الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (55) مسائل باب(من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب)(2)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (55) مسائل باب(من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب)(2)

مشاهدات: 443

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ درس(55)

مسائل على باب

(من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب)الثاني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذكر المصنف رحمنا الله وإياه :

المسألة الثالثة عشرة :

ــــــــــــــــــــــــ

قلة من استجاب للأنبياء :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

     ـــــــــــــــ

هذه المسألة دليلها :

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( فرأيت النبي ومعه الرجل والرجلان  والنبي وليس معه أحد ))

وهذا يدعو الدعاة إلى الله عز وجل أن يثبتوا في هذا الطريق ، وأن لا يستوحشوا من قلة عدد المستجيبين ، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أفصح وأنصح منهم للخلق ، ومع ذلك لا يستجيب لبعض الأنبياء أحد .

فسبيل الدعوة إلى الله عز وجل لا يستعجل فيه الداعية الثمرة .

ويكفي في الدعوة إلى الله عز وجل أن تبرأ الذمة .

ولذا قال عز وجل عن تلك الطائفة من بني إسرائيل : {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

أي قال الناصحون :  ((مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ))  أي : إعذارا وإبراء للذمة

((وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) :

لعل هذه الدعوة أن تصادف قلبا مفتوحا مقبلا فتؤثر فيه .

فأنت أيها الداعية إلى الله عز وجل ما عليك إلا التبليغ : {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }

وذلك لأن البعض قد ينحسر في دعوته إلى الله عز وجل إذا رأى صدود وانصراف الناس .

ولكن لا يضيره ذلك ؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستجب له من أمته مجموعها إلا قلة :

قال عز وجل :{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }

قال عز وجل : {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ {

ولنا عبرة في سيرته عليه الصلاة والسلام :

ــــ في أول دعوته فكان لا يؤمن إلا آحاد من الناس على خفاء

فبارك الله في دعوته عليه الصلاة والسلام ، فما تُوفي إلا وقد رأى الناس يدخلون في دينه أفواجا :

كما قال عز وجل :

(( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3}))

وهذه الصورة نعيت نفس النبي عليه الصلاة والسلام إليه

فلا يظن ويتوهم الداعية أنه على غير هدى إذا لم يستجب له ( كلا ) إذا كان منطلقه : ” قال الله ” و ” قال رسوله صلى الله عليه وسلم مما صح عنه

فليعلم :

ــــــــــــــ

أن سبيله سبيل النبي عليه الصلاة والسلام :

قال عز وجل : ((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ))

على أحد وجهي التفسير

وسيأتي له حديث في أحد أبواب هذا الكتاب :

يعني :

ــــــــــــــــ

أنا وأتباعي يدعون إلى الله عز وجل ، ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن ، وتشاغل الناس فيه بالمغريات من :

قنوات

ومن أجهزة

ومن أموال

فإن النفس تهوى حب الشهوات ، ولاسيما إذا كانت البيئة المحيطة به قد انشغلت بهذا

البيئة : لها أثر

وبالتالي فالدعوة في هذا الزمن تحتاج إلى صبر ومصابرة

ولكن ليعلم :

ــــــــــــــــــ

أن العاقبة للمتقين كما قال عز وجل : ((وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ))

((وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ))

نوح عليه الصلاة والسلام مكث في قومه فقط – هذا مدة مكثه داعيا قومه – ألف سنة إلا خمسين عاما

زمن طويل ، ومع ذلك قال عز وجل له : ((أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ))

في آية أخرى : ((وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ))

مع أنه اتخذ جميع الوسائل :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

((قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً{5} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً{6} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً{7} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً{8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً{9} ))

فجميع وسائل الدعوة إلى الله عز وجل قام بها ، ومع ذلك ما آمن إلا القلة ، وهو من أول الرسل عليه الصلاة والسلام

فهذه إمرارة سريعة نعتبر منها .

فما يسمع الآن من استهداف وطعن في الإسلام ، وأهله عبر الصحف ، وعبر القنوات لا يجعل قوى الإنسان تخور

والإمام أحمد رحمه الله في فتنة ” خلق القرآن ” تصدى لهم وحده ، فكانت عاقبته أن الله جعله إماما من الأئمة ، وأنقذ الله به هذه الأمة من هذه البدعة

والله المستعان ، ونسأل الله أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرابعة عشرة:

ـــــــــــــــــــــــــــ

أن من لم يجبه أحد يأتي وحده :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

كما قال عليه الصلاة والسلام : (( فرأيت النبي وليس معه أحد )) فدل على أنه منفرد

الخامسة عشرة :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ثمرة هذا العلم ، وهو عدم الاغترار بالكثرة ، وعدم الزهد في القلة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

هذه المسلة تعود بنا إلى ما توقفنا عنده في الدعوة إلى الله عز وجل .

فليست الكثرة دلائل الهدى :

فقد يكون لشخص أتباع كُثر لكنه من أسوأ الناس طريقة ومنهجا

وكذلك لا يزهد في القلة :

فقد يكون بعض الناس الأتباع له قلة لكن منهجيته وطريقته على هدى ونور .

ولذا قال عز وجل كما أسلفنا : {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ))

وقال عز وجل في الإعجاب بالكثرة حتى لو كان في أمور الخير : ((وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ))

وفي المقابل لا يزهد في القلة :

قال عز وجل : ((كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ ))

فمدار الأمر على سلامة المعتقد والمنهج

إذا ضاقت بك الأمور فلتتذكر حال  هؤلاء الأنبياء

السادسة عشرة :

ــــــــــــــــــــ

الرخصة في الرقية من العين والحُمة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

هذه المسألة يستدل عليها بقوله عليه الصلاة والسلام : (( لا رقية من عين أو حمة ))

والرخصة سبق تعريفها ، ومحل تعريفها في أصول الفقه

لكن مقابل الرخصة : العزيمة :

ويتضح هذا بالمثال :

فإنا إتمام الصلوات في الحضر عزيمة ، فإذا سافر الإنسان رُخص له أن يقصر الرباعية إلى ركعتين

فهي في الحضر الإتمام عزيمة

وفي السفر رخصة

والأصل : أن الرخصة لا تكون إلا بعد أمر محتم

فإذا قال رخص النبي عليه الصلاة والسلام في كذا دل على أن الأصل  هو العزيمة الذي هو الوجوب

فالترخيص تخفيف ، ولكن ليس هذا على عمومه ، فليست الرقية محرمة في أول الأمر حتى يرخص فيها .

السابعة عشرة:

ـــــــــــــــــــــــــ

عمق علم السلف لقوله : (( قد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع ))

ولكن كذا ، و كذا، فعُلم أن الحديث الأول لا يخالف الحديث الثاني :

الشرح :

ـــــــــــــــــ

عمق علم السلف :

ولا يكون الإنسان عميقا في علمه إلا إذا كان هذا العلم مبنيا على الكتاب والسنة ، فيقف عند النص .

ولذا عقَّب المصنف رحمه الله بقوله : ” قد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع “

فمن وقف عند ما سمعه من نص فقد أحسن .

ثم قال :

” فعُلم أن الحديث الأول لا يخالف الحديث الثاني :

فالحديث الأول حديث : (( لا رقية إلا من عين أو حُمة ))

والحديث الثاني : (( هم الذين لا يسترقون ))

فلا مخالفة ، ولا معارضة بينهما :

لأن الأول : ” الرقية من غير طلب : إما أن تفعل من غير طلب أو يفعلها بنفسه “

وأما الثاني : ” أن تفعل له بطلب ، وهذا يفيدنا بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك تعارض بين النصوص ؛ لأن النصوص الشرعية كلها حق وصدق ، والحق  والصدق لا يعارض بعضه بعضا

فإن حصل تعارض فإنما هو في فكر وعقل العالم : إما  لقصور في علمه أو تقصير فيه

بمعنى : أن يكون مقصرا في طلب التوافق بين النصوص  أو أنه لم يفهم النصوص فهما جيدا

وهذا هو القصور في الفهم

الثامنة عشرة :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بُعد السلف عن مدح الإنسان مما ليس فيه :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــــ

هذا يؤخذ من قول ” حصين بن عبد الرحمن “ : (( أما إني لم أكن في صلاة )) فأراد أن يبعد عن نفسه الثناء

التاسعة عشرة :

ـــــــــــــــــــــــــــ

قوله صلى الله عليه وسلم : (( أنت منهم )) علم من أعلام النبوة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

 هذا إذا جعلنا لا الجملة خبرية ، وهي جملة : ” أنت منهم ” ؛ لأن خبره عليه الصلاة والسلام صدق ، وذلك أن عكَّاشة ظل بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام على الخير والهدى حتى استشهد في عهد أبي بكر رضي الله عنه

وأما إذا قلنا أنها ” جملة طلبية ” يعني : دعا له النبي عليه الصلاة والسلام فلا تدل تلك الدلالة ؛ وذلك لأن دعوة الأنبياء ليس على كل حال  تستجاب ، كما قال عليه الصلاة والسلام : (( سألت ربي ثلاث فأعطاني اثنتين ومنعني الثالثة ))

العشرون :

ــــــــــــــــــــــــ

فضيلة عكَّاشة

ـــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــ

حيث مدحه النبي عليه الصلاة والسلام بجعله في هؤلاء السبعين الألف ، وهذه فضيلة عظيمة

الحادية والعشرون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

استعمال المعاريض :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــ

استعمال المعارض

والمعارض ” هو أن يعرِّض بكلامه حتى لا يقع في الكذب ، ولذا جاء حديث لكنه ضعيف : (( إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ))

النبي عليه الصلاة والسلام قال للرجل : (( سبقك بها عكاشة ))

وذلك : إما أن يكون هذا الرجل كما قيل كان منافقا ، او انه خشي عليه الصلاة والسلام أن ينفتح الباب ، فكانت هذه الجملة بمثابة المعاريض .

الثانية والعشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــ

حسن خلقه عليه الصلاة والسلام :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــ

وذلك إذ لم يواجه هذا الرجل بالنفي ، وإنما قال : (( سبقك بها عكَّاشة )) إذ لو قال : ” لست منهم ” لكان في ذلك إدخال حزن على هذا الرجل

فمن حسن خلقه عليه الصلاة والسلام أن أجاب بهذا الجواب :

وهو عليه الصلاة والسلام رمز الخلق :

لما سئلت عائشة رضي الله عنها :

ما خلق النبي عليه الصلاة والسلام ؟

قال : (( كان خلقه القرآن ))

يعني :

ـــــــــــــ

القرآن متمثل فيه عليه الصلاة والسلام

فمن أراد الخلق التام العظيم فعليه أن يتمثل بهذا القرآن ،

ولذا مدحه جل وعلا فقال : (( وإنك لعلى خلق عظيم ))

قال عز وجل : (( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ))

وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( أثقل ما يكون في الميزان تقوى الله وحسن الخلق ))

قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ))

وقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي ذر : (( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن ))

وأحاديث حسن الخلق كثيرة جدا