خطبة ثلاثة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن ( التيمم )

خطبة ثلاثة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن ( التيمم )

مشاهدات: 578

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة ثلاثة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن ( التيمم )

لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نتحدثُ في هذا اليوم عن أحكامٍ فقهية مختصرة عن التيمم بأدلتها الشرعية:

 

أولًا: التيمم خصيصة لهذه الأمة، لأن الأمم السابقة ليس التيممُ مشروعاً لها فلا تُصلي بالتيمم،

 وكذلك لا يحِقُّ لها إذا حضرت الصلاة – لأن هناك صلاةً موجودةً في الأمم السابقة كما دل على ذلك القرآن والسنة منها: قولُه عز وجل عن إسماعيل: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ﴾ (مريم :55)

 فإنه متى ما حضرت الصلاةُ عندَهم فإنهم لا يصلونها إلا في البِيَع وفي الكنائس وليس في كلِّ مكان، لكن هذه الأمة لها هذه الخصيصة قال ﷺ كما في الصحيحين:

 ” أعطيت خمسا لم يُعطهن أحدٌ قبلي ” مِن ضمنها: ” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا “.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثانيًا: مَن فَقَدَ الماء فالواجبُ عليه أن يبحثَ عنه قريبا منه وليس بعيدا بحيث لا يشُقُّ عليه،

فإن كان البحثُ عن قُرب يترتب عليه أنه يخاف على أهله أو على ماله أو يخاف من الضياع:

 فإنه يتيمم

 لكن مع خلو هذه الأشياء: فيبحث قريبا من مكانه دون مشقة حتى يَصدُقَ عليه قوله تعالى:

 ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (النساء: 43)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثالثًا: لا يجوزُ لأيِّ مسلم إذا لم يجِد الماء أن يُؤخرَ الصلاة حتى يخرُجَ وقتُها بل يصلي بالتيمم،

 ولا يقل أنتظِر حتى أجِدَ الماء، ولو خرجَ الوقت، حتى لو عَلِمَ علمًا يقينيا مائة بالمائة أنه بعد خروج الوقت سيجد الماء، فنقول له:

 لا يجوز لك ذلك بل صلِّ في الوقت، لأنه لو انْتُظِرَ بالصلاة حتى يوجد الماء ما كان في مشروعية التيمم أيُّ فائدة! والتيمم إنما شُرِعَ لمصلحة ولحكمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

رابعًا: مَن لم يجد الماء لكنه يتوقّع أن يجدَهُ في آخِرِ الوقت، ليس بعد خروج الوقت،

 لكن يقول في آخر الوقت سأجد: فلا يُلزَم بالتأخير، الأفضل له أن يؤخر لا إشكالَ في ذلك شريطةَ ألا يُخرِجَ الصلاةَ عن وقتِها،

 لكن لو قال: سأصلي، نقول: لك أن تصلي،

 ثم لو كانت هناك جماعة بحيث لو انتَظرتَ وجود الماء آخر الوقت قبل خروجه، فنقول:

لا تنتظر وجود الماء في آخر الوقت بل صلّ مع الجماعة، لأن صلاةَ الجماعة واجبة، والتأخير للصلاة في آخر وقتها عند مَن يرجو وجودَ الماء إنما هو ُسَّنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

خامسًا: مَن صلّى لعدم وجودِ الماء فأُحضِرَ الماءُ وهو يصلي، فالصحيح مِن قولَي العلماء:

 أنه يقطعُ الصلاة ويُعيدُ الصلاة بطهارة الماء، لأنه يصدق عليه قوله تعالى:

﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (النساء 43)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

سادسًا: لو أنَّ الإنسان صلى بالتيمم في أول الوقت، بعد أن انصرَفَ من صلاته حَضَرَ الماء:

 فلا يجوز له أن يعيد الصلاة حتى لو كان الوقتُ ما زال باقيا، حتى لوكان الوقت في أول الوقت

