بلوغ المرام ــ باب المواقيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
161- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (( مَنْ أَدْرَكَ مِنْ اَلصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلِ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ اَلصُّبْحَ, وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ اَلْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ اَلشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ اَلْعَصْرَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
162- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ, وَقَالَ: “سَجْدَةً” بَدَلَ “رَكْعَةً”. ثُمَّ قَالَ: وَالسَّجْدَةُ إِنَّمَا هِيَ اَلرَّكْعَةُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان أن صلاة العصر ينتهي وقتها بغروب الشمس وهو الوقت الاضطراري لأنه مر معنا ، وهو معروف بدليل أنه قال : ” من أدرك “ والإدراك لا يكون إلا في آخر الشيء كما قال شيخ الإسلام فيكون المقصود من ذلك هو الوقت الاضطراري وعلامته لفظة ” الإدراك “ لأن إدراك الشيء لا يكون إلا في آخره
أما الوقت الاختياري فكما مر معنا أنه إلى اصفرار الشمس كما جاء في صحيح مسلم
بينما وقت الفجر ينتهي بطلوع الشمس
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن ظاهر هذا الحديث : أن من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فإنها تكفيه هذا هو الظاهر
فمن أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فإنه يصلي تلك الركعة ولا يلزم ببقية الركعات
هذا هو الظاهر ولكن هذا الظاهر ليس مرادا
لم ؟
لأن النبي عليه الصلاة والسلام بين أنه يدرك صلاة العصر ، ويدرك صلاة الفجر من حيث الوقت بدليل الروايات الأخرى ولذلك في حديث قال :
” فلم تفته صلاة العصر “
وقال في حديثه عليه الصلاة والسلام عن الفجر ” فليضف إليها أخرى “ ربما يفهم أنه إذا أدرك ركعة هنا أنه لا يلزم بما تبقى من ركعات وهذا ليس بمقصود
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله : ” من أدرك ركعة “ يتعارض مع قوله ” سجدة “ فكأنه بمجرد ما يدرك السجدة أي بمقدار السجدة أنه أدرك الصلاة وأدرك وقتها ، وبالتالي فإنه لو أدرك زمنا يسيرا بمقدار السجدة ولو لم تكن ركعة فإنه أدرك الصلاة كما في رواية مسلم ” سجدة “ بدل ” ركعة “
ولكن الصحيح أن السجدة هنا معناها الركعة فلا تعارض بينهما أي أنه لا يدرك وقت الصلاة إلا إذا أتى بركعة كاملة بسجودها لأن آخر ما في الركعة السجود
فإذاً لا تكون ركعة تامة إلا بالسجود ولذا أتت كلمة السجدة محل الركعة في الرواية الأخرى
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن التعبير عن الركعة بالسجدة هو تعبير البعض عن الكل وإذا عبر بالبعض عن الكل ، وهذا الكل لازم أو واجب كان ذلك الجزء لازما وإلا لما عبر عنه لأن هذا الجزء حل حل الكل فلما حل محل الكل هذا الكل ركن إذاً هذه السجدة ركن
فدل على أن السجود ركن من أركان الصلاة
لو قيل لك : اذكر دليلا على أن السجود ركن من أركان الصلاة ؟
فالأدلة كثيرة من بينها هذا الدليل
أنه عبر عن الركعة بالسجدة والسجدة جزء من الركعة والركعة لازمة فتكون السجدة إذاً لازمة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله هنا يخص أي صلاة ؟ الفجر والعصر إذاً بقية الصلوات لو أدرك ركعة من صلاة الظهر قبل أن يصير للشيء ظل مثله ؟ أدرك
العشاء قبل نصف الليل بركعة ؟ أدرك
ولو قال قائل : ما الدليل ؟
الدليل : قوله عليه الصلاة والسلام : (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )) وهذا عام في جميع الصلوات
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه إذا أدرك تلك الركعة فما تبقى من ركعات وقعت خارج الوقت تعتبر ماذا ؟ تعتبر أداء وليس قضاء متى تكون قضاء ؟ إذا لم يدرك الركعة إذا لم يدرك زمن الركعة أو أدرك نصف ركعة إذاً لا تكون تلك الركعات المتبقية أداء إلا إذا أدرك من الوقت ركعة تامة بسجودها
