الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس التاسع

الشرح الموسع لثلاثة الأصول ـ الدرس التاسع

مشاهدات: 487

شرح ثلاثة الأصول موسع

المسألة الثانية :

أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته:

 لا ملك مقرب ولا نبي مرسل :

فضيلة الشيخ :

 زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الثانية :

أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته:

 لا ملك مقرب ولا نبي مرسل :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه هي  المسألة الثانية

فالمسألة الأولى : هي :

أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسولا من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ، وذكر الدليل على إرسال الرسول

ثم ذكر المسألة الثانية :

وهي :

أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل

إذاً :

هذا التوحيد له سياجه العظيم وله مكانته ومنزلته العظيمة

وأن هذا التوحيد حق محض لله لا يجوز أن يشرك فيه مع الله غيره

ولذا :

وصفه الله بأنه ظلم كما ذكر عن لقمان وهو يوصي ابنه  :

{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

والظلم أنواع

لكن أعظم الظلم وأشده خطرا هو الإشراك بالله قال تعالى :

((الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ))

يعني الشرك :

((أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ))

ولذا :

لما كان حقا محضا خالصا له لا  يجوز أن يشرك فيه مع الله غيره

ولذا أمر الله النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول :

((قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ))

وهو النبي عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه أن يدفع عنها  ضرا أو يجلب لها نفعا

فإذا كان كذلك لنفسه فلغيره من باب أولى

ولذا :

ما يؤلف من قصائد شركية في مدح النبي عليه الصلاة والسلام فإن هذا لا يجوز

لماذا ؟

لأن النبي عليه الصلاة والسلام صرح على لسانه بأنه لا  يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما  شاء الله

ولذا :

نرى من وقع في حبائل الشيطان فإذا به إذا أصابته مصيبة أو حلت به بلية أو رغب في أمر من الأمور دعا النبي عليه الصلاة والسلام وأتى إلى قبره .

أنتم ترون وتسمعون من بعض المبتدعة الذين يأتون إليه ويقولون :

أغثننا يا رسول الله

مدد يا رسول الله

اشف مرضي يا رسول الله

هذه من المصائب

صحيح أن النبي  عليه الصلاة والسلام له مكانته ووجاهته عند الله لكن له قدره الذي في مقام الخلق ولا يرفع إلى مقام الخالق

فهو عظيم وهو وجيه وهو أفضل الخلق على الإطلاق لكن لا تدعونا هذه الأمور إلى أن نبالغ فنرفعه إلى مرتبة الخالق

بل إن رفعه إلى مرتبة الخالق طعن فيه وقدح فيه وإعراض عن سنته

كيف ذلك  ؟

لأنه هو بنفسه نهى أن يرفع فوق منزلته فمن خالف فلا يكون محبا للنبي عليه الصلاة والسلام بل يكون مبغضا لطريقة النبي عليه الصلاة والسلام  .

ولذا فهو جل وعلا لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد غيره لا ملك مقرب حتى ولو كان جبريل

لأن هؤلاء مخلوقون ـ قال تعالى :

{ لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }

ولذا :

يوم القيامة يقول الله للملائكة : (( أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ{40} قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ))

وعيسى في  مقام العرض يوم القيامة يقول الله له :

((أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ{116} مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ))

ماذا ؟

((أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ ))

ولذا:

 قال في آية أخرى :

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }

فقال :

(( وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ))

ليؤكد ويقرر أن الشرك بالله ظلم

(( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ))

وما هو هذا الظلم ؟

الشرك بالله

فإذاً :

مهما علت مرتبة المخلوق ومهما كانت  له من الوجاهة والمكانة عند الله إلا ولهذا المخلوق مكانته التي  تليق به

قوله :

 (( لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ))

ليؤكد وليبين أن من دونهما من باب أولى

إذا كان هذا الرسول النبي العظيم وهو أفضل الخلق على الإطلاق ، إذا كان هذا الملك مقربا عند الله لا يجوز أن يشرك مع الله في عبادته

فما ظنكم بمن هم أقل ؟

من باب ولى

ما ظنكم بمن يأتي إلى بعض الأولياء وبعض الصالحين ؟

في بعض البلدان ويقولون : نحن مسلمون

وللأسف ترى علامات الكفر والشرك ظاهرة وشعارات الكفر واضحة

يأتي إلى هذا الولي ويستغيث به من دون الله

وهذا شرك بالله

وقوله : ( والدليل )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما أسلفت مرارا من أن العالم الحقيقي الرباني المتضلع في علمه هو الذي يأتي بالأدلة على كلامه

لأن هذا الدين له سياجه المنيع فلا يجوز لأحد ان يشرع

ولذا قال تعالى :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ))

يحرفون التوراة والإنجيل

وقال : ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ ))

قال عدي بن حاتم : يا رسول الله إنا لا نعبدهم ( يعني  لا نصلي لهم ولا نسجد لهم  ،لا نقدسهم ؟

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( أليسوا إذا حرموا ما أحل الله تحرمونه ؟! وإذا أحلوا ما حرم الله تحلونه؟! )))

قال عدي : بلى

فقال النبي عليه الصلاة والسلام :

( ( فتلك هي عبادتهم ))

فالعلماء ليسوا بمشرعين ،  وإنما هم مبلغون عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام

ولذا :

إذا أتى بكلام فهو يستدل عليه وقد صدر كلامه في  هذا المتن العظيم ، وقيل إنه عظيم لما اشتمل عليه من أصول ومسائل العقيدة المبنية على الأدلة الشرعية

فلما ذكر معرفة الإسلام بماذا ؟

بالأدلة

لما ذكر هذه المسائل ذكر الأدلة عليها :

فقوله :

والدليل قوله تعالى :

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً }

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا هو الدليل

وموضع الشاهد : (( أحدا ))

فقوله : ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ  ))

هذه المساجد في هذه الآية تحمل على معنيين والآية تحتملهما جميعا

فقيل إن المراد بالمساجد :

ــ هي  المواضع التي يصلى فيها

ــ وقيل : هي  مواضع السجود من الإنسان التي يسجد عليها

وأعضاء السجود سبعة  :

قال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين ))

وكلا المعنيين صحيح ولا منافاة بينهما فيقبلان

فالله نهى أن تصرف أو أن يشرك مع الله في هذه المساجد : ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ  ))

لأن اليهود والنصارى كانوا إذا دخلوا أماكن عبادتهم أشركوا مع الله غيره فيها فأمر المؤمنين من هذه الأمة التي شرفها الله أمرها إذا  دخلت هذه المساجد التي  هي  مواطن العبادة والتقرب إلى الله ان تخلص في  هذه الأماكن العبادة لله وحده

وقيل :

إن المساجد بمعنى أعضاء السجود

بمعنى :

لا تستخدموا هذه الأعضاء في السجود لغيره

فالسجود على هذه الأعضاء إنما هو لله لا إلى غيره

وقوله : ( (فلا تدعوا ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هنا  :نهي

فلا هنا  : ناهية

(( فلا تدعوا مع الله أحدا ))

هذا هو موضع الشاهد

فهل خصص أم عمم ؟

عمم

فهذا النهي الذي جاء في قوله : (( فلا تدعوا مع الله أحدا ))

عام

هل خُصص نبي ؟

هل  خُصص ملك ؟

هل خُصص  ولي او صالح ؟

لا :

قال : ((فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ))

وقلنا : ((فَلَا تَدْعُوا )) هذه صيغة نهي :

((أَحَداً )) هنا يقول عنها علماء الأصول : إنها نكرة جاءت في سياق النهي فتعم أي أحد

لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا غيرهما من باب أولى

فقال : ((فَلَا تَدْعُوا ))

ولم يخصص أي  دعاء

لأن الدعاء نوعان :

دعاء عبادة

دعاء مسألة

فدعاء المسألة واضح :

كأن تقول :

رب اغفر لي

رب ارحمني

رب اشفني

رب ارزقني

هذا دعاء المسألة

وهو أن تسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أمرا ترغب أن يتحقق

بينما :

 دعاء العبادة :

ليس كذلك فهو دعاء بلسان الحال لا بلسان المقال

حينما تقول : رب اغفر لي ــــــ هذا قول  بلسان المقال

كونك تصلي كونك تزكي كونك تحج ــــ هنا دعاء

لكن هل هو دعاء بلسان المقال أم بلسان الحال ؟

بلسان الحال

كأنك لما  صليت لما زكيت لما حججت كأنك تدعو الله أن يدخلك الجنة وأن يحميك من النار

فما أقدمت على هذه العبادة مع أنها ليست دعاء بلسان المقال ما أقدمت عليها إلا لكونك تتعرض إلى مغفرة الله ورحمته

فإذاً :

أنت في  جميع الأحوال أحوال العبادة أنت في  دعاء :

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( الدعاء هو العبادة ))

فأي عبادة تقوم  بها فاعلم أنك في  مقام الداعي بلسان الحال

أنت لم تقل : رب أدخلني الجنة ، رب أبعدني عن النار

لكن بلسان حالك بصلاتك بزكاتك بحجك كأنك تقول : ما أقدمت على هذا الأمر وعلى هذه العبادة إلا من أجل أن تغفر لي وأن ترحمني

ومن هنا :

لا يجوز أن تصرف هذه العبادة وهي عبادة الدعاء بنوعيها أن تصرف لغير الله

فهنا نهي عن الدعاء

نهي عن دعاء غير الله

ما هو هذا الدعاء ؟

دعاء العبادة

ودعاء المسألة

ويدل لهذا :

ما جاء عند الترمذي :

قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أفضل الدعاء الحمد لله ))

حينما تأتي إلى هذه اللفظة وتتأمل فيها : (( الحمد لله ))

هل هذا بدعاء لسان المقال ؟

هل أنت تدعو بلسان المقال ؟

لا

لكن هذه اللفظة عبادة ذكر

فصح أن يطلق عليها دعاء ،  لماذا ؟

لأن من  قال : (( الحمد لله )) يريد بذلك أن يتعرض إلى ثواب الله

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أفضل الدعاء الحمد لله ))

فهو نهى هنا عن الدعاء سواء كان دعاء مسألة أو دعاء العبادة نهى أن يصرف هذا الدعاء بنوعيه لغير الله