تحدثنا فيما مضى عن الرافضة ، وقلنا إن هؤلاء الرافضة نشأ من خلالهم طوائف مثل النصيرية ومثل الإسماعيلية ومثل الدروز ، وبينا حقائق تلك الفرق في الجمع السالفة ، بقي هنا أمر وهو ما يتعلق بطائفة تدعى بالزيدية ، هذه الطائفة لديها من البدع التي لا تقر عليها ، هذه الطائفة تدعى بالزيدية .
أن مؤسسها هو زيد بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهم ، قام بثورة ضد الدولة الأموية في عهد هشام بن عبد الملك ، وقد أزَّه الروافض من أهل الكوفة ، لكنهم تخلوا عنه في أواخر الأمر ، لم ؟
لأنهم لما سألوه عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؟ أثنى عليهما خيرا ، فتركوه ولم يعاونوه ، فلم يبق معه بُدٌّ إلا أن يقاتلهم فدخل في المعركة فأصيب ، هذا الرجل وهو زيد بن علي تتلمذ على واصل بن عطاء ، وهو رأس المعتزلة ، فتأثرت طائفته بالعقلانية .
وقد أخذ العلم عنه أبو حنيفة رحمه الله ، فأبو حنيفة رحمه الله تتلمذ على زيد بن علي زين العابدين ، وكما أسلفنا هذه الفرقة لا تقر على ما هي عليه ، لأنه لا يجوز لأحد أن يحدث شرخا أو تفرقا في دين الله عز وجل ، فلا يجوز لأحد أن ينشئ طائفة من عنده ، ولذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله كما في الفتاوى ( لما أتى رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما وقال أأنت على ملة عثمان أم على ملة علي رضي الله عنهما ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما لا على ملة عثمان ولا على ملة علي ، وإنما على ملة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم )
الحقيقة الثانية :
أن من علمائهم من يسمى بالقاسم بن إبراهيم ، وهذا من سلالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، تشكلت من خلاله طائفة تسمى بالقاسمية نسبة إلى اسمه القاسم .
الحقيقة الثالثة :
أن القاسم بن إبراهيم له حفيد اسمه الهادي إلى الحق ، عقدت له الإمامة في اليمن في القرن الثالث من الهجرة ، وقد حارب القرامطة ، وتشكلت له فرقة زيدية تدعى بالهادوية .
الحقيقة الرابعة :
أنهم يجيزون الإمامة في نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، سواء كان من نسل الحسن أو من نسل الحسين .
الحقيقة الخامسة :
أن الإمامة عندهم ليست نصا من الإمام السابق، بل بالبيعة ، فمتى ما اتفق أهل الحل والعقد على أن يجعلوا هذا إماما فإن لهم ذلك .
الحقيقة السادسة :
أنه لا يجوز أن يكون الإمام مستورا عندهم كحال الرافضة ، فالرافضة يرون أن الإمام عندهم لابد أن يكون مستورا ويخرج متى ما دعت الضرورة إلى ذلك ، فالزيدية يرون أنه لابد أن يظهر هذا الإمام وأن تظهر سماته حتى يتسنى لأهل الحل والعقد أن يولوه .
الحقيقة السابعة :
أنهم يجوزون أكثر من إمام في وقت واحد شريطة أن يكون هذا في بلد وذاك في بلد آخر .
الحقيقة الثامنة :
أنهم يقولون بأن الإمامة يمكن أن تكون في حق الإمام الفاضل مع وجود من هو أفضل منه من الأئمة ، لكن عليه إذا أراد أن يفعل أمرا من الأمور عليه أن يرجع إلى من هو أفضل منه فيأخذ برأيه .
الحقيقة التاسعة :
أن معظمهم يقرون بخلافة أبي بكر وبخلافة عمر رضي الله عنهما ولا يسبونهما ولا يلعنونهما بل يترضون عنهما ، بل يقرون بخلافة عثمان رضي الله عنه ، لكنهم يرون أن هناك بعض المآخذ على عثمان رضي الله عنه .
الحقيقة العاشرة :
أنهم تأثروا بالمعتزلة ، فإنهم يرون أن مرتكب الكبيرة لا مسلم ولا مؤمن ، لكنهم يختلفون عن المعتزلة في الآخرة من أن هذا المذنب يدخل النار فيطهر ثم يكون مآله إلى الجنة ، بخلاف المعتزلة الذين يقولون إنه إذا مات على الكبيرة فإن يكون خالدا مخلدا في نار جهنم .
