الدرس ( 132 ) صفة الصلاة ( 13 ) ( ما حكم الاستفتاح ـ أين محل الاستفتاح )

الدرس ( 132 ) صفة الصلاة ( 13 ) ( ما حكم الاستفتاح ـ أين محل الاستفتاح )

مشاهدات: 541

الفقه الموسع

الدرس ( 132 )

ما حكم الاستفتاح ـ أين محل الاستفتاح

من تتمة مسألة :

ما السنة في نظر المصلي في صلاته ؟

إلى مسألة :

مسألة الاستفتاح :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن المسائل :

ــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة الاستفتاح :

ـــــــــــــــــــــــــ

والمسألة الأولى المتعلقة بالاستفتاح :

ما حكمه ؟

اختلف العلماء في هذه المسألة :

القول الأول :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو قول للإمام مالك : من أنه لا يسن الاستفتاح

القول الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــ

وهو قول جمهور العلماء :

أن الاستفتاح سنة

القول الثالث :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن الاستفتاح واجب

وهو رأي لبعض أصحاب الإمام أحمد

ويستدلون على ذلك بما جاء في سنن أبي  داود :

من أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لذلك الرجل الذي أساء  في صلاته قال :

(( إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يكبر ثم يحمد الله ويثني عليه ثم يقرأ بما تيسر من القرآن ))

القول الرابع :

ــــــــــــــــــــــ

أن دعاء الاستفتاح المتضمن للثناء هو الواجب

ويستدلون بما استدل به من قبلهم

والصواب :

ـــــــــــــــــــــــــــ

هو رأي الجمهور

وأما قول الإمام مالك :

فإن الشوكاني قال :

“والأحاديث ترد عليه وليس له مستند “

قال الألباني :

” لعل أحاديث الاستفتاح لم تبلغه أو بلغته ورأى أن هناك سببا يمنعه من الأخذ بها “

سبحان الله !

إذا  كان الإمام مالك وهو عالم حديث وقد بلغ هذه المرتبة من العلم قد تخفى عليه أحاديث الاستفتاح فما ظنكم بمن هو دونه بمراحل

فما ظنكم بمن هو في هذا العصر

وهذا يدل على أن العلم واسع

ولذا قال شيخ الإسلام قال :

” لا يمكن لأحد أن يحصر أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام  وأن يعلمها كلها حتى الخلفاء فقد خفيت عليهم أحاديث فأبو بكر و عمر خفي عليهما حديث للنبي عليه الصلاة والسلام  :

وهو حديث ابن عمر :

(( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ))

فقال عمر : كيف تقاتل من منع الزكاة وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ؟!

قال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة أليست الزكاة من حقوق لا إله إلا الله ؟

فتابعه عمر

ومع ذلك فقد خفي  حديث ابن عمر وهو ابن عمر ، وعبد الله بن عمر شهد ما جرى بينهما ومع ذلك نسي ما  رواه عن النبي  عليه الصلاة والسلام

كما أفاد ابن حجر في الفتح

لأن هناك رواية :

(( حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ))

وهذا يفيدنا بفائدة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي أن العلم قد ينسى لذا فهو يحتاج إلى مراجعة مستمرة

ثم أيضا :

لا يغتر أحد بقوله ويسفه أقوال العلماء الآخرين ويعتد  بعقله إذا كانت الأدلة واضحة وبينة فلا يحيد عنه قيد أنملة إذا استبان له الدليل ولا يعتد بالآراء الأخرى

لكن إذا نوقش  في مسألة ما وعرض عليه دليل قد يخالف ما ذهب إليه فليستمع إلى الآخرين فقد يكونوا علموا وجهل أو ذكروا ونسي

وللأسف هذا يدل على جهل كثير ممن دخل في العلم يرى قولا ويرى أنه الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية فيه .

وهو يجهل أنه ربما يأتي حديث ينسف له رأيه كله

لاشك أن من استبان له فليأخذ به ولا يحيد عنه

والأقوال الأخرى التي لم تبن على أدلة لا يلتفت إليها لأن المعول عليه هو الدليل

ومع ذلك إذا رأيت – وقد تكون رؤيتك قاصرة على حسب حفظك أو على حسب فهمك – إذا رأيت قولا ورأيت أنه هو الراجح بناء على  الأدلة التي  علمتها لا تغلق سمعك  مما يقوله الآخرون فقد يكون عند الآخرين علم ليس عندك

ليس  المقصود : أن يكون الإنسان هو المنتصر لرأييه وان يكون رأيه هو السديد

من كانت هذه هي همته فقد خاب وخسر ولا يصلح أن يكون طالب علم لأن الهدف من طلب العلم والهدف من البحث هو :

” الوصول إلى الحق ” سواء أجري الحق على لسانك أو أجري  على غيرك

بل إذا جرى الحق على غيرك مما يخالف رأيك فاحمد الله أن الله قد أوضح لك الحق قبل أن تنتشر فتواك في الناس

فهذه قاعدة مهمة ونصيحة يجب على طالب العلم أن يتنبه إليها

إذا كان مثل الإمام مالك قد خفي  عليه مثل هذه الأحاديث التي لا تخفى على صغار طلاب العلم

فماذا يقول أحدنا الذي لا يقاس بهؤلاء البتة

لأن هناك من الناس من إذا سمع حديثا قال :لن أحيد عنه لاعتقاده ان قوله هوالصواب

لكن لا تجعل هذا الحديث مانعا لك من أن تسمع إلى غيرك

ولذا أبو حنيفة عنده آراء تخالف  النصوص الشرعية وعذره في ذلك أن السنة لم تكتب بعد

وكانت الأقطار متباعدة بين العلماء حتى يستمع إليهم ويستمعوا إليه

ومع ذلك بذلوا قصار الجهد في الوصول إلى الحق

وأتعبوا النفس وأنفقوا الأموال في طلب العلم

هذه عبارة سريعةأنبه طالب العلم عليها ويحذر من أن يكون  في مجالس فيها طلاب علم يعتدون بآرائهم ويسفهون آراء  العلماء الآخرين ولا يلتفتون إليها لأن الإنسان يصطبغ بصفة من يجالس فالطالب يتلقى من شيخه العلم والسلوك

فهناك من تعلم على يد متشددين فأصبح هذا الطالب متشددا

كأن الرأي الحق هو رأيه لا غير بل قد يبدعك

نسأل الله العافية

وأما الجواب عن هذا الحديث

وهو : حديث  المسيء في صلاته الوارد عند أبي داود فيقال :

مع العلم أن الألباني قال : ومما يستدل به هؤلاء حديث  المسيء في صلاته وذكره

وقال : إن جملة ( ويثني عليه )

 

 

 

هو دعاء الاستفتاح وسكت

كأنه يميل إلى ما ذهب إليه هؤلاء

ولاشك أن من نظر في أول أمره في هذا الحديث لاشك أنه سيقول بالوجوب لأننا استدللنا بهذا الحديث الصحيح على تكبيرة الإحرام في  الوجوب وفي الركنية

فلماذا يفرق بين هذا وهذا ؟

وهذا الحديث  استوقفني كثيرا

لأن الرأي إذا تبناه جماهير العلماء وجاء ما يخالفه لا تتسرع لأن الكثرة فيها دلالة على أن لهم أدلة ولكن لا يعني أن الحق مع الكثرة

فقد يكون الحق مع شخص واحد

ولذا يقول ابن مسعود : “الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك “

فاستوقفني  هذا الحديث ولكن وجدت له جوابا

ما الجواب عن هذا الحديث ؟

الجواب عن هذا الحديث من أمرين :

الأمر الأول :

ـــــــــــــــــــــ

أنه جاء في مسند الإمام أحمد من حديث ابن عباس :

(( أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بفاتحة الكتاب ))

فيكون هذا الحديث قد اقتصر فيه النبي عليه الصلاة والسلام على الفاتحة ولم يضف إليه شيئا

ولكن هذا الحديث كان الألباني يحسنه ثم قال :

” وهمت وكيف غفلت عن تضعيفه “

فكان مرده إلى أن حكم عليه بالضعف

فليس لنا فيه حق

الأمر الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــ

ما  جاء في سنن أبي داود وأصله في الصحيحين :

في قصة ذلكم الرجل الذي صلى مع معاذ فسأله النبي عليه الصلاة والسلام : ماذا تقول ؟

قال :أقرأ الفاتحة وأسأل الله الجنة واستعيذ به من النار ولا أرى دندنتك ودندنة معاذ

قال : حولها ندندن

ففيه دلالة على أن الاقتصارعلى الفاتحة مجزئ

ولا يلزم بذلك وجوب دعاء  الاستفتاح

ثم لو قيل بوجوبه فإن أصحاب القول الرابع هم أولى بالحديث :

لم ؟

لأن الحديث ما ذكر فيه كل وجوه الاستفتاح إنما ذكر فيه الاستفتاح المتضمن للثناء والدعاء .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المسألة الثانية المتعلقة بالاستفتاح :

اختلف العلماء في محل الاستفتاح :

أهو قبل الشروع في الصلاة أم بعد الشروع فيها ؟

وهذا الاختلاف على قولين :

