خطبة ( ثمانية أحكام فقهية مختصرة بأدلتها الشرعية عن الصلاة ) ( 2 )

خطبة ( ثمانية أحكام فقهية مختصرة بأدلتها الشرعية عن الصلاة ) ( 2 )

مشاهدات: 518

بسم الله الرحمن الرحيم

الخُطبة الثانية عن أحكام الصلاة بعنوان:

 (ثمانية أحكام فقهية مختصرة بأدلتها الشرعية عن الصلاة)

[مِن محتوى هذه الخُطبة: أحكام هامّة عن شرط الوقت لصحة الصلاة،

واحكام قضاء الصلاة أو الصلوات الفائتة لعذر]

لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحدثنا في الجمعة الماضية عن بعض الأحكام المختصرة بأدلتها الشرعية عن الصلاة، ونذكُرُ في هذا اليوم بعضًا منها:

أولًا: قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة:238]، الصلاة الوسطى على الصحيح هي: صلاةُ العصر، ببيان النبي ﷺ كما في الصحيحين.

ومع فضلِ هذه الصلاة ترى البعضَ ينامُ عنها بحجة خروجه مِن الدوام أو ما شابه ذلك!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانيًا: النبي ﷺ كما في الصحيحين كان يَكرَهُ النومَ قبل صلاةِ العشاء والحديثَ بعدها،

 وذلك لأن النوم قبلها: بريدٌ إلى أن ينام الإنسان عن هذه الفريضة،

وأما الحديث بعدها: فمن أجل ألا يضيع صلاة الليل، أو ألا يضيع صلاة الفجر، أو ألا يضيع صلاة الفجر جماعةً مع المسلمين، فقد وقع الناس في هذا الزمن في السهر الطويل،

 اللهم إلا إذا وُجِدَت حاجةٌ ومصلحةٌ شرعيّة: كإضافة الضيوف أو ما شابه ذلك، بحيث لا تكون هذه المصلحة الدينية أو الدنيوية سببًا في تضييع صلاة الفجر فلا حرج في ذلك؛ لأن النبي ﷺ كما جاء في أحاديثَ كثيرة كان يتحدث بعد صلاة العشاء، لكن كما سبق: للمصلحة وبالضابط الذي ذكرناه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثًا: النبي ﷺ قال كما في صحيح مسلم: ” صلاة العشاءِ إلى نصفِ اللَّيلِ ” وهذا هو الصحيح؛

 يعني: إذا انتهى نصفُ الليل خرج وقتُ صلاة العشاء، وهذا يُحسَب بالساعات.

تنبيه على مفهوم خاطئ: فلا يُظَن أنه كما هو مشهور من أن نصف الليل يكونُ دوما عند الساعة الثانية عشرة ليلًا! لا، إنما هو يختلف باختلاف طول الليل وقِصَرِه،

 لأن الليل يحسب من أذان المغرب إلى أذان الفجر، أعطيكم مثالًا: لو أن أذان المغرب مثلا الساعة السابعة، وأذان الفجر الساعة الثالثة؛ لنحسب هذا: بعد الساعة السابعة (الثامنة، التاسعة، العاشرة، الحادية عشرة، الثانيةَ عشرة، الواحدة ليلًا، الثانية، الثالثة، ثمان ساعات؛ نِصفُها كم؟ أربع، إذا كان نصفُها أربعا، نعود إلى أذان المغرب الذي هو عند الساعة السابعة:

الساعة السابعة نزيد عليها الأربع الساعات، الساعة الثامنة، الساعة التاسعة، الساعة العاشرة، الساعة الحادية عشرة: هنا نِصفُ الليل.

مثال آخَر: لو كان مثلا الليل طويلًا، يعني مثلا يؤذن للمغرب الساعة السادسة، والفجر الساعة السادسة، لنحسب هذا: بعد الساعة السادسة، السابعة، الثامنة، التاسعة، العاشرة، الحادية عشرة، الثانية عشرة، الواحدة ليلا، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة، السادسة؛ كم؟ ثنتا عشرةَ ساعة؛ نِصفُها: سِت ساعات نضيفُها إلى الساعة السادسة عند أذان المغرب، السادسة إذًا: بعدها السابعة، الثامنة، التاسعة، العاشرة، الحادية عشرة، الثانية عشرة، يعني: الساعة الثانية عشرة يكونُ نِصف الليل.

إذًا/ نِصف الليل يختلف باختلاف طول الليل وقِصَرِه،

 ولا يُعمَّد ما هو مشهور من أنه عند الساعة الثانية عشرة دوما!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقت صلاة السنن الرواتب:

رابعًا: النبيُّ ﷺ قال كما في صحيح مسلم:

” مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ “

وهي سُنّة قبليّة، وسُنّة بعديّة

وجاء توضيح هذه السنن الرواتب كما عند ابن ماجه من حديث عائشةَ رضي الله عنها:

وهي: أربعٌ قبلَ الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.

لِيُعلَم أن لهذه السنن الرواتب أوقاتًا محددة:

السنة القبلية: وقتُها مِن دخولِ وقتِ الفرض إلى الإقامة.

نُعطي مثالًا على صلاة الظهر؛ قلنا: أربع ركعات، وقتُها: مِن دخول وقتِ الظهر إلى الإقامة؛

يعني: مَن تَرَكَها مِن غيرِ عذر إلى أن أتت الإقامة؟ فإنه لا يقضيها؛ انتهى وقتُها.

 لكن لو كان هناك عذر؟ فيقضيها بعد صلاة الفرض.

