الضعيف والصحيح مما ورد في شهر رجب
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عجت وسائل التواصل ووسائل التقنية في الأيام الماضية ، ولازالت تتابع علينا تلك الرسائل التي تبين بعض الفضائل لشهر رجب أو تبين فضل بعض العبادات في رجب
ومن باب الواجب علينا كخطباء أن نبين للناس ماذا يراد بهم في دينهم فكانت هذه الخطبة والتي فيها ” الضعيف والصحيح مما ورد في رجب “
شهر رجب :
من الشهور المحرمة التي حرم الله القتال فيها ، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم
وهل القتال فيها محرم مطلقا أم أن المسألة فيها تفصيل ؟
الجواب :
أكثر أهل العلم على أن القتال في هذه لأشهر ليس محرما لأنه كان محرما في السابق لكنه أبيح بعد ذلك
لأن الله عز وجل أمر بقتال الكفار والمشركين مطلقا ، والنبي عليه الصلاة والسلام حاصر أهل الطائف في ذي القعدة ، وغزوة تبوك كانت في شهر رجب
وقال بعض العلماء التحريم مازال باقيا لأن تلك النصوص عامة ، ولكن الآية التي في سورة البقرة قيدت وخصصت ذلك المطلق وذلك العام
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }
وهذا هو اختيار الشيخ السعدي وتلميذه ابن عثيمين رحمهما الله
وأما غزوة الطائف وغزوة تبوك إنما قاتل عليه الصلاة والسلام لأنه من باب المدافعة
فقالا : إن التحريم باق وهو تحريم القتال باق في الأشهر الحرم إلا إن اعتدى الظالم فإنه حينها يكف ظلمه
هذه الأشهر الحرم ما أفضلها ؟
رجب أم ذو القعدة أم ذو الحجة أم محرم ؟
أقوال أربعة وأنكر النووي أن يكون رجب هو الأفضل
إذاً :
ورد في شهر محرم أثران مرسلان عن الحسن البصري ، وورد حديث عند النسائي في الكبرى عن أبي ذر ” وأفضل الأشهر الحرم هو الذي تدعونه بالمحرم ” لكنه ضعيف
إذاً الأقرب :
ما رجحه ابن رجب في لطائف المعارف من أن الأفضل هو شهر ذي الحجة لأنه من أشهر الحج وبه أيام فاضلة
الأشهر الحرم ورد فيها حديث أو أحاديث لكنها ضعيفة من حيث السياق وقصدي جميع الأشهر الحرم ليس خاصا برجب
منها :
عند أبي داود قوله عليه الصلاة والسلام (( صم الأشهر الحرم ودع البعض ))
هذا حديث ضعيف
كذلك :
ما جاء عند ابن ماجه (( قم الأشهر الحرم )) فحديث ضعيف
كذلك :
ما ورد عند ابن ماجه أن أسامة بن زيد كان يقوم الأشهر الحرم فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يصوم شوال فما تركه حتى مات
هذا أيضا حديث ضعيف لا يصح منقطع كما قال ابن رجب في لطائف المعارف
ما ورد من حديث :
أن رجب سمي بهذا الاسم لأنه يترجب فيه خير كثير لشعبان ورمضان
يعني أنه ينتظر الخير في شعبان وفي رمضان بعد رجب لكنه حديث موضوع لا يصح كما قال الألباني في السلسلة الضعيفة
ما ورد من حديث :
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجب سمي بهذا الاسم لأن الملائكة ترتج فيه بالتكبير والتحميد والتمجيد وسمي شعبان لأن الأرزاق تتشعب في رمضان ، وسمي عيد الفطر بأنه يوم الجوائز “
فإنه حديث لا يصح كما في السلسلة الضعيفة
ما ورد من حديث :
أن أول الأشهر الحرم رجب فلا يصح عنه عليه الصلاة والسلام
ما ورد من حديث :
من أنه عليه الصلاة والسلام ولد في شهر رجب فلا يصح