القول الأول :

ـــــــــــــــــــــــ

أن الاستفتاح يكون قبل الشروع في الصلاة

بمعنى : يكون قبل التكبير

ويستدلون على ذلك بما يلي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا :

ـــــــــــــــ

قول الله عز وجل :

{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

ووجه الدلالة من هذا الدليل أن الله عز وجل قدم الثناء والتوجه إليه قبل التكبير

الدليل الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ما جاء في صحيح مسلم من حديث علي أنه قال :

” كان النبي عيه الصلاة والسلام إذا قام إلى الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض  حنيفا “

الحديث

ووجه الدلالة من ذلك :

أن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام حين يقوم إلى الصلاة لقوله :  “حين يقوم  إلى الصلاة “

الدليل الثالث :

ـــــــــــــــــــــــــ

أن ذكر دعاء  الاستفتاح قبل الدخول في الصلاة يكون أخشع للقلب وأجمع فيستحضر  قبل الدخول في الصلاة تعظيم الله عز وجل والثناء  عليه

القول الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن دعاء  الاستفتاح يكون بعد تكبيرة الإحرام

وهذا قول جماهير العلماء

ويستدلون على ذلك :

بأدلة كثيرة وردت في الاستفتاح :

من بينها :

حديث أبي هريرة في الصحيحين قوله :

” يا رسول الله أرأيت  سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا  تقول ؟

فقال عليه الصلاة والسلام أقول : (( اللهم باعد بين وبين خطاياي ))

الحديث

ففيه بيان أن دعاء الاستفتاح وقع بعد تكبيرالنبي عليه الصلاة والسلام

وعلى هذا فقس بما جاء في أنواع الاستفتاحات الأخرى

وهذا هو الصواب :

ويجاب عن أدلة أصحاب القول الأول بما يلي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواب عن الآية :

يقال لهم :

وهذا القول يكون من حيثيات :

الحيثية الأولى :

أين الدليل على أن هذه الآية فيها توجه أصغر إذ زعموا أن هنا توجها أصغر كما في  هذه الآية وأن هناك توجها اكبر كما في  حديث علي

الحيثية الثانية :

أين الدليل على أن التكبير المذكور هو التكبير في الصلاة ؟

الحيثية الثالثة :

أين الدليل على أن هذا المذكور في الآية له تعلق بالاستفتاح ؟

أما الجواب عن الدليل الوارد في صحيح مسلم :

كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا قام إلى الصلاة قال : ((” و جهت وجهي  للذي فطر السموات والأرض حنيفا ” ))

الحديث

الجواب عنه :

جاءت رواية في سنن أبي داود تبين المقصود

ففي  رواية  أبي داود :

كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال : فذكر الحديث

وأما الجواب عما استدلوا به استدلالا نظريا فيقال :

إذا جاء الدليل بالتنصيص على محل هذا الاستفتاح فلا ينظر إلى النظريات والاستحسانات

مع أنه يرد عليهم من جهة أخرى بقولنا : إن تكبيرة الإحرام كافية لاستحضار القلب والثناء على الله عز وجل في  هذه الصلاة

ثم رد آخر :

ـــــــــــــــــــ

وهو أنه  لو سلمنا بما ذكرتم فإنه ليس عاما في جميع أنواع الاستفتاحات

هبْ أننا سلمنا به في  حديث علي للإطلاق الوارد عند مسلم وهذا من  باب التنزل معهم فإننا لا نسلم معهم في  جميع الاستفتاحات

ويكون الإمام مالك قد خرج من هذا الخلاف

لم ؟

لأنه لا يرى دعاء الاستفتاح

وأيضا لا يرى الاستعاذة ولا البسملة بل يرى أنه من حين ما يكبر يشرع في قراءة الفاتحة :

وقوله هذا يسقط ثلاثة أشياء :

ـ الاستفتاح

ــ والاستعاذة

ــ والبسملة

وكلٌ  – كما قال رحمه الله  – :

” كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب  هذا القبر “

فيكون حديث أبي هريرة من أصلح الأدلة على الرد عليهم وهو قوله رضي الله عنه :

” كان إذا قام في مصلاه كبر “

مما يدل على أمور:

ــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر الأول :

ــــــــــــــــــــــــ

أن أبا هريرة كان حريصا على السؤال والبحث عن العلم ولذا لما سكت النبي عليه الصلاة والسلام بين التكبير والقراءة قال : ماذا  تقول ؟

الأمر الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــ

أن استفتاح علي طويل فيلزم من ذلك أن يبقى مدة طويلة قبل أن يشرع في الصلاة