الدرس ( 15 ) من شرح منهج السالكين ( باب الحيض )

الدرس ( 15 ) من شرح منهج السالكين ( باب الحيض )

مشاهدات: 1346

شرح كتاب (منهج السالكين) ـ

كتاب الطهارة الدرس ( 15 )

بابُ الحيض

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد:

 

[بابُ الحيض]

(والأصلُ في الدم الذي يصيبُ المرأة أنه: حيضٌ، بلا حدٍّ لِسِنِّه، ولا قدْرِه، ولا تَكَرُّرِه.

إلا إن أطبق الدم على المرأة، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيرا، فإنها تصير مستحاضة.

فقد أمرها النبي ﷺ أن تجلس عادتها، فإن لم يكن لها عادة: فإلى تمييزها، فإن لم يكن لها تمييز: فإلى عادة النساء الغالبة، ستة أيام أو سبعة) والله أعلم.

الشرح/ الحيضُ مِن الأبوابِ المُعقَّدة عند الفقهاء، وهي في الحقيقة غير معقدة، فشيخ الإسلام رحمه الله لما أتى وكان ذا إلمامة بأقوال المذاهب الأخرى، اختَصَرَ هذا الحيض وجعله مِن الأبواب السهلة، وليست من الأبواب المتعسرة.

 

 فالحيضُ له علامات تُمَيِّزُهُ: [ الدم أسود – ثخين – مُنتن الرائحة ] هذا هو دمُ الحيض، متى ما وُجِدَ هذا الدم فتُعَدُّ المرأة حائضا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} إذا وُجِدَ هذا الدم الذي هو أذى بهذه الصفات فإن المرأة تكونُ حائضا.

 

[بلا حدٍّ لِسِنِّه]: بلا تحديد في سِن، لأن بعضَ الفقهاء حدَّدَ سِنًّا وعُمرُا محددا! لا!

 حدَّد سِنًّا للابتداء مِن [ تسع ] وسِنًّا للانتهاء إلى [ خمسين سنة ]، فيقولون: ما كان الدم قبل تسع سنين فليس بحيض ولو كان فيه صفات دم الحيض، وما كان بعد خمسين سنة فتكون آيسا ولو جاءها الدم بصفات الدم الذي هو الحيض فليست حائضا! وهذا ليس بصحيح.

إذاً / نقول: البنت إذا أتاها الدم وعمرُها خمس سنوات أو ست أو تسع، أو المرأة إذا بلغت ستين أو سبعين سنة وأتاها دمُ الحيض المعروف بالصفات المذكورة فهو دمُ حيض:

 يحرُمُ عليها ما يَحرُمُ على الحائض.

ــــــــــــــــــــــــــ

 

[بلا حدٍّ لِسِنِّه، ولا قدْرِه، ولا تَكَرُّرِه]

[ولا قدْرِه] بدون عدد، ستة أيام، سبعة أيام، خمسة أيام، عشرة أيام، فمتى ما وُجِدَ الدم بالصفات المذكورة آنفا فهو دمُ الحيض،

 ولذا/ لو أن المرأة تأخرت عادتُها، كانت العادة تأتيها في أولِ الشهر فأتتها في آخِرِ الشهر؟

 فنقول: عادتُكِ في آخِرِ الشهر؛ متى ما وُجِدَ الدم هو دمُ الحيض.

ولو زادت عادتها: كانت ستة أيام، فأتاها الدم – بنفس الصفات المذكورة – أقول وأنبِّه دائما (بنفس الصفات المذكورة) فزادت عادتُها مِن ستة أيام إلى عشرة أيام؟

 نقول: دمُ حيض.

 زادت إلى أربعةَ عَشَرَ يوما؟ دم حيض.

[ إلا إذا بلغت أكثرَ الشهر] يعني: تجاوزت خمسَةَ عشَرَ يوما؟ فنقول: أنت الآن مستحاضة، حتى ولو كان معها الدم ذو الصفات المذكورة.

-وسيأتي كلام المؤلف في هذا الأمر-

 

لكن لو أن المرأة لها عادة مستقرة: امرأة ما تزيد عادتُها ولا تنقُص، يعني: عندها عادة مستقرة،

عادتُها دائما: عشرون يوما، دائما عشرون يوما؛ تُعَدُّ حائضا أو لا تُعَد؟

 تُعَدُّ حائضا حتى ولو تجاوزت خمسة عشر يوما، لم؟ لأن عادتَها مستقرة.

– كلامي فيما مضى فيمن عادتُها زادت أو اضطربت – فإذا زادت أو اضطربت عادتُها فتجاوزت خمسةَ عَشَرَ يومًا: فإنها تكونُ في حكمِ المستحاضة.

 لكن إذا كانت العادة مستقرة ثابتة:

 كأن تكون عادتُها عشرين يوما ثابتة، أو خمسة وعشرين يوما ثابتة؟ فهذه عادتها.

 

لو قلّت أيامُ الحيض: كانت تحيض سبعة أيام، فأصبح حيضُها ثلاثة أيام، إذًا كم عادتُها؟

 ثلاثة أيام، على حسَب الدم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[بلا حدٍّ لِسِنِّه، ولا قدْرِه، ولا تَكَرُّرِه]

[ولا تَكَرُّرِه] ولو تكرر، ربما تحيض المرأة في الشهر مرتين، يعني:

 أتتها العادة سبعة أيام في أول الشهر، فطَهُرَت – مثلا – في اليوم السابع، فلما جاء اليومُ الخامس عشَر أتتها العادة بنفس الدم المعروف؟ نقول: هذا حيض.

 

إذًا/ القاعدة التي يجبُ أن تكونَ في ذِهْنِكَ باقية:

 [أنه متى ما وُجِدَ الدم ذو الصفاتِ المذكورة فهو دمُ حيض، ومتى ما زال وذَهَب فالمرأة تكونُ طاهرة] أنت علِّق الأمر على هذا الدم، إن وُجِدَ: وُجِدَ الحيض، إن انعَدَم: انعدَمَ الحيض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[إلا إن أطبق الدم على المرأة، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيرا، فإنها تصيرُ مستحاضة]

مثل ما قال رحمه الله [إلا إن أطبق الدم] إلا إذا انطبق الدم معها، يعني: أصبح الدم مستمرا معها،

 أو كان لا ينقطع منها إلا يسيرا، هذه تُعد مستحاضة،

 والمستحاضة: تكونُ في حُكمِ الطاهرات، تصلي وتصوم ولزوجِها أن يطأها مِن غيرِ كراهة، حتى ولو كان الدمُ معها، فتكونُ في حكم الطاهرات، لكن تغسِل فرجَها وتتوضأ عند وقتِ كلِّ صلاة، بمعنى:

أنها إذا دخل وقتُ صلاة الظهر -يعني الدم مستمر معها- إذا جاء وقتُ صلاة الظهر تتوضأ،

فإذا جاء وقتُ صلاةِ العصر ودخل وقتُ صلاةِ العصر تتوضأ وضوءًا آخَر، لقول النبي ﷺ للمستحاضة:

 ” توضَّئي لِكُلِّ صلاةٍ حتى يجيءَ ذلكِ الوقتُ “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[فقد أمرها النبي ﷺ أن تجلسَ عادتَها]

 

هذا إذا أطبَقَ معها الدم، قلنا: إذا كانت عادتها مستقرة عشرين يوما؟ تكونُ حائضا.

 لكن لو أنها اضطربت معها أو زادت زيادةً تزيدُ على أكثرِ الشهر؟ تكونُ مستحاضة،

إذًا/ ماذا تصنع والدم معها مستمر؟

 نقول: ارجعي إلى عادتِكِ السابقة، لأمر النبي ﷺ لها، قال:

” امْكُثِي قَدْرَ ما كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ” كيف؟

 كان قبل أن يستمر الدم معها كانت تحيض في اليوم الأول من الشهر، وكانت عادتُها تسعة أيام – مثلا – فماذا نقول لها؟

 نقول لها: صومي وصلي واعتبري نفسك في عِداد الطاهرات، لكن إذا جاء اليوم الأول من الشهر احسبي (تسعة أيام) تكونين فيها حائضا، فإذا مضت التسعةُ الأيام فاغتسلي وصلي.

 لو كانت عادتُها قبل أن يصيرَ معها الدم تأتيها في اليوم الخامس، وكانت عادتُها خمسة أيام؟

 نقول: أنت طاهرة، لكن إذا جاء اليومُ الخامس من الشهر تبدأ حيضَتُكِ.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[فإن لم يكن لها عادة: فإلى تمييزها]

إذا لم تكن لها عادة، يمكن أن يكون هذا الحيض أول حيضِها، تسمى عند الفقهاء [ المُبْتَدَأة ]

 فماذا تصنع وهي ليست لها عادة سابقة حتى تعود إليها؟

 أو كانت لها عادة سابقة: لكن تقول: نسيت عادتي، ما أدري؛ فماذا تصنع؟

نقول: ارجعي إلى التمييز، ميزي هذا الدم، كيف نميز هذا الدم؟

 بالصفات المذكورة، ما وُجِدَ فيه الصفات المذكورة مِن:

 [السواد والغِلظَة ونتانة الرائحة] هذا هو دمُ الحيض،

 إذا أتى الدم الأحمر فهو: [استحاضة]

انظري إلى الأيام التي فيها هذا الدم الذي هو {أذى} بالصفات المذكورة فيكونُ: دمَ حيض،

 وما أتى من دم آخر في أيام أخرى ويختلف عن الصفات المذكورة: فأنتِ مستحاضة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[فإن لم يكن لها تمييز: فإلى عادة النساء الغالبة، ستة أيام أو سبعة]

[فإن لم يكن لها تمييز]: ليس هناك دم له هذه الصفات المذكورة، الدم مستمر معها أحمر، ليس فيه سواد ولا ثخونة ولا نتانة رائحة،

أو تقول: للدم صفاتُه المذكورة لكنه مضطرب! ساعة يأتيني كذا وساعةً يأتيني كذا، يعني غير مستقر؟ فنقول: ارجعي إلى عادةِ غالبِ النساء، غالب النساء: أنها تحيض ستة أيام أو سبعة أيام.

 بعض العلماء – وهو القول الأقرب – يقول:

 أنها ترجِع إلى غالبِ عادة نسائها من أقربائها، كيف؟

التمييز عندها غيرُ منضبط أو ما عندها تمييز، نقول: ارجعي إلى غالب عادة نسائك، كيف؟

 نقول: انظري إلى أخواتك وعماتك وخالاتك، الأكثر منهن كم تحيض في الشهر؟

 هل سبعة أيام أو ثمانية أيام أو تسعة أيام؟

 ربما بعضهن تحيض عشرة أيام وبعضهن تحيض سبعة أيام وبعضهن تحيض ستة أيام،

 نقول: الأكثر منهن كم تحيض؟ الأكثر عددا منهن تحيض خمسة أيام،

 نقول: إذاً عادتُكِ خمسة أيام.

[والله تعالى أعلم]

 

وبهذا ينتهي ما قُرر ذِكْرُه في هذا الدورة، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.