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن كلمة ” من “ اسم شرط تفيد العموم ، أسماء الشرط تفيد العموم قلنا الأسماء ، وليست الحرف لأن أدوات الشرط منها أسماء ومنها حروف منها حرفان والبقية أسماء
فأسماء الشرط تفيد العموم إذاً ” من أدرك “ عام ذكر أثنى بلوغ الإنسان الصغير ـــ إسلام الكافر ـــ طهارة المرأة الحائض
هنا لو أسلم كافر قبل أن يخرج وقت الصلاة بمقدار ركعة هنا يلزم بتلك الصلاة
لو طهرت المرأة الحائض تلزم بتلك الصلاة لو طهرت قبل غروب الشمس بركعة نقول : صلي العصر
لو أن الصبي بلغ قبل غروب الشمس بركعة هنا يلزم بالصلاة
لكن لو أنه صلى بناء على أنه يؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر فصلى فبلغ قبل غروب الشمس بركعة أيلزم بإعادة تلك الصلاة ؟
قولان : والصواب أنه لا يلزم لأنه أدى الصلاة على مقتضى الشرع فبرئت ذمته
وفرق بين وجود سبب الوجوب وبين زوال المانع
الحائض زال المانع
مانع الصحة
الكافر زال المانع الكفر زال
بينما الصبي ليس به مانع وإنما به أن سبب الوجوب لم يتحقق فيه
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الحائض كما أسلفنا لو أنها أدركت وأنا أمثل على صلاة العصر ويشمل جميع الصلوات لكن أريد حصر الأذهان على صلاة العصر وليس المقصود أن الأمر يخص العصر بل يشمل بقية الصلوات
لو أن الحائض كما أسلفنا أدركت قبل غروب الشمس ركعة تلزم بصلاة العصر
في المشهور من المذهب تلزم بتلك الصلاة وما يجمع إليها يعني أنها تصلي العصر وتصلي الظهر
لكن لو أدركت أقل من ركعة أو لم تدرك ركعة فلا عصرتلزمها ولا ظهر
لكن لو أدركت ركعة قبل غروب الشمس هنا تلزمها صلاة العصر ، وعند الحنابلة تلزمها أيضا صلاة الظهر ؛ لأن صلاة الظهر تجمع مع العصر
كما الشأن لو أنها طهرت قبل نصف الليل بركعة تلزمها صلاة العشاء والمغرب لأنها تجمع إليها
لو أدركت ركعة قبل طلوع الشمس لصلاة الفجر فلا تلزمها إلا الفجر ؛ لأن الفجر لا تجمع لا مع الظهر ولا مع العشاء
لم ؟
قالوا لأنها تجمع معها فصارالوقت لهاتين الصلاتين وقتا واحدا
والصواب أنه لا يلزمها إلا صلاة العصر
والدليل قوله عليه الصلاة والسلام (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ))
الصلاة هنا تعود إلى الصلاة المعهودة التي أدركتها وهي مر عليها وقت الظهر وهي ليست من أهل الصلاة فلا تلزم
بدليل :
أنهم يقولون : لو أن المرأة كانت طاهرة فأذن مثلا لصلاة المغرب بمقدار ركعة نقول مثلا بعد الدقيقة حاضت هل تلزمها صلاة المغرب إذا طهرت ؟
نعم
نقول لكم : أنتم تلزمونها بصلاة العشاء ؟
قالوا : لا
طيب لماذا فرقتم مع أن هذه تجمع مع هذه
فخلاصة القول :
أنها إذا طهرت قبل غروب الشمس بركعة فلا تلزم إلا بصلاة العصر فقط
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله ” من أدرك “ من اسم شرط لا يأتي إنسان ويقول حرف جر
إذا أتتك هذه الكلمة من بفتح الميم فهي اسم فقد تكون اسم شرط اسم موصول اسم استفهام
إذا أتتك بكسر الميم ” من “ فهي حرف جر
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله ” من أدرك “ فيه دليل لشيخ الإسلام الذي يقول مخالفا لكثير من أهل العلم
هم يقولون : لو أن المرأة مثلا أذن لصلاة المغرب وهي طاهرة فبعد مرور زمن دقيقة دقيقتين ثلاث دقائق حاضت أتلزم بهذه الصلاة ؟
قلنا تلزم على قول الكثير
هو يقول : لا ، لا تلزم ، ولا يجب عيلها أداء تلك الصلاة إذا طهرت خلافا للأكثر
لم ؟
قال : لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :” من أدرك ركعة “ والإدراك لا يكون إلا في أواخر الشيء فيقول : لا تلزم إلا إذا دخل الوقت عليها ثم تشاغلت إلى أن بقي من الوقت حتى يخرج مقدار أداء الصلاة فحينها إذا لم يبق على خروج الوقت إلا هذا المقدار فحاضت هنا تكون مفرطة ويكون الوقت قد أدركها لأنها تجاوزت في هذا الوقت
أما مثلا بعد نصف ساعة حاضت فهنا لا تلزم على رأيه يرحمه الله
