حكم عَقْد المُناظرات بين أهل السُّنَّة وأهل البدع في القنوات الفضائيّة
فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحريّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المناظرات لا خيرَ فيها ولا فائدةَ منها؛ لأنها مِن الجدال بل أعظم الجدال
فَعَقْد المُناظرات بين أهل السنة وبين أهل البدع جائزة؛ لكن بشروطها:
أن تكون عند الحاجة، إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك بأن يُوضَّح الحق، كما حصل لمّا أرسل عليُّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عباس في مناظرة الخوارج،
كما حصل من الإمام أحمد،
كما حصل من شيخ الإسلام لما ناظَرَهم ما يقرُب من ثلاث مرات فيما يخُص العقيدة الواسطية، وقالوا: إنَّ العقيدة الواسطية إنما أتى بها وهي عقيدة أحمد -يعني الإمام أحمد- قال:
لا هي عقيدة محمد ابن عبد الله ﷺ، وناظَرَهم وَرَدَّ كيدَهم في نحورِهم.
فلا تكون المناظرات إلا عند الحاجة، ولْتكن في مكانٍ خفي ليس على عموم الناس، وإلا فلا خير فيها ولا فائدة منها لأنها من الجدال بل أعظم الجدال.
لكن ما يُطرح في هذا الزمن بهذه الطريقة هذه لا تجوز لمَ؟
لأنها مُعلَنة ومُذاعة، يراها ويسمعُها الجميع، الجاهل والعالم، العامي وغير العامي، هُنا تُطرَح شُبَه؛
تلك الشُّبَه قد تقع في قلب العالم فما ظنك بغير العالم!
قد تقع شُبه في قلب هؤلاء العوام، وإذا بهؤلاء العوام الذين هم على أصلٍ سليم من التوحيد إذا بهم يُشككون في أمر التوحيد!
فإذًا/ تلك المناظرات على القنوات الفضائية وما شابه ذلك: لا يجوز أن تُعقد، ويشتد التحريم إذا أتوا بشخصٍ ضعيف من أهل السنة، وهَب أنهم أتوا بشخصٍ قوي في العلم فلا يجوز أن يُفتَح الباب،
مَن أراد المناظرة ويُريد الحق فعليه أن تكونَ هذه المناظرة خَفِيَّة، أو على مسمع ومرأى مِن طلاب علم لا على الجميع.
ولذلك في الغالب إن لم يكن في جميع الأحوال- حسبَ ما أسمع-
أن تلك المناظرات تنتهي حلقاتُها وإذا بهم لم يتوصلوا إلى حل، إذن ما الفائدة؟! ما هُناك فائدة!
تلك القنوات تريد أن تُرَوِّج لأنها تريد أن تستقطب جميع الأطراف، تُريد مثلًا من يؤيد هذا الصِّنف أن تستقطب مَن وراءه، وكذلك أولئك في الصِّنف الآخَر،
فهم لا يُريدون إلا إظهار قناتِهم حتى تَدُرَّ عليهم الأموال.
يعني لربما تُلقى الشبهة في قلبِهِ، ويتقبل القلب هذه الشبهة، لكن أخرِجْ هذه الشبهة!
ما يُخرِجُها إلا العلم، فإذا كان عاميًّا فكيف يعرف!
ثم ربما أن الشخص المقابَل -مِن أهل السُنة – ربما أنه لا يستطيع أن يَرُدَّ بالجواب الصحيح.
ولذلك/ سمعت الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- قالوا: لماذا لا تُقدِم على المناظرة لبعض الأشخاص؟ فقال رحمه الله: أخشى لو ناظرْنا هؤلاء الأشخاص أن (أنظروا إلى بُعد النظر كما أسلفنا)
أخشى أن تقعَ شُبهة في قلوبِ بعضِ الناس فلا يستطيعُ حينها أن يَرُدَّها، وخصوصا أن بعضَهم قد يكون عندَهُ بيان “إن من البيان لَسِحرًا”
عوام الناس يُستقطبون بالبيان، بالأسلوب، وبالتالي:
فقد يكون هذا الذي ناظَرَ مِن أهل البدع قد يكون حسن الأسلوب؛ فالضحية مَن؟ العامي؛ لمَ؟
لأن العامي بين أمرين:
الأمر الأول: أن قلبَهُ يُحب الأسلوب الماتِع الحسن المؤثر.
الأمر الثاني: أن نفسَهُ لا تُحب الأسلوب العلمي.