خطبة ( جهود الدولة السعودية في خدمة حجاج بيت الله الحرام )

خطبة ( جهود الدولة السعودية في خدمة حجاج بيت الله الحرام )

مشاهدات: 549

بسم الله الرحمن الرحيم

خُطبة: (جهود الدولة السعودية في خدمة حجاج بيت الله الحرام)

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى وانقضى موسم الحج، ونحمد الله عز وجل أن هذا الموسم انتهى بنجاح، ونحمد الله عز وجل أن جعلنا من هذه  الدولة التي تقوم على شؤون الحرمين، وعلى خدمات حجاج بيت الله الحرام، فهذه من النعم، وهي نعم دينية، وأعظم النعم النعم الدينية، قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} فهذا فضل من الله، وقال تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} والتحدث بالنعمة من باب أن يشكر الناس ربهم على هذه النعمة، فإن التحدث بها على وجه الإخبار، وبيان الفضل لأهل الفضل لا يعد تكبرا، وإنما يعد شكرا لله عز وجل، ولذا عند البيهقي من حديث النعمان قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر)، قال تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، فنحمد الله عز وجل أن جعل هذه الدولة وفَّقها الله أن تكون لها اليد العليا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين:

(اليد العليا خير من اليد السفلى) وفسر صلى الله عليه وسلم اليد العليا بأنها هي المنفقة، فنحمد الله عز وجل أولا وآخرا..

وليُعلم:

من أن المخاوف تحيط بهذه البلاد من كل جانب، ونحن ننعم بفضل من الله عز وجل باستقرار وأمن، وهذا فضل من الله، وجب على العباد أن يشكروا الله عز وجل، ولذا لعل ما تقدمه هذه الدولة مع قيامها بالتوحيد {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني بشرك {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} لعل هذه الخدمات التي تقدم للحرمين هي من أسباب حفظ هذه البلاد، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في مستدرك الحاكم من حديث أنس: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والهلكات والآفات) ثم ختم بقوله: (وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، والمعروف هو الذي ـ  من حيث اللغة ـ هو الذي عرفه كل عاقل ولم ينكره ذو فضل، فلعل هذا المعروف الذي يقدم في هذه الدنيا يظهر يوم القيامة.

ثم ليعلم:

أن ما تقوم به هذه الدولة من هذه الخدمات فيما يتعلق بالحجاج هم يسيرون على طريقة النبي عليه الصلاة والسلام، إن كانت هذه الدولة حفظها الله إن كانت تنظم الحج فليعلم أن نبيكم عليه الصلاة والسلام كان ينظم الحج، ثبت عند أبي داود قوله صلى الله عليه وسلم للمهاجرين: (انزلوا هاهنا) وأشار إلى ميمنة القبلة، وقال للأنصار: (انزلوا هاهنا) وأشار إلى ميسرة القبلة، وقال للناس حولهم: (انزلوا هاهنا) يعني حولهم فهذا تنظيم.

إن كانت هذه الدولة وفقها الله إن كانت تبعث العلماء؛ لتعليم الناس ما يتعلق بدينهم فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يرسل رسله في المناسك حتى في يوم عرفة قد أرسل عليه الصلاة والسلام رسولا ينادي فيقول لهم: (قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم).

إن كانت هذه الدولة حفظها الله تعتمد سقاية الحجاج، فالنبي عليه الصلاة والسلام أرخص للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن يبيت خارج منى مع أن المبيت بمنى على الصحيح من الواجبات أرخص له أن يترك المبيت بمنى من أجل سقاية الحجاج.

إن كانت الدولة تقوم حفظها الله على ما يتعلق بالنقل من قطارات وما شابه ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على ذلك، ولذلك الرعاة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيتوا خارج منى من أجل أن ترعى الإبل؛ لأن وسيلة النقل آنذاك هي الإبل، وأمرهم عليه الصلاة والسلام أن يرموا جمرة العقبة، وأن يرموا يومين يرمونه في أحدهما، فدل هذا على عنايته صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر.

إن كانت الدولة إن كانت تحمي التوحيد، وهذا شرف عظيم؛ ولاسيما فيما يتعلق بالحج إن كانت هذه الدولة تحفظ التوحيد ولله الحمد في مثل هذه المواسم فنبينا عليه الصلاة والسلام كما قال ابن القيم رحمه الله قال: ظهرت معالم التوحيد في حجة النبي صلى الله عليه وسلم في مخالفته للمشركين، وهذا شيء  ظاهر من حاله عليه الصلاة والسلام، ولذا حتى إن بعض العلماء فسر قوله تعالى 0 حنفءا لله 9 الحنيف  هو المتصف بالتوحيد المبتعد عن الشرك فسر بعض العلماء قوله تعالى {حُنَفَاءَ لِلَّهِ} يعني أن حنفاء معناها من أنهم حجاج {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} ولا ننسى في هذا المقام تلك المواقف الطيبة المشرفة من رجال الأمن الذين حرصوا على إغاثة الملهوف، وعلى أن يقدموا راحة الحجاج على راحتهم، ورأينا صورا مشرفة حتى إن بعض هؤلاء ليحذر بعض هؤلاء الحجاج من التبرك بالأحجار، ورأيناهم يخبرونهم من أن الذي يعبد هو الله، فهذا فضل من الله عظيم.

ومن ثم فإن الموفق هو الذي يدعو لهذه الدولة بأن يحفظ لها أمنها وعقيدتها ودينها واستقرارها ورخاءها، وهذا هو الموفق، أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد، وأن يحفظ جميع بلاد المسلمين.