ولاشك أن قوله قوي ولكن الأحوط أن تصلي
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن ” من أدرك “ قلنا اسم شرط ، اسم الشرط لابد له من جواب
أعطيكم مثالا ، لأن زبدة الجملة الشرطية هو في الجواب :
تقول : إن تذاكر من يذاكر لم يتم الكلام ـــ من يذاكر ينجح
إذاً أين الجواب ؟ ينجح
هنا ” من أدرك ركعة من الصلاة ” ” فقد أدرك “ إذاً جواب الشرط فقد أدرك
وصدر هذا الجواب بقد
وقد إذا وقع في جواب الشرط فيجب أن تقترن بها الفاء وجوبا كما قال الناظم :
ذكر ما يجب اقتران الفاء به :
اسمية طلبية وبما وبلن وبقد وبالتنفيس
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : ” من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة “
تصور لو أن الإنسان كان نائما فلم يستيقظ عند طلوع الشمس للفجر إلا بمقدار ما يؤدي الصلاة صلاة الفرض لو أدى السنة الراتبة خرج وقت صلاة الفجر
وبالتالي فإن صلاة الفجر ستقع لا محالة خارج الوقت وبالتالي فماذا عليه ؟
عليه أن يقدم صلاة الفرض ، لأن تأخير السنة إلى ما بعد صلاة الفرض وردت به السنة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله عليه الصلاة والسلام : ” من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس “ يدل على أن هذا في حالة الاضطرار ، ولا يجوز لأحد أن يؤخر الصلاة إلى هذا المقدار
بمعنى لو أن إنسانا قال الشرع وسع لنا كيف ؟
قال سأمكث إلى مقدار ما يبقى من الوقت ركعة فأصلي الركعة وبقية الركعات سواء كن ثلاثا أو واحدة أصليها بعد ذلك
فنقول : لا يجوز
فإن كلمة ” من أدرك “ تدل على حال ضيق وليس حال سعة
وبالتالي فإنه لا يجوز لما قال عليه الصلاة والسلام ( قبل أن تغرب الشمس وقبل أن تطلع الشمس ) لا يجوز أن تؤخر الصلاة عن وقتها كلية ولايجوز أن يؤخر بعض الصلاة عن وقتها فلو أوقع بعضها في الوقت والبعض الآخر خارج الوقت دونما حالة اضطرار كما مثلنا فإنه يكون آثما
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله ” من أدرك ركعة “ يدل على أن من لم يدرك الركعة فلم يدرك الوقت
ولذلك استدل العلماء بهذا الحديث وبغيره أن من أدرك ركعة من صلاة الجماعة فقد أدرك صلاة الجماعة
تصور لو أن إنسانا أتى إلى الناس في الركعة الثالثة من المغرب وقد فاتته ركعتان هنا أدرك صلاة المغرب جماعة
الحديث الذي معنا ” أدركها وقتا “ هنا أدركها جماعة لكن أيجوز له أن يؤخر يقول : الحمد لله الأمر فيه سعة نتجاذب أطراف الحديث فيا بيننا فإذا بقي ركعة على الناس أتينا وصلينا
هذا لا يجوز ، لكن هذا محمول على المعذور، لديه عذر بل إن من لديه عذرا تخلف عن صلاة الجماعة فأتى إلى المسجد ، والناس قد فرغوا من الصلاة فإن أجر الصلاة تكتب له
تكتب له من حيث الأجر لا من حيث الفعل لقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند : ” من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب له مثل أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا “
وبعض العلماء يدرك ولو أقل من ركعة :
تصور لو أنه أدرك أي جزء من الصلاة تصور مثلا لو أنه قبل أن يسلم الإمام بمقدار أن يقول الإنسان : الله أكبر ، وهو في التشهد الأخير قبل أن يسلم يقولون أدرك صلاة الجماعة
ولكن هذا القول مرجوح والدليل قوله عليه الصلاة والسلام : ” من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة “
وهذا يشمل الوقت والجماعة
وقياسا على الجمعة ، النبي عليه الصلاة والسلام قال : ” من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة وليضف إليها أخرى ”
فيكون بذلك أدرك فضل الجمعة فتكفيه ركعة ثانية يأتي بها
ــــــــــــــــــ
س : هل هناك كفارة على من نام عن صلاة أو نسيها ؟
النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ” من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ” لا كفارة لها سوى ذلك
فدل على أن وقت النائم يبدأ من حين استيقاظه فيظفر بهذا الأجر