خطبة ( بعض حقوق وفضائل الصحابة رضي الله عنهم )

خطبة ( بعض حقوق وفضائل الصحابة رضي الله عنهم )

مشاهدات: 1047

خُطبة / بعض حقوق وفضائل الصحابة رضي الله عنهم

لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري حفظه الله 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

 من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

 وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون}

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد:

 

فيا عباد الله، فضائلُ صحابةِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم فضائل كثيرة، ولذلك عَلِمَ أهلُ السنة والجماعة فضلَهم فدوَّنوا هذا الفضل في كُتُبَهم -في كتب العقيدة- مؤصلين ما يجبُ على الناس تجاه هؤلاء الصحابة الكِرام رضي الله عنهم من حيث:

محبتهم، والترضِّي عنهم، والرد على من عابَهُم وسَبَّهُم، وبيان فضائل كلِّ صحابي حسب ما جاءت به النصوص، ومن هو أحقُّ بالخلافة، فبيَّنوا أنَّ أفضلَ الصحابةِ على الإطلاق:

 “أبو بكر رضي الله عنه” ثم “عمر رضي الله عنه” ثم “عثمان رضي الله عنه” ثم “علي رضي الله عنه”

 فهؤلاء أحقُّ بالخلافة حسب الترتيب، وفضلُهم يُرَتَّب على حسب ترتيبهم في الخلافة،

 

 ومِن ثّمَّ/ فإن الواجب على الأمة أن تعرفَ ما لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم من الفضل، وأن يُذيعوا ذلك وأن يُشيعوه بين الأجيال، وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم أثنى عليهم اللهُ عز وجل في كتابه وأثنى عليهم النبي ﷺ، في سنته وهم الذين نقلوا إلينا الشريعة، فمن عابَهُم وذمَّهُم فإنه إذن سيعيب ما حملوه إلينا من الشريعة ومن ثَمَّ فليتنبه لمثل هذا الأمر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضائل الصحابة رضي الله عنهم

لن أتحدثَ عن فضائل كل صحابي لأن الحديث يطول، لكن سأذكُرُ ما يتعلق بفضائلهم على وجه الإطلاق والإجمال؛ فاللهُ عز وجل أثنى على من سبَقَ منهم في الدخول في الدين من المهاجرين والأنصار، وأثنى على من تبِعَهم بإحسان على حسب طريقتهم وما مشوا عليه قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ} مَن؟

 {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]

 

لما بيَّن عز وجل ما يتعلق بالفيء ذَكَرَ أولًا المهاجرين؛ المهاجرون أفضل من الأنصار كما نصَّ على ذلك شيخُ الإسلام رحمة الله عليه، وجاء ذِكرُهُم مُرَتبًا في القرآن كما في الآية السابقة وفي هذه الآية:

 { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:8]

ولما ذَكَرَهُم ثنَّى بذكر الأنصار الذين آووا المهاجرين:

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:9]

 

اللهُ عز وجل بيَّن ما بينَ الصحابة رضي الله عنهم مِن الرحمة، وبيَّن في القرآن صفَتَهُم التي هي موجودة في التوراة وموجودة في الإنجيل:

{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}

 فبيَّنَ عبادَتَهم ثم بيَّن صِفَتَهم في الإنجيل أنهم لُحمة واحدة، يتراحمون فيما بينهم ويتقوون فيما بينهم على أعداء الله: {وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29]

 

في صحيح مسلم: من حديث عائشة رضي الله عنها:

سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: ” الْقَرْنُ الَّذِي أَنَا فِيهِ”

 

وفي مسند الإمام أحمد: قال ابن مسعود رضي الله عنه:

“إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الصحيحين وفي غيرهما: النبي ﷺ فيما يخص من بايَعَهُ في بَيعةِ الرضوان، قال جابر بن عبد الله:

“كنا مع النبي ﷺ ألفا وخمسمائة” وفي رواية: “ألفا وأربعمائة” فبايعناه تحتَ الشجرة، فقال ﷺ:

“أنتم خيرُ أهلِ الأرض” -رضي الله عنهم-.