ما ورد من حديث :
أن شهر رجب شهر تؤخذ فيه الأرواح ونشروا رسالة فقالوا سامحونا فهذا لا أصل له ولا يصح عنه عليه الصلاة والسلام بل إن هذا فتح لباب التشاؤم بشهر رجب
ما ورد من حديث :
من أن الملائكة تعظم أول يوم من شهر رجب وتسميه بأنه يوم الرغائب فقال في الحديث ” لا تغفلوا عنه ” فهو حديث موضوع كما قال الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة
ما ورد ـ وهو حديث صحيح ـ أن النبي عليه الصلاة والسلام ” سمى شهر رجب برجب مضر “
لم ؟
لأن قبيلة مضر كانت تعظمه أكثر من غيرها من القبائل
ما ورد من حديث :
من أن اليوم العاشر من شهر رجب أنه يوم يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت فلا أصل له ولا يعتمد عليه ولا يصح
ما ورد من حديث :
من أن يوم سبعة وعشرين من رجب أنه هبط جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام بالوحي فلا يصح عنه عليه الصلاة والسلام
وهذه قاعدة :
خذها ما ورد من أي حديث في فضل صلاة في شهر رجب أو في فضل صيام رجب أو صيام أيام منه فلا يصح كما أفاد ذلك ابن رجب في لطائف المعارف فتنبه
خذها قاعدة :
أي حديث يمر عليك يبين فضل صلاة في رجب أو صيام في رجب فاعلم بأنها أحاديث لا تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام
ما ورد من حديث :
من أن من صام رجب فله قصر في الجنة إنما يروى عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ومراسيل حتى كبار التابعين لا تثبت ولا يؤخذ بها في الأحكام الشرعية فما ظنكم بالأمور الغيبية
فلا يثبت عنه عليه الصلاة والسلام
ما ورد من حديث :
من أن في الجنة نهرا يسمى برجب من صام يوما من رجب
لو كنت في درس لسألتكم أيصح هذا الحديث أم لا ؟
الجواب لا يصح
كما قلت القاعدة :
أي حديث خذها أي حديث في فضل صيام رجب أو في أيام منه فاحكم عليه بأنه لا يصح
وكذلك أي حديث في فضل صلاة في رجب فاحكم عليها بأنها أحاديث لا تصح
فقال ” من صام يوما منه سقاه الله من ذلك النهر “
قال الألباني رواه أبو محمد الخلال في كتابه فضل رجب لكنه حديث باطل
يعني لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام
ما ورد :
عن قلة من الصحابة ثلاثة أو نحوهم من أنهم اعتمروا في شهر رجب لا يدل على استحباب العمرة في شهر رجب
ولذلك :
عائشة رضي الله عنها أنكرت كما في الصحيحين على ابن عمررضي الله عنهما لما قال إن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في شهر رجب فسكت رضي الله عنهما عن كلامها مما يدل على أنه رجع
فإيقاع العمرة في شهر رجب لا إشكال لكن أن يعتقد أن لها فضيلة في هذا الشهر مما يسمى بالعمرة الرجبية أو يخصص هذا الشهر وهو شهر رجب بالعمرة فهذا من البدع
لكن لو أوقعها كما أوقعها بعض الصحابة اتفاقا لا قصدا فلا إشكال في ذلك ولا حرج
ورد :
عن ابن عباس أنه كان ينهى عن صيام شهر رجب وورد على أنه مرفوع عند ابن ماجه لكنه حديث ضعيف جدا
لكن نهي الصحابة عن صيام شهر رجب ثابت
ولذلك عمر كما عند الطبراني وابن أبي شيبة كان يضرب الأكف أكف الأيدي يضربها ، يضرب أكف الناس حتى يضعوها في الطعام ليأكلوا فقال إن رجب إنما هو شهر يعظمه أهل الجاهلية
