خطبة(ولله غيب السماوات والأرض)(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب)

خطبة(ولله غيب السماوات والأرض)(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب)

مشاهدات: 1072

بسم الله الرحمن الرحيم

 تفسير من قوله تعالى :{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ…} [الحديد:22-23]

وقوله عز وجل :{ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ…}

[هود : 123]

لفضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري – حفظه الله –

يقول تعالى : { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:22-23]

 

” ما أصاب من مصيبة ” : ‘ما’ هُنا : نافية وأُكِّد العموم بـ’مِن’ الزائدة.

 

” ما أصاب من مصيبة في الأرض” ما يُصيب الأرض من أوبئة، من كوارث، من زلازل، من فيضانات، من نقصٍ في الثمرات، من قحط، من جدب، من كسَاد… وقل ما تشاء مما يقع في الأرض مما لا يُلائمُ الناس …

 

” في الأرض ولا في أنفسكم “

قال هُنا أتى بـ’لا’ مكررة؛ لأن الإنسان يحرص أشد الحرص على ألا تُصيب نفسه مصيبة.

كل ذلك مما يُصيب الإنسان في الأرض أو يُصيبهُ في نفسهِ من مرض، من هم، من حُزُن، من فقدٍ للأولاد.

 

إلا في كتاب “

مما يقع في الأرض، أو في الأنفس، كل ذلك الذي أوقعهُ الله -عز وجل- كل ذلك يكون مكتوبًا في اللوح المحفوظ .

 

من قبل أن نبرأها ” من قبل أن يخلق الله -عز وجل- الخلقَ، والأنفسَ، والمصائب.

 

إنَّ ذلك على الله يسير “

كتابة ما يقع ليلًا أو نهارًا أو ما شابه ذلك قد يُظن أنهُ عسير لكنهُ يسيرٌ على  الله -عز وجل- أعلمنا بذلك، وبيّن لنا، وكتبَ ذلك من أجل ماذا ؟ “لكيلا تأسوا على ما فاتكم ” : أي لا تحزنوا على ما فاتكم من هذه الدنيا

والإنسان يُصيبه الحُزن ( إنَّ القلبَ ليحزَن) كما قال عليه الصلاة والسلام، ولكنَّ المقصود الحُزن الذي يؤدي إلى الإنسان بالتسخُط.

ولا تفرحوا بما آتاكم ” فرح بطر، وإلا فالإنسان يفرحُ بما تأتيه من نِعَم ولكنَّ المقصود هُنا : فرح الطُغيان.

والله لا يحب كل مختال فخور “

مختال: مختالٌ في نفسه.

فخور: أي فخورٌ على الناس، أي من شأنه كذلك، وفي الغالب أنَّ من يكون مختالًا فخورًا إنما هو الذي تأتيهِ النِّعَم.

 

 

  • تفسير الشيخ زيد بن مسفر البحري-حفظه الله-

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يقول – عز وجل – :{ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [هود : 123]

 

كل ما غاب عن حواسِّنا يعلمْهُ الله -عز وجل- وهو ملكٌ لله، وفي تدبير الله، ومما لا نراه ميكروبات أو فيروسات، أو أوبئة أو مخلوقاتٍ لا نُدركها بالحواس هي في قبضةِ الله -عز وجل-

 

ولذلك قال بعدها : { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}

الأمورُ كلُها ترجِعُ إلى الله في يوم القيامة وفي هذه الدنيا

” وإليه يرجع الأمر كله ” بمعنى أنهُ -عز وجل- هو المدبر فهو الذي -عز وجل- يُنزلُ الوباء بحكمته، ويُنزِل العافية برحمته وبفضله، وهو الذي له الأمر بالإحياء والإماتة، والصحة، والفقر والغنى … إذا كان الأمر كذلك والله -عز وجل- مدبرٌ لكل شيء ما تتمةُ الآية ؟ إذًا ما الذي يلزمُنا حتى نكون سعداء ومطمئنين؟!  {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} عليك أن تعبُد الله، وفوِّض أمرك إلى الله من أنهُ لن يُصيبكَ إلا ما كتبَ اللهُ لك، لكن لا تغفُل عن فعلِ الأسباب.

 

وإحاطتهُ -عز وجل- بكل ما نعمل ختمَ بها الآية : { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } من فعل الحسن سيُجزى الحُسنى، ومن فعل السوء سيُجازيهِ الله -عز وجل- بعدلهِ.

 

 

  • تفسير الشيخ زيد بن مسفر البحري-حفظه الله-