محاضرات وكلمات
تأملات في آيات الصيام ( 13 )
قوله تعالى :
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة186))
ـــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــ
فيقول الله جل وعلا :
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
الصحابة رضي الله عنهم سألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام ذات يوم فقالوا : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟
انظروا إلى حال الصحابة رضي الله عنهم كيف كانوا يحرصون على الخير وعلى تلمس أبواب وطرق الخير فكانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام يلتفون حوله يسألونه عما ينفعهم في دينهم وعما يشكل عليهم في دينهم
فقالوا :
((يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟
فأنزل الله هذه الآية :
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة186
هذه الآية جاءت في ثنايا آيات الصيام
ما الذي قبلها ؟
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
إلى آخر ما جاء في ذكر أحكام الصوم
ثم أتت هذه الآية : ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ))
وبعد ما ذكرت هذه الآية ذكر حكم يتعلق بالصيام فقال تعالى : ((أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ ))
فلماذا وضعت هذه الآية في أوساط آيات الصيام ؟
إنما ذكرت هذه الآية في ثنايا آيات الصيام :
مما يدل على أن الدعاء في وقت الصيام له مزية يمتاز بها على غيره مما لا يكون الإنسان في حالة الصوم
فإذا كان الأمر كذلك فجدير بنا في مثل هذه الأيام أن نستغل الأوقات وأن نستثمر الأحايين في دعاء الله جل وعلا أثناء صيامنا
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام قال – كما عند البيهقي – : ((ثلاثة لا ترد دعوتهم ذكر منهم الصائم حتى يفطر ))
فأنت أيها الصائم أبشر بالخير
فإذا دعوت الله فلتعلم أن الله سيجيب دعوتك فمن حين ما تمسك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ولك دعوة مستجابة
بل إن الدعوة عند لإفطار الصائم لها مزية أكثر وأعظم
فقال عليه الصلاة والسلام – كما عند ابن ماجه – : (( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ))
فإذا كان الأمر كذلك فحري بنا ومندوب بنا أن نستغل وقت الصيام في دعوة الله في دعائه سبحانه وتعالى
وكل واحد منا له أمنيات له حاجيات له أشياء يرغب أن يراها في واقعه
وليس والله لك ملجأ ولا منجى ولا مهرب إلا إلى الله
ولذا :
كان الصحابة يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة فيأتي الجواب
كيف يأتي الجواب ؟
يأتي الجواب بكلمة قل
يعني : قل لهم يا محمد
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ))
((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ ))
((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ))
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً }طه105
لكنهم لما سألوا هذا السؤال لم تأت كلمة قل
لماذا ؟
لأنه ليست هناك وسائط بين العبد وبين ربه ، فللعبد أن يدعو ربه مباشرة
ولذا قال جل وعلا : ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ))
لم يقل : قل إني قريب
وإنما قال : (( فإني قريب ))
((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))
فالله قريب منا قريب جل وعلا ويجيب دعوة الداع إذا دعاه
ولذا قال : (( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))
فعلى المسلم حينما يدعو الله جل وعلا أن يتوجه إليه وأن يسأله عز وجل بأسمائه وصفاته
ولذا يقع كثير من الناس في الشرك لأنهم يجعلون بينهم وبين الله وسائط يستشفعون بهم عند الله جل وعلا أو يدعونهم من دون الله جل وعلا
وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله أن من نواقض الإسلام العشرة :
أن تجعل أولياء ووسائط بينك وبين الله تدعوهم
هناك أناس يدعون النبي صلى الله عليه وسلم ويأتون إلى المقابر ويقولون : اشفع لنا عند الله أن يفرج همنا أن ينفس كربنا أن يشفي مرضنا
وهذا من الشرك
وأعظم منه :
أن يأتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويقول له : يا رسول الله أغثني مدد ، اشفني يا رسول الله فرج همي
هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله
فإذا أردت أن تدعو برفع هذا الهم وهذا الكرب الذي نزل بك فلتدع الله
ولذا :
قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( من لم يسأل الله يغضب عليه ))
فما عليه هؤلاء هو الشرك بعينه
وإذا أردت أن تدعو الله فادعوه بأسمائه وصفاته
((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ ))
فقوله جل وعلا : ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ))
لماذا قال : عبادي ؟
لماذا لم تأت كلمة الناس ؟
أو البشر
((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ))
هذا يدل والله أعلم على أن الدعاء عبادة وقد قالها النبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند وغيره قال : (( الدعاء هو العبادة ))
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60
لم يقل : يستكبرون عن دعائي
في مطلع الآية : ((وَقَالَ رَبُّكُمُ )) ماذا ؟ ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي )) لم يقل دعائي وإنما قال عبادتي يدل على أن الدعاء عبادة من صرف وقته وحاله في دعاء الله عز وجل فليبشر بالخير فهو على خير ولو لم تتحقق دعوته
لأن هناك أناسا يقولون :
دعونا الله دعونا الله فلم يستجب لنا
فنقول :
أبشر إذا أتيت بأسباب إجابة الدعاء وانتفت عنك موانع استجابة الدعاء فلتبشر ببشرى النبي صلى الله عليه وسلم لك أيها الداعي :
إذ قال عليه الصلاة والسلام – كما في سنن الترمذي قال : (( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا استجاب الله له دعاءه أو ادخرها له أو صرف عنه من السوء نظيرها ))
قالوا : يا رسول الله إذاُ نكثر
قال : الله أكثر )
لا تنفد خزائنه جل وعلا
فأنت على خير إن دعوت الله ولم يتحقق مطلوبك فاعلم أن الله قد ادخرها لك أو صرف عنك من السوء ما هو نظير لها
ولذا قال عليه الصلاة والسلام :
(( لا يرد القدر إلا الدعاء ))
وقد جاء في رواية :
(( إن الدعاء والقدر يتعالجان في السماء أيهما غلب غلب على صاحبه ))
لكن أحيانا لا يستجاب للدعاء لخلل :
إما في الدعوة :
إما خلل في الدعاء
أو خلل في الداعي
وذلك أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم :
فلو أن شخصا دعا على قريب له وهذا القريب لا يستحق الدعوة فهنا لا تجاب دعوته
لماذا ؟
لأنها دعوة تضمنت الإثم وقطيعة رحم
إذاً : هذا الدعاء لم يستجب
لم ؟
لأن هناك خللا في ماذا في الداعاء نفسه
وقد يكون هناك خلل في الداعي :
كيف ؟
بعض الناس يكون مأكله ومطمعه حراما فلا تستجاب دعوته
إذاً :
من أسباب إجابة الدعاء :أن تطيب مطعمك
وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم – الرجل يطيل السفر :
لماذا السفر ؟
لأنه عليه الصلاة والسلام قال :
(( ثلاثة لا ترد دعوتهم ذكر منهم المسافر ))
فالمسافر طال سفره أم قصر فإن دعوته مستجابة
ولذا :
عليك أن تحرص على الدعاء في سفرك
لم يقل : مسافرا
وإنما قال : يطيل السفر
ثم ما هي حالته ؟
أشعث الرأس أغبر القدمين
هذه صفات تستدعي الرحمة :
أشعث أغبر
يمد يديه
رفع اليدين في الدعاء من آداب الدعاء
من آداب الدعاء في أحاديث كثيرة :
أن ترفع يديك إلا في المواضع التي لم يأت فيها رفع اليدين عن النبي عليه الصلاة والسلام مثل :
الدعاء في خطبة الجمعة ما لم يكن الدعاء استسقاء في خطبة الجمعة فهنا ترفع اليدين
قال : يمد يديه إلى السماء :
النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( إن الله حيي كريم يستحي من أحدكم إذا رفع يديه أن يردهما صفرا ))
قال : (( يمد يديه إلى السماء يقول : يا ربي يا ربي ))
قال : يا ربي
فالدعاء بـ : ياربي هو دعاء الأنبياء والصالحين :
((رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً ))
((رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ))
((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ))
((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))
((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً))
هذه دعوات من ؟
دعوت عباد الله وأوليائه الصالحين
يتخيرون هذا اللفظ وهذه الكلمة بالذات لأنها محببة إلى الله عز وجل
انظر :
ويكرر أيضا لأن الإلحاح في الدعاء مطلوب الله يحب من يلح في دعائه
ومع هذا كله لم يستجب له :
قال :
(( يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول : يا ربي يا ربي ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنَّى – استفهام استبعادي – فأنَّى يستجاب لذلك ))
إذاً :
هذا مانع من موانع استجابة الدعاء
إذاً عليك أن تطيب طعامك وشرابك وملبسك :
لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به ))
أيضا من موانع استجابة الدعاء :
العجلة :
بعض الناس عجل يريد أن تتحقق رغبته في أسرع وقت
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :
(( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ))
قالوا :يا رسول الله كيف يعجل ؟
يقول :
(( قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فعندها يدع الدعاء ويستحسر عنه ))
فلا تعجل
بل إن الدعوة إجابتها لو تأخرت قد تكون من مصلحتك لأن الله يحب أن يسمع خضوع وفقر عبده
وقد قال ابن القيم :
” إن الداعي إذا لزم الدعاء يعطيه الله أفضل من مطلوبه “
ما هو ؟
قال : ” لذة وحلاوة مناجاة الله “
فإذا أكثر من الدعاء يسر الله له هذا الباب العظيم فيتلذذ بمناجاة الله
ومن ثم ينسى مطلوبه ورغبته
وهذه نعمة من الله
إذاً : بعض الناس يستعجل
ولذا قال عمر بن الخطاب :
ماذا قال ؟
قال : (( إني لا أحمل هم الإجابة يقول : لا أحمل هم الإجابة ))
لم ؟
لأن الله قد وعد بها ، والله لا يخلف الميعاد
قال : لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء فإذا وفقت للدعاء وفقت للإجابة
يقول : أهم شيء أن توفق لدعاء الله عز وجل
إذا وفقت أن تدعو الله حينا وحينا وحينا فلتبشر فإن الإجابة قريبة بإذن الله جل وعلا
ـــــــــــــــــــــــــــ
أيضا من موانع استجابة الدعاء :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أن البعض قد يدعو وقلبه ساه لاه
ـــــــــــــــــــــــــــ
فإذا دعوت الله فعليك أن تستحضر هذا القلب وأن تنطرح بين يدي الله
ولذا :
يذكر عن شيخ الإسلام أن المسألة الشرعية العلمية إذا استعصت عليه عفر وجهه بالتراب ساجدا لله يدعو الله أن يفتح عليه في هذه المسألة
وأنتم ترون هذا العلم الغزير المبارك عنه رحمة الله عليه
فأنت بحاجة ماسة إلى الله
فإذا دعوت الله فلتحضر هذا القلب وأن تنطرح بين يدي الله جل وعلا
وأيضا عليك أن توقن بالإجابة :
ـــــــــــــــــــــــــــ
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل ))
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة لتحسن الظن بربك عز وجل
حتى قال بعض الشعراء:
وإني لأدعو الله حتى أرى بجميل الظن ما الله صانعُ
انظروا :
يقول : بلغ بي حسن الظن أني أدعو الله جل وعلا وفي قلبي أن الله سيستجيب لي
وإني لأدعو الله حتى أرى بجميل الظن ما الله صانعُ
فلتثق بربك جل وعلا
ولذا :
قال النبي عليه الصلاة والسلام :
((رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب ))
يعني :
لا يؤبه له لا يقدم هو في مقام الناس في مقام وضيع
لكنه عند الله عز وجل لو أقسم على الله لأبره
يعني :
لو قال : يا ربي أدعوك ألا تفعل أو افعل لاستجاب الله
يقسم على الله فيستجيب الله له لأنه يحسن الظن بالله كما هو حال أنس بن النضر
أنس بن النضر:
لما قامت أخته الرُّبَيِّع بمشاجرة مع امرأة فخلعت أو قلعت سنها فأتى أولياء المرأة يطلبون القصاص السن بالسن
فقال النبي عليه الصلاة والسلام لما جاء أنس وقال : يا رسول الله أتريد أن تخلع وأن تقلع سن الربيع والله لا يقلع الله سنها
انظروا :
قال : يا أنس كتاب الله القصاص
ثم بعد حين إذا بأولياء المرأة يأتون ويتنازلون عن حقهم
فنظر النبي عليه الصلاة والسلام إلى حالة أنس بن النضر – هذا الرجل الذي لما جاءت غزوة أحد وانصرف بعض الصحابة لما جرى ما جرى – دخل في صفوف العدو
فقال : ماذا تنتظرون ؟ إني والله لأجد ريح الجنة دون أحد فدخل في القوم فاستشهد حتى وجد في جسمه بضع وثمانون ضربة
فلو أقسم على الله لأبره من باب حسن الظن بالله
أما من يقسم على الله بكونه مفتخرا بعبادته فهذا – كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حق الرجل العابد الذي كان ينصح صاحبه يأتي المعصية وقال له : دع هذه المعصية ، وكلما مر به نهاه ثم إذا بهذا العابد يفتخر بعبادته فقال : (( والله لا يغفر الله لك ))
فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألَّى عليّ ؟
من ذا الذي يحلف ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك
لماذا ؟
لأنه تفاخر بعبادته
قال أبو هريرة رضي الله عنه : (( لقد تكلم هذا العابد بكلمة أوبقت – يعني : أهلكت – دنياه وآخرته ))
أيضا عليك يا عبد الله :
ـــــــــــــــــــــــــــ
أن تتحين أوقات استجابة الدعاء :
ـــــــــــــــــــــــــــ
بعد الأذان :
ـــــــــــــــــــــــــــ
لما قال الصحابة : يا رسول الله إن المؤذنون يفضلوننا
فقال عليه الصلاة والسلام : قل كما يقولون ثم سل تعط
وقال عليه الصلاة والسلام : (( الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ))
أيضا :
الثلث الأخير :
ـــــــــــــــــــــــــــ
حينما ينزل الرب عز وجل إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وعظمته فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟
هل من مستغفر فأستغفر له ؟
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }الذاريات18
أيضا :
في حالة الصيام :
ـــــــــــــــــــــــــــ
(( ثلاثة لا ترد دعوتهم ))
الصائم حتى يفطر
أيضا :
في حالة السفر :
ـــــــــــــــــــــــــــ
(( ثلاثة لا ترد دعوتهم : المسافر ))
كذلك :
قبل سلام المصلي في آخر التشهد :
ـــــــــــــــــــــــــــ
لما قال رجل : يا رسول الله أي الدعاء أسمع ؟
يعني :يستجاب فيه
قال : دبر الصلوات المكتوبات ـ قبل السلام – وجوف الليل الأخير
فهذه أوقات حري بالمسلم أن يحرص عليها
ـــــــــــــــــــــــــــ
فقوله جل وعلا :
((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ))
ماذا قال ؟
((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ))
فدل هذا على أن سبب
إجابة الدعاء أن تستجيب لأوامر الله وأن تؤمن به
قال : ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي ))
لم ؟
حتى تستجاب دعوتهم
((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ))
ولذا قال جل وعلا : {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }الأعراف55
لماذا ختمت الآية بقوله : ((إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )) الأعراف55 ؟
أن من اعتدى في دعائه أنه لا يستجاب له
ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( (سيكون قوم يعتدون في الدعاء وفي الطهور ))
يعني :يتجاوزون الحد
لما دخل أحد الصحابةعلى ابنه وهو يقول : (( اللهم ارزقني قصرا أبيض عن يمين الجنة ))
فنهاه أن يدعو بهذه الدعوة ثم ذكر هذا الحديث :
(( إن هناك قوما يأتون ويعتدون في الدعاء وفي الطهور ))
فقال جل وعلا : ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ))
وكلما كان العبد لله أعبد وأطوع وأتقى كلما كانت دعوته مستجابة
قال : ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ))
لم ؟
(( لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) البقرة186
ما هو الرشد ؟
الرشد هو حسن التصرف ضده الغي والسفه
فالجاهل لا يعد راشدا
السفيه لا يعد راشدا
لماذا ختمت الآية بقوله تعالى : ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
يدل على أن العبد كلما كان لله عابدا تقيا مستجيبا لأوامره جل وعلا فهو الراشد وهو العاقل
وأما من لم يستجب لأوامر الله جل وعلا فهو الجاهل فهو السفيه فهو الغي
ولذا قال جل وعلا : (({يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ))
وقد أوضحنا في دروس سابقة أن كل من عصى الله فهو الجاهل
والجاهل ضده الراشد
والراشد هوالذي يحسن التصرف ولا يحسن التصرف إلا لكونه عالما
هل يمكن أن يكون هناك إنسان يحسن التصرف وهو لا يعلم به ؟
لا يمكن
يدل على أن الراشد عالم
ولذا قال تعالى : ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) البقرة186
فإذا أردت أن تكون عاقلا راشدا وأن تستجاب دعوتك فعليك أن تستجيب لأوامر الله جل وعلا وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم
هذا ما تيسر ذكره من فوائد حول هذه الآية التي حث الله فيها على الدعاء