خطبة ( ثلاثون فائدة عن الإنفاق في سورة البقرة ) فما أعظم القرآن !

خطبة ( ثلاثون فائدة عن الإنفاق في سورة البقرة ) فما أعظم القرآن !

مشاهدات: 1157

بسم الله الرحمن الرحيم

ثلاثون فائدة عن الإنفاق في سورة البقرة

فضيلة الشيخ :  زيد البحري ـ حفظه الله ـ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد

فيا عباد الله نتحدث عن الإنفاق الواجب والمستحب كما جاء ذكره في سورة البقرة فما أعظم هذا القرآن. ذكر صفات المتقين فقال ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ أي من البعض ووُضح هذا في ثنايا السورة ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ والعفو هو الشئ الزائد عن حاجة الإنسان وأمر به عزوجل من يعبث بشرع الله عزوجل حتى يصرفه عن ذلك ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وأمر به المؤمنين حتى يثبتوا بأمر الله عزوجل أمام كيد وحسد الأعداء ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ وضح عزوجل أن إنفاق المال مع حبه لهذا المال وحبه لله من البر ﴿ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ  الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ﴾ وضح عزوجل أن الإنسان له أن ينفق من ماله لينتفع منه بعد مماته ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًاً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوف حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ بيَن عزوجل أن الإعطاء للمساكين بأكثر مما وجب هو خير كما في أول أمر الصيام ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ ﴾ يعني زاد في الصدقة ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ وضح عزوجل عظم الإنفاق في سبيل الله ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ بيَن عزوجل أن الرزق بيد الله لا بيد المخلوق وأنه عزوجل هوالذي يعطي عطاءً  واسعاً عظيما ﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ بيًن عزوجل من يُنفق عليهم ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ  قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ وضح عزوجل وجوب النفقة على الأب لأبنائه ولا سيما من يرتضع فيعطي المرضعة نظير ما أرضعت ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ بيَن عزوجل أن من أنفق فإن تلك النفقة تُضَعف له ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ أوضح عزوجل ذلك بعد آيات وضح هذا التضعيف ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ﴾ بيَن عزوجل أمره بالإنفاق قبل الموت ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رزقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ  وبيَن عزوجل عظم النفقة التي . لايكون معها منٌ ولا أذى ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ وبيَن عزوجل أن القول الحسن مع ترك الأذى خيرمن إعطاء الفقير النفقة مع الأذى ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى﴾ وبيَن عزوجل أن من تصدق مع منِه فإن تلك الصدقة تكون هباءً منثورا ﴿ يَا  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ﴾ وأوضح عزوجل أن من أنفق لمرضاة الله واحتساب الأجر فإن تلك الصدقة تُنمى له ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ ﴾  بستان ﴿ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَة ﴾ في مكان مرتفع ﴿ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَة أَصَابَهَا وَابِلٌ ﴾يعني المطرالشديد فهي إذاً تؤتي ثمرتها ﴿ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ ﴾ يعني المطر الشديد حتى المطر الخفيف فإنه ينفعها ﴿ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ   فَطَلٌّ﴾ وأوضح عزوجل أنها إذا أُخرجت الزكاة الواجبة يجب أن تٌخرج من الطيب ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ وحذر عزوجل من صد الشيطان للعبد خيفة من الإنفاق ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ﴾ وبين عزوجل أنه ما من نفقة تُنفق إلا وهو يعلمها فيترتب على ذلك الجزاء والحساب لصاحبها ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وأوضح عزوجل فضيلة صدقة السر وأن صدقة العلانية محمودة إذا كان لها مقصود كأن يتبعه وأن يقلده غيره أو لغرض من الأغراض الأخرى ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ﴾ فما أعظم القرآن. اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله .. ثم بيَن عزوجل أن النفقة المستحبة – وليست الواجبة – أن النفقة المستحبة على الكفار غير المحاربين لنا فإن بها أجرا ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُون.إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ﴾ وبيَن عزوجل أن من أنفق فإنه يُجازى بتوفية الجزاء ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾  ثم بيَن عزوجل صنفاً يُحرص على الإنفاق عليه ﴿  لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ  ثم وضح عزوجل عظم من ينفق نفقة مستمرة في جميع أحواله ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ووضح عزوجل خطورة الربا وفضيلة الصدقة الربا بالمحق الصدقة بالإنماء ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ  وأوضح عزوجل في هذه السورة العظيمة في ختامها في ما يتعلق بالنفقة أن من الصدقة أن تسقط الدين الذي لك على فلان ﴿  وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ أن تمهله هذا هوالواجب حتى يسدد دينك إذا كان معسراً لكن الأفضل أن تسقط عنه الدين ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا  بإسقاط الدين عنه ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ماأعظم القرآن حديثنا فقط عن النفقة وفي سورة واحدة فقط فما ظنكم لو كان الحديث عن الإنفاق في جميع سور القرآن فما أعظم هذا القرآن الذي وللأسف هجرالكثير من المسلمين قراءته فضلاً عن تدبره والله المستعان. نسأل الله عزوجل أن يصلح قلوبنا وقلوبكم وقلوب جميع المسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصرعبادك الموحدين اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ائمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه ياكريم اللهم هئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم سنة نبيك محمد ﷺ ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد