الدرس ( 84 )باب شروط الصلاة ( 6) ( وقت السنن الرواتب وعددها )

الدرس ( 84 )باب شروط الصلاة ( 6) ( وقت السنن الرواتب وعددها )

مشاهدات: 525

بسم الله الرحمن الرحيم

مواقيت الصلاة

الدرس الرابع والثمانون من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة / وقتُ السنن الرواتب القبلية مِن حين دخولِ وقتِ صلاتِها إلى صلاةِ الفرض،

 ووقت السنن البعدية من بعد الفرض إلى خروجِ وقت صلاةِ الفرض.

الشرح: هذه المسالة تبينُ وقتَ السنن الرواتب

 وقد عُنيَ بالسنن الرواتب لأنها تابعةٌ للفرائض،

 والسنن الرواتب جاء في حديثِ أمِّ حبيبة كما عند مسلم قال النبي ﷺ:

” مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ “.

وجاء توضيح هذه السنن الرواتب كما عند ابن ماجه من حديث عائشةَ رضي الله عنها:

“أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الغداة” أي: الفجر.

قال الألباني: ما جاء بلفظ ( ركعتان قبل الظهر ) فلا يصح أنما الوارد ( أربع ركعات قبل الظهر) ومرادُه هنا في هذا الحديث، وإلا فقد جاء من فِعلِ النبي أنه يصلي ركعتين قبل الظهر.

 

وهذا الثواب لا يكونُ إلا في حق مَن واظَب، فلا يحصُلُ لمن أدّاها مرةً واحدة، فظاهرُ حديث أمِّ حبيبةَ عند مسلم أنه يحصل ولو بفعلِ واحدة، لأن الإطلاق يفيدُ وقوعَ الشيءِ ولو مرةً واحده، لكنَّ هذا الإطلاقَ غيرُ مقصود، لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها عند ابن ماجه:

” مَن ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة، بنى الله له بيتا في الجنة “

والمثابرة: المداومة ثم عدها النبي ﷺ: “أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر “

وسيأتي لفضل هذه السنن بيانٌ ان شاء الله في مَوضِعِه، لكن الحديث هنا يتمحور في وقت السنن الرواتب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والسنن الرواتب تدخُلُ ضِمنَ حديثِ أبي هريرةَ وتميمٍ الداريّ رضي الله عنهما كما عند الخمسة، قال النبي ﷺ -وسبق إيرادُه –

( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فيقول الله لملائكته وهو أعلم انظروا لعبدي هل اتم صلاته أم انتقصها، فإن اتمها كتبت تامة وان انتقصها، فإن اتمها قال عزوجل انظروا هل لعبدي من تطوع الحديث )

ولذا يجعل بعض العلماء تارِكَ السنن مجروحا في شهادته، لأن الإخلالَ بها يدل على تفريطِ صاحبِها، وهذا له حديثٌ في الشهادةِ بإذن الله تعالى، ولكن مما يدل على ان المواظبةَ على تَرْكِ السنن غيرُ محمود: ما جاء عند البخاري عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، قال:

” كانَ الرَّجُلُ في حَيَاةِ النبيِّ ﷺ إذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا علَى النبيِّ ﷺ، فَتَمَنَّيْتُ أنْ أرَى رُؤْيَا أقُصُّهَا علَى النبيِّ ﷺ، وكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا أعْزَبَ، وكُنْتُ أنَامُ في المَسْجِدِ علَى عَهْدِ النبيِّ ﷺ، فَرَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ مَلَكَيْنِ أخَذَانِي فَذَهَبَا بي إلى النَّارِ، فَإِذَا هي مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وإذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ البِئْرِ، وإذَا فِيهَا نَاسٌ قدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أقُولُ أعُوذُ باللَّهِ مِنَ النَّارِ، أعُوذُ باللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُما مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ فَقَصَصْتُهَا علَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ علَى النبيِّ ﷺ، فَقَالَ:

” نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللَّهِ لو كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ ” قَالَ سَالِمٌ: ” فَكانَ عبدُ اللَّهِ لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فالرواتب نوعان: قبلية وبعدية

فالقبلية: هي التي تكون قبل صلاة الفرض، والبعديةُ:

 هي التي تكون بعد صلاة الفرض.

فوقتُ السنةِ القبلية: مِن دخول وقت صلاتها، فمثلاً: السنة القبلية قبل الظهر اربعُ ركعات، فلا تؤدى إلا بعد زوالِ الشمس، وينتهي وقتُها: إذا اقيمت صلاةُ الظهر،

ومِن ثَم: إن أخَّرَها مِن غيرِ عذر حتى أقيمت الصلاة فلا يؤديها، وحكمُها كحكم صلاةِ الفرض إذا أُخْرِجَت عن وقتِها، ولذا: إن كان تأخيرُها إلى هذا الوقت لعذر فيقضيها، لما جاء في سنن الترمذي وابنِ ماجه: ” أن النبي ﷺ كان إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعدها “

 

وهل يصليها بعد الفرض أم يصليها بعد السنة البعدية؟ -بمعنى: أنه إذا صلى الظهر صلّى ركعتين البعدية، ثم قضى ما فاته من السنة القبلية-

 جاء بيانُ هذا عند ابن ماجه ( ان النبي كان يصلي الأربع بعد الركعتين من الظهر ) لكن الألباني لا يرتضي إسنادَه لا صحةً ولا حُسنًا، وقال: لا يصح.

ومِن ثَم: فإن الأمر فيه سَعَة.

 

 وأما السنةُ البعدية: فإنها تكونُ مِن بعد صلاةِ الفرض إلى خروج وقتِ صلاةِ الفرض، فمثلاً:

 الركعتان اللتان بعد صلاة الظهر لا تؤدى قبلَ صلاة الظهر إنما تؤدى بعد الصلاة،

 ويمتدُّ وقتُها إلى أن يصير ظِلُّ الشيءِ مِثلَه، فإن أخّرَها عن مصيرِ ظِلِّ الشيء مِثلَه، فإنه لا يقضيها إلا إن كان لعذر، ومقصودُنا من العذر ليس هو المقصود في عذر الفرض، لأن الفرض لا يجوزُ أن يُؤخَّرَ عن وقتِه بأي حالٍ من الأحوال، إلا فيما استُثنى -فيما مَر- كما لو لم يستطع أداءَ الصلاةِ في حالة الحرب، لا بقلبه ولا بجوارحه، وقد سبقت المسألة،

 فالعذرُ هنا في النفل أخَف، ولذا جاء عند البخاري” أن النبي ﷺ لما جاءه وفد عبد القيس لم يصل السنة البعدية بعد الفرض إلا بعد الفرض إلا صلاة العصر ” أي: إلا بعد صلاةِ العصر، فلما أخّرها ﷺ داوَمَ عليها إلى أن توفاه اللهُ عز وجل.

 وهل يجوز للأمة إذا حصل لها عذر كعذره ﷺ أن تؤخر هاتين الركعتين إلى بعد صلاة العصر؟ أو أنه خاص به؟

يأتي لهذا حديثٌ بإذن الله تعالى عند بيانِ الأوقات المنهيِّ عنها.