” تسع وقفات في علو الهمة “
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــ
( أما بعد : فيا عباد الله )
علو الهمة قال علماء اللغة هو الارتفاع والسمو والشرف
قال تعالى{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}المطففين18
يعني : لفي درجات عالية
أما الهمة فمعناها في اللغة هي الإرادة والعزيمة والنية
ولذا يقال الملك الهمام يعني الملك الذي إذا أراد شيئا لم يتوان في تنفيذه .
علو الهمة يعرفها الراغب الأصفهاني رحمه الله فيقول
{ هو من لا يرضى لنفسه أن تقف عند الشهوة الحيوانية من إشباع فرجه وملئ بطنه وإنّما هو الذي يطمح ببصره إلى أعلى الأمور لا لتحصيل مال ولا لتحصيل جاه ولا لتعاظم ولا لنخوة ولا إلى شئ من ذلك إنما يرجو بمعالي هذه الأمور يرجو ما عند الله ويرجوا إن ينفع إخوانه المسلمين }
وإليكم نماذج متنوعة متعددة في علو الهمة
علو الهمة عند أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه
سمع وهو بالمدينة أن عقبة بن عامر سمع حديثا عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقام أبو أيوب وهو وبالمدينة فامتطى راحلته ثم توجه إلى مصر ليسمع من عقبة بن عامر هذا الحديث ، فطرق عليه الباب فسمع منه الحديث وهو واقف لم ينخ ناقته بعد فلما سمع الحديث رجع أبو أيوب الأنصاري إلي المدينة
علو الهمة عند ابن عباس رضي الله عنهما
ابن عباس كان معه في سن الشباب كان معه غلام في سن الشباب فإذا بذلك الشاب ذلكم الغلام يقول لابن عباس رضي الله عنهما { أتظن يا ابن عباس أنك بطلبك للعلم ستصبح من كبار الصحابة } فترك هذا الأنصاري العلم مع ابن عباس رضي الله عنهما فلمّا ذهبت السنوات إذا بابن عباس رضي الله عنهما له شأن في الأمة فيقول هذا الغلام لابن عباس { كنت أعقل مني}
علو الهمة عند الشافعي رحمه الله
يقول الشافعي { إذا سمعت العلم من أول مرة أحببت أن لأعضائي أسماعاً حتى تتلذذ بهذا العلم كما تتلذذ به آذاني } فقيل له رحمه الله : ما حرصك على العلم ؟
قال: حرص الجموع المنوع على بذل المال
قيل له : ما طلبك للعلم ؟
فقال : كطلب الأم لولدها الذي افتقده وليس لها غيره .
علو الهمة عند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
حج خمس مرات منها ثلاث مرات على قدميه من بغداد إلى مكة بل انه طاف كما قال العلماء
” طاف الإمام احمد الدنيا كلها مرتين حتى يجمع مسنده المشهور “
علو الهمة عند أبي صالح
هذا الرجل جلس في مجلس ، فإذا بهذا المجلس به أناس يتدارسون علم العروض ــ علوم اللغة العربية ــ فلم يفهمه ، فعكف رحمه الله على كبر سنه لتعلم العلم
” فقيل : له ما حملك على هذا ؟ فقال رحمه الله : لقد حقرت نفسي لما جلست مجلسا يتدارسون فيه علما لم افهم منه شيئا “
علو الهمة عند البخاري رحمه الله
ذكر عنه ابن كثير رحمه الله ” أن البخاري ذات ليلة كان مستلقيا على فراشه فتذكر مسألة فقام فأشعل السراج وكتب هذه الفائدة ثم أطفأ سراجه فعاد إلى فراشه ثم تذكر فائدة مرة أخرى فقام فأشعل السراج فكتبها ثم عاد مرة أخرى حتى بلغت عشرين مرة
يقوم البخاري رحمه الله من فراشه لأجل هذه الفوائد “
علو الهمة عند النووي رحمه الله
النووي رحمه الله كان زملاؤه في الصغر يجبرونه على اللعب فيبكي لا يريد اللعب إنما يريد العلم حتى انه كان في تجواله وفي ذهابه يقرأ العلم ويقرأ في اليوم اثني عشر درسا على مشايخه
أتدرون من هو هذا الرجل ؟
هذا الرجل الذي له كتاب رياض الصالحين الذي تقرأه الأئمة في غالب أحيانها بعد العصر له الأذكار حتى قيل :بع الدار واشترِ الأذكار
له كتاب الأربعين النووية له كتب جمة كصحيح مسلم بشرح مختصر
أتدرون كم عمر هذا الرجل الذي هو النووي والذي فاقت سمعته وراجت سمعته الآفاق ونرجو له السمعة الطيبة في الآخرة ، أتدرون كم عمر النووي ؟
إن عمره خمس وأربعون سنة .
