بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ زيد البحري الرد على من استدل على جواز القيمة في زكاة الفطر بأثر معاذ
(أعطوني الثياب مكان الشعير)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زكاة الفطر كثر الكلام حولها، هل يجزئ إخراج القيمة أم لا؟
معلوم أن المسألة مسألة خلافية من القدم لكن المعول عليه هو ما جاءت به النصوص الشرعية، فالنبي ﷺ قررها كما في الصحاح من أن زكاة الفطر صاع، ولو كانت القيمة نافعة لبينها النبي ﷺ ولو لم تكن القيمة نافعة من باب التنزل في عهده ﷺ لبين فقال: من احتاج إلى إخراج القيمة؛ فليخرجها، ومع ذلك لم يقل ذلك ﷺ، والله –عز وجل-مطلع على أحوال العباد فيما يأتي من أزمان؛ فلو كانت القيمة مجزئة لذكر ذلك عز وجل للنبي ﷺ حتى يبين لأصحابه.
فخلاصة القول من أن إخراج القيمة ليست مجزئة لزكاة الفطر؛ فالمسألة مبنية على الإتباع، أما ما يستدل به من أن معاذ رضي الله عنه قال لأهل اليمن كما روى ذلك عنه طاووس “ائْتونِي بعَرضٍ، ثِيابٍ خَمِيصٍ، أو لَبِيسٍ، في الصَّدقةِ مَكانَ الشَّعيرِ والذُّرةِ، أهوَنُ عليكم وخَيرٌ لِأصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمَدينةِ” هذا الأثر أولا ليس مرفوعًا إلى النبي ﷺ، وإنما هو من فعل معاذ رضي الله عنه.
ثانيًا أثر معاذ هذا رواه عنه طاووس، وطاووس لم يدرك معاذ.
فإذًا هو أثر منقطع، وإنما أورده البخاري بصيغة الجزم باعتبار صحة سنده إلى طاووس.
ولذلك يقول ابن حجر –رحمه الله-في الفتح فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده.
قال ابن حجر: لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة لمن علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا.
ثالثًا أن البيهقي ذكر أن بعضهم قال فيه من الجزية بدل الصدقة، فيكون بذلك هذا الأثر على هذا المذكور ليس متعلقًا بالزكاة.
رابعًا: أن معاذ رضي الله عنه ربما قبضها؛ ثم اشترى بها ليصدق حديث النبي ﷺ “تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ” يعني تؤخذ هي بعينها، الصدقة تؤخذ بعينها حتى يصدق عليها هذا الحديث فلما قبضها اشترى هذا محتمل.
خامسًا: لو سلمنا بكل ما مضى فأثر معاذ رضي الله عنه في زكاة العروض، وليس في زكاة الفطر، ومعلوم أن حمل زكاة العروض إلى المدينة يشق، ما لا يشق في زكاة الفطر لقلتها كما أنه معلوم، ومع أنه في زكاة العروض، فقد خالف الجمهور أثر معاذ، إذ لو كان أثره مرفوعا لما خالفه، فدل هذا على أن الأثر هذا فيما يتعلق بزكاة العروض ولا مدخل لزكاة الفطر؛ ثم أيضًا يترتب على هذا القول من أن معاذ رضي الله عنه أخذ بدل زكاة الفطر القيمة، فتكون هذه الشعيرة شعيرة زكاة الفطر قد اندثرت في اليمن؛ فحمل أثر معاذ معنى يحتمل، وقول معاذ رضي الله عنه ما لم يقوله، وفعل رضي الله عنه ما لم يفعله، فإنما أثره على القول بصحته كما سلف، إنما هو في زكاة العروض، والله أعلم وسلم وبارك على نبينا محمد.