شرح دروس البلاغة ( النداء )

شرح دروس البلاغة ( النداء )

مشاهدات: 544

البلاغة ـ النداء

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أضرب الإنشاء وهو النوع الأخير :

 النداء :

وتعريف النداء :

هو : طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب أنادي

وأدواته ثمانية :

منها المشهور منها غير المشهور

وبعضها في الاستعمال أكثر من الآخر وهي :

الأداة الأولى :

 الهمزة / وأي :

ـــــــــــــــــــــ

وهاتان الأداتان ينادى بهما للقريب

أما بقية الأداوت فينادى بها للبعيد

ما هي ؟

يا        أ      أي      أيا        هيا          وا

إذاً : الأصل في الهمزة وأي إذا أتيتا في  جملة فلتعلم أن هذه الجملة المناداة جملة نداء القريب

وما عداها من الأدوات فتكون للبعد

لكن :

قد تستعمل أداوت البعد في القرب والعكس  لغرض بلاغي

فقد ينادى البعيد بأداة القريب

والغرض من ذلك :

أن هذا البعيد لشدة استحضاره للذهن أصبح كأنه قريبا ماثلا بين عينيك لكثرة ما يفكر به فيكون في  مقام القريب الماثل نصب عينيك

كما قال الشاعر :

أسكانَ نعمانِ الأراك تيقنوا

بأنكم في ربع قلبي سكانُ

ويكون العكس :

وذلك أن ينادى القريب بأداة البعيد لأغراض بلاغية :

من بينها :

أن هذا القريب نودي بأداة البعيد لعلو مرتبته ومكانته كقولك : أيا مولاي

أو إشارة إلى انحطاط مرتبته :

كقولك لمن هو قريب منك : يا هذا

أو أيا هذا

أو لتنبيه شارد الذهن :

أيا فلان

إذاً :

قد يستخدم في الكلام المنادى الذي هو للبعيد بأداة القرب

لم ؟

لشدة استحضاره والتفكير به فكأنه ماثل بين عينيك

وقد يكون العكس وذلك

وقد يكون العكس وذلك إما:

ـــ لعلو مرتبته

ـــ أو انحطاط مرتبه

ــــ أو لشرود ذهنه فكأنه غير قريب من المتحدث

إذاً :

هذا هو النداء وهو :

طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بأداة نابت مناب أنادي

هذا هو الأصل

لكن قد تخرج هذه القاعدة لأغراض بلاغية يقتضيه السياق،  وتدل عليها القرائن:

فقد يكون : للإغراء :

كقولك لمن أتى يتظلم :

 يا مظلوم :

تغريه وتحثه على أن يفصح عن مظلمته

ويأتي النداء  ويراد منه الاستغاثة :

يا لله للمسلمين :

فتطلب من الله الغوث للمسلمين

ويكون لغرض  الندبة :

كقول الشاعر:

فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص

ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل

ويأتي أيضا لغرض التعجب :

يا لك من رجل كريم !

وتأتي  للزجر :

أفؤادي متى المتاب ؟

فهو ينادي فؤاده لكن هذا النداء ليس على بابه وإنما يراد منه زجر النفس

ومن الأغراض : التحسر والتندم :

((يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً))

ويأتي لغرض  الاختصاص وهو أن يأتي  اسم ظاهر بعد ضمير لبيانه وتوضيحه

والاختصاص يراد منه أمران :

إما الفخر

كقولك : أنا أُكرم الضيف أيها الرجل

ــ وليعلم أنه لا يصح في هذا الاختصاص أن تذكر أداة النداء

أو يراد منه :

التواضع :

أنا الفقير المسكين أيها الرجلُ

ويأتي لغرض:

التضجر والتحير :

ويكثر هذا في مناداة الأطلال والأماكن والديار كقول الشاعر :

أيا منازل سلمى أين سلماكِ

من أجل هذا بكيناها بكيناكِ

وتأتي لغرض:

التذكر :

كما في قول الشاعر :

أيا منزلي سلمى سلام عليكما

  هل الأزمن اللاتي مضينا رواجعُ