علو الهمة عند الفيروز أبادي
صاحب القاموس المحيط رحمه الله قرأ بسبب علو همته قرأ صحيح مسلم في ثلاثة أيام
ابن حجر العسقلاني قرأ صحيح مسلم في أربعة مجالس بل إن ابن حجر رحمه الله قرأ صحيح البخاري كله في أربعين ساعة
علو الهمة عند سعيد بن العاص
وهذا ما نحتاج إليه في هذا الزمن في تعاملنا مع الآخرين حينما نقود سياراتنا حينما نمشي في الطرقات حينما نتعامل مع أهل بيتنا
سعيد بن العاص يقول ” ما شاتمت رجلا منذ أن كنت رجلا “
ما شتمت أحدا قيل له لم ؟ قال : لأنه إن كان عاقلا فلا يحق لي أن أشاتمه وإن كان أحمقا ذميما فأرفع نفسي عن مشاجرته “
علو الهمة عند النعمان بن مقرن
وهذه القصة نحتاج إليها في هذا العصر لأنه حينما يبشر أحد بتنصيبه على وظيفة حتى لو كانت على وزارة إذا به يفرح فرحا شديدا بل إن الناس يتهافتون في معظمهم على المناصب وعلى الألقاب وعلى تلك المدائح .
اسمعوا
النعمان بن مقرّن أتاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصلي فتركه عمر فلما فرغ من صلاته قال عمر للنعمان: إني مولّيك ولاية ، فقال النعمان بن مقرن قال : إن كان من أجل المال فلا
وإن كان غازيا في سبيل الله فنعم
فقال عمر: أنت أنت ، فأرسله عمر رضي الله عنه .
علو الهمة عند عمر بن عبد العزيز رحمه الله
قال عمر لرجلٍ يقال له دُكين وكان عمر بن عبد العزيز أميرا على المدينة في خلافة سليمان بن عبد الملك ،
قال عمر : يا دُكين إذا بلغت مبلغاً أخبرتك ،
فدارت الأيام وذهبت السنون وإذا بعمر بن عبد العزيز إذا به يكون خليفة للمسلمين ،
فناداه فقال : يا دُكين ألم أقل لك إن نفسي توّاقة إذا بلغت مبلغاً أخبرتك ، فأنا أخبرك الآن لقد كانت نفسي توّاقة لمعالي الأمور في الدنيا فأصبحت الآن توّاقة إلى معالي الأمور في الآخرة .
علو الهمة عند يحيى بن معين
وهو من أئمة الحديث لقد ترك له أبوه ألف ألف درهم ــ يعني مليون درهم ــ فأنفق هذا المليون في طلب العلم حتى أنه كان يقول رحمه الله : لم يبق عندي شئ من هذا المال اشتري نعالا فألبسها
علو الهمة عند ابن الجوزي رحمه الله
يقول في صيد الخاطر يقول رحمه الله : ولد رأيت من عشيرتي من الشباب من أنفق شبابه في ملذات الدنيا واشتغلت بالعلم فيقول : أصبح عيشي أطيب عيشاً منه وجاهي أعظم جاهاً منه
قال: وكنت لأري المشقة والتعب في طلب العلم حتى صار عندي أحلى من العسل
فيقول: كنت أخذ معي أرغفة يابسة فلا استطيع أن أكلها إلا على مضض واشرب عليها شيئا من الماء حتى يستسيغها حلقي .
لو قال قائل ما هي صفات علو الهمة في طالب العلم الشرعي ؟
صفاته كما قال العلماء :
1ـ أن تكون لديه غيرة على وقته فلا يستنفذه فيما لا طائل من ورائه .
2ـ أن يكون لديه عزم شديد يسابق الليل والنهار في تحصيل العلم الشرعي حتى لا يفوته منه شئ .
3ـ أن يكون عنده حرص على الولوج في جميع فنون العلم الشرعي حتى يشرب من جميع أكوابه.
4ـ أن يكون لديه غوص في بحور العلم واستخراج نفائس المعلومات دون أن ينظر إلى الصعوبات
5ـ أن يكون إنسانا مهذبا بعيد عن المهاترة بعيد عن اللغو بعيد عن العبث.
لِمَ ؟
لأنه لما اشغل نفسه بالخير والهدي شغلته نفسه عن الباطل واللغو .
