعين يسمى بالهرم
بعض الناس يظن أن الهرم هو من ذهب عقله ، لا الهرم هو من تجاوز السبعين فإن ذهب عقله ولو قبل السبعين فهو المخرف أو المهذري
لكن الهرم وعقله معه من بلغ سبعين سنة إلى أن يتوفاه الله
ولذلك وصفه هنا بأنه فتى
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ( يا فتى ) الجملة هنا جملة ندائية ،مر معنا النداء قلنا إن الكلام عند أهل اللغة ينقسم إلى قسين خبر وإنشاء من بين الإنشاء النداء
قال يا فتى ( يا ) ينادى بها للقريب أم للبعيد ؟
أدوات النداء التي ينادى بها للقريب أداتان الهمزة ويا ما عداها تكون للبعيد
هنا قال : ” يا فتى ” نادى القريب ، ولكن قد ينادى البعيد بأداة القريب لغرض بلاغي