الحقيقة الحادية عشرة :
أنهم يرفضون التصوف رفضا مطلقا ، فلا يرون الصوفية ولا يرون منهجهم .
الحقيقة الثانية عشرة :
أنهم ينكرون زواج المتعة ، بخلاف الرافضة فإنهم يجعلون ذلك من أصول دينهم كما بينا ذلك في الجمع السالفة .
الحقيقة الثالثة عشرة :
أنهم يشتركون مع الرافضة في أنهم يدفعون زكاة الخمس ، ويرون أن التقية تجوز متى ما دعت الحاجة إلى ذلك ، لكن الرافضة يرون أنها أصل من أصول دينهم ، فمن ترك التقية فقد خرج عن الدين .
الحقيقة الرابعة عشرة :
أنهم يتفقون معنا في معظم وفي جل العبادات إلا في بعض الأشياء اليسيرة ، فهم يرون أن فروض الوضوء عشرة ، بينما عندنا فروض الوضوء أربعة .
هم يرون أن صلاة التراويح جماعة بدعة .
هم يرون إرسال اليدين في الصلاة .
هم يرون أن الصلاة لا تصح خلف الرجل الفاجر .
هم يرون مثل ما ترى الرافضة من إضافة جملة في الأذان وهي ( حي على خير العمل )
وإلا ففي الجملة فإنهم يتوافقون معنا في كثير من العبادات .
الحقيقة الخامسة عشرة :
أنهم يرون أن الإمام متى ما عصى وأذنب أنه يجوز أن يُخرج عليه ولا تجب طاعته ، وهذا خلاف منهج أهل السنة والجماعة .
الحقيقة السادسة عشرة :
أنهم لا يقولون بمثل ما تقوله الرافضة ، الرافضة يرون العصمة في أئمتهم بل يرفعونهم إلى منزلة الإله عز وجل ، بينما الزيدية يرون أن الأئمة ليسوا بمعصومين عن الخطأ والزلل ، وهم لا يرفعون أئمتهم فوق مستواهم البشري .
الحقيقة السابعة عشرة :
أنه لا يوجد عندهم مهدي منتظر ، بينما الرافضة يرون أن عندهم مهديا منتظرا .
الحقيقة الثامنة عشرة :
أنهم يستنكرون نظرة البداءة على الله ، المختار الثقفي لما أتى أشعر الناس بأنه يعلم أشياء ، فإذا أخبر بالشيء ولم يقع على وفق ما يريده قال متعللا إن الله قد بدا له أن يغير هذا الشيء ، وهذا قول منكر فظيع ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
الحقيقة التاسعة عشرة :
أنهم يقولون بأن الخلافة هي في أهل البيت أحق ، فهم أحق من غيرهم بالخلافة .
الحقيقة العشرون :
لما قام الهادي إلى الحق بعقد الولاية له في اليمن ، فاستقر له الأمر في القرن الثالث ، فإن هذه الطائفة وهي طائفة الزيدية تتمركز في اليمن أكثر من غيرها ، فهي تنتشر في اليمن أكثر من غيرها بخلاف البلدان الإسلامية الأخرى .
هذه حقائق مجملة ومختصرة عن الزيدية ، حتى يكتمل الحديث عن الفرق ، لأنه كما أسلفنا أول ما نبع بعد مقتل عثمان رضي الله عنه نبعت طائفة الرافضة ، ولما خرجت الرافضة خرجت النصيرية ، خرجت الإسماعيلية ، خرج الدروز ، كذلك من باب اكتمال الحديث أحببنا أن نبين أن هناك طائفة تدعى بالزيدية ، ومن ثم فإن على المسلم أن يحذر من هذه الفرق كلها ، لكن من باب الإنصاف والإظهار لحقيقة ما تحدثنا عنه عن الرافضة أحببت أن أتحدث عن هذه الطائفة وهي طائفة الزيدية ، وكما أسلفت أثني من أن ذكري لها وذكر بعض الأشياء التي تتوافق مع أهل السنة والجماعة لا يعني أنهم على خير
الخطبة الثانية :
الخاتمة : ……………….