 ولذلك في سنن أبي داوود كما ثبت: أن رجلين من صحابة النبي ﷺ لم يجدا الماء فصليا عندما دخل الوقت، فلما انصرفا من الصلاة وجدا الماء، فأحدُهما صلى، أعاد الصلاة والآخر لم يصلِّ اكتفاءً بالصلاة الأولى، فالنبيُّ ﷺ قال لمن لم يُصَلِّ: ” أصبتَ السُّنَّة ” دلَّ هذا على أن الآخَر لم يُصِب السُّنَّة

 لكن لو قال قائل: النبي ﷺ قال لذلك الرجل الذي أعاد ” لك الأجر مرتين”؟

 نعم له الأجر مرتين باعتبار أنه كان جاهلاً للعذر،

 فهو لما صلى، صلّى اجتهادا منه لجهله فهذا عذر، ولكن مع عِلمِ الانسان بهذا الحكم فإنك إذا صليتَ بالتيمم وانصرفتَ من الصلاة ووجدتَ الماء فلا تُعِد الصلاة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

سابعًا: قد يوجد الماء لكن الإنسان يتضرر به في بدنه: فمِثْلُ هذا يتيمم،

لو قال قائل: ما الدليل؟ الدليل كما سيأتي معنا صنيعُ عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في شدةِ بردٍ، وكان البردُ شديدا جدا، وكان في غزوة، فَخَشِيَ إذا اغتسل -بعد أن أصابته الجنابة- أن يَهلك،

 فماذا صنع رضي الله عنه؟

 عَدَلَ إلى التيمم مع غَسْلِ ما تمكّنَ مِن بدنه مع الوضوء،

فإذا وُجد الضرر في بدن الانسان -والماء موجود- لكن يتضرر في بدنه

 أو أن الماء موجود، لكن يقول: أنا في صحراء، لو توضأت بهذا الماء ربما يُصيبني الهلاك:

 فنقول له: تيمم ودع هذا الماء لشُربك،

 أو معه أهله فخاف عليهم من العطش،

 أو معه بهائمُه والبهائم تحتاج إلى الماء،

فإنه لو توضأ نقَصَ الماء وخَشِيَ -لابد من الخشية- خَشِيَ مِن هلاك هذه الماشية أو مِن هلاك نفسِه أو من هلاك أصحابِه، – لأن بعضا مِن الناس ربما يكون مع أصحابٍ له ويقول متشددا:

لا، لابد أن أتوضأ حتى لو هلكنا! –

 نقول: لا، لأنه يصدق عليكم في هذه الحالة كما قال تعالى:

 ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (النساء: 43)

 

 أو/ يكونُ الماء موجوداً ولا ضررَ على الإنسان في بدنه ولا في أهله ولا في بهائمه، لكن الماء يُباع وهذا الثمن يَحتاجُ إليه الإنسان لمعيشته أو معيشة أهله؟ فنقول: حتى لو وُجِدَ الماء تيمم

 ولذلك عبارة: [ إذا وُجِدَ الماء بطل التيمم ] ليس صحيح على إطلاقه! قد يوجد الماء ولا يَبطل التيمم؛ فدل هذا على يُسر وسماحة الشريعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثامنًا: التيمم لا يبطل إلا بواحدٍ مِن نواقض الوضوء – التي مرت معنا –

أو إذا وُجِدَ الماء ولم يَخشَ الإنسان مع وجوده ضرر على بدنه أو أهله أو بهائمه

– كما مر في المسألة السابقة -.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تاسعًا: لو أنَّ الإنسان وَجَدَ بعضَ الماء لا يكفي لجميع أعضائه، مثلا:

 هو وَجَد الماء وهذا الماء يكفي أن يتمضمض وأن يستنشق وأن يغسل وجهه وأن يغسل يديه، لكن لا يبقى ماء – ربما مسح الرأس يدخُل- (على حسب هذا المثال) بقيت القدمان:

هنا يتيمم عنهما، لكن لا يبدأ بالتيمم إلا إذا استعمل الماء، فإذا نفَدَ الماء وبقيت مثلا قدمُه أو مثلاً بقيت اليدان مع الرأس مع القدمين، فنقول:

 بعد استعمالك للماء وبعد نفاد الماء هنا: تتيمم، حتى يَصدُق عليك أنك لم تجد الماء لبقية أعضائك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عاشرًا: التيمم على الصحيح إنما شُرِعَ لِحَدث،

بمعنى: أن الإنسان قد يكونُ فاقدا للماء، وهو يريد أن يمس المصحف ولم يوجد ماء للوضوء؟

فنقول: تيمم، لأنه شُرِعَ التيمم للحدث، لكن إذا لم يكن هذا المستحبُّ عن حدث؟

فإن الصحيح أنه لا يتيمم، مثالُ ذلك:

 لو أن الانسان أتى مثلاً إلى الميقات ليُحرِم، ما وجد ماءً، أو أنَّ الماء شديد البرودة ويخشى على نفسه من الهلاك فلا يَعدِل إلى التيمم لم؟

لأن هذا الغُسلَ مستحب ليس عن حَدَث، وهذا هو اختيارُ شيخِ الاسلام رحمه الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الحادي عشر: الصحيح من قولَي العلماء/ أنَّ كُلَّ ما تَصَعَّدَ على الأرض من أجزاءِ الأرض من رمل أو تراب أو صخور أو حَصباء أو ما شابه ذلك فإنه يُتَيَمم به، لقوله تعالى:

﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (النساء: 43)

والصعيد: كل ما تَصَعَّدَ على وجهِ الأرض،

 وأتت الأحاديثُ الكثيرةُ من السنة منها ما يدل على ما ذكرناه – والمقام لا يتسع لذكر هذه الأدلة –

 فالسنةُ وردت فيها أحاديث تدل على ذلك،

ولأن هذا هو مقتضى الحكمة من مشروعية التيمم وهو التيسير،

ولا يُشتَرَط أن يكونَ به غُبار: فالتراب لا يُشترط على الصحيح أن يكون به غُبار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الثاني عشر: صفة التيمم/ هكذا (تطبيق عملي من الشيخ في مقطع اليوتيوب)

“ضربة واحدة تضرِب بها الأرض، ثم تمسح وجهَك، ثم تمسح الكف (اليد) اليمنى ثم اليسرى”

تنبيه على أمر لا يصح/ أما ما ورد: أن التيمم أن الإنسان يضرب ضربتين فلا يصح،

 أو/ أنه يمسح يدَه إلى المِرفق أو إلى الآباط أو إلى المناكب فكلُّها أحاديث لا تصح عنه ﷺ.

 

ودليلُ صفة التيمم: ما جاء في الصحيحين من حديث عمَّار رضي الله عنه،

ولْتعلم: أنه متى ما أصابَتك جنابةٌ، يعني: حَدَث، يعني هذا هو الحدث الأكبر

 فصفة التيمم كصفة التيمم عن الحدث الأصغر

” ضربة واحدة، يُمسَح الوجه، تُمسَح اليد اليمنى ثم اليسرى “

الوضوء والغُسل فيما يتعلق بالتيمم شيءٌ واحد لا اختلافَ فيه،

لكن مع غُسل الجنابة: إن استطاع كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه – كما سبق – من أنه يغسِلُ ما استطاع من بدنه والوضوء ويتيمم فلْيفعل،

 إن كان لا يستطيع، يقول: لا أستطيع أن أستعمل الماء أبدا، فنقول: تيمم.

 ما صفة التيمم؟ (تطبيق عملي من الشيخ)

” ضربة واحدة، مسح الوجه ثم مسح اليد اليمنى ثم مسح اليد اليسرى “

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الثالث عشر: لا عَلاقةَ أبدا للتيمم بالمسح على الخفين

 بمعنى: أن الإنسان قد يفقِد الماء في شدةِ البرد، وقد لَبِسَ الجَوربين وهما (الشُّرَّاب)

إن خَلَع الشُّرَّاب، لَبِس الشُّرَّاب، الشُّرَّاب جَلَسَ في قدَمَيه شهرا كاملا لم يجد الماء:

لا عَلاقةَ للتيمم بالمسح على الخفين، بمعنى:

 أن وجود الشراب أو الخُف في القدم مع عدم وجودهما سواء،

 لا تأثيرَ للمسح على الخفين فيما يتعلق بأحكام التيمم.

 

 هذه أحكام مختصرة عن التيمم، أسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح..