شرح بلوغ المرام الدرس 167حديث 192 ـ 194 (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) 2

شرح بلوغ المرام الدرس 167حديث 192 ـ 194 (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) 2

مشاهدات: 446

بلوغ المرام ــ  باب الأذان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

192- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : (( إِذَا سَمِعْتُمْ اَلنِّدَاءَ, فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ اَلْمُؤَذِّنُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

193- وَلِلْبُخَارِيِّ: عَنْ مُعَاوِيَةَ.

194- وَلِمُسْلِمٍ:

 (( عَنْ عُمَرَ فِي فَضْلِ اَلْقَوْلِ كَمَا يَقُولُ اَلْمُؤَذِّنُ كَلِمَةً كَلِمَةً, سِوَى اَلْحَيْعَلَتَيْنِ, فَيَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ ))

ـــــــــــــــــــــ(2)ـــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

فهذا الحديث تحدث عن أكثر فوائده في الدرس الماضي ، ومما تبقى من فوائد تحت هذا الحديث :

أنه عليه الصلاة والسلام قال : (( ” إذا سمعتم النداء فقولوا ” )) فهنا أمر ، والأمر يقتضي الوجوب فدل هذا على أن متابعة المؤذن واجبة وجوبا عينيا على كل شخص متى ما سمع الأذان وهذا هو مذهب الظاهرية يرون الوجوب لأن الأمر يقتضي الوجوب عند الإطلاق

 

وبالتالي :

فإنه متى ما ترك مسلم متابعة الأذان فإنه يأثم على قولهم ، ولأنه ورد عن بعض السلف من أنهم إذا سمعوا النداء فإنهم ينصتون له كما ينصتون لقراءة القرآن

مع أن بعضا منهم ذكر عنه أنه كان يسمع النداء ومع ذلك كان لا يتابعه بل كان يتكلم ، ولا يقطع حديثه حينما يسمع النداء ، فما استدلوا به أو مما استأنسوا به من بفعل بعض السلف مع أنه فعل لا يترتب عليه حكم شرعي فإن بعض السلف خالف فيها

 

القول الثاني :

وهو قول الجمهور :

ان الأمر هنا للاستحباب وليس للوجوب :

ويستدلون على ذلك بما في صحيح مسلم :

(( أن النبي عليه الصلاة والسلام سمع مؤذنا فلما قال المؤذن الله أكبر قال على الفطرة ، فلما قال :  أشهد أن لا إله إلا الله قال حرمه الله على النار ))

ولم يذكر وينقل أنه عليه الصلاة والسلام تابعه فدل هذا على أنه ليس بواجب

لكن أجيب عن هذا الحديث من أن عدم النقل لا يدل على العدم فإنه يحتمل أنه عليه الصلاة والسلام تابعه بناء على عادته السابقة ، ومن ثم فإنه ما زال رأي الظاهرية قويا أفيقال بالوجوب ؟

الصحيح :

أنه يقال بالاستحباب ليس للدليل الذي قاله الجمهور ، وإنما هناك دليل آخر وهو حديث مالك بن الحويرث :

وهو أنه لما مكث مالك ومعه صاحب له عشرين يوما ليتعلما من النبي عليه الصلاة والسلام فلما أرادا أن يرتحلا إلى قومهما ماذا قال عليه الصلاة والسلام قال : (( إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما ))

ولم يقل للآخر يتابعه مع أنهما كانا بحاجة إلى التعليم وتعليم ماذا ؟ تعليم واجب لو كان واجبا لعلمهما كما علمهما الواجبات الأخرى

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن قوله (( فقولوا )) الفاء : هنا عاطفة تفيد الترتيب والتعقيب ويمكن أن تكون ليست عاطفة وإنما اقترنت بجواب الشرط ، الفاء هي الفاء التي تقترن بجواب الشرط وهي تفيد الترتيب والتعقيب فدل هذا على أنه يقول ليس  قبل المؤذن ولا مصاحبا له وإنما عقيبه ولا يتأخر عنه

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

سبق وأن ذكرنا في البلاغة أن العطف قد يكون على بابه ، وقد يكون على غير بابه ، وإنما هو للترتيب الذكري الزمني كقوله تعالى :

{ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي }

وقوله تعالى لما ذكر في سياق هذه الأمة : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  } وذكر الآيات ثم قال : { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا  }

ويمكن أن تبقى على معناها الزمني لكن كل زمن بحسبه :

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً } هل من حين ما نزل المطر تخضر الأرض ؟ لا ، { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا } مع أن بينهما أربعين يوما كما جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن قوله  : (( فقولوا )) يشترط في المتابعة حتى تظفر بالثواب المترتب عيلها أن تكون بالقول لو أنه تابعه في قلبه من غير تحريك لسانه وشفتيه ما حصل المتابعة

 

وخذها في كل ذكر :

فإن كان ذكرا واجبا وقلته بقلبك لم تبرأ ذمتك ، وإن كان ذكرا مستحبا فقلته بقلبك لم يحصل لك ثواب ذلك الذكر

فلابد من القول بتحريك اللسان والشفتين

ولذلك :

بعض الناس حينما يصلي ربما يقرأ الفاتحة وربما يقول : ” سبحان ربي العظيم ” دون تحريك لسانه وشفتيه يقول بقلبه ويستحضر الأذكار وقراءة الفاتحة

أو ربما بعض الناس يمكث في المسجد ويقرأ القرآن لكنه لا يحرك لسانه وشفتيه قلنا يقرأ القرآن باعتبار التجوز وإلا فليست قراءة ، يستحضر فقط  وينظر بعينه إلى الآيات هذا لا يحصل له أجر من قرأ فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها

يؤجر ؟ يؤجر كون قلبه متعلقا بخير يؤجر لكن هل يؤجر على ما جاء به النص ؟  لا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

أن السمع نعمة من نعم الله :

فليحرص المسلم على أن يصرف هذه النعمة فيما يرضي الله فإن هنا من حرم منها فكما أسلفنا الصم لا يتابع لأن مناط المتابعة على السماع وهو لا يسمع

وبالتالي :

فإن من شكر نعمة السمع كما أنه يحافظ عليها بعدم سماع ما يسخط الله كذلك يحافظ عليها ويشكر الله بأن إذا سمع شيئا حث الشرع على ذكر يقال عقيبه أو معه فليحرص عليه كما هنا (( إذا سمعتم فقولوا ))

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن الأمر هنا موجه للسامعين

أيتابع المؤذن نفسه ؟

أذن قال : الله أكبر الله أكبر قبل أن يشرع في التكبيرتين الأخريين قال : الله أكبر الله أكبر

” إذا سمعتم النداء فقولوا ” هو سمع النداء

ولذلك :

قال بعض أهل العلم : يجيب نفسه فهو سمع نفسه فدخل في ضمن الحديث

 

القول الثاني :

أنه لا يجيب نفسه وهو الصحيح

  لم ؟

لأنه لم يؤثر عن مؤذني رسول الله عليه الصلاة و السلام أنهم كانوا يتابعون أنفسهم ومثل هذا مما توافر الهمم والدواعي إلى نقله فقد نقلوا لنا ما هو أدق من هذا

أفلا ينقل لنا لو كان هذا الفعل فعلهم أفلا ينقل إلينا ؟ بلى

 

ويؤكد هذا أن هذا الحديث يرد عليهم ، لأنهم استدلوا به : ” إذا سمعتم النداء فقولوا ” وهو قد سمع النداء

يرد عليهم  :

من أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر صنفين في هذا الحديث صنف يؤذن وصنف يستمع

فجعل في هذا الحديث صنفين مؤذن ومتابع لا يدخل المؤذن في هذا

 

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أنه قال هنا  : (( فقولوا مثلما يقول المؤذن ))

قال بعض العلماء :

وأظنه الكرماني من أن المثلية لا تقتضي المماثلة في كل شيء من أجزائه لأنه لو قال ” فقولوا مثلما يقول المؤذن ” لطولبنا أن نصنع كهيئته ” فإذا التف برأسه في الحيعلتين نلتف هذه هي المثالية

لما رفع الصوت نرفع الصوت

لأنه نص هنا على المثلية

فيقول رحمه الله :

هذا يدل على أن المثلية لا تستلزم العموم في أجزائها لأن الناس غير مأمورين بهذا

لكن أجيب عن الكرماني من أن المثلية هنا على بابها 

 لم ؟

لأن المثلية هنا منصبة على القول لا على هيئة المؤذن (( فقولوا مثلما يقول )) المثلية وقعت على القول ، وليست على الصفة والهيئة

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن كلمة [ ما ] في ( مثل ما يقول ) [ ما  ] موصولية يعني مثل الذي يقول

ومن هنا :

وهذا حديث أبي سعيد حديث متفق عليه عند البخاري ومسلم

ومن هنا :

فإن في جميع جمل الأذان نقول مثلما يقول المؤذن حتى في قول حي على الصلاة فإذا قال حي على الصلاة فنقول حي على الصلاة

فإذا قال حي على الفلاح فنقول حي على الفلاح بظاهر حديث أبي سعيد  (( فقولوا مثلما يقول المؤذن ))

وهذا هو أحد الأقوال في هذه المسألة من أنه يقول مثلما يقول المؤذن تماما

وهؤلاء أخذوا بحديث أبي سعيد في الصحيحين

 

القول الثاني :

يقولون : إن المتابعة تكون في جمل الأذان ماعدا الحيعلتين ” حي على الصلاة حلي على الفلاح “

 

ما دليلكم ؟

قالوا : حديث عمر عند مسلم وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( إذا قال المؤذن :  الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم  : الله أكبر الله أكبر ))

إلى أن قال  :

(( فإذا قال : حي على الصلاة ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله فإذا قال : حي على الفلاح قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ))

 

ثم ذكر الحديث قال :  (( فإذا قال : لا إله إلا الله فقال : لا إله إلا الله دخل الجنة ))

هنا حديث عمر وضح

 

كذلك حديث معاوية عند البخاري :

(( من أنه صنع معاوية كما في حديث عمر ثم قال سمعت نبيكم عليه الصلاة والسلام يقول هكذا ، لما أتى إلى الحيعلتين قال  : لا حول ولا قوة إلا بالله ))

 

القول الثالث  :

 

أنه يقول وهؤلاء يريدون الجمع بين الحديثين ، قال بعضهم  : هو مخير إن شاء قال : حي على الصلاة حي على الفلاح وإن شاء قال : لا حول ولا قوة إلا بالله فيهما

 

القول الرابع :

 

قالوا  : يجمع بينهما ، وهذا لبعض الحنابلة جمعا بين الدليلين

يقولون : يجمع بينهما فإذا قال : حي على الصلاة قل : حي على الصلاة لا حول ولا قوة إلا بالله فإذا قال المؤذن : حي على الفلاح قل : حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله

 

القول الخامس :

 

أنه يقول عند حي على الفلاح  : اللهم اجعلنا من المفلحين

وقد ورد في هذا حديث عند ابن السني

 

القول السادس :

 

أنه يتابع المؤذن إلى الشهادتين فقط ، يعني ما الموصولية ليست على بابها ” فقولوا مثل ما يقول  ” على كلامهم هذا ليست على بابها مابابها ؟ العموم

لم ؟

قالوا : لأن الوراد عند البخاري في  حديث معاوية أنه تابع إلى الشهادتين فقط

 

والصواب :

ــــــــــــــــ

 

أنه يؤخذ بجميع الأحاديث فيتابع المؤذن في جميع جمله كما في حديث  أبي سعيد ما عدا الحيعلتين فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله للحديثين : حديث معاوية وحديث عمر

جمعا بين الأدلة

أما قول من يقول بأنه يقول كما يقول المؤذن في جميع الجمل

فنقول  : أخذت بحديث أبي سعيد وتركت الأحاديث الأخرى ، والقاعدة الأصولية تقول : [ إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ] فلماذا نأخذ بحديث وندع الأحاديث الأخرى ؟

 

أما قول : إنه مخير فإنه وإن كان قويا إلا أنه إذا ترك له الخيار إلا أنه ولاشك سيدع العمل بأحد الحديثين

 

أما قول بعض الحنابلة  : إنه يجمع بينهما

فيقال هذا لا دليل عليه إنما الدليل أتى إما أن تقال جملة واحدة بناء على حديث أبي سعيد فيقول مثلما يقول أو بناء على ما جاء في حديث عمر ومعاوية

فمن أين  لكم ؟ قالوا لنا دليل

ما هو ؟

قالوا : إن الإمام يقول : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، بينما المأموم يقول  : ربنا ولك الحمد

 

 فيجاب عن هذا  :

من أنه جمع بناء على الحديث الوارد حديث أبي هريرة في الصحيحين من فعله عليه الصلاة والسلام

 

أما قول من يقول :  أنه يقول هو ليس بقول لكن يمكن أن يقول به قائل لأن هناك حديثا ورد فنقول : هذا الحديث لا يصح كما قال ابن رجب

أم قول من يقول يتابع إلى الشهادتين   لم ؟

قالوا لأن حديث معاوية عند البخاري تابع إلى الشهادتين ، وما قالوه صحيح

 

لكن لو قال قائل :

 

ذكر البخاري عن يحيى بن أبي كثير أنه قال : قال بعض أصحابنا : فإذا قال : حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله

هنا من القائل ؟ يحيى بن أبي كثير عن بعض أصحابه

 

وبالتالي أفيسقط الاستدلال بحديث معاوية ؟

الجواب : لا

  لِِمَ ؟

لأن الإسماعيلي ذكر الحديث بسنده ، وذكر فيه الحيعلتين والمتابعة

قال ابن حجر  : وهذا يفيدنا بفوائد حديثية ذكر منها أربعا أو خمسة

وقد ورد عند النسائي من حديث معاوية ورد مثل هذا أنه إذا قال : حي على الصلاة حي على الفلاح قال : لا حول ولا قوة إلا بالله

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

لو قال قائل :  (( فقولوا مثل ما يقول المؤذن )) التثويب في صلاة الفجر ، وهو قول : ” الصلاة خير من النوم “

ماذا يقول ؟ الصلاة خير من النوم بناء على حديث أبي سعيد للعموم

 (( فقولوا مثلما يقول المؤذن ))

 

وما ورد من أنه يقول : ( صدقت وبررت ) أو ما شابه ذلك فإنه غير ثابت

فأي حديث ورد في متابعة المؤذن بلفظ غير لفظ  : ” الصلاة خير من النوم ” فليس بصحيح ، وإنما يتابع بقول : ” الصلاة خير من النوم “

 

لو قال قائل : ما دليلك ؟

قل حديث أبي سعيد

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

لو قال قائل :

لماذا لم يخرج البخاري حديث عمر ولماذا لم يخرج مسلم حديث معاوية ؟

الجواب عن هذا :

قال الدارقطني : إن البخاري لم يخرج حديث عمر في الاختلاف في إرساله ووصله لكنه ثابت لكن البخاري عنده احتياط كبير

 

قال ابن حجر : وأما مسلم لم يخرج حديث معاوية لوجود الرجل المبهم الذي من أجله سيورد هذا الحديث

الحديث ورد عند البخاري لكن إلى الشهادتين لكن محل الاستشهاد وهو قول : ” لا حول ولا قوة إلا بالله “ لما وجد هذا المبهم قال يحيى بن أبي كثير : لما وجد قال بعض أصحابنا لم يخرجه يعني أنه ليس على شرط الصحيح

لكن قال رحمه الله : إذا ضم هذا مع هذا مع أن كليهما قوي لكن إذا ضم حديث معاوية مع حديث عمر كلاهما يؤكد على أنك تتابع المؤذن إلا عند الحيعلتين

 

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

أن كلمة المؤذن (( فقولوا مثل ما يقول المؤذن )) أن ابن وضاح أنكرها وقال إنها ليست من الحديث ورد عليه بأنها موجودة في الصحيحين وفي موطا الإمام مالك فهذا زعم لا دليل عليه

 

إذاً  : هي ثابتة ولو لم تكن ثابتة أيختل سياق الحديث ؟  لا يختل لو مثلا أثبتنا ما قاله ابن وضاح لا يختل لكنها كلمة ثابتة

 

لكن لماذا صرح بها مع أنها لوحذفت ما تغير المعنى ؟

هذا ما يسمى في البلاغة ” الإظهار في محل الإضمار “

(( إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن ))

صرح به لو قال : (( إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول  )) عرف من الذي يقول من ؟ المؤذن فأظهر هنا في محل الإضمار لبيان ماذا ؟

لبيان فضل المؤذن ولبيان التأكيد على أن المقصود من هذا النداء لأن النداء أنواع أنه نداء المؤذن الذي ينادي إلى الصلاة

 

ـــــــــــــــــــــ

س:

لابد أن يؤتى بجمل الأذان كلها فإذا أسقط منها شيئا فإن الأذان لا يصح

ــــــــــــ

لكن هنا سؤال :

أيتابع المؤذن في الإقامة ؟

 

الجواب عن هذا :

قال بعض أهل العلم  : يتابع إلا في قوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فيقول : أقامها الله وأدامها

 

فيما ورد عن بعض أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كما عند أبي  داود أنه تابع فلما بلغ قد قامت الصلاة قال : ” أقامها الله وأدامها “

 

والقول الثاني  : أنه لا يتابع في الإقامة وهو الصحيح لعدم وجود الدليل

 

لو قال قائل : هذا الدليل بين أيديكم ؟

فيقال هذا فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف بل رواه عنه رجل مبهم رجل من الشاميين ، فالحديث لا يصح عند العلماء لجهالة بعض رواته وضعف شهر بن حوشب

إذاً : ماذا يقول ؟

لا يقول شيئا

 

بعض العلماء يقول : في المتاعبة إذا كان المتابع خارج المسجد فيقول وإذا كان داخل المسجد فيقول

إذا كان خارج المسجد يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله لأنه بحاجة إلى أن يعان لأن معنى ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) يعني : لا حول لي ولا قوة لي على التحول من سيء إلى حسن ، أو من حسن إلى أحسن إلا بحول من الله وقوته

وإذا كان داخل المسجد فيقول : حي على الصلاة مثلما يقول المؤذن لأنه موجود ولكن هذا لا دليل عليه

 

ولذلك :

بعض الناس لما يستعظم أمر يقول : لا حول ، خطأ  ، لا : نافية للجنس نفيت الحول كله فلم تثبت حول لا للمخلوق ولا للخالق

 

لا حول : خطأ يجب أن تكمل لأن للمخلوق حولا لكن تحوله لا يكون إلا بحول من الله ” لا حول ولا قوة إلا بالله “

 

أيضا قول : ” لا حول ولا قوة إلا بالله “ ذكر بعض السلف أنه أنكر قولها في المصيبة  ، لأن الوارد عند نزول المصيبة :

 (( إنا لله وإنا إليه راجعون ))

 (( اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها ))

 ولا تقل : لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ لأن المقام هنا ليس مقام حوقلة ، وإنما مقام استرجاع ، وذكر ذلك شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى

 

 

لو قال قائل :

قالها المؤذن (( إذا سمعتم النداء )) وهي نداء (( فقولوا مثلما يقول )) فلماذا لا نتابعه في الإقامة ؟

فيقال صحيح أنه نداء بل سماها النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين بأنها أذان قال : (( بين كل أذانين صلاة ))

 قال في الثالثة  : (( لمن شاء  ))

بين كل أذان وإقامة فلماذا لا تقال ؟

نقول : لا تقال

 لم ؟

لأن الإقامة موجودة في عصر النبي عليه الصلاة والسلام ، وسمعها ، وسمعها الصحابة ، ولم ينقل عنهم مثل هذا ، فيجب أن نقتصر فلا نبني حكما على أمر لأن هذه عبادة وجدت ووجد سببها في عصر النبي عليه الصلاة والسلام

 

مسألة أخرى وهي :

 

إذا أقيمت الصلاة ، الناس بعد إقامتها مشارب في الأقوال

منهم من يقول  : أقامها الله وأدامها

منهم من يقول : لا إلله إلا الله

منهم من يقول : اللهم اجعل لنا منها حظا ونصيبا

بعضهم يقول : سمعنا وأطعنا

بعضهم يقول : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين

هذه ممكن تكون أهون لأنه وردت بعض الأحاديث إجمالا أنه كان في ظاهر النص أنه كان يقول هذا في ظاهرها قبل الدخول في الصلاة لكن الأحاديث الأخرى بينت أن هذا حديث علي عند مسلم من دعاء الاستفتاح في الصلاة أن تقول : ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) إلى آخر الحديث

 

إذاً : ماذا يقول ؟

يصمت ، لا يقول شيئا لا مؤذن ولا مأموم ولا إمام اللهم إلا أن الإمام يأمر الناس بتسوية الصف ماعداها فلا يقل شيئا لحديث ابي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين قال : (( كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا قام في مصلاه كبر ))

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــ

 

فائدة لغوية : (( لا حول ولا قوة إلا بالله )) تعرب  على خمسة أوجه وإذا أعربت على خمس أوجه فيختلف النطق بها :

 

لا : نافية للجنس تعمل عمل إن تنصب الاسم وترفع الخبر

حول : اسم لا مبني على الفتح يبني على ما ينصب به مبني على الفتح في محل نصب

 

لا رجل في الدار : أي لا يوجد أي رجل

لا أحد في الدار يعني للعموم

هناك لا  ليست نافية للجنس  كيف تعرفها ؟

ما بعدها يبين

لا أحد في الدار بل رجلان ، ليست نافية للجنس

لا النافية للجنس :

إذا عطف عليها نكرة مسبوقة بلا مثل هنا لا حول هذه جملة ولا قوة جملة

لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ــــ الوجه الأول في الإعراب البناء على الفتح في محل نصب

 

ولذلك قرأ ابن كثير ، قرأ : (( لابيعَ فيه ولا خلةَ )) بينما القراءة التي معنا : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254))) بالضم

هذا هو الوجه الثاني أن تضمها أن يرفعا ، لِمَ رفعناهما ؟

إما أننا أهملنا لا صارت مهملة فأصبحت حول وقوة مبتدأ

أو لا ليست مهملة ، وإنما تعمل عمل ليس

ما عمل ليس ؟

ترفع الاسم وتنصب الخبر

وبالتالي يصح أن تقول : لا حولٌ ولاقوةٌ إلا بالله

 

الوجه الثالث  :

يبنى الأول على الفتح والثاني يرفع  [ لا حولَ ]  على الأصل نافية للجنس [ ولا قوةٌ ] إما [ لا ] مهملة وتكون قوة مبتدأ أو أن [ لا ] تعمل علم ليس

ولذلك لو سمعت شخصا يقول : لا حولَ ولا قوةٌ إلا بالله  فلا تنكر

 

الوجه الرابع : العكس :

يرفع الأول ويبنى الثاني على الفتح :

فإذا رفع الأول إما لأن [ لا ] مهملة أو تعمل عمل ليس والثاني نافية للجنس

فلو سمعت شخصا يقول : لا حولٌ ولا قوةَ إلا بالله فلا تنكر

 

الوجه الخامس :

أن تفتح الأول وتنصب الثاني :

تفتح الأول بناء على الأصل تنصب الثاني ، تكون [ لا ] مهملة ، والواو عاطفة ، وقوة معطوفة على محل [ لا حول ] ليست معطوفة على لفظ حول وإنما معطوفة على محل  [ لا حول ]

فلو سمعت شخصا يقول : لا حولَ ولا قوةً إلا بالله فلا تنكر

 

هذا وجه وهو أضعفها

 

إذاً :

 

ــ لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله

ــ لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله

ــ لا حولَ ولا قوةٌ إلا بالله

ــ لا حولٌ ولا قوةَ إلا بالله

ــ لا حولَ ولا قوةً إلا بالله

 

((  كنز من كنوز الجنة ))  فاحرص عليها

 

بالنسبة إلى  [ الحوقلة ] لاشك أن الأقوى في القوة العالية إما فتحهما وإما رفعهما للآية (( لا بيعٌ فيه ولا خلة )) (( لا بيعَ فيه ولا خلة ))

 

وأما بالنسبة إلى الأوجه الثالث والرابع فإنه وردت هناك أبيات من الشعر ولاشك أن الاستدلال بالقرآن أقوى من الاستدلال بالشعر