الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (192) حديث ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت) الجزء (2)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (192) حديث ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت) الجزء (2)

مشاهدات: 427

الشرح الموسع لكتاب التوحيد  ـ الدرس( 192)

حديث ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت) الجزء (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله:(( وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ببناء الفعل للمعلوم

ويحتمل : وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ببناء الفعل للمجهول

قال : (( أمتي )) :

ــــــــــــــــــــــــــــ

فالأمة على ثلاثة أقسام :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أمة الدعوة

ـــ امة الإجابة

ــ أمة الاتباع

القسم الأول :

ــــــــــــــــــــ

أما الدعوة :

ـــــــــــــــــــــ

فهي الأمة التي بلغتها دعوة النبي عليه الصلاة والسلام سواء كانوا مؤمنين أو كفارا

القسم الثاني :

ـــــــــــــــــــ

أمة الإجابة :

ــــــــــــــــــــــــ

فهي التي بلغتها دعوة النبي عليه الصلاة والسلام وانقادت له

القسم الثالث :

ــــــــــــــــــــ

أمة الاتباع

ــــــــــــــــــــ

وهي أفضل من أمة الإجابة

وإذا ذكرت أمة الإجابة فمن باب أولى أن تدخل معها أمة الاتباع في الفضل

فالأمة هنا هي أمة الإجابة

ومن باب أولى : أمة الاتباع

قوله : (( وإن أمتي سيبلغ ملكها )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال : (( ملكها ))

ما رأيت أحدا تعرض في هذا الحديث لهذه الكلمة

لكن تعبير النبي عليه الصلاة والسلام فيما ظهر لي بالتملك دون الخلافة من معجزاته ــــــــ لم ؟

لأن بداية الملك مع بدابة الدولة الأموية

ما الدليل ؟

قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( خلافة النبوة ثلاثون سنة ))

ثم بعدها الملك

وأول ملك من ملوك المسلمين هو :

[ معاوية بن أبي سفيان ]

ومعاوية من الأمويين

ولذا هو أول ملك بالإجماع

وأفضل ملك كما قرر شيخ الإسلام وغيره

ولذا قال :

(( وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ))

إذاً اتسعت الفتوحات من الشرق إلى الغرب في عهد الدولة الأموية التي هي بداية الملك

قوله : (( وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما زوى لي : الضمير يعود إلى الله

ما زَوى لي : حاصل على ما في الأرض

ما زُوي لي: حاصل من الأرض

وقوله : ( (منها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من” ـــــ هنا : إن قلنا للتبعيض فيكون دلالة على أن ملك هذه الأمة ظاهر في المشرق والمغرب

ولذا قال الخطابي :

(( وقد توهم البعض فظن أن ” من ” هنا للتبعيض ، وكيف تكون للتبعيض ، وقد جمع في صدر الحديث فقال : (( إن الله زوى لي الأرض ))

فتكون معارضة

وهذا التوهم يزول حينما تعرف أن ” من ” للتفصيل

فقوله : (( سيبلغ ما زوى لي منها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمعنى : أن الملك سيحصل جزءا جزءا إلى ان يتكامل الملك

وهذا الكلام يؤيد ما احتملناه من الفتوحات شاملة

أو أن الملك شامل لجميع الأرض

وقوله : (( وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكنزين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى

و ” الأحمر ” بدل

و ” الواو ” عاطفة

و ” الأبيض ” معطوف

والمعطوف يأخذ حكم المعطوف عليه

قال :(( وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراد من هذا  : ملك فارس والروم

لكن النبي عليه الصلاة والسلام عبر عن ذكر فارس والروم بشيء يتميز به فارس والروم

فقوله : (( الأحمر  )) هذا كناية عن الروم ــــــ لم ؟

لأمرين :

ـــــــــــ

الأمر الأول :

ــــــــــــــــــــــــ

ــ أنهم يملكون الذهب ، ولا يعني أنهم معدومون من الفضة ، لكن الذهب عندهم أكثر من الفضة

الأمر الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أن الحمرة تغلب عليهم في الشكل أو في البشرة

ولذا قال ذلك المنافق لما أراد النبي عليه الصلاة والسلام ان يغزو الروم قال : يا رسول الله لا طاقة لنا ببنات بني الأصفر

فانزل الله : {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }

وقوله : (( الأبيض )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهو عبارة عن الفرس ، وذلك لأمرين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر الأول :

ـــــــــــــــــــ

أن غالب ما يملكونه الفضة ، وهو معدن أبيض

الأمر الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــ

لأن الغالب في ألوانهم البياض

لو قال قائل :

ـــــــــــــــــــ

أليست جملة : (( وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها )) أليست هذه الجملة مغنية في المعنى عن الجملة التي  تليها : (( وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض )) ؟

الجواب :

ـــــــــــــــــ

إن كان مكان هاتين الدولتين في الشمال أو في الجنوب فهو يقوي  ما ذكرناه من أن ملك أمة النبي عليه الصلاة والسلام سيقع في جميع الأرض .

لكن المشرق والمغرب أظهر في الاتساع من الشمال والجنوب

لكن على احتمال أنهما في جهة المشرق والمغرب فماذا ؟

يظهر لي أن ذكر هاتين الدولتين من باب التنويه والعناية ، فإن من يسمع هذا الكلام في الجملة الأولى قد يظن أن عظمة فارس والروم ليستا داخلتين هنا .

فيكون هذا من باب ذكر الخاص على العام من باب التنويه على أن هاتين الدولتين من باب أولى في الدخول

الأمر الثاني :

ـــــــــــــــــــــــ

أن قوله : (( أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض )) هذه الجملة تدل على أن ما عدا هاتين الدولتين ليست المعادن فيها بتلك الكثرة

فإنه لا يلزم من التملك للأراضي والبلدان أن يكون فيها معادن من الذهب والفضة أو فيها خيرات

ولذلك بعض البلدان فتحت ولا غنى فيها

لكن من باب التنويه  :

على أن هذه الأمة شرفت بأمرين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـــ فتح البلدان            2 ـــ: الحصول على الأموال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر الثالث :

ـــــــــــــــــــــ

أن في التنصيص على ذكرهما إن في ذلك ردا على ما ظنه المنافقون من أن هذا الدين لن يبلغ مبلغا كبيرا

ولذا لما بشر النبي عليه الصلاة والسلام صحابته في الخندق بأن فارس والروم ستفتح لهم قال بعض المنافقون : إن أحدنا لا يجد مكانا يقضي فيه حاجته ومحمد يزعم أن سيفتح فارس والروم

قال : (( وأعطيت )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الذي أُعطي ؟

النبي عليه الصلاة والسلام

وهل أعطي الكنزين وفتحت بلاد فارس والروم في عهده ؟

ما فتحت

فكيف يعطى الكنزين ؟

الجواب :

ـــــــــــــــــ

أن ما أعطيته أمته يعد إعطاء له

وهذا يؤكد ما  ذكرت آنفا قال : (( أمتي ))

ولم يقل : ((  وأعطيت أمتي ))

قال : (( أعطيت ))

والإعطاء هنا لأمته فدل على أن الجملة الثانية داخلة في  الجملة الأولى

لأن المعطى في كلتا الحالتين الأمة

قال : (( وإني سألت ربي لأمتي )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نلحظ هنا ملحظ ، وهو أن وجود الخير في يد الإنسان لا يجعله في منأى عن بركة الله والافتقار واللجوء إليه

ولذا : كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرر ما ذكر في النصوص من أن زيادة النعمة تؤدي إلى الطغيان المؤدي إلى الهلاك :

قال تعالى :

{كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى }

لم ؟

{أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى }

وقال تعالى :

((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ  ))

لم ؟

((  أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ ))

قال تعالى :

((وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ))

وقال تعالى :

((أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ{14} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{15} ))

ولذا :

لما بشر بهذه البشارة لجأ إلى ربه من أن تقع هذه الأمة بعد التوسع أن تقع في مخالفة أمر الله فيحلبها سخط الله وعقابه

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم قال :

(( كيف أنتم إذا فتحت عليكم فارس والروم ؟ ))

فقال عبد الرحمن بن عوف : نكون كما أمرنا الله

قال : أو غير ذلك ؟

(( تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتباغضون ثم تتدابرون ))

وقال :

(( ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تفتح لكم الدنيا فتتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ))

ولذا :

ـــــــــــ

لجأ إلى ربه

وفي هذا تنبيه لنا :

إذا أعطي أحدنا خيرا من خيرات الدنيا أن لا يغفل عن الله ، فإن غفل قد يزيده الله خيرا حتى يكون محل استدراج :

{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ }

ولذا قال : (( سألت ربي لأمتي  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستفاد منها فائدة أخرى غير الفائدة الأولى

يستفاد منها :

ـــــــــــــــ

ـــ شفقة النبي عليه الصلاة والسلام على أمته

وهذه الفائدة كثيرا ما تمر معنا في النصوص

وكثيرا ما يذكرها العلماء في بعض  النصوص إذا استنبطوها من هذه النصوص

لكن هذه الفائدة ينبغي أن لا تمر مر الكرام دون أن يُمعن النظر فيها

فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام شفيقا على أمته فيلزم هذه الأمة ما يلي :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ أولا :

ــــــــــــــــــــ

محبة النبي عليه الصلاة والسلام :

(( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ))

ثانيا :

ــــــــــــــــ

متابعته

ثالثا :

ــــــــــ

الحذر من الوقوع فيما يخالف أمره

رابعا :

ــــــــــــــ

الوقوف بقوة في وجه من يعادي سنته أو يعادي شخصه الكريم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