دور المدارس ودور المجتمع ودور الحكومات في تنمية هذه الصفة
اسمع لمّا قاله الشاطبي رحمه الله في موافقاته قال : ” تشجيع النابغين فرض كفاية على الأمة “
ولذلك كما في صحيح البخاري كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل عبد الله بن عباس على أشياخ بدر من المهاجرين والأنصار فيقولون : لنا ابناء مثله فقال : إنه كما علمتم ـ يعني إنه ابن عم النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيقول ابن عباس فأدخلني ذات يوم وسألني سؤال ما سأله إلا ليظهر شأني عندهم سألني عن قوله تعالى { إذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ {1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا }
ما معنى الآية ؟ فجعل بعضهم يقول أُمرَ النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا فُتح عليه أن يستغفر الله فقال عمر ماذا تقول يا ابن عباس في هذه الآية وهو صغير في السن قال نٌعيت نفسُ النبي صلي الله عليه وآله وسلم إليه فقال والله إني لأعلم منها كما تعلم يا ابن عباس “
دور الأسرة في تنمية ورعاية من هو عالي الهمم في أفرادها
لو نظرنا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وجدنا أن الأسرة لها دور في تنمية ذلك فإنه كان من أعظم الناس علواً في الهمة رحمه الله لأن جده وأباه وجدته التي هي تيمية والتي ينسب إليها كان هؤلاء كلهم علماء .
لما نأتي إلى دور إلام في تنمية مثل هذه الصفة الطيبة ، نجد الزبير بن العوام لما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه عندي ليساوي ألف رجل ربته عمة النبي صلي الله عليه وآله وسلم صفية أخت حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهم ولذلك من أبنائه
عبد الله بن الزبير
عروة بن الزبير
المنذر بن الزبير
أئمة في العبادة وأئمة في العلم
من رباهم ؟
أمُهُم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
نجد أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وصل إلى ما وصل إليه من ربته على ما هو عليه من الذكاء والدهاء والفطنة ربته أمه هند ولذلك يقول مفتخراً أنا ابن هند لم يقول أنا ابن أبي سفيان يقول أنا ابن هند
لِمَ ؟
” لأن أمه جلست ذات يوم تلاعبه فقال لها بعض القوم أظنه سيكون له رئاسة على قومه فقالت أمه ثكلته ــ يعني افتقدته ــ إن لم يبلغ أعظم من ذلك “
دور الأب في تنمية وتذكية هذه الصفة
فلنسمع إلى المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي كان أبوه عالما لما رأى عليه النجابة وهو في سن الثانية عشرة من عمره جعله بعد أن حفظ القرآن جعله يؤم المصلين ويشرح لهم العلم ، بل إن المجدد رحمه طلب من أبيه وهو في هذا السن أن يسافر للحج لأداء الحج .
سعد بن خيثمة
كما جاء في الإصابة كان ينافس أباه خيثمة في القرعة أيهما يخرج لكي يحارب مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم فخرجت القرعة لسعد فيقول له أبوه : دعني لأذهب فيقول سعد : يا أبت لو كان غير الشهادة لفعلت فذهب رضي الله عنه فقاتل حتى قُتل .
إياكم وإياكم
أن تكونوا صغار الهمم
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا تُصغروا هممكم فلم أرى أقعد على المكرمات من صغار الهمم ولذلك لما رأي رجلا في عرفة وبعرفة يسأل الناس قام فعلاه بالدرة فقال أتسأل في هذا اليوم وفي هذا المكان غير الله عز وجل
لِمَ ؟
لأنه كان صغير الهمة
ولذلك النبي صلي الله عليه وآله وسلم حذر أفراد الأمة على وجه العموم من صغار الهمم وحذر أيضا بعض أفرادها
والدليل على أنه حذر الأمة كلها من أن تكون صغيرة الهمة قال صلى الله عليه وآله وسلم كما عند أبي داود
(( إذا تبايعتم بالعينة ـ نوع من أنواع الربا ـ وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ))
وجاء عند أبي داود أيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم
(( يوشك أن تداعى الأمم عليكم كما تداعى الآكلة إلى قصعتها قيل :أو من قلة نحن يا رسول الله ؟ قال لا انتم كثير ــ لكن الهِمِمَ في سُفل في انحطاط ــ أو من قلة نحن يا رسول الله قال لا أنتم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور أعداءكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قيل : ما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت ))
هذا على وجه العموم للأمة أما على وجه الخصوص لأفرادها
فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين { لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ولعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده }
للعلماء كلام في هذا حول الحديث لكن من ضمن هذه الأقوال لو أن إنسانا سرق بيضة هي لم تبلغ النصاب حتى تقطع يده
كيف يسرق البيضة وتقطع يده مع أن النصاب لم يبلغ حتى تقطع اليد ؟
قال العلماء لأن همته صغرت وذلت وهانت بسرقة بيضة فيفضيه الأمر إلى أن يسرق ما هو أعظم منها ما يبلغ النصاب فتقطع يده .
علو الهمة عند الصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه
والقصة طويلة ومشهورة في صحيح مسلم من أن أبا ذر رضي الله عنه كان يعلم أن هناك إلها يستحق العبودية ولا تستحق هذه الأصنام أن تُعبد من دون الله فكان قبل أن يدخل في الإسلام كان إذا جاء العشاء صلى حيثما استقبل صلى صلاة حتى ينام فلا توقظه إلا حرارة الشمس .
فبينما هو في يوم من الأيام إذا به وبأخيه وبأمه يأتون إلى خارج مكة فذهب أخوه إلى مكة فرجع
فقال :
لقد سمعت يا أبا ذر رجلا يقولون عنه الصابئ يقولون كاهن ولقد سمعت كلام الكهنة وليس بكاهن ، ويقولون شاعر ووضعت كلامه على ميزان الشعراء فما وجدته شعرا ولقد سمعت كلامه وسمعت كلامهم وإنهم ليقولون هو الكاذب ووالله إنه هو الصادق وهم الكاذبون .
فامتطى أبو ذر راحلته فيقول فتحسست اصغر واضعف القوم فقلت له أين ذلك الصابئ الذي تزعمون انه صابئ فنادى في القوم حتي أتوني فعلوني بالضرب حتى أصبحت كأني نُصب أحمر من الدماء فأتيتُ زمزم فغسلت وجهي فمكثت في زمزم ثلاثين ما بين يوم وليلة وليس لي طعام سوى ماء زمزم حتى تكسرت عُكنُ بطني من السمنة ولم أر بي أثر الصفرة من الجوع
فيقول : بينما كانت امرأتان عند أساف ونائلة وهما صنمان يعبدان من دون الله عز سببت هذين الصنمين فذهبتا تولولان حتى أدركتا النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال لهما : ما شأنكما فقالتا : ذلكم الصابئ يسب ألهتنا
فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطواف فطاف فرآه أبا ذر فقال السلام عليك قال أبو ذر فأنا أول من حيى بتحية الإسلام فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم من أنت ؟
قلت أبو ذر فقال من أين ؟
قال : من غفار إلى آخر القصة
الشاهد من هذا أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى الهمة في أبي ذر فقال : يا أبا ذر أتدعو قومك ؟ قال : أفعل ، فذهب أبو ذر فدعى أخاه فقال أخوه : لا غنى لي عن دينك ، ثم دعى أمه فدخلت أمه في الإسلام ثم ذهبوا إلى غفار فأسلم نصفهم وقال النصف الآخر إذا هاجر النبي صلي الله عليه وآله وسلم المدينة أسلمنا فلما هاجر أسلموا فأتت أسلم فقالت : نسلم على ما أسلم عليه إخواننا غفار فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم مقولته المشهورة : (( غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ))
علو الهمة عند أبي مِحجن
هذه الهمة تجعل بعضنا وتدعو بعضنا إلى أن يدع ما استمرأته نفسه من الذنب والمعصية
في الإصابة يذكرها ابن حجر رحمه الله ” من أن أبا مِحجن رضي الله عنه خرج مع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في معركة القادسية تلك المعركة المشهورة وكان أبو مِحجن قد اتعب سعداً واتعب من معه في شرب الخمر كان يشرب الخمر كثيرا فأوثقه سعد في الخيمة وربطه بها فنشبت المعركة بين الطرفين وكانت هناك غلبة للفرس على المسلمين
فقال أبو مِحجن لامرأة سعد : حلّي وثاقي وأعطيني هذا السيف وامتطي هذا الجواد وعهد مني لك أن أعود في رباطي وفي وثاقي إن لم أقتل فكرر عليها القول ففعلت فأطلقت سراحه فامتطى الجواد وأخذ السلاح ولما انتهت المعركة رجع سعدٌ فقالت امرأته : ماذا لاقيتم قال سعدٌ : لقينا أمراً صعبا حتي جاء رجل فأثخن في القوم ثخناً عظيما حتى ظننا انه ملك ووالله إن سجاياه كسجايا أبي مِحجن لولا إني تركته موثقا في الخيمة
فأخبرت امرأة سعد بشأن أبي مِحجن فأطلق سعد وثاق أبي مِحجن فقال أبو مِحجن : والله ما كنت ادع شرب الخمر حتى لا تقولوا إني تركتها من أجلكم ولكنني أدعها الآن ابتغاء وجه الله والله لا أشربها أبدا . “