ولذلك أبو بكرة :
لما رأى أهله يتهيؤون للصيام في شهر رجب قام رضي الله عنه وكسر الأواني وقال أتجعلون رجب كشهر رمضان ؟
ما ورد من حديث :
من أن النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني من أنه ما صام شهرا بعد رمضان إلا صام رجب وشعبان حديث لا يصح
ولا شك أن صيام شهر شعبان ثبت في الأحاديث الصحيحة لكن رجب ما فعله عليه الصلاة والسلام
ما ورد من حديث :
أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وربما أنه أخرها حتى قضاها في رجب أنكر ذلك ابن رجب كما في لطائف المعارف
ما ورد :
أن شهر رجب هو شهر تستجاب فيه الدعوات على الظالم فتنبه رعاك الله :
هذا ما كان يفعله إلا أهل الجاهلية ليس من سنة المسلمين وليس في الإسلام في شيء فتنبه رعاك الله من البدع فلا يستجاب فيه دعاء على الظلمة أو على غيرهم كما زعموا وإنما هي بدع أنكروها واختلقوها
ما ورد :
عن بعض الصالحين وتنبهوا :
نحن لا نأخذ الأحكام الشرعية إلا من الكتاب أو من السنة أو مما ورد عن الصحابة
ولم يختلفوا في ذلك
ما ورد :
أن بعض الصالحين مرض وقال ” يارب أخرني ” يعني أخر وفاتي إلى رجب ” فقد بلغني أن هناك عتقاء لله من النار في شهر رجب ”
فهذا ليس بحديث
هذا ليس بحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام وإنما قاله قائل ربما يكون من الوعاظ في ذلك الزمن أو يكون من القصاص في ذلك الزمن
فلا يلتفت إلى ما يذكر إلا ما جاء عن الشرع
ما جاء من حديث :
رجب تعظم فيه الحسنات من صام يوما منه فكأنه صام سنة
وكما قلت لو أنني في درس لسألتكم عن صحة هذا الحديث مباشرة أجب بأنه حديث باطل لا يصح
فكل حديث ورد في فضل صيام أو صلاة في شهر رجب فهي أحاديث لا تصح
وأن من صام سبعة أيام كما في هذا الحديث أغلقت عنه أبواب النار السبعة ومن صام ثمانية أيام
هذا من أحاديث القصاص
ولذلك قال الألباني رواه الطبراني ولكنه حديث موضوع كما في السلسلة الضعيفة
” وأن من صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة وأن من صام عشرة أيام فليسأل الله ما شاء ، وأن من صام خمسة عشر يوما من شهر رجب فإنه قد غفرت له ذنوبه كلها فليستقبل ما سيأتي من أيام
وما ورد في ضمن هذا الحديث :
أن أول يوم ركب فيه نوح السفينة هو في أول يوم من رجب فصام نوح ومن معه شهر رجب وظلت السفينة بهم ستة أشهر حتى هبطت على الجودي في عاشوراء فصامه نوح عليه السلام
وكذلك ما ورد في ضمن السياق في هذا الحديث :
من أن يوم عاشوراء تاب الله فيه على آدم وتاب فيه على مدائن يونس وولد فيه إبراهيم “
فهو حديث موضوع لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام كما أشار إلى ذلك الألباني في السلسية الضعيفة
ما ورد من حديث :
عند البيهقي :
” شهر رجب شهر عظمه الله من عظمه عظم أمر الله ومن عظم أمر الله أدخله الله جنات النعيم “
حديث لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام كما في ضعيف الجامع للألباني
” من صام يوما من رجب فصلى أربع ركعات يقرأ في الأولى بآية الكرسي مائة مرة وفي الثانية ب { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد } مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة “
حديث باطل كما أفاد ذلك الشوكاني في الفوائد المجموعة
وكذلك ما ورد من حديث :
” من صلى المغرب في أول ليلة من رجب ثم صلى عشر ركعات فله كذا وكذا “
أيضا لا يصح
ما ورد من حديث :
” أكثروا من الاستغفار في شهر رجب فإن لله عتقاء من النار وهناك مدائن كبرى في الجنة لا يدخلها إلا من صام رجب “
فأيضا حديث لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام كما أفاد الشوكاني في الفوائد المجموعة
ما أتى إليك في جوالك في وسائل التواصل في التويتر في الفيس بوك قل ما تشاء مما يستجد لنا فلا تأخذ به إلا بعد أن تسأل لا تأخذ به إلا بعد أن تسأل حتى لا تقع في البدع من حيث لا تشعر
ولذلك قال ابن مسعود ــ وربما تنشر
بعض الناس قد ينشر من باب إحسان النية لكنه يؤزر لا يؤجر
قال ابن مسعود رضي الله عنه لما قال ذلك القوم الذين ابتدعوا في الأذكار قالوا إنما أردنا الخير
قال : ” كم من مريد للخير لم يصبه ” كم من مريد الخير لم يصبه
الحمد لله عندك أهل العلم عندك أهل العلم المعروفين باتباع الدليل وبالحرص على الدليل الشرعي
ذكر ابن رجب في لطائف المعارف :
أن بعضهم أوصل لرجب أربعة عشر اسما ، وبعضهم أوصلها إلى سبعة عشر اسما
قلت :
تلك الأسماء معظمها مبني على أحاديث لا تصح أو مبني على خرافات إما من أهل الجاهلية أو من قصاص ووعاظ أهل الإسلام فيما أتى من أزمان فتنبه
ولذلك :
ذكر فيما مضى حتى سبحان الله أهل البدع لا يفترون لا يفترون يعني وضعوا هذه الأحاديث عن شهر رجب وربما فيما يأتي عن غيرها وضعوها في تصاميم مجملة مزينة وأرسلوها
شهر رجب شهر الصبب شهر الصبب
وورد كما ذكروا شهر الله الأصم لكنه لا يصح
لكن هذا الحديث قالوا شهر الله الصبب لم ؟ قالوا لأن رحمة الله تتصبب في هذا الشهر
سل أهل العلم
سل أهل العلم
سل أهل العلم
وصدق رسولنا عليه الصلاة والسلام إذ قال كما في الصحيحين قال : (( يقل العلم )) وفي رواية (( يرفع العلم )) بعدها قال (( ويظهر الجهل ))
(( ويظهر الجهل ))
ما الذي بعدها ؟
قال (( وتكثر الفتن ))
هذه من الفتن
بعض الناس يظن أن الفتن في الحروب فقط ، لا
هذه فتن أن يطعن في دينك بشبهة أو ما يشابهها هذه من أعظم الفتن
لأن فتن قتل النفوس إنهاء للحياة الدنيوية لكن مثل هذا أعظم وأشد وإن كانت تلك الفتن لا تقل خطورتها فهي خطيرة جدا وتضيع مصالح الأمة لكن أيضا أن تفتن في دينك بأن لا تعرف الحق من الباطل أو يجعل الباطل حقا والحق باطلا فهذه من أعظم الفتنم
ولذلك :
ابن حجر رحمه الله تحت هذا الحديث ( يقل العلم ويكثر الجهل ) قال ليس المعنى أنه ليس هناك علماء يقول فيه علماء لكنهم مغمورون لا يؤبه لهم من قبل الناس ولا يسألونهم إنما يسألون المستعلمين
إنما يسألون غيرهم
ولذلك ضلوا فاضلوا
يقول لا يعني أنه ليس هناك علماء ، هناك علماء مغمورون لكن الناس مع الناس الناس مع الناس
{ وَإِن تُطِعْ }
انتبه من الكثرة ففي الأصل من حيث الأصل الكثرة ليست محمودة وإن كانت الكثرة قد تكون محمودة في حدود ضيقة { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ }
{ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُون }