شرح كتاب التوحيد (36) [ باب ما جاء في الرياء ]

شرح كتاب التوحيد (36) [ باب ما جاء في الرياء ]

مشاهدات: 463

شرح كتاب التوحيد

(36)

[ باب ما جاء في الرياء ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=Zpby7d9rGvA&index=37&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ باب ما جاء في الرياء ]

وقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا  إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً  وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ [الكهف 110]

 من الفوائد:

1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا لا يختلف عنا، لكن الله ميزه بالنبوة، وبالصفات العظيمة  التي تناسبه كمخلوق، ولذا قال تعالى عنه:﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾  [الكهف 110] ثم قال: ﴿يُوحَى إِلَيَّ﴾.

2 ـ أن اللقيا هنا لقيا خاصة يثاب عليها العبد، وقد سبق الحديث عن ذلك

3 ـ أن العمل الصالح لا يكون مقبولا إلا بشرطين:

الأول: الإخلاص لله عز وجل .

الثاني: أن يؤتى به على وفق شرع النبي صلى الله عليه وسلم.

4 ـ  أن ذكر العبادة في  قوله: ﴿بِعِبَادَة رَبِّهِ﴾ تذكرنا بتلك القاعدة وهي  «أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية» .

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:

«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»  رواه مسلم.

 من الفوائد:

1 ـ أن الغنى المطلق لله عز وجل ، ومن ثمَّ فإنه لا يرضى بعمل يشرك فيه معه غيره ولذا قال: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ (2)  أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر]

وقال:﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر7].

2 ـ أنه قال:«تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ولم يقل تركته وشريكه، وهذا يدل على أن المرائي في بعض أعماله لا يخلد في النار كحال المشركين بالله شركاً أكبر.

3- أن قوله «تركته وشركه» ولم يقل «وشريكه» لأن هذا المرائي قد يصرف العبادة مراءاة لولي صالح فلا ذنب لهذا الولي الصالح.

4- أن ترك هذا العمل المشوب فيه إشارة إلى غضب الله على المرائي؛ ولذا قال شيخ الإسلام  رحمه الله: «إن المرائي إذا راءى في عمل ليست العقوبة منحصرة على أن هذا العمل يبطل بل إنه يعاقب».

5ـ أن كلمة «عملا» نكرة في سياق الشرط فتعم أي عمل كبر أم صغر فلا يجوز أن يصرف لغير الله عز وجل  مراءاة.

6ـ أنه جاء في رواية عند الإمام أحمد  رحمه الله:

«إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ: « اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً»

وجاءت  رواية أخرى:«مَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا فَأَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ»

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا :

«ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قالوا بلى، فقال «الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل»  رواه أحمد .

 من الفوائد:

1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرياء كما في باب سابق أنه شرك أصغر ووصفه هنا بأنه شرك خفي فهذا دليل على قول من يقول إن الشرك نوعان أكبر وأصغر وأن الشرك الخفي داخل في الشرك الأصغر.

2 ـ أن الرياء سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كما عند  ابن خزيمة بأنه شرك السرائر قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر»  الحديث.

3 ـ أن الشرك الخفي في هذا الحديث ذكر له مثال في الفعل وهو الصلاة ، وقد يكون بالقول مثال ذلك: أن يسبح الله يريد أن يسمع غيره.

4 ـ أن خطورة الشرك الأصغر أخطر من خطورة المسيح الدجال على هذه الأمة مع أن المسيح الدجال أعظم فتنة فلماذا كان الرياء أعظم؟

فالجواب: لأن المسيح الدجال ظاهر واضح مكتوب بين عينيه كافر وأنه أعور ، لكن الشرك الخفي يدب إلى ابن آدم من حيث لا يشعر.

5ـ أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لما يرى من نظر رجل» لا يعني أن المرأة منتفية هنا فلو راءى لامرأة بقي هذا الحكم، لأن مفهوم اللقب عند الأصوليين غير معتبر وإنما ذكر الرجل لأنه في الغالب أن الرجل هو الذي يراءي له ولأن الرجل أفضل من المرأة.

6ـ أن العمل لأجل الناس شرك فكذلك من ترك العمل لأجل الناس فإنه شرك؛ ولذا قال بعض السلف:  «إذا جاءك الشيطان وأنت في صلاتك فقال: إنك مراءٍ فزدها طولا وذلك معاملة للشيطان بنقيض قصده».

7 ـ أن المراءاة في العبادات السمعية كالعبادات المرئية على حد سواء وإنما ذكر النظر هنا لوجود الصلاة، والصلاة ترى، وهناك فوائد عن الرياء والسمعة سبق ذكرها في باب الخوف من الشرك

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