 

وأما السنة البعديّة: كمثال صلاة الظهر، مِن بعد صلاة الظهر إلى خروج وقت صلاة الظهر،

 متى يخرج وقتُ صلاةِ الظهر؟ ج/ يخرج إذا دخل وقتُ صلاةِ العصر.

مثلا: لو كانت العصر يؤذن لها الساعة الثالثة، لك أن تصلي الساعة الثانية، الثانية والنصف،

أهمُّ شيء ألّا يدخُلَ وقتُ العصر وأنت لم تصلِّ السنة البعدية لصلاةِ الظهر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خامسًا: كما أنه لا يجوزُ للإنسان أن يُخرِجَ الصلاةَ عن وقتِها؛ لا يجوزُ له أن يصليَ قبل دخولِ الوقت. مثلا: لو شَكَّ في دخول الوقت؟ فلا يصلي.

 لكن: لو أنه اجتهد وغَلَبَ على ظنه بخبر شخص؛ أو بما يعرف من العلامات الدالة على دخول الوقت؛ مِن أن الوقت قد دخل؛ ثم تبين له أنه صلى قبل الوقت؟

 فإنه يلزمه أن يُعيدَ الصلاة، والصلاة التي أداها تعتبر له مِن النافلة لكن ليست فرضًا، خذها قاعدة:

[متى ما علمتَ أن صلاتَك وقعت قبل دخول وقتِ الفرض، فإنه يلزمُك أن تُعيدَ هذه الصلاة؛

ولا يسقُطُ ما يتعلق بشرط وقت الصلاة بأي عذر من الأعذار].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم مَن عليه صلاة صلوات فوائت لعذر:

فيجب الترتيب في القضاء:

سادسًا: الإنسان إذا كان لديه فوائت لعذر مِن الأعذار؛ لأنه لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها كما مر معنا، لو أنه تركها لعذر نوم أو ما شابه ذلك من الأعذار الشرعية:

 فيلزمُه أن يؤديها مرتبة، مثلا: لو كان مثلا عليه صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء؛ يلزمه أن يؤديها مرتبة، الظهر ثَم العصر ثَم المغرب ثَم العشاء تكون مرتبة،

ولا يجوزُ له أن يُسقِطَ الترتيب على الصحيح إلا إذا كان هناك عذر، والدليل:

 النبي ﷺ في غزوة الأحزاب لما شُغِلَ عن صلاة العصر؛ ودخل وقتُ صلاة المغرب؛ صلّى العصر أولًا ثم صلّى بعد ذلك ماذا؟ صلاة المغرب.

وأيضًا: قولُه ﷺ كما في الصحيحين: ” مَن نَسِيَ صلاةً فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها، لا كفارةَ لها إلا ذلك “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجب قضاء الفائتة فور زوال العذر، ولا يجوز التاخير:

سابعًا: إذا كانت على الإنسان كما سبق فوائت، وهذا مثال يحصُل لبعضٍ مِن الناس: مِن أنه ينام عن صلاة الفجر؛ ولم يستيقظ إلا بعد خروج الوقت، فيقول: سأكمل نومي إلى أن استيقظ ولو قبل الظهر! وهذا خطأ، لأن النبي ﷺ كما في صحيح مسلم والأصل في الصحيحين قال:

” إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا “، يعني: في نفسِ الوقت؛ حتى لو خرج وقتُها ما تنتظر، تصلي مباشرة؛ ولا تنتظر ساعات؛ ولذلك قال ﷺ: ” فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا “

اللهم إلا إذا وجدت حاجة لوقت يسير: مثل: أن ينتظر الرفقة التي معه حتى يجتمعوا لكي يصلوا جميعًا؛ فلا إشكال في ذلك؛ لأن النبي ﷺ لما نام كما جاء في الأحاديث الصحاح وفي السنن وفي غير ذلك، أنه لما نام ﷺ عن صلاة الفجر، ولم توقظهم إلا حرارة الشمس؛ قال ﷺ: ” إنه مكانٌ حضَرَنا فيه الشيطانُ، فارتحِلُوا ” فذهب عن هذا المكان، هذا عذر، لكن أن ينام الإنسان ويستمر في نومه! لا!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قاعدة: [القضاء يحكي الأداء]

ثامنًا: إذا كانت عليك فائتة مثلا وهي صلاة جهرية، فلم تستيقظ إلا بالنهار مثالُ ذلك صلاة الفجر:

 مثلا نمتَ عن صلاة الفجر لعذر مِن الأعذار، فلم تستيقظ إلا الساعة الثامنة أو التاسعة أو العاشرة صباحًا، هذا كمثال، عليك صلاة الفجر وهي جهريّة، إذًا صلاة الفجر إذا قضيتَها: هنا تجهر بالقراءة.

 أعطيك مثالًا آخر: وهو لو أن عليك مثلا صلاة العصر (سريّة) فلم تتذكرها إلا بعد العشاء مثلا، فهنا عند تذكرك لها بعد العشاء فلْتُسِر بالقراءة.

مثال: صلاة العشاء لو لم تتذكرها إلا في الظهر، إذا قضيت صلاة العشاء عند الظهر ترفَع صوتك وتجهر بالقراءة.

الدليل كما في صحيح مسلم: لما نام النبي ﷺ عن صلاة الفجر فلم توقظهم إلا حرارة الشمس، يعني:

 بعد ما طلعت الشمس، قال أبو قتادة رضي الله عنه: ” فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ “

يعني: أنه جهَرَ بالقراءة.

 أسأل الله لي ولكم العلمَ النافع والعملَ الصالح.