 

 في مسند الإمام أحمد: يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قرأ النبي ﷺ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} حتى خَتَمَها، فقال ﷺ: “النَّاسُ حَيِّزٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ “

 يعني: الناس في جهة، وأنا في جهة -وفضل لا يقارن- ” وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ”

 

في سنن ابن ماجه: يقول ابنُ عمر رضي الله عنهما:

“لا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ”

فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ: مقام أحدهم إما في الجهاد أو في الجلوس مع النبي ﷺ والتلقِّي منه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العشرة المبشرون بالجنة لما ذَكَرَهم سعيد بن زيد رضي الله عنه لما عِيبَ على بعض الصحابة في مجلس -فذكر العشرة المبشرين بالجنة- كما في المسند، فقال رضي الله عنه:

“لَمَشْهَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُغَبَّرُ فِيهِ وَجْهُهُ ؛ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ، وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولذلك الصحابة رضي الله عنهم يتفاوتون من حيثُ الصحبة.

 ولذلك ماذا قال ابن مسعود -كما سبق- وماذا قال ابن عمر -فيما سبق-؟

بل قالت عائشة رضي الله عنها -كما في صحيح مسلم- قالت لِعروة بن الزبير وهو ابنُ أختها:

“قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبُّوهُمْ”.

 

ولذلك تجد في بعض وسائل التواصل في توتير وفي غيره، يُلمَز بعض الصحابة! فرضي الله عن صحابة النبي ﷺ كلِّهم أجمعين.

يُذَم معاوية -رضي الله عنه- ويُذم غيرُهُ ويُعاب عليهم!

 فليُدافَع عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم على وجه الإجمال وعلى وجه الإفراد،

 ولذلك النبي ﷺ كما عند الطبراني قال:

“من سَبَّ أصحابي فعليه لعنةُ الله والملائكة والناسِ أجمعين لا يقبلُ اللهُ منه صَرفًا ولا عَدلًا”

 الصرف: الفريضة والتوبة، والعدل: النافلة والفداء. هذا وعيدٌ شديد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحابةُ رضي الله عنهم يتفاوتون من حيث الصحبة، مَن تَقَدَّم إسلامُه ليس كمَن تَأخَّر،

 والفضلُ للجميع لكن مَن سَبَق:

 {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ} [التوبة:100]

 

  ولذلك عبدُ الرحمن بن عوف من السابقين، وخالد بن الوليد رضي الله عنه ممن تأخر إسلامُه

 فماذا قال النبي ﷺ كما في الصحيحين: ” لا تسبُّوا أصحابي”

والخطاب مُوَجَّه لخالد؛ -والسب هنا ليس السب الذي هو ينقدح في ذهن بعض الناس لا-

 ولذلك في رواية الإمام أحمد رحمه الله في مسنده –ومُسند الإمام أحمد مسندٌ عظيم يأتي بروايات تُبين بعض الإشكالات ويأتي برواياتٍ يُوَضِّحُ بعض الروايات في الكتب الأخرى، فرحم الله صاحبَه الإمام أحمد رحمة الله عليه

 في مسند الإمام أحمد: قال أنس رضي الله عنه:

” كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا ؟ فَبَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ – أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ – ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ “.

 

” كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ” ما هو؟

قال خالد لعبدِ الرحمن: ” تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا “

يعني: أنكم تفتخرون، ليس تطاول الكِبْر لا.

“فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال: ” دَعُوا لِي أَصْحَابِي ” مع أن خالدًا من أصحابِه لكن الصحبة تختلف

” دَعُوا لِي أَصْحَابِي ” وهذا هو نوعيّة السب في الحديث حتى لا يُظن أنه السب الذي هو معروف عند الناس؛ فقط قال خالد هذه الكلمة: ” تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا “فقال ﷺ:

” دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ – أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ – ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ “. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ولذلك في المسند: قال ﷺ: “لا يُدْرِكُ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ صَاعَكُمْ، وَلَا مُدَّكُمْ “

النفقة قَدْر المُد وقَدْر الصاع من الصحابة رضي الله عنهم ما يُبْلَغ بشأن مَن جاء بعدَهم، لِما كان لهم من الفضل من الوقوف مع النبي ﷺ وإظهار الإسلام والدفاع عن الإسلام، وَنَقْل الإسلام إلينا،

 

 ولذلك/ الحذر من ذمِّ هؤلاء الصحابة أو العيب أو اللمز بهم، فإنها أتت هذه الأحاديث تدل على عِظَم ذم مَن سب هؤلاء الصحابة أو سب بعضهم، وهذا هو حال الرافضة، لأنهم هم الذين تصدَّروا لهذا الأمر فسبُّوا صحابةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من استثنَوا على حسَبِ أهوائهم.

فرضي اللهُ عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلِّهم أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحابةُ رضي الله عنهم بشر مثلُنا لكِنَّ الإيمان في قلوبهم كالجبال الراسيات، ولذلك لما سُئِل النخعي:

“هل أصحابُ النبي ﷺ يمزحون؟ فقال: نعم، ولكن الإيمان في قلوبهم كالجبال الراسيات”

 

 ولذلك يقول أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف كما في الأدب المفرد للبخاري:

 “كان أصحابُ النبي ﷺ يتناشدون الشعرَ في مجالسهم ويذكرون أمْرَ جاهِليتهم، فإذا أُرِيدَ أحدُهم على أمْرٍ من أمورِ الدين دارت حماليقُ عينيه كأنه مجنون”

 حماليق العين: هي الأجفان التي يقع فيها الكُحل، يعني عبارة عن ماذا؟

 عن أنهم يفتحون أعينهم فتحًا عظيمًا، لم؟ دفاعًا عن دينِ الله عز وجل.

 

 لذلك الواجب على الناس في مثلِ هذا الزمن أن يكونوا كالصحابة رضي الله عنهم وأن يقتفوا أثرَهم، ولذلك في الأدب المفرد -وأردتُ أن أذكر هذا الحديث لأنه ربما أنه يُفهم هذا الأثر فَهمًا خاطئًا-

 هو في الأدب المفرد عن بكر بن عبد الله قال:

“كان أصحابُ النبي ﷺ يتبادحون بالبطيخ، فإذا أُريد أمرُ الله كانوا هم الرجال”

يتبادحون: يترامَون -مِزاح-؛ بالبطيخ: المقصود القِشر الذي لا يُستفاد مِنه، وإنما هذا على سبيل المزاح حتى لا يُظن أنه لَعِبٌ بنعمةِ الله؛ وأين الترف والنعمة عند الصحابة رضي الله عنهم ممن يعرِفُ سيرِتَهم رضي الله عنهم؛ فرضي اللهُ عن صحابة النبي عليه الصلاة والسلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد:

 

فيا عباد، الله لما انقرضَ عصرُ الصحابة – رضي الله عنهم- وهذا يدل على فَضْلِهم وأيضًا هي معجزة من النبي ﷺ إذ أخْبَرَ بشيء سيقع! ماذا وقع؟

 وقعت الفتن وظهرت البدع والخرافات؛ ولذلك ماذا قال ﷺ كما في صحيح مسلم:

“َأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ “

أَمَنَةٌ: هو الأمان.

فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ: نعم، من الحروب والفتن وما ظهر بعد ذلك مما يُخالفُ شرْعَ الله، ولذلك (المُوَفَّق) : هو الذي يسير على طريقتِهِم؛ بصريح قوله ﷺ والآية التي ذكرناها في أول الخُطبة {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} ما الذي بعدها؟ {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ}

قَيَّد: {بِإِحْسَانٍ} على طريقتهم، ليس كل من يقول أنا مُتَّبِع لطريقةِ الصحابة أنه يؤخذ بكلامه!

 يُنظَرُ إلى حالِه: هل هو يسير حيثُ ساروا؟

{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100]

 

وفي المسند: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ:

 ” أَنَا وَالَّذِينَ مَعِي، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ، ثُمَّ كَأَنَّهُ رَفَضَ مَنْ بَقِيَ “.

“الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ”: الأثر هو الدليل.

“ثُمَّ كَأَنَّهُ رَفَضَ مَنْ بَقِيَ ” يعني: مَن ليس على الأثر وعلى الدليل فليست فيه خيرية فرضي الله عنهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث عنهم يطول لكن ما ذكرناه لعل فيه شيئًا يسيرًا من ذِكرِ حَقٍّ من حقوقهم علينا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين،

اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك،

 اللهم من أراد بهذه البلاد شرًا وفتنة فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا قوي يا عزيز